البحرين .. إلى أين بعد الأحداث الخطيرة؟

علي ال غراش

الأوضاع الأمنية والسياسية التي تشهدها البحرين حاليا تشكل قلقا كبيرا للمتابعين، وتجعل الشعب البحريني والخليجي فوق صفيح ملتهب جدا، بسبب الاعتقالات وحجب المواقع الالكترونية وردود فعل الشارع والمظاهرات، والأخطر في الأمر ان الأوضاع رافقتها حملات إعلامية واسعة برائحة التخوين والطائفية النتنة بشكل مخيف.

الحراك السياسي والمظاهرات والاعتقالات ليست جديدة على الساحة البحرينية فهي مستمرة منذ سنين، فما إن تهدأ الأوضاع حتى تعود من جديد، نتيجة التوتر بين الحكومة والمعارضة، وانما الجديد والمثير حاليا هو التصعيد الإعلامي بشكل خطير، والأخطر في الأحداث اتهام الحكومة للحراك السياسي للمعارضة بالخيانة للوطن، وتوجيه الاتهام لعدد من قادة المعارضة بالتخطيط والتحريض على أعمال العنف والسعي للإطاحة بالنظام بالقوة، والأكثر خطورة هو التعاطي مع الأحداث بنبرة طائفية بغيضة واللعب على الوتر الطائفي المتوتر الذي هو ليس بحاجة للتأجيج الإعلامي!.

ما السبب في اختيار الحكومة لغة التصعيد الإعلامي والتخوين للمعارضة في هذا الوقت، واتهامها لها بالتخطيط للإطاحة بالنظام قبل انتهاء التحقيق في المحاكم في وجود محامين؟ ولماذا إثارة البعد الطائفي في القضية هل هي محاولة لضرب المعارضة لعدم خوض الانتخابات المقررة في نهاية أكتوبر المقبل؟.

أولا: من الطبيعي أن يكون معظم المعارضة من الشيعة في البحرين لأن أكثرية السكان الأصليين - غير المجنسين - من الشيعة، وهذه الأكثرية الشيعية هي التي صوتت وقالت نعم للميثاق الوطني، وبالتالي فهذه الأكثرية القلقة تستحق التقدير والتطمين، ومن الأخطاء الفادحة التعاطي مع الحراك السياسي والمعارضة بطريقة طائفية بغيضة، وبالتشكيك في انتمائها الوطني وإنها عدو للوطن!.

ثانيا: الشعب البحريني يتميز بالطيبة والمحبة والانفتاح، وهو معروف بحبه لوطنه البحرين، وقدم تضحيات كبيرة لعودة الحياة الديمقراطية فتعرض للاعتقال والتهجير ومارس العمل السياسي في الخارج، ومع استلام الملك حمد للحكم تم الإفراج عن المعتقلين وعاد المعارضون للوطن وتم طرح مشروع الميثاق الوطني، ولكن طموح البحرينيين في إدارة الدولة وتطبيق الديمقراطية اكبر بكثير مما هو قائم حاليا، كما ان المعارضة البحرينية من جميع الأطياف القومية والليبرالية والإسلامية واليسارية..، سباقة بالعمل السياسي في الخليج، وهي معارضة وطنية خالصة واهم مطالبها: عودة الحياة الديمقراطية الكاملة، وان يكون للبرلمان - النواب والشورى - كامل الصلاحيات، وان يتم اختيار أعضائه بالانتخاب المباشر من قبل الشعب وإلغاء قرار التعيين لمجلس الشورى، وقيام نظام دستوري ديمقراطي عادل، وتحديد السلطات، ومحاسبة المسؤولين، والقضاء على الفقر والبطالة، والنظر في ملف التجنيس.

الحل بيد الحكومة أولا وهو بحاجة إلى إرادة وشجاعة، من خلال الحوار والتفاهم مع جميع أطياف الوطن ومنها المعارضة، فالمعارضة جزء من العملية الديمقراطية وبناء الوطن، وعلى الحكومة الاعتراف بها وتوفير الأجواء لها للعمل بحرية، والعمل على إقامة نظام دستوري عادل متكامل واضح قائم على المساواة بين المواطنين، والإسراع بمعالجة القضايا الحساسة التي يعلم بها كل المتابعين لأوضاع البحرين- بدون تخوين وتشكيك وفرض القوة العسكرية- وعلى الحكومة والشعب البُعد عن العنف، إذ إن استمرار الأوضاع المتشنجة لا تخدم البلد. البحرين عزيزة على الخليجيين، فنأمل معالجة الأوضاع بحكمة بالوسائل السلمية الديمقراطية العادلة.

تحية للاستاذ سلمان كمال الدين - رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان- الذي قدم استقالته اعتراضا على الحكومة في التعامل مع الأوضاع الحالية، وبعدم جواز احتجاز أي فرد من دون توفير المعلومات لأهله عن مكان احتجازه، وعدم السماح للمحامين بالتواصل مع المحتجزين وحضور جلسات التحقيق، وعدم صحة نشر اتهامات قبل استكمال التحقيق.

ali_writer88@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/أيلول/2010 - 6/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م