فلسطين وإسرائيل... مفاوضات عقيمة وإجهاض حلم الدولة الموعودة

 

شبكة النبأ: بعد أن توقفت لمدة طويلة وأثارت مشاكل سياسية عديدة، ونالت على اهتمام رؤساء أمريكيين وإهمال من قبل آخرين، يحاول أوباما فتح المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل بخصوص وضع خطط لحفظ السلام بين البلدين وإيقاف سفك الدماء الذي استمر خلال السنين السابقة، ولكن التمسك من قبل الجانبين بآرائهم وخططهم جعل التوصل الى حل أو اتفاق بعد هذه المفاوضات شيئا صعبا ولاشيء يدعو للأمل.

بينما يحاول الجانبين من إعادة اللقاء خلال هذه الأيام لدراسة الوضع مرة أخرى عسى ولعل أن يتوصلوا الى حلا لهذا النزاع ونهاية للمفاوضات التي كانت تقام دائما ولكن بدون أي فائدة على ارض الواقع، من جانبها تتدخل أمريكا في المفاوضات وكما يظن المحللين بعذر إنها تحاول ان تحفظ السلام في الشرق الأوسط وحل القضية الفلسطينية.

حجر عثرة

فبعد انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي دشنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، في واشنطن الأربعاء الماضي، غادر الجانبان العاصمة الأمريكية يملؤهما قلق متزايد على مسيرة تلك المفاوضات، التي قد تتوقف قريباً نتيجة اصطدامها بقضية الاستيطان، التي تتفاعل بقوة في الداخل الإسرائيلي.

وفي مسعى للتغلب على تلك العقبة، التي تبدو وشيكة جداً، عقد كل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، اجتماعاً منفرداً خلف الأبواب المغلقة بمقر وزارة الخارجية الأمريكية، لأكثر من ساعة ونصف الخميس الماضي، بعدما تبادل كل منهما مصافحة الآخر، أمام كاميرات المصورين، بل وتعهدا ببذل كل ما في وسعهما لدفع المفاوضات إلى الأمام.

إلا أن العديد ممن حضروا وتابعوا اللقاء الأول بين عباس ونتنياهو منذ ما يقرب من عامين، خيم فيها الجمود على المسيرة السلمية، أشاروا إلى أن كل منهما خرج من الاجتماع، الذي عُقد في غرفة مجاورة لمكتب كلينتون، وقد بدت علامات القلق والحيرة على كل منهما، خاصة أن فترة تجميد بناء المستوطنات، التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية أواخر العام الماضي، لمدة عشرة شهور، سوف تنتهي في 26 سبتمبر/ أيلول الجاري.

وفيما شدد عباس، في أكثر من مناسبة، على تحذيراته بأن المفاوضات ستنتهي إذا لم تقم الحكومة الإسرائيلية بتمديد فترة تجميد بناء المستوطنات، يبدو أن نتنياهو يتعرض لضغوط داخلية وخارجية هائلة، لإنهاء هذا التجميد واستئناف بناء المستوطنات، مما جعل منها واحدة من أكثر القضايا تعقيداً على طاولة المفاوضات.

وبعد انتهاء لقائهما المنفرد، التقى عباس ونتنياهو مع وزيرة الخارجية الأمريكية، لإطلاعها على نتائج اللقاء، وبحسب فادي السلامين، أحد مرافقي رئيس السلطة الفلسطينية، فقد بدا كل منهما متمسكاً بموقفه الذي يتعارض مع موقف الطرف الآخر.

ويواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي وجد نفسه بين فكي رحى، مأزقاً صعباً يهدد بانهيار حكومته، حيث يتعرض لضغوط هائلة من جانب السلطة الفلسطينية وإدارة أوباما لتمديد فترة تجميد بناء المستوطنات، كما يتعرض لضغوط أكبر من جانب شركائه بالائتلاف الحكومي لإنهاء التجميد. بحسب وكالة السي ان ان.

وأفاد السلامين بأن عباس طلب من رئيس الحكومة الإسرائيلية، خلال اجتماعهما المنفرد، بتمديد فترة تجميد الأنشطة الاستيطانية، فرد عليه نتنياهو قائلاً: "لا يمكنني تمديدها"، فبادره رئيس السلطة الفلسطينية قائلاً: "إذن، لا يمكنني المواصلة."

وفي ظل الغموض الذي بدأ يلقي بظلاله على مسيرة المفاوضات مبكراً، فقد اتفق الجانبان على عقد جولة ثانية في 14 و15 سبتمبر/ أيلول الجاري، كما أن الطرفين ناقشا أيضاً إمكانية عقد جولة ثالثة أواخر الشهر.

وأكد مسؤولان رفيعان، على اطلاع بالمفاوضات المباشرة، أن المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين ناقشوا بالفعل عقد جولة مفاوضات ثالثة، نظراً لأن كلا الجانبين يترقبان النتائج التي قد تترتب على انتهاء فترة تجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

ويبدو أن النية تتجه لعقد الجولة الثالثة قبل 26 من الشهر الجاري، لتجنب "انهيار دراماتيكي وسريع محتمل" للمفاوضات، في حالة إذا لم تقرر الحكومة الإسرائيلية تمديد فترة تجميد بناء المستوطنات.

استئناف المفاوضات

فيما تبدأ اليوم في شرم الشيخ المصرية جولة ثانية من المفاوضات المباشرة بين الجانين الفلسطيني والاسرائيلي في مناخ متوتر بسبب الخلاف في شأن قضية جوهرية هي الاستيطان الذي ينتهي تجميده من جانب اسرائيل في 26 ايلول/ سبتمبر الجاري.

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وصلت صباح اليوم الى شرم الشيخ للمشاركة في المفاوضات بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ويعد هذا اللقاء الاول بين نتانياهو وعباس منذ المحادثات التي اجريت في الثاني من الشهر الجاري في واشنطن حيث اعيد اطلاق المفاوضات المتوقفة منذ الهجوم الاسرائيلي على غزة في كانون الاول/ ديسمبر 2008.

ويدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه الجولة الجديدة من المفاوضات متسلحا بموقف موحد من منظمة التحرير الفلسطينية يتمثل في المطالبة بتمديد فترة تجميد الاستيطان التي اعلنتها اسرائيل قبل عشرة اشهر وتنتهي نهاية الشهر الجاري.

لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو اعلن انه لن يكون هناك قرار بتمديد تجميد الاستيطان. وقال ان "اسرائيل لن تواصل تجميد الاستيطان ولكنها لن تبني الاف المساكن المخططة.

إلا ان القيادة الفلسطينية تراهن على قيام الولايات المتحدة باقناع حليفتها اسرائيل بتمديد العمل بتجميد الاستيطان في شكل او آخر لئلا تنهار المفاوضات بعدما رمت واشنطن بثقلها لاستئنافها.

وقال مسؤول فلسطيني فضل عدم كشف اسمه " ان "الادارة الاميركية فتحت خطا من المحادثات مع الجانب الاسرائيلي منذ الجولة الاولى في واشنطن التي عقدت في الثاني من هذا الشهر، بهدف التوصل الى صيغة ملائمة لقضية تجميد الاستيطان".

وقال مسؤول كبير في منظمة التحرير الفلسطينية يشارك في الوفد المفاوض رفض بدوره الكشف عن هويته ان "الادارة الاميركية تتخوف من عرض هذه الصيغة على الجانب الفلسطيني قبل الغوص في المفاوضات خوفا من رفضها وبالتالي تعثر المفاوضات قبل ان تبدأ في شكل جدي". بحسب وكالة فرانس برس.

وأضاف "على ما يبدو ان الادارة الاميركية تود عرض صيغة يتم التوصل اليها مع الجانب الاسرائيلي حينما نكون في وسط المفاوضات وليست قبل ان تبدأ، خوفا من انهيارها".

من جانبها، أكدت مصادر فلسطينية مطلعة ان "الادارة الاميركية طلبت رسميا من الاتحاد الاوروبي العمل معها لاقناع اسرائيل بالبحث عن صيغة ملائمة للخروج من اشكالية تجميد الاستيطان".

وقد دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما بنفسه الجمعة الماضي اسرائيل الى تمديد قرار تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، مشيرا الى ان هذا الملف يشكل "واحدة من نقاط الخلاف الأساسية" بين الجانبين.

واعلن اوباما عن ابلاغه نتانياهو الاسبوع الماضي في البيت الابيض، انه "ما دامت المحادثات تتقدم في شكل بنّاء، فان الامر يستحق تمديد قرار التجميد".

وجددت السلطة الفلسطينية أمس الاثنين وقبل ساعات من بدء جولة المفاوضات الجديدة اليوم في شرم الشيخ موقفها من الاستيطان. وقال عضو الوفد المفاوض محمد اشتية ان "موقفنا واضح وابلغناه قبل قمة شرم الشيخ للادارة الاميركية ان السلام والاستيطان لا يلتقيان".

واضاف "سنذهب بقلب مفتوح وعقل مفتوح الى شرم الشيخ لكن اذا قامت اسرائيل بالبدء في الاستيطان فان ذلك يعني عدوانا على عملية السلام وعلى الشعب الفلسطيني".

وشدد على "اننا لا نقبل الحديث عن استيطان جزئي او مخفف او بطيء ومطلبنا ابلغناه للادارة الأميركية بالوقف التام للاستيطان".

ومازالت الخلافات قائمة حول جدول اعمال محادثات الثلاثاء لذلك يحتمل ان تتركز المناقشات في شرم الشيخ حول تحديده.

ويريد نتانياهو ان يناقش اولا قضية التدابير التي ستتخذ في حال قيام دولة فلسطينية لضمان امن اسرائيل ويطالب كذلك بان يعترف الفلسطينيون قبل اي شئ بإسرائيل كـ"دولة للشعب اليهودي".

اما عباس فيرغب في الاتفاق اولا وقبل كل شئ على حدود الدولة الفلسطينية بما ينهي قضية المستوطنات ثم الانتقال بعد ذلك الى بقية قضايا مفاوضات الوضع النهائي وهي القدس واللاجئين والمياه.

ومن المقرر ان يجتمع عباس ونتانياهو وكلينتون كل على حدة في شرم الشيخ مع الرئيس المصري حسني مبارك الذي يقوم منذ سنوات بوساطة بين الفلسطينيين واسرائيل، على أن تتواصل المحادثات الاربعاء في القدس حيث تصلها كلينتون مساء الثلاثاء.

نتنياهو يلمح

في حين نقل مسؤولون عن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله ان إسرائيل لا تستطيع تمديد تجميد بناء المساكن في مستوطنات الضفة الغربية لكنه أشار الى أنه سيحد من نطاق البناء المستقبلي.

ويهدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالانسحاب من محادثات السلام التي تجددت لتوها مع اسرائيل في حالة استئناف أعمال بناء جديدة في الاراضي المحتلة بعد انتهاء تجميد فرضه نتنياهو بضغط من الولايات المتحدة لمدة عشرة أشهر في نهاية سبتمبر ايلول الجاري.

وقال مسؤولون على اطلاع بمناقشات جرت بين نتنياهو وتوني بلير مبعوث رباعي الوساطة للسلام في الشرق الاوسط ان رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي تهيمن على ائتلافه الحاكم أحزاب مؤيدة للمستوطنين أبلغ بلير أن اسرائيل "لا يمكنها تمديد التجميد".

لكن أحد المسؤولين نقل عنه أيضا قوله في الاجتماع الذي عقد يوم الاحد "لن نبني عشرات الالوف من الوحدات السكنية المخطط لها بالكامل."

وفيما يبدو انه محاولة لاتخاذ موقف وسط أضاف "على الجانب الاخر لن نجمد حياة سكان يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أو نجمد البناء."

وأثار بعض الوزراء في الحكومة الاسرائيلية احتمال أن يقتصر البناء على المستوطنات الموجودة في مناطق بالضفة الغربية المحتلة قالت اسرائيل انها تعتزم الاحتفاظ بها في اتفاق مستقبلي لإقامة دولة فلسطينية.

ولم يتضح على الفور ما اذا كان هذا المخطط يمكن أن يقنع عباس بمواصلة المحادثات التي تأمل واشنطن في ان تثمر عن اتفاق اطار عمل في غضون عام. ولم يوافق عباس على اجراء مفاوضات مباشرة مع اسرائيل الا بضغوط أمريكية شديدة.

وقال نتنياهو - الذي يواجه ضغوطا شديدة من جماعات المستوطنين لعدم تقييد البناء - مرارا انه ليس لديه تفويض لتمديد التجميد رسميا مشيرا الى أن الشهور العشرة منصوص عليها في إطار قرار حكومي. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ولم يقدم نتنياهو رد فعل علنيا مباشرا على تصريحات أدلى بها الرئيس الامريكي باراك أوباما قال فيها ان مواصلة التجميد الجزئي "منطقي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/أيلول/2010 - 4/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م