أمركة القاعدة... فصل جديد لحرب طويلة الأمد

 

شبكة النبأ: الحرب على الإرهاب وتسمى أيضاً الحرب العالمية على الإرهاب ويطلق عليه البعض تسمية الحرب الطويلة هي عبارة عن حملة عسكرية واقتصادية وإعلامية مثيرة للجدل تقودها الولايات المتحدة وبمشاركة بعض الدول المتحالفة معها وتهدف هذه الحملة حسب تصريحات رئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش إلى القضاء على الإرهاب والدول التي تدعم الإرهاب. بدأت هذه الحملة عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 التي كان لتنظيم القاعدة دور فيها وأصبحت هذه الحملة محوراً مركزياً في سياسة الرئيس الأمريكي جورج و. بوش على الصعيدين الداخلي والعالمي وشكلت هذه الحرب انعطافة وصفها العديد بالخطيرة وغير المسبوقة في التاريخ لكونها حرباً غير واضحة المعالم وتختلف عن الحروب التقليدية بكونها متعددة الأبعاد والأهداف.

في مايو 2010 قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التخلي عن مصطلح الحرب على الإرهاب, والتركيز على ما يوصف بـ الإرهاب الداخلي, وذلك في إستراتيجيتها الجديدة للأمن القومي. ونصت الوثيقة على أن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب عالمية على الإرهاب أو على الإسلام, بل هي حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة والإرهابيين المرتبطين به.

ويستعرض هذا التقرير ما يجري من تحولات في الاستراتيجية الامريكية لردع التنظيمات الارهابية والقضاء عليها إضافة الى أهم التهديدات التي تتخوف منها الولايات المتحدة الامريكية.

أمركة التهديد الارهابي

فقد ذكر تقرير ان الولايات المتحدة تواجه تهديدا متزايدا من متمردين محليين وأمركة قيادة القاعدة وذلك بعد تسع سنوات من هجمات 11 سبتمبر ايلول.

وقدم الرؤساء السابقون للجنة 11/9 التي درست هجمات عام 2001 في نيويورك وواشنطن هذه الدراسة المؤلفة من 43 صفحة ووصفتها بانها تنبيه بشأن تطرف المسلمين في الولايات المتحدة وتغير استراتيجية القاعدة وحلفائها. حسب  رويترز

وقال التقرير الذي نشره مركز سياسة الحزبين الذي يتخذ من واشنطن مقرا له ان"التهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة مختلف عما كان عليه الحال قبل تسع سنوات.

يمكن القول ان الولايات المتحدة مختلفة قليلا عن اوروبا فيما يتعلق بوجود مشكلة ارهابية داخلية تضم مهاجرين ومسلمين من السكان الاصليين بالاضافة الى الذين تحولوا الى الاسلام.

ويأتي التقرير في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة. ووجه الرئيس باراك اوباما نداء من اجل التسامح الديني مع تؤجج المشاعر بشأن تهديد قس بفلوريدا بحرق المصحف وخطط لبناء مركز ثقافي اسلامي ومسجد قرب موقع تفجيرات 11 سبتمبر في مدينة نيويورك.

ويحذر المسؤولون الامريكيون من ان مثل هذه القضايا يمكن ان تؤدي الى نجاح القاعدة في تجنيد المزيد من الاشخاص.

وقال التقرير ان القاعدة وفروعها في باكستان والصومال واليمن اقاموا الحد الادنى من بنية اساسية اولية للتجنيد في الولايات المتحدة.

واشار الى ادانة ما لا يقل عن 43 شخصا من مواطني الولايات المتحدة او المقيمين فيها لتبنيهم ايدلوجية متشددة وقضايا بارزة لاشخاص تم تجنيدهم وسافروا للخارج للتدريب.

وقال التقرير خلال العام الماضي وحده شهدت الولايات المتحدة انجذاب امريكيين موسرين من سكان الضواحي وابناء مهاجرين كادحين الى الارهاب.

"لم يعد على ما يبدو هناك ملمح واضح للارهابي". وشكل امريكيون على نحو متزايد جزءا من قيادة القاعدة وحلفائها.  واشار التقرير الى حالات منها:

- رجل الدين المسلم المولود في امريكا انور العولقي الذي يعد الان واحدا من الشخصيات البارزة في القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وللعولقي صلة بالمحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ركاب فوق ديترويت في يوم عيد الميلاد في 2009 بالاضافة الى اطلاق النار العشوائي الذي وقع في قاعدة فورت هود العسكرية في تكساس قبل شهر وادى الى سقوط قتلى.

- عدنان شكري جمعة وهو مولود في السعودية ونشأ في بروكلين بفلوريدا ويعتبر زعيما كبيرا في العمليات الخارجية للقاعدة.

- ديفيد هيدلي وهو من سكان شيكاجو ولعب دورا في دراسة اهداف هجمات مومباي عام 2008 باسم جماعة عسكر طيبة التي تتخذ من باكستان مقرا لها.

وقال التقرير لا توجد سابقة تذكر للادوار البارزة المتعلقة بالعمليات والتي يقوم الامريكيون حاليا بلعبها في القاعدة والجماعات التابعة لها.

قتل ابن لادن لا يزال أولوية

من جهته قال الرئيس الامريكي باراك أوباما ان اعتقال أو قتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة لا يزال يشكل أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة في الوقت الذي تحيي فيه ذكرى هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001.

وقال اوباما في اشارة الى ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة "اعتقال او قتل ابن لادن والظواهري سيكون مهما جدا لامننا القومي. بحسب رويترز.

وأضاف ردا على سؤال في مؤتمر صحفي شمل عددا من الموضوعات الداخلية والدولية انه لا يحل كل مشكلاتنا لكنه ما زال أولوية كبرى لهذه الادارة.

وقال الرئيس الامريكي انه مع تزايد ضغط الولايات المتحدة على القاعدة ربما اختبأ ابن لادن واخرين بشكل جعل من الصعب عليهم أن يعملوا.

وحذر أوباما من أنه ستكون هناك دائما امكانية" لقيام أفراد أو جماعات صغيرة بشن هجمات ضد أهداف أمريكية.

وقال ان الولايات المتحدة سوف تقضي في نهاية الامر على تهديدات المتشددين "لكن الامر سيستغرق بعض الوقت.

مؤامرات مزعومة

وبعد أن ضمنوا مكانا لهم في التاريخ هل يشعر زعماء القاعدة المتقدمون في السن بالرضا لمجرد نشر أيديولوجيتهم وأساليبهم بين الجماعات المتشددة التي تعتنق نفس الفكر؟

يقول محللون متخصصون في مكافحة الارهاب ان الاجابة هي لا. وتشير أدلة بدأت تظهر في الغرب الى أن المتشددين الاسلاميين المخضرمين الذين حرضوا على هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة يطمحون الى تنفيذ مخططات لا مجرد أن يلعبوا دورا دعائيا فحسب.

ويشيرون الى تحقيقات في مؤامرات مشتبه بها جرى الكشف عنها في الاشهر الثمانية عشر الماضية بالولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا يقول مسؤولو انفاذ القانون ان مجموعة من العناصر في قواعد القيادة الرئيسية بباكستان هي التي نفذتها. حسب رويترز

وقياس نفوذ وخبرات قيادات الحركة التي يعتقد أنها مختبئة في شمال غرب باكستان قرب الحدود الافغانية مهم لخبراء الاستراتيجية الغربيين لان واشنطن كانت قد أعلنت أن هدفها الرئيسي في حرب افغانستان هو مكافحة تنظيم القاعدة.

ويعتقد أن خطر شن غارات أمريكية بطائرات بلا طيار في الاعوام الاخيرة قيد قدرة مجموعة من المخططين الرئيسيين الذين نشطوا ذات يوم من المحيطين باسامة بن لادن زعيم القاعدة والرجل الثاني في التنظيم ايمن الظواهري لانجاح مؤامرات كبيرة خارج جنوب اسيا.

لكن خبراء يقولون انه في عام 2008 بدأ صالح الصومالي - مسؤول العمليات الخارجية حينذاك بتنظيم القاعدة الذي يعتقد أنه مقرب من القيادة - اتخاذ خطوات لتنفيذ مخطط بالولايات المتحدة ومؤامرتين مزعومتين تم اكتشافهما في بريطانيا والنرويج.

ويقول محللون انه نظم دورات تدريب للمتشددين في شمال غرب باكستان على التفجيرات وأعادهم لتدبير هجمات في الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج.

وقال مسؤول غربي في مجال مكافحة الارهاب ان الادلة على ضلوع الصومالي تنبه الحكومات الغربية الى أن زعماء التنظيم ما زالوا يتطلعون الى شن هجمات.

وذكر ممثلو ادعاء أمريكيون أن الصومالي تلقى مساعدة في مخطط القيام بهجوم في الولايات المتحدة من عدنان الشكري جمعة وهو عضو سعودي المولد بالتنظيم وراشد رؤوف وهو متشدد بريطاني من أصل باكستاني له صلات بتنظيم القاعدة.

ويقول بول كروكشانك خبير شؤون الارهاب والباحث في مركز القانون والامن بكلية الحقوق بجامعة نيويورك ان المخططات "تظهر أن قلب تنظيم القاعدة لا يزال يمثل تهديدا.

ومضى يقول لا يزال غربيون يسافرون (من ديارهم في الغرب) الى المناطق القبلية (في باكستان) بأعداد كبيرة هذا يعطي القاعدة فرصة لتحويلهم واعادتهم.

وأضاف عدد من أكثر مصنعي القنابل خبرة بالقاعدة موجودون هناك وبالتالي تظل المنطقة مصدر خطر كبير.

وبالنسبة لتنظيم القاعدة فان تنفيذ هجوم كبير في الغرب أساسي لجمع الاموال من الداعمين الاثرياء الذين أحبطوا لاخفاق التنظيم في تنفيذ هجوم ناجح في الغرب منذ تفجيرات لندن عام 2005 التي سقط خلالها 52 قتيلا.

ويرى بيل برانيف الخبير البارز في مركز مكافحة الارهاب بالاكاديمية العسكرية الامريكية في وست بوينت ان اختيار الصومالي لمواقع الهجمات في ثلاث دول مختلفة كان يهدف الى تقليل فرص رصدها كلها.

وقال هذه المخططات تبيان للهجوم المركب الموزع على نطاق جغرافي الذي يميز تنظيم القاعدة. وأضاف لو كانت نجحت لاحدثت الهجمات في الدول الثلاث أثرا دعائيا ضخما.

وتلقت مخططات القاعدة لشن هجمات ضربتين متلاحقتين حين أفادت تقارير بمقتل رؤوف في هجوم بطائرة أمريكية بلا طيار في نوفمبر تشرين الثاني 2008 وقتل الصومالي في هجوم بطائرة بلا طيار في ديسمبر كانون الثاني 2009 .

ويقول روجر كريسي الخبير الامني الامريكي ورئيس شركة جود هاربور للاستشارات ان من المعتقد على نطاق واسع أن الشكري جمعة ما زال على قيد الحياة ويعتبر الان "عضوا بارزا جدا بالدائرة الداخلية" لتخطيط العمليات.

ويساور الحكومات الغربية القلق من أن الجماعات المتشددة التابعة للتنظيم التي تدربت في شمال غرب باكستان عام 2009 وفي العام الحالي 2010 ربما تكون قد شقت طريقها الى الغرب الان للاعداد لهجمات أخرى.

وقال برينجار ليا وبيتر نيسر الباحثان بمؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية ان اكتشاف خلية مزعومة للقاعدة في النرويج يشير الى أن التنظيم سعى الى اكتساب قدرة جديدة على ضرب المحيط الخارجي لاوروبا بعد تعطيل خلاياه في اسبانيا وبريطانيا والمانيا وفرنسا.

وأضافا أن الخلايا الارهابية لم تظهر على الاطلاق من فراغ لانها تحتاج الى أنصار لتجندهم وتدربهم.

وكتبا في مقال مشترك بمطبوعة سي.تي.سي سنتينل اكتشاف هذه الخلايا يكون في العادة مؤشرا على أن التشدد والشبكات السرية المتطرفة في تزايد.

أمريكا لن تكون في مأمن

من جانب آخر وبعد يوم واحد من الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 ، أكدت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي، جانيت نابوليتانو، أن الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية لن يكون في مأمن تام مطلقاً من التهديدات الإرهابية.

وشددت نابوليتانو على أن البلاد أكثر أمناً حالياً مما كان عليه الوضع سابقاً غير أنها استبعدت عدم تعرض الولايات المتحدة لهجمات إرهابية أخرى، منوهة لا توجد ضمانات 100 في المائة بأننا لن نتعرض لضربات مجدداً.

وأيد وزير الأمن الداخلي السابق، مايكل شيرتوف، تقديرات خليفته قائلاً: لقد خفضنا احتمالات الخطر لكننا لم نجتثثها تماماً. بحسب سي ان ان.

وتحدثت  نابوليتانو عن تحول شريحة بسيطة من المواطنين الأمريكيين نحو "التطرف العنيف" لكنها أكدت بأن  الحالة ليست فريدة من نوعها ولا تقتصر على الولايات المتحدة دون سواها، أو أنه أمر لم يتوقع حدوثه.

 وفي مايو/أيار الماضي، حددت إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الإطر العريضة لإستراتيجيتها بشأن مكافحة الإرهاب.

وجمع تقرير إستراتيجية الأمن القومي، الذي يطالب الكونغرس كافة الإدارات بإعداده كل أربع سنوات لأول مرة، بين الأمن الداخلي والأمن القومي بالتركيز، ليس على التهديدات  الدولية فحسب، بل تهديد المتطرفين في الداخل، من معتنقي الفكر القاعدي ومجندي الحركة.

ويذكر أن  السلطات الأمريكية وجهت، الشهر الماضي، اتهامات رسمية بحق 14 شخصاً على خلفية الاشتباه بتقديمهم الدعم المادي والمعنوي لحركة الشباب المجاهدين في الصومال، التي ترتبط بتنظيم القاعدة، من بينهم عمر شفيق همامي، ويعرف بلقب نجم الروك الجهادي بعد أن انتشرت في الولايات المتحدة تسجيلات بصوته تروج للجهاد بالاعتماد على موسيقى الراب الأمريكية.

ويحاكم القضاء الأمريكي حالياً أيضاً زكاري آدم شيسر، الذي سبق أن أوقفته الشرطة بتهمة الضلوع في نشاطات توصف بأنها إرهابية بينها السعي للسفر إلى الصومال بصورة غير شرعية، والانضمام إلى مقاتلي حركة الشباب المجاهد، إلى جانب الاتصال برجل الدين اليمني المطلوب لواشنطن، أنور العولقي.

كما يواجه شيسر، وهو من سكان ولاية فرجينيا ويعرف أيضاً بلقب أبو طلحة الأمريكي، تهمة توجيه تهديد إلكتروني لرسامي الكرتون في برنامج ساوث بارك على خلفية سعيهم إلى تناول النبي محمد في إحدى الحلقات، وتداول معلومات تتعلق بكيفية صنع قنابل ومتفجرات.

ويذكر أن العولقي، المولود بالولايات المتحدة، قد دعا في وقت سابق إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة قائلاً إنه فرض عين على كل مسلم.

وقال العولقي المطلوب للولايات المتحدة في رسالة صوتية كنت داعيا إلى الإسلام وقائما بنشاط غير قتالي، لكن مع العدوان الأمريكي على العراق واستمرار أمريكا في اعتدائها على المسلمين، لم أقدر على الجمع بين العيش في أمريكا وكوني مسلما.

ومضى يقول إن الجهاد ضد أمريكا هو فرض عين عليّ كما هو فرض عين على كل مسلم قادر، لافتا إلى أن نضال حسن الضابط الأمريكي المتهم بقتل 13 جنديا في قاعدة عسكرية بتكساس لم تجنِّده القاعدة ولكن جنَّده الإجرام الأمريكي.

وكان الطبيب النفسي، وهو ضابط برتبة رائد، قد فتح النار عشوائياً وقتل 13 جندياً في قاعدة فورت هود  العسكرية العام الماضي.

وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي، وجه القيادي في تنظيم القاعدة، آدم غدن، المعروف باسم عزام الأمريكي، تحذيرات جديدة للرئيس الأمريكي، باراك أوباما، دعاه فيها إلى تطبيق جملة شروط لوقف ما وصفه بالـالحرب الصليبية على المسلمين.

وحذر غدن، وهو الأمريكي الوحيد ضمن قيادات القاعدة، أوباما، من أن التنظيم لم يبدأ بعد في الاقتصاص الحقيقي من واشنطن.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/أيلول/2010 - 8/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م