افطار.. مع أبي الأيتام

مؤيد بلاسم العبودي...

أعْجَلْتُ الليلةَ في الإفطار على ذكراك

.. وأوردتي...

تتملى هذا الكون يتيماً علوياً

يترحل بين فضاءات الأزمان

يتندى جرحاً كوفياً

ينداح بأهداب الآذان

يمسح ارمدة الأيتام

ويحلق مثل طيور الفينيق.. فيسكنني

يا هذا الغيث النابض بين حروف الإعراب

نبع حنانٍ.. نهج بلاغتك المعطاء

لورود الله يهجئني

فتحطًّ عليه نوارسُ أحلامي السمراء

.. يسامرني

أتردد كيف المدخل يا مولاي إليك و منك وفيك وعنك

فساعدني

فانا محتاجٌ من عينيك شعاع النور

وايماض الترتيل

وآيات التوحيد

لأحطم في كعبة أوهامي.. وثني

...

أتقلقلُ بين تضاريس التاريخ

ومضارب مأثور العرب..

ابحث عن قلب يسكنه الأيتام

وينبض بالحب وبالثورة

.. ذكرى من طيفك تؤنسني

فتكركر كل جراحاتي

.. في وحشة نزفي الجاري

من الأحداق

..من الأعماق

..كنهر عاق

..ألقاك هناك

بأرض عراق

.. مثل ملاك تحرسني

..

اثكلني اليتمُ صغيرًا

تسقيني الأيام حليبا مراً

وكنت قريب الهمس من النهر

فطمتني سنابل نيسان السوداء

وكان النخل يقطر فوق دمي.. دمعات السعف

.. و يُقَمِّصُ وجهي.. بالحَرِّ..

فتبيدرتُ إليك كباقي الأيتام

..اغتاث ربيع مآذنك البيضاء

وأصوات القرّاء

تلِجّ الكونَ قبيل الفجر

وبصف صلاتك أَسمَعُني

يا ابتِ الأيتام.. تصاريف الأيام..

بأمصار التكوين الأول تعذلني..

هذي يتاماك.. بقايا الخنجر و السيف..

يحرّقها الشوق إليك

فتنفض عن أرجلها

أغبرة الطرقات..

ومثل فراشات الأرجاء..

تُلقح أفئدة الوردات..

إليك تؤوب.. وتتبعني

أُغْرِيتُ بصَب الهمسات البكر..

بنار الشوق على أعتابك

.. فتبرعم بالإلهام بها لهبي..

أبكرتُ الركض إليك

.. إمام الثورة والعشاق..

فغاصت بي ركبي...

ما بين مواكب عشاقك..

كم اشتاقك

...أعجلت السير إليك كظيماً بالحزن

..فوجدتك دوماً تسبقني..

...

من جرَّح هذا الحلم العلوي العتبات

...بعبوات التكفير..

بخنجر غدرٍ يطلبني

ما زال السيف بغرتك السمراء

.. بسمِّ مرادي الأنساب

.. يطل الآن من الأبواب..

على المحراب.. يحد الناب.. يمزقني..

بسياط أمية أو أسياف بقايا الروم..بني سفيان..

أو آخر متقد للنار

بكل منابر ارض السند سيلعنني..

فخوارج هذا العصر تعود اليوم..

تُحرّق كل قصيدة حب..

تذبح باقات الورد

.. و تسمل أعين بغداد..

تنساح على الهامات..

كركب عصاة..

يهبط في مدني..

مولاي وهذا عراقك..

يشكو إليك..

مثل حبيب تعذله الأيام..

وتكثره الأيتام..

تنهب أعضائه كل شياطين الأورام

..وتكثر فيه.. بين فيافي الألغام..

عناقيد الغضب..

مولاي وهذا فراتك..

نهر الله

مثل غدير أيبسه الغلمان

فراح يخرخر بالتعب..

...

نتساقط مثل نجوم سماء رصاصية...

في حضن حدود عربية..

نفتض حروباً أزلية..

لا نعرف.. كيف لماذا..أين نهايتها

نتوزع بين شفاف النيران

شبابا مُرُداً..

ونعود شظايا..

تكنسنا الآلام

وسط صناديق الموت الخشبية..

...

مولاي تثلثت الانام بكوفتك الغراء..

فصار الكل ثلاثيا

نتحاصص حتى في الحب.. و في الكلمات.. وفي البسمات

.. وفي الهمسات وفي التمرات

حتى.. حتى في عدد الأموات

نوسعهم غيّاً

نتكرد أو نتسنن أو نتشيع..

لا قرباً لله ولا للدين ولا للعرق

بل حباً بكراسي الدنيا

*****

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/أيلول/2010 - 27/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م