توني بلير حرب العراق وضرب إيران... إصرار وتحريض

 

شبكة النبأ: أقر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بأنه لم يكن يتوقع "الكابوس" الذي تكشف في العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.

واعترف بلير في مذكراته الصادرة بعنوان "رحلة" بأنه لم يؤخذ في الحسبان دور القاعدة أو إيران في العراق أثناء التخطيط لغزوه، حيث لم يتوقف سفك الدماء بعد هزيمة نظام صدام حسين.

وأعرب بلير في كتابه عن أساه الشديد لأقارب الجنود البريطانيين الذين قتلوا في الحرب، و"للذين سقطوا في ريعان الشباب وللعائلات الثكلى التي ضاعف من إحساسها بفقد أعزائها الجدل الدائر حول السبب الذي من أجله قتل أحباؤها، والظلم الذي وقع عليها بأن قدر لها هي بالذات أن تعاني الخسارة".

إلا أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق يصر على صواب قراره في إشراك بلاده في الحرب، "فالوقوف ساكنين كان سيشكل خطرا أكبر على أمن بريطانيا من القضاء على نظام صدام حسين".

وكان بلير قد اعلن أنه سيتبرع بريع الكتاب ومقدم الأتعاب التي تقاضاها من دار النشر ومقداره 4 ملايين جنية إسترليني لصالح "العصبة الملكية البريطانية" المعنية برعاية قدامى المحاربين، مساهمة منه في بناء مركز رياضي للجنود المصابين.

بوش رجل مثالي

كما قال بلير إن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش كان "رجلا مثاليا،" أظهر "نزاهة حقيقية، وشجاعة سياسية."

وكشف بلير في مذكراته تفاصيل العلاقة الوثيقة، مهنيا وشخصيا، بينه وبين بوش، في أعقاب هجمات 2001 التي تعرضت لها نيويورك بالولايات المتحدة، وخلال الحشد لشن الحرب على العراق في عام 2003.

وقال بلير، إن بوش يتمتع "بشخصية ذكية جدا،" و"بساطة هائلة في الطريقة التي يرى فيها العالم،" مضيفا "سواء كان على حق أو باطل، فإنه أظهر قيادة حاسمة، إنه يؤمن بصدق في نشر الحرية والديمقراطية."

لكن بلير، الذي كان رئيسا لوزراء بريطانيا في عهدي الرئيسين الأمريكيين بيل كلينتون وبوش، أسهب في مديح الأول، قائلا إنه "صديق وشريك.. والسياسي الأكثر شراسة الذي واجهته في حياتي،" مدافعا عن كلينتون في قضية مونيكا لوينسكي.

وعلى النقيض من ذلك، وصف بلير بداية علاقته مع بوش عندما التقى الاثنان في كامب ديفيد للمرة الأولى في فبراير/شباط عام 2001، قائلا إنها حوت الكثير من الخلافات، وأضاف: "بدأنا على ما يرام، ولكن بحذر شديد إلى حد ما.. كان بوش محافظا، وكنت أنا تقدميا."

وتابع في مذكراته التي حملت عنوان "توني بلير.. رحلة،" أن "بوش كان يتمتع بقدر كبير من الدعابة، وفي نفس الوقت من إنكار الذات،" قائلا، إن مفتاح النجاح في سياسة بوش كان ظهوره دائما على أنه "رجل العادي."

وينفي بلير، 57 عاما، والذي يعمل الآن مبعوثا للسلام في الشرق الأوسط، أن يكون دعم الخطط الأمريكية لغزو العراق دون بصيرة، عندما زار مزرعة بوش في كروفورد بولاية تكساس، في أبريل/نيسان عام 2002.

فيما أكد طوني بلير و أنه لو كان في منصبه حالياً لأيد اتخاذ قرار بضرب إيران إن ثبت توجهها لامتلاك سلاح نووي.

اكثر ترسخا مما نعتقد

الى ذلك اعتبر رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير ان التطرف الاسلامي "اكثر ترسخا مما نعتقد" معترفا بانه لم يكن يدرك حجم هذه الظاهرة وقت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001.

وقال بلير في حديث الى شبكة ايه.بي.سي ان التطرف الاسلامي "يشبه بقوة الشيوعية الثورية". واضاف "انه نظيرها الديني او الثقافي. ان جذوره عميقة واطرافه طويله وتفسيره للاسلام اكثر ترسخا بكثير مما نعتقد".

واضاف رئيس الحكومة البريطانية الاسبق في هذا الحديث الذي ادلى به في اطار الترويج لكتابه "مذكرات" ان هذه الحركة "تشمل حتى فئة من الراي العام ترفض التطرف لكنها نوعا ما تقر بجزء من الخطاب المرافق له".

واكد بلير انه لم يدرك تماما حجم هذه الظاهرة وقت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر التي قتل فيها نحو ثلاثة الاف شخص في الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.

واعتبر بلير، الذي تولى رئاسة الحكومة البريطانية من 1997 الى 2007، ان الذين ارتكبوا هذه الاعتداءات لو كانوا "تمكنوا من قتل 30 الفا او 300 الف شخص لفعلوا ذلك".

يشار الى ان بريطانيا كانت الحليف الاقرب للولايات المتحدة عند غزو افغانستان العام 2001 والعراق العام 2003.

الخوف من احتجاجات

على صعيد متصل الغى بلير حفلا للتوقيع على كتابه في لندن بمناسبة نشر مذكراته خشية ان يقابل ذلك الحدث باحتجاجات.

واعتقل ثلاثة اشخاص بعدما رشقوا بلير (57 عاما) بالبيض والاحذية لدى وصوله الى مكتبة في دبلن للتوقيع على نسخ من كتابه "رحلة" A Journey كما اشتبك نحو 200 محتج مع الشرطة. ولم تصب الاشياء التي ألقاها المحتجون بلير ولم ترد تقارير عن وقوع اصابات.

وقال مناهضون للحرب والحزب القومي البريطاني اليميني المتطرف انهم سيحتجون في فرع دار نشر ووترستون في بيكاديلي بوسط لندن على قرار بلير الانضمام الى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003.

وقال بلير في بيان على موقعه الالكتروني "قررت الا امضي قدما في التوقيع لانني لا اريد ان يؤدي ذلك لازعاج الجمهور من المشادات الحتمية التي يتسبب فيها المحتجون.

"اعرف ان شرطة العاصة ...كعهدها دائما...تقوم بعمل رائع في السيطرة على اي ارتباك لكني لا اود ان افرض ضغطا اضافيا على امكانيات الشرطة لمجرد التوقيع على كتاب."

وقال انه سيوقع على كتب لدار ووترستون اعتبارا من يوم الخميس.

واضاف "انا اسف حقا لاولئك- وهم الاغلبية دائما-الذين اتوا للحصول على كتبهم مصحوبة بتوقيعي شخصيا. امل ان يتفهموا الامر."

وجرى التخطيط بالفعل لفرض اجراءات امنية مشددة على الحدث حيث كانت ستفتش جميع الحقائب والهواتف المحمولة مسبقا.

وقال بلير في مذكراته انه لم يكن يتصور ما سماه "بالكابوس" الذي تداعت احداثه في العراق. ويعمل بلير حاليا مبعوثا للجنة الوساطة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة.

لكنه كرر تصريحات سابقة له بان غزو العراق عام 2003 كان مبررا لان صدام حسين شكل تهديدا وانه كان بامكانه تطوير اسلحة دمار شامل.

وقال بلير متحدثا لوسائل الاعلام ان الكتاب حقق مبيعات "رائعة" رغم انه يواجه ايضا حملة على الانترنت استهدفت عرقلة المبيعات.

وتدعو مجموعة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي الناس لنقل النسخ الى قسم "الجريمة" في المكتبات.

مذكرات كاذبة

الى ذلك اشتدت حمى النقاشات على الموقع الاجتماعي تويتر بشأن هذا الكتاب بين من قرأ ومن لم يقرأ بعد.

إحدى المشاركات، والتي بدا واضحا أنها تنتقد سياسات بلير السابقة، كتبت تقول:  "ابدأ يومك المشرق هذا عبر التصويت لنقل مذكرات طوني بلير إلى القسم الخاص بقصص الجرائم."

ويبدو أن الانتقادات المتزايدة ضد بلير قد تدفعه إلى إلغاء جولة التوقيع تلك، إذ كتب مشارك بالقول: "طوني بلير قد يوقف جولته في لندن بسبب التهديدات الأمنية المتلاحقة، بعد رشقه بالبيض والأحذية مؤخرا في ايرلندا."

وكتب أحد المشتركين بالقول: "يحزنني أن طوني بلير قد يلغي جولة جمع البيض والأحذية في لندن، إنه بالفعل يستحقها."

وأثنت مشتركة أخرى على هذه الخطوة من قبل الأيرلنديين، فكتبت تقول: "خطوة جيدة أيها الأصدقاء، قدمتم لهذا الوغد طبقا لذيذا من الأومليت.. هل يمكننا الحصول على بعض منه هنا في بريطانيا؟"

وقال مشترك آخر ساخرا: "أيها الجنود .. واجهوا القنابل، والصواريخ، والأسلحة خلال جولتكم التي استمرت ستة أشهر.. وطوني بلير.. واجه قنابل البيض والأحذية، واهرب منها كفتاة صغيرة."

ووصف مشترك آخر مذكرات بلير بـ"الكاذبة والملفقة"، وأكد أن الهدف من وراء نشر هذا الكتب هو "تبرير مواقفه وجني الأرباح من المبيعات فقط."

وكتبت مشاركة أخرى في مدونتها، والتي أضافت لها رابطا على تويتر، الدروس التي يمكن أن يستفيد منها كاميرون والحكومة البريطانية الحالية من مذكرات بلير.

وسخر آخر من الدروس المستفادة في حياة بلير من الحرب على العراق، فكتب يقول: "اعترف بلير أن الحرب على العراق كانت تتعلق بالرموز والعبر أكثر من الأمن القومي للمواطنين.. عن ماذا يتحدث هذا الرجل؟"

وبدا واضحا أن غالبية المشاركين في هذا الموضوع هم من المعارضين بشدة لجميع سياسات طوني بلير السابقة، وبالتالي وجدوا أن كل ما نشر في هذا الكتاب هو "من سبيل الكذب والادعاء".

يذكر أن بلير دافع في مقابلة تلفزيونية أجريت معه مؤخرا عن خيار الحرب في العراق، قائلاً إن المجتمع الدولي كان مضطراً لسلوك هذه الطريق بعد أن بدأت العقوبات المفروضة على بغداد بالاضمحلال، ما زاد القلق من إمكانية حصول "تداعيات أخرى."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/أيلول/2010 - 4/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م