أهمية الضمان الاجتماعي في المنظور الاسلامي

 

شبكة النبأ: نودع الشهر الكريم ونستقبل بقلوب عامرة بالايمان عيد الفطر المبارك بعد أن غمرنا شهر رمضان المبارك بفضائلة الجمة، وها أن المسلمين يعيشون أفراح العيد بعد أن منّ عليهم الله تعالى بخيراته وبركاته الوفيرة في شهره المبارك، وحين نقترب من نهاية هذا الشهر الفضيل، فإننا لابد أن نتذكر المحتاجين واليتامى لاسيما في عيد الفطر المبارك، فهم يحتاجون الى الملبس الجديد والمأكل المناسب وهم بحاجة الى السعادة بعد طول حرمان.

لذا على المسلمين وكل من له القدرة على مد يد العون للفقراء واليتامى والضعفاء لاسيما في العيد السعيد بعد رحلة مع شهر الصوم والغفران، ويدخل هذا الامر في مجال الضمان الاجتماعي الذي ياخذ سبلا عدة، منها الضمان الحكومي حيث تقوم الدولة بواجبها تجاه شعبها فتضمن لهم درجات ملائمة من العيش، كذلك لابقد أن تسهم الجهات الاهلية في هذا المجال كالمؤسسات الخيرية، بل حتى الشخصيات القادرة من الاغنياء والوجهاء، عليهم جميعا المبادرة الى تقديم العون المادي والعيني والمعنوي لكل من يستحق العون في هذا الجانب.

وقد حثّ الاسلام في تعاليميه الانسانية الراقية على هذا الامر وشرّع الكثير من البنود والاجراءات الشرعية التي تحث الناس على مساعدة المحتاجين وبرز هذا في توجيهات أئمة أهل البيت عليهم السلام، وهكذا كان تأكيد الاسلام على توافر الضمان الاجتماعي كبيرا ومتكررا في معظم التوجيهات والتعاليم الاسلامية.

وقد ذكر في هذا الصدد، سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في كتابه الثمين (السياسة من واقع الاسلام):

(الضمان الاجتماعي في الإسلام صبابة الإنسانية في قمّتها، ولذا فإنّ الإسلام حيث ينطلق من زاوية الإنسانية، يصب هذا الضمان بما توافق الإنسانية في أعمق أبعادها الفضيلة، وبتأكيد لم يره التاريخ قبل الإسلام، ولم تسجل الحضارات بعد الإسلام حتى اليوم ضماناً إجتماعياً بعمق الضمان الإجتماعي في الإسلام).

ويضيف سماحة المرجع الشيرازي قائلا: إن الاسلام يقول ( إنّ كل من يموت وعليه ديون، فعلى إمام المسلمين أداء ديونه، وكل من يموت وله مال، فالمال كلّه لورثته، ليس لإمام المسلمين منه شيء..فهل سمعت ضماناً اجتماعياً كهذا، حتى في أعمق الحضارات؟. بالتأكيد، لا..).

ونظرا لأهمية هذا الموضوع في الاسلام فقد تم التركيز عليه بصورة مباشرة وقوية في آن، إذ لا يصح أن يعاني الفقراء البؤس والعوز المادي وغيره في وقت يرفل الاغنياء بالعز والمال مقابل حرمان النسبة الاعظم من المجتمع حيث الثكالى واليتامى والمرضى والفقراء يملؤون الارض، وحيث المعاناة تصل أقصاها، واذا عرفنا أن الاعياد مناسبات للترفيه عن النفس والتخفيف من وطأة الحرمان على نفوس المحرومين ومساعدتهم على العيش الكريم، لذا دأب الاسلام وأئمة أهل البيت عليهم السلام بالتركيز على ترسيخ الضمان الاجتماعي، وقد أورد سماحة المرجع الشيرازي الكثير من الأسانيد الداعمة في هذا المجال لاسيما ماورد من اقوال لأئمة أهل البيت عليهم السلام، إذ يقول سماحته في كتابه نفسه:

(في نصوص الشريعة الإسلامية زخم كبير من ذلك، وهو إن دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على مدى اهتمام الإسلام بالتأكيد على هذا الجانب الإجتماعي المهم، حيث تكرر نقل ذلك عن نبي الإسلام صلی الله عليه و آله والأئمة من العترة الطاهرة عليهم السلام).

ومن أقوال أئمة أهل البيت عليهم السلام مما ورد في كتاب المرجع الشيرازي:

(عن أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنّه قال: ومن كان لـه على رجل مال أخذه ولم ينفقه في إسراف أو في معصية، فعسر عليه أن يقضيه، فعلى من لـه المال أن ينظره حتى يرزقه الله فيقضيه، وإذا كان الإمام العادل قائماً، فعليه أن يقضي عنه دينه، لقول رسول الله صلی الله عليه و آله: من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أو ضياعاً، فعليّ وإليّ وعلى الإمام ما ضمنه الرسول صلی الله عليه و آله).

ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي على دور التعاليم الاسلامية في ترسيخ الضمان الاجتماعي، فيضيف سماحته قائلا في هذا الصدد:

)هذا واحد من بنود الضمان الإجتماعي في الإسلام، ويظهر منه عمق الإنسانية في الإسلام، وفي هذا النظام بالذات. بالعكس تماماً مما تعمله عدّة من أنظمة العالم اليوم، من جعل الضريبة على الإرث على من مات وترك أموالاً. ولو مات شخص وعليه ديون، فليس على النظام الحاكم من دينه شيء أبداً، أترى كم يساهم مثل هذه الأنظمة في تشتيت المجتمع وتحطيم الديون بين الأفراد والجماعات، إذ الدائن لا يملك ضماناً لو أعطى ديناً لفقير معدم، لأنّه لو مات فمن الذي سيتكفّل ديونه؟ فمن تراه يقرض المحتاجين والمعوزين؟).

ثم يتساءل سماحة المرجع الشيرازي بوضوح: (فهل هناك ضمان اجتماعي كما في الإسلام)؟.

من هنا، لابد للمعنيين جميعا أن يدركوا المنهج الاسلامي في هذا المجال ويتعرفوا عليه ويعملوا به، لأنه الطريق الاقصر والاصوب لاسعاد الناس الفقراء والمعوزين، ولأنه الطريقة المثلى لتقليص فجوات الفقر بين طبقات المجتمع الاسلامي والانساني عموما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/أيلول/2010 - 29/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م