
شبكة النبأ: في بداية هذا الشهر، حرص
الرئيس مبارك على اصطحاب نجله جمال معه إلى واشنطن لحضور انطلاق
محادثات السلام المتجددة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. مما لا شك فيه
أن الزيارة العائلية التي لم يسبق لها مثيل ستعزز الإعتقاد الشائع في
القاهرة بأن مبارك يخطط لخلافة وراثية للحكم في مصر. كما أنها ستؤكد
للعديد [من المراقبين] التكهنات المنتشرة بأن الرئيس الذي يحكم مصر لما
يقرب من 30 عاماً يعاني من مرض خطير.
منذ آذار/مارس المنصرم، عندما قام مبارك بزيارة مطولة إلى مستشفى
أوروبي متخصص في علاج الأورام، شاعت تقارير بأن الرئيس المصري يعاني من
سرطان البنكرياس. كما أن الصور الفوتوغرافية الحديثة التي تُظهر مبارك
بصورة نحيلة على نحو غير معهود، بعد أن كان يعرف في السابق بقوته، لا
تفعل سوى القليل لتبديد الشائعات. وبغض النظر عن تشخيصه، يبدو أن فترة
حكم مبارك الذي بلغ الثمانينيات من عمره تقترب من نهايتها.
إن ابتعاد الرئيس المصري عن المشهد السياسي سيمثل نهاية حقبة تراجعت
فيها مكانة مصر الإقليمية.
قبل خمسين عاماً، في ظل حكم الرئيس جمال عبد الناصر، كانت القاهرة
دون منازع القوة العسكرية والدبلوماسية الكبرى في الشرق الأوسط. وقد
استطاعت الخُطب التي كان يلقيها عبد الناصر أن تحشد جماهير [غفيرة
مؤيدة لها]، كما تسبب جيشه في الإطاحة بحكومات أجنبية.
واليوم، فإن مصر ليست سوى ظل لمصر السابقة بعد أن كانت تحظى ذات يوم
بالإحترام ويخشاها الآخرون. فمبارك يبدو متعباً ومريضاً. وفي غضون ذلك،
ونظراً للتحديات الداخلية العميقة والتحول السياسي الأول الذي تشهده
مصر منذ ثلاثة عقود تقريباً، تراجعت قوة القاهرة السياسية الإقليمية
بدرجة كبيرة بسبب التركيز على المسائل الداخلية. وتمثل مصر حالياً قوة
إقليمية متضائلة من جميع النواحي تقريباً.
بيد، هناك بعض النقاط المشرقة. فقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة
نمواً في إجمالي الناتج المحلي السنوي بواقع 7 بالمائة تقريباً، وحققت
أرقاماً مثيرة للإعجاب أثناء التباطؤ الإقتصادي العالمي. لكن الدينامية
تنتهي عند الحدود.
فعلى الرغم من تواجد مبارك في البيت الأبيض الذي نادراً ما يأتي
إليه، مرت سنوات منذ أن كانت مصر تمارس نفوذاً دبلوماسياً كبيراً في
الشرق الأوسط. وقد أثبتت دبلوماسية القاهرة ضعفها بصورة خاصة مع
جيرانها الفلسطينيين.
فعلى سبيل المثال، يصرح المسؤولون المصريون بأنهم "لن يقبلوا بإقامة
إمارة إسلامية" في غزة. وقد حاولت القاهرة --على مدى السنوات الثلاث
الماضية -- التوسط في اتفاق بين السلطة الفلسطينية و«حماس» لإحباط هذه
النتيجة.
لكن جدوى تلك المحاولات كانت محدودة. إن إفتقار أي تأثير على
الفلسطينيين لم يكن أمراً مُتخيلاً منذ سنوات. لنتذكر فقط توقيع
اتفاقيات أوسلو الثانية عام 1995. فعندما رفض الرئيس الفلسطيني في ذلك
الحين ياسر عرفات التوقيع بالأحرف الأولى على الخرائط، قيل أن مبارك
أقنع عرفات بالقيام بذلك بأن قال له آخراً "وقِّع يا كلب!"
