الأدلة والآراء في متعة النساء

حسين الموسوي

يدور حاليا في الأوساط الاجتماعية الحديثة.. الكثير من الكلام حول الزواج وما يحمله من الأنواع العديدة في الدين الإسلام التي منها ظهرت في فجر الإسلام ومنها شرعت مؤخرا باستثناء الزواج الشرعي الدارج في المجتمع العراقي والمجتمعات الأُخرى الذي يطلق عليه الدائم المسجل بموجب قانون الأحوال الشخصية والأنواع الأخرى من الزواج عديدة واختلفت المذاهب الإسلامية والآراء في تشريعها وأحكامها منها دليل تشريعها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومنها العقل والذي اشتهر من هذه الأنواع ((المؤقت أو ما يعبر عنه المنقطع المتعة بالنسبة للمذهب الشيعي الامامية)) والمسيار والعرفي والسري بالنسبة للمذاهب الإسلامية الأخرى وعلما إن جميع هذه التسميات لم يأتي بِها دليل شرعي من الكتاب العزيز ولا من سنة.. المعصوم الرسول الأعظم (ص) بل شُرعت استناداً على الأدلة العقلية من قِبل العلماء..ونحن بصدد ما جاء به الدليل..

 ومن الأدلة التي شَرَعت العقد المؤقت زواج المتعة قوله تعالى في الكتاب العزيز { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {*} وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً}...

 وقوله تعالى { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً {*} وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(النساء)..

 وهذه أوثق الأدلة وظاهرها صريح بما يتعلق بالمتعة..

 وكذلك من الروايات التي جاءت بهذا النوع من الزواج كثيرة وصحيحة السند والوثاقة اذكر جزءً منها..

 روى مسلم في صحيحه بالإسناد لأبي نضرة قال كان ابن عباس يأمر بالمتعة وابن الزبير ينهى عنها، فذكرت ذلك لجابر فقال : تمتعنا مع رسول الله (ص) فلما قام عمر، قال : إن الله يحل لرسوله بما شاء، فأتموا الحج والعمرة وابتوا نكاح النساء فلئن أوتي برجل نكح امرأة إلى رجل إلا رجمته بالحجارة).......(صحيح مسلم باب المتعة بالحج والعمرة) هذا دليل واضح على ان المتعة حلال وحلال محمد (ص) حلال إلى يوم القيامة وكذلك النهي ما أتى من الرسول الأعظم (ص) إنما من شخصا آخر.

 وجاء في تفسير شيخ المفسرين الإمام الرازي ج 3 ص 194 في تفسير آية المتعة المذكورة في سند ما نصه : قال عُمر(رض) متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج.

 وهذا الحديث يدل على عدم حرمة المتعة وكلام المعصوم حجة والناقل هو يؤكد إن المتعة حلال.

 وتوجد الكثير من الأحاديث التي ذُكرت في باب المتعة.. ومن الروايات التي وردت في هذا الباب عن الأئمة الأطهار (ع) كثيرة جدا وثابتة السند والتوثيق والصحة منها...

 قال الإمام الرضا (ع) المُتعة لا تحل إلا لمن عرفها وهي حرام على من يجهلها.

 وروى الحسن بن محبوب عن أبان عن أبي مريم عن أبي جعفر (ع) قال انه سُئل عن المتعة فقال إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم إنهن كُن يؤمن يومئذٍ فاليوم لا يُؤمنَّ فاسألوا عنهن.

 واحل رسول الله (ص) المتعة ولم يحرمها حتى قبض وقرأ ابن عباس فما استمتعتم به منهن إلى اجلٍ مسمى فآتوهن أجُورَهُن فريضة من الله وقد أخرجتُ الحُجج على منكريها في كتاب إثبات المتعة. (من لا يحضره الفقيه ج 3 باب النكاح)

 وَروى داود بن إسحاق عن محمد بن الفيض قال سألت أبا عبد لله (ع) عن المتعة فقال نعم إذا كانت عارفة قلت جعلت فداك فان لم تكن عارفة قال فاعرض عليها وقل لها فان قبلت فتزوجها وان أبت ولم ترض بقولك فدعها وإياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات الأزواج فقلت ما الكواشفُ فقال اللواتي يُكاشفنَ وبيوتهن معلومة ويؤتينَ قُلت فالدواعي قال اللواتي يدعون إلى أنفسهن وقد عُرفن بالفساد قُلت فالبغايا قال المعروفات بالزنا قُلت فذوات الأزواج قال المطلقات على غير السُّنةِ. (من لا يحضره الفقيه ج 3 باب النكاح)

 وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عُمير عمن ذكره عن أبي عبد لله (ع) قال إنما نزلت فما استمتعتم به منهن إلى اجلٍ مسمى فآتوهن أُجورهن فريضة. (الكافي ج 5 باب نكاح المتعة).

 وروى محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن أبي مريم عن أبي عبد الله (ع) قال المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنة من رسول الله (ص). (الكافي ج 5 باب نكاح المتعة).

 وروى عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن علي السائي قال قلت لأبي الحسن (ع) جُعلت فداك إني كنت أتزوج المتعة فكرهتها وتشأمت بها فأُعطيت الله عهداً بين الركن والمقام وجَعلت على ذلك نذراً وصياماً أن لا أتزوجها ثم إن ذلك شَقَّ عَلَيَّ ونَدِمتُ على يميني ولكن بيدي من القوة ما أتزوج في العلانية قال فقال لي عَاهَدتَ الله إن لا تُطيعَهُ والله لَئِن لم تُطِعهُ لَتَعصيهُ. (تهذيب الأحكام ج7 كتاب النكاح باب المتعة).

 روى محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (ع) قال تزويج المتعة نكاح ميراث ونكاح بغير ميراث إن اشترطت الميراث كان و إن لم تشترط لم تكن. (الاستبصار ج 2 باب المتعة)

 روى محمد بن جرير الطبري في تفسيره ص 50 عن علي بن ابي طالب (ع) انه قال : لولا ان عمر نهى الناس عن المتعة ما زنى إلا الشقي.

 وكثير من الأحاديث والروايات التي وردت في هذه الباب من الزواج منها تثبت حلية الزواج وعدم الحرمة ومنها تثبت كيفية الزواج وشروطه والجميع من معصوم وكلام المعصوم (ع) حجة...

 والأدلة التي حرمت زواج المتعة لم تأتي من معصوم أو من القرآن جاءت بخبر واحد وغير موثق.. هو اجتهاد شخصي وليس له اعتماد على الدليل الشرعي بل على العقل ولا علة للتحريم.. ومن القواعد الثابتة، مع وجود الدليل الشرعي لا يؤخذ بالدليل العقلي.. وإذا ترجح العقل على السنة يعتبر عصيان للخالق تحