الانتخابات الأفغانية... الإصرار الأمريكي وتهديدات طالبان

 

شبكة النبأ: يحذر مراقبون من ان تهديدات طالبان واغلاق بعض مراكز الاقتراع والمخاوف من تزوير واسع النطاق تمثل معوقات تلقي بظلالها على الامال المعقودة على الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في افغانستان في 18 سبتمبر ايلول والتي تمثل اختبارا مهما للديمقراطية الهشة في هذا البلد.

وينظر الى الانتخابات البرلمانية على أنها اختبار للاستقرار في أفغانستان قبل مراجعة استراتيجية الحرب التي سيجريها الرئيس الامريكي باراك اوباما في ديسمبر كانون الاول لبحث حجم ووتيرة سحب القوات الامريكية بدءا من يوليو تموز عام 2011.

كسب غير مشروع

فقد قالت لجنة الشكاوى الانتخابية المدعومة من الامم المتحدة انها تلقت بالفعل 1503 شكاوى تراوحت بين منح مرشحين مفضلين موارد عامة وتدخل مسؤولي الحكومة لصالح مرشحين بعينهم. والمؤشرات الاولى على اجراء عملية انتخابية تتسم بالسلاسة والنزاهة غير مبشرة.

وقال موظف يدعى عزيز الله (32 عاما) من سكان كابول "الاوضاع تزداد سوءا. كثير (من الساسة) يسعون للثراء ويعملون لمصالحهم الخاصة فحسب.

"لا اريد الادلاء بصوتي لاني فقدت الثقة في الحكومة والبرلمان والانتخابات في ظل الوضع الحالي."

والكسب غير المشروع والمحسوبية من بواعث القلق الرئيسية قبل الانتخابات في أعقاب انتخابات الرئاسة التي أجريت العام الماضي وشابها احتيال حيث تبين أن ثلث الاصوات التي حصل عليها كرزاي كانت مزورة.

وطبقا للجنة الانتخابات المستقلة التي عينتها الحكومة فان النتائج الاولية يجب ان تعلن بعد اربعة ايام من انتهاء التصويت لكن النتائج النهائية لن تعلن قبل 31 اكتوبر تشرين الاول.

ويعتمد هذان الموعدان على عدد الشكاوى التي ستقدم والتي يبدو انها ستكون مرتفعة نظرا لعدد الشكاوى الذي قدم بالفعل وفي ظل تنافس 2500 مرشح على 249 مقعدا في مجلس النواب.

وابطل ترشيح 76 مرشحا بالفعل طبقا للجنة الانتخابات المستقلة بسبب مخالفات تتراوح بين عمليات تسجيل خاطئة الى علاقات بزعماء الميليشيات والميليشيات الخاصة.

وقال وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله يوم الاحد "الانتخابات البرلمانية (يجب) ان تكون خطوة للامام واخشى ان نفقد هذه الفرصة مرة اخرى وربما يتحول الامر الى لعنة."

وكثيرا ما تؤدي قضية الفساد الى توتر العلاقات بين كرزاي وداعميه في الغرب كما ينظر الى هذه الانتخابات على أنها اختبار لمصداقية كرزاي.

ويعتقد كثيرون في واشنطن أن الفساد المتفشي يضعف الحكومة المركزية الى حد بعيد ويعرقل الجهود المبذولة لاعادة بناء قوات الامن الافغانية لتتمكن في اخر المطاف من تسلم مسؤولية الامن من القوات التي يقودها حلف الاطلسي ليسمح ذلك برحيل القوات الاجنبية.

وتكونت طوابير طويلة أمام فروع بنك كابول أكبر مصرف خاص في أفغانستان منذ أعلن قالة اثنين من كبار المديرين فيه وسط مزاعم عن فساد.

وطمأنت حكومة كرزاي المودعين ومنهم 250 ألفا من العاملين في الدولة بأن ودائعهم في أمان وذكرت أن المديرين استقالا في اطار قواعد جديدة.

وقالت الامم المتحدة ومسؤولون حكوميون ان اربعة مرشحين على الاقل لقوا حتفهم حتى الان واصيب عشرات من العاملين في الحملات الانتخابية. وانحي باللائمة في بعض الهجمات على طالبان ومتمردين اخرين.

ونفذت طالبان نحو 130 هجوما خلال الانتخابات التي أجريت العام الماضي. ورغم انها فشلت في تعطيل الانتخابات في معظم أنحاء البلاد الا أن الاقبال كان ضعيفا في مناطق الجنوب التي يقطنها البشتون والتي تمثل معاقل لطالبان.

واجبر خطر ضعف الاجراءات الامنية لجنة الانتخابات المستقلة بالفعل على اغلاق 938 مركز اقتراع من اجمالي 6835 مركزا في انحاء البلاد الامر الذي يمكن ان يحرم الاف الافغان من التصويت برغم انه سيكون باستطاعتهم التصويت في مراكز اخرى.

وهناك زهاء 150 الفا من القوات الاجنبية في افغانستان لكنها لن تلعب دورا رئيسيا في الانتخابات حيث ستوفر قوات الشرطة والجيش الافغانيين الامن.

ومازال العنف عند اسوأ مستوياته منذ الاطاحة بنظام حركة طالبان على يد قوات افغانية مدعومة من الولايات المتحدة اواخر عام 2001 مع بلوغ الخسائر العسكرية والمدنية مستويات قياسية. ورغم التهديدات حث عبد الله الافغان على التصويت.

وقال "التخلي عن العملية الديمقراطية لن يوصلنا الى شيء كما أن المجتمع الدولي لن يحقق أيا من اهدافه."

تعطيل الانتخابات

من جهتها قالت حركة طالبان الافغانية انها ستسعى لتعطيل الانتخابات المقرر اجراؤها هذا الشهر وحثت الافغان على مقاطعتها في اول تهديد صريح للانتخابات من الحركة المتشددة.

جاء التهديد بعد يوم واحد من قول الرئيس حامد كرزاي انه سيعلن قريبا أسماء أعضاء مجلس للسلام مهمته متابعة المحادثات مع طالبان في خطوة أخرى ضمن خطة الرئيس الافغاني للمصالحة مع المتمردين.

ورغم وجود زهاء 150 ألف جندي أجنبي بلغ مستوى العنف أسوأ مستوياته في أنحاء أفغانستان منذ أطاحت قوات أفغانية تدعمها الولايات المتحدة بحكم حركة طالبان في أواخر عام 2001.

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان خلال اتصال هاتفي من مكان لم يفصح عنه ان الانتخابات "عملية أجنبية من أجل ترسيخ احتلال أفغانستان وندعو الامة الافغانية لمقاطعتها."

وأضاف "نحن نعارضها وسنحاول قدر استطاعتنا منعها. سيكون أول أهدافنا القوات الاجنبية ثم القوات الافغانية."

والامن مبعث قلق بالغ قبيل الانتخابات حيث تقول الامم المتحدة ومسؤولون بالحكومة ان أربعة مرشحين قتلوا بالفعل في الاسابيع الاخيرة وأصيب عشرات من العاملين في حملات الدعاية الانتخابية بجروح. وألقي باللوم في بعض الهجمات على طالبان.

وقال كرزاي ان مرشحا اخر أصيب بجروح وقتل عشرة من العاملين في حملته الانتخابية في غارة جوية باقليم طخار في شمال البلاد لكن مسؤولين بحلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة شككوا في روايته.

وقال نادر نادري رئيس مؤسسة انتخابات حرة ونزيهة المستقلة في أفغانستان ان التهديد يثير القلق لانه ربما يؤدي الى ضعف اقبال الناخبين على التصويت في المنطقة التي يسكنها البشتون في الجنوب التي تتمتع فيها طالبان بوضع أقوى.

وقال نادري "الناس يعرفون أن طالبان عندما تصدر تحذيرا فهي تنفذ تحذيراتها. وهذا يمنع الناس من المشاركة بنشاط كبير."

وذكر عبد الله عبد الله وزير الخارجية الاسبق الذي احتل المركز الثاني العام الماضي في انتخابات الرئاسة بعد كرزاي أن القلق يساوره بخصوص الامن.

وقال عبد الله خلال مؤتمر صحفي في كابول "ليس فقط أنه (الامن) لم يتحسن في الشهور القليلة الماضية بل تدهور."

وقالت اللجنة المستقلة للانتخابات في أفغانستان ان 938 مركزا للاقتراع من بين 6835 مركزا مقرر انشاؤها للانتخابات لن تفتح أبوابها في يوم التصويت لاسباب أمنية.

مقتل خمسة من مساعدي مرشحة

في السياق ذاته عثرت الشرطة على جثث خمسة رجال كانوا يعملون ضمن حملة مرشحة للانتخابات التشريعية في افغانستان وذلك بعد ايام من خطفهم من قبل طالبان في غرب البلاد.

وتبنت حركة طالبان خطف عشرة من افراد فريق حملة المرشحة فوزية غالاني في ولاية هراة.

وعثر على جثث الرجال الخمسة في منطقة جبلية في اقليم ادراسكان في الولاية ذاتها، بحسب ما صرح نزار احمد بوبال الذي يدير الاقليم.

وقال "لقد عثرنا على (جثث) خمسة من اعضاء فريق حملة فوزية غالاني. لقد تم رميهم عند سفح جبل". واضاف "نحن نجهل مكان الخمسة الباقين".

وكان اعضاء فريق المرشحة للانتخابات فقدوا قرب مدينة هراة ثاني كبرى مدن البلاد والقريبة من ايران. بحسب فرانس برس.

ووجهت فوزية غالاني نداء للمتمردين للافراج عن اعضاء فريق حملتها الانتخابية كما طلبت من الحكومة ضمان امن المرشحين للانتخابات.

من جهة اخرى خطف مجهولون في ولاية فارياب (شمال) اربع نساء يعملن لحساب منظمة غير حكومية متخصصة في مساعدة مدمني المخدرات، على ما افادت الشرطة.

قتل عمال دعاية انتخابية

فيما قال مسؤولون ان مسلحين قتلوا خمسة من العاملين في حملة الدعاية الانتخابية لمرشحة في الانتخابات البرلمانية الافغانية التي تجرى الشهر المقبل في مؤشر جديد على انتشار حالة انعدام الامن بينما تستعد واشنطن لمراجعة خطة حربها في افعانستان.

وتأكد مقتل العمال الخمسة الذين كانوا بين مجموعة من عشرة اشخاص اختطفوا في اقليم هرات غرب افغانستان بعد ساعات قليلة من مقتل الحاج عبد المنان احد المرشحين في الانتخابات التي تجري في 18 سبتمبر ايلول رميا بالرصاص بينما كان في طريقه الى المسجد.

وعبد المنان هو رابع مرشح في الانتخابات يلقى حتفه الامر الذي لاقى ادانة بعثة الامم المتحدة لتقديم المساعدة الى أفغانستان (يوناما) والتي تقدم العون للانتخابات هناك.

وقال البعثة "هذا العدد من القتلى يمثل ترويعا لكل المرشحين للانتخابات ولانصارهم."

واضافت "هذا غير مقبول. وبعثة الامم المتحدة لتقديم المساعدة الى أفغانستان تطالب أجهزة الامن الافغانية برفع درجة اليقظة خلال الاسابيع القادمة" مطالبة بضرورة تقديم المسؤولين عن تلك الحوادث للعدالة.

وهناك حالة متفاقمة من الضعف الامني لاسيما في معاقل طالبان في الجنوب والشرق ليكون أكبر تحد للانتخابات الى جانب الفساد والتزوير.

وقال نصار احمد بوبال رئيس حي ادراسكان انه تم العثور على جثث العمال الخمسة بعدما امطرت بالرصاص عند سفح احد التلال في ادراسكان ولكنه اضاف انه لم يتضح بعد من قتلهم.

وكان العاملون العشرة بالحملة الدعائية من انصار فوزية جيلاني المرشحة في الانتخابات المقبلة والمعروف عنها جرأتها في الحديث. وعاد الخمسة الاخرون دون ان يلحق بهم اذى.

وقال مسؤولون امريكيون انهم يشعرون بقلق من ان يتسبب العنف في ضعف الاقبال على التصويت لاسيما في الجنوب والشرق ذي الاغلبية البشتون وحيث توجد اقوى معاقل طالبان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/أيلول/2010 - 3/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م