كما أن نهج القاهرة تجاه الإنحلال الظاهر لجارتها الجنوبية، السودان،
قد أثبت أنه على نفس الدرجة من عدم الفعالية. وسواء كان ذلك بدافع من
الكسل أو الإهمال -- رغم رغبتها المعلنة لإحباط إقامة دولة إسلامية في
غزة -- يبدو أن القاهرة لا تبالي من احتمال تحقيق نتيجة مماثلة في
الخرطوم. وعلى أية حال، ورغم المجازر التي حصلت في دارفور، يقال بأنه
ليس لدى مصر سوى 4000 جندي متمركز في السودان، ويبدو أن القاهرة مترددة
حول مشاعرها تجاه الإنقسام الوشيك لجارتها الجنوبية.
ومع ذلك، فإن أبرز مثال على تراجع مكانة مصر يتعلق بحرية وصول
القاهرة إلى المياه. فنهر النيل هو شريان الحياة بالنسبة لمصر، إذ يوفر
تقريباً جميع الموارد المائية للدولة، حيث تحصل البلاد على 70 بالمائة
تقريباً من تدفقات النهر -- بموجب اتفاقية عام 1929 -- وتتمتع بحق رفض
جميع مشاريع المياه في دول المنبع الواقعة على ضفاف النهر. ورغم ذلك،
أصبحت هذه الهيمنة المصرية على نهر النيل محل شك حيث بدأ أعضاء في "مبادرة
حوض النيل" يطالبون بإرساء ترتيب أكثر إنصافاً.
إن واقع الأمر بأن القاهرة لا تتمكن من إقناع -- أو تخويف -- دول "مبادرة
حوض النيل"، إثيوبيا وأوغندا ورواندا وكينيا وتنزانيا، على الإستمرار
في الترتيب الحالي يوضح الكثير عن مكانة مصر في أفريقيا. وفي الوقت
الذي توجد فيه توقعات تشير بأن عدد سكان البلاد سيرتفع إلى 100 مليون
شخص بحلول عام 2025، قد تشكل المياه نقطة ضعف أخرى للدولة التي وصفها
ذات مرة المؤرخ اليوناني هيرودوت بأنها "هبة النيل". بحسب معهد واشنطن
لسياسة الشرق الأدنى.
وبالنسبة لمصر، لا يمثل أياً من ذلك أخباراً سارة. لكن بالنسبة
لواشنطن -- التي اعتمدت على القاهرة منذ عام 1978 كشريكتها العربية
الرئيسية -- يمثل ضعف مصر ضربة أخرى للبنية الأمنية الإقليمية للولايات
المتحدة التي هي مهتزة بالفعل. وفي الواقع، مع ابتعاد أنقرة عن تحالفها
التقليدي مع واشنطن وتراجع دور القاهرة وانكفائها على ذاتها، ليس لدى
إدارة أوباما اليوم أي شركاء مسلمين ذوي قوة عسكرية هائلة لمساعدتها
على مواجهة التهديد الذي تشكله إيران.
لكن تأثير الحليف الذي يتراجع دوره بشكل متزايد في القاهرة يتخطى
حدود الأزمة مع إيران. فعندما كانت مصر دولة قوية، أدت قوتها الإقناعية
إلى مساعدة واشنطن على توضيح وتعزيز سياساتها التي تروج لأسباب
الإعتدال الإقليمي والسلام مع إسرائيل. أما الآن، وبعد أن أصبحت مصر لا
تلعب هذا الدور، سيكون أكثر صعوبة على الولايات المتحدة تحقيق العديد
من أهدافها السياسية في الشرق الأوسط.
وبطبيعة الحال، إن تراجع مصر هو فقط الحلقة الأخيرة في سلسلة من
التطورات المعقدة [التي تواجهها] واشنطن في المنطقة. إن عمليات إعادة
التوجه الأخيرة التي تتبعها الحكومتين التركية واللبنانية بعيداً عن
الغرب بالإضافة إلى تعزيز المحور الإيراني السوري ينبغي أن تمثل دعوة
قوية بالنسبة لإدارة أوباما لكي تقوم باتخاذ إجراءات في هذا الصدد. وما
لم تقم واشنطن بعمل شيء ما -- يكون قوياً لعكس هذا الوضع الراهن، سوف
يشكل ضعف مصر مثالاً آخر على تراجع القوة الأمريكية في المنطقة.
مرحلة انتقالية
"أدت المخاوف الأخيرة حول الحالة الصحية للرئيس المصري حسني مبارك
-- بما في ذلك عملية جراحية كبرى أجراها في ألمانيا في آذار/مارس
المنصرم -- إلى إثارة أسئلة حرجة حول مستقبل إحدى حليفات الولايات
المتحدة الأكثر أهمية. ففي حال وفاته، كيف سيتم اختيار خليفة مبارك،
ومن ستكون على الأرجح تلك الشخصية؟ هل سيحترم الرئيس القادم المصالح
الأمريكية الأساسية أم يتحداها؟ وكيف ستدفع الولايات المتحدة بتلك
المصالح إلى الأمام -- في مصر ما بعد مبارك؟
للتفكير ملياً في هذه الأسئلة، دعا مؤخراً مشروع "فكرة" التابع
لمعهد واشنطن، باحثين بارزين ودبلوماسيين أمريكيين كبار سابقين
ومسؤولين ونشطاء آخرين لإجراء مناقشة -- ليست للنشر -- حول ما يمكن
توقعه من الخلافة في مصر. إن جزء كبير مما يرد هنا في هذا المرصد
السياسي يستند على تلك المناقشة.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية تم تعديل الدستور المصري من أجل
تغيير كل من طريقة انتخاب رئيس البلاد والحد من عدد الأفراد الذين
يمكنهم الترشح. وستتم مناقشة الوصف المفصل لهذا التطور الدستوري في
نشرة منفصلة ضمن "ملاحظات سياسية". بيد، تفيد التكهنات السائدة في كل
من واشنطن والقاهرة بأن التغييرات سوف تمهد الطريق أمام انتقال السلطة،
يفوز بموجبها جمال مبارك بالرئاسة في انتخابات متلاعب بنتائجها في
أعقاب موت والده. ومع ذلك، فإن معارضة الجماهير المصرية لتلك الفكرة
إلى جانب "ظاهرة البرادعي" تتحدى هذه الفرضية بصورة متزايدة.
وبما أن المصريين يرون أنفسهم يعيشون في دولة يحكمها القانون (إن لم
يكن سيادة القانون)، فمن المرجح أن يتبعوا الشكليات الدستورية. غير أنه
لو قرر [أعضاء] النخبة داخل "الحزب الوطني الديمقراطي" الحاكم
والمحيطين به اختيار مرشحاً آخر غير جمال، فباستطاعتهم التلاعب بالإطار
القانوني بصورة تامة لضمان نجاح رجلهم.
إن السؤال الأوسع الذي لا يزال غير مؤكد بشكل مثير للدهشة، هو إذا
كان الرئيس مبارك يريد لولده أن يعتلي الحكم أم لا. ومن الناحية
التحليلية، يعني بالفعل مسار [التعديلات] الدستورية والتطورات
القانونية والسياسية الأخرى أن الرئيس مبارك يريد أن يحل ولده جمال
محله. ومع ذلك، ساهم عدم إقراره بهذا الإستنتاج بصورة واضحة في تزايد
عدم اليقين حول تفضيلاته ونواياه الحقيقية. وعلاوة على ذلك، يعتقد بعض
المراقبين المطلعين أن الحصول على مثل هذا التأييد سيكون فرصة جمال
الوحيدة للفوز بالمنصب.
وعلى الرغم من أن هناك بالفعل ما يبرر توخي الحذر عندما يتعلق الأمر
بتقييم فرص نجاح جمال، تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الظروف القانونية
والتنظيمية والمؤسسية الحالية تعمل بالتأكيد لصالحه لكي يكون أقرب
المرشحين لوراثة الحكم. فهو يتمتع بمنصب قيادي بارز داخل "الحزب الوطني
الديمقراطي"، والقدرة على الوصول إلى آلياته وموارده الواسعة، فضلاً عن
حمله اسم عائلة مبارك. ولو نظر الرئيس مبارك في النهاية بعين الإنصاف
والموضوعية إلى قرب موته -- كما فعل العاهل الأردني الملك حسين مباشرة
قبل وفاته -- وقرر أن يعمل بشكل حثيث لصالح ابنه، فربما يقوم بذلك
بتخطيط أول انتقال للرئاسة من الأب إلى الإبن في مصر منذ خلافة الملك
فاروق للسلطة من والده فؤاد.
وإذا افتُرض أن مصر ستستمر في اتباع العمليات الدستورية لكنها
تتجاوز اختيار جمال، فمن باستطاعته أن يصبح رئيس البلاد المقبل؟ هناك
حقيقة واحدة واضحة وهي أن التعديلات الجديدة تضمن تواجد مجموعة محدودة
من المرشحين، وتخلق عقبة أمام المستقلين لا يمكن تخطيها تقريباً. ومن
بين أولئك المرشحين مجموعة واسعة من الشخصيات التي يضايقها الحزب
الحاكم حالياً مثل محمد البرادعي وأيمن نور وأي مرشح من "جماعة الإخوان
المسلمين".
إن أكثر الأسماء التي تقوم المؤسسة الرسمية بعرضها مراراً هي تلك
التي تأتي من داخل القيادة الحالية لـ "الحزب الوطني الديمقراطي"،
وتشمل الأمين العام صفوت الشريف، ورئيس الوزراء أحمد نظيف. وهناك
منافسون محتملون من غير الحزب الحاكم مثل الرئيس الحالي لـ "حزب الوفد"
السيد البدوي، ورئيس "حزب التجمع" رفعت السعيد.
وقد اقتُرح مرشحون آخرون من قبل المؤسسة الرسمية من خارج قيادات
الحزب، مثل الرئيس الحالي لجهاز الإستخبارات المصرية عمر سليمان،
المفضل بالنسبة للكثيرين في القاهرة (وواشنطن) الذين يفضلون الغرف
الخلفية والشعر الأبيض على شباب جمال وقلة خبرته. كما هناك وزير
الطيران المدني الحالي ورئيس الأركان السابق للقوات الجوية المصرية
أحمد شفيق الذي له الفضل في بناء مطار القاهرة الدولي الجديد بنجاح.
وفي مقال كتب عنه في جريدة "الدستور" في نيسان/أبريل 2010، ذُكر أنه
مقرب من الرئيس مبارك الذي كان أيضاً طيار في القوات الجوية. ويقال عن
وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي بأنه قد اختير لمنصبه من قبل مبارك
لوفائه (وقلة طموحه السياسي)، وهو قليل الكلام ومحاور ضعيف الخيال
بالنسبة للدبلوماسيين الأمريكيين، ولم يكن يوماً نشطاً بصورة ملموسة في
السياسات الداخلية المصرية. يتوجب على جميع هؤلاء الرجال خوض
الإنتخابات كـ "مستقلين" للإمتثال للقانون وليتم دعمهم من قبل "الحزب
الوطني الديمقراطي" على هذا النحو.
وبصرف النظر عن مرشحي المؤسسة الرسمية، من الصعب تصور الكيفية التي
سيتمكن بموجبها حقاً المرشحون المستقلون -- مثل البرادعي -- من الترشح
في ظل النظام الحالي. يجب على مثل هؤلاء المرشحين جمع 250 توقيعاً من
أعضاء البرلمان و/أو المجالس البلدية المحلية، التي تقع جميعها تحت
هيمنة "الحزب الوطني الديمقراطي" الحاكم. كما أن الإنتخابات البرلمانية
القادمة قد تخلق فرصة لو انضم البرادعي إلى قيادة حزب حالي يكون قادراً
على الفوز بمقعد واحد على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، إن رغبة الرأي
العام من أجل التغيير ربما تمثل حافزاً آخر يمكن للبرادعي استغلاله.
غير أن رفضه حتى الآن الإنخراط في سياسات تجزيئية، وقراره الأخير
بالإعتماد على "جماعة الإخوان المسلمين" قد يحول دون ترشحه، بسبب خشية
الحكومة بصورة متزايدة من العلاقة الأخيرة بينه وبين "الإخوان".
تأمين المصالح الأمريكية
على الرغم من أن هوية خليفة مبارك غير مؤكدة، من المرجح أن يُقدِّر
الرئيس المصري القادم علاقة بلاده مع الولايات المتحدة ويقوم بإجراء
بعض الإتصال مع الدبلوماسيين الأمريكيين، عندما يكون غير مستقر في دوره
الجديد عند بداية تسلمه مهام منصبه. وبالنسبة للولايات المتحدة سيخلق
ذلك فرصاً ومخاطر على حد سواء.
وعلى ذكر المصالح الأمنية الأمريكية، سيتم جذب الكثيرين داخل ما
يسمى بالمعسكر "الواقعي" لقبول أي خليفة تختاره النخبة في المؤسسة
الرسمية المصرية. لكن هناك أيضاً مصلحة بالنسبة للولايات المتحدة،
تتمثل برؤية انتقال سلمي للسلطة يتوافق مع المصالح الأمريكية طويلة
المدى وتطلعات الشعب المصري على حد سواء. وبالفعل، فإن الإحتفاظ بشراكة
قوية مع مصر سيعتمد بصورة كبيرة على طبيعة عملية الإنتقال. ولأجل هذه
الغاية، ينبغي على واشنطن أن تؤكد في وقت مبكر وبصورة متكررة بأنه ليس
لديها مرشحاً مفضلاً، لكنها تتوقع أن تكون عملية انتقال الرئاسة مفتوحة
وشفافة ووفقاً للمعايير الدولية بحيث يتم منح أبناء الشعب فرصة حقيقية
للمشاركة في اختيار قائدهم القادم. ولو اقترن هذا الإنتقال بالعنف أو
التخويف يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للتعليق عليه. وسيكون
الشعب المصري هو الجمهور الذي ستوجه إليه الرسالة والتعليق بقدر ما
توجه إلى الزعيم المصري الجديد.
ينبغي على واشنطن أيضاً أن تستعد لاحتمال أن يسعى الرئيس الجديد إلى
تعزيز شرعيته الداخلية عن طريق تبني سياسات خارجية أكثر شعبوية. وقد
يكون هذا هو الحال مع مرشح غير مختبر من قبل المؤسسة الرسمية (مثل جمال
مبارك) أو من خلال السيناريو المستبعد بشكل كبير وهو تمكن إحدى
الشخصيات من خارج النظام بالفوز بمنصب الرئاسة. وفي الواقع، لمح
البرادعي إلى [إمكانية تبنيه مثل] هذا المدخل خلال مقابلة أجرتها معه
مؤخراً مجلة "دير شبيغل"، حيث أشار إلى أن فتح معبر رفح الحدودي مع
قطاع غزة بشكل دائم لن يضر بالأمن المصري، وأن مخاوف الغرب إزاء قيام
إيران نووية هو أمر مبالغ فيه. يبدو أن هذا التوجه مستوحى من [تأثير]
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي مدحه البرادعي كـ "بطلاً
عربياً". ولو تبنى الرئيس المقبل في القاهرة مثل هذه الطريقة الشعبوية
فإن سلام مصر الفاتر مع إسرائيل سوف يصبح أكثر فتوراً.
وفي ضوء هذه التحديات سيتطلب مستقبل عملية الإنتقال قيام دبلوماسية
أمريكية ماهرة. فمن ناحية، يجب على واشنطن أن تتمثل علناً مع التطلعات
السياسية للشعب المصري، ومن ناحية أخرى عليها أن تضمن بقاء شراكة
استراتيجية هي في غاية الأهمية للأمن القومي للولايات المتحدة.
الخاتمة
إن مصر في مفترق طرق. فالرئيس مبارك يمثل قوة دعم للإستقرار في مصر
وعلى مستوى العلاقات الأمريكية المصرية على حد سواء لفترة دامت ثلاثة
عقود -- لدرجة توقف فيها التطور السياسي المحلي. وسيعكس رحيله نهاية
حقبة، ومن المحتمل أن يضطر خليفته إلى البحث عن قاعدة جديدة من الشرعية
في الداخل، وأساس أقوى للشراكة الثنائية مع الولايات المتحدة. وبدءاً
بزيارة الرئيس مبارك إلى واشنطن في الأسبوع الأول من أيلول/سبتمبر
واستمراراً في الأشهر المقبلة، لدى الولايات المتحدة الفرصة لكي تضمن
تفهم سياستها بشكل واضح من قبل كل من الشعب والنخبة الحاكمة في مصر،
بحيث تبقى مكانة أمريكا في مصر بعد عملية الإنتقال، على الأقل بنفس
درجة القوة -- إن لم تكن أقوى مما هي عليه اليوم.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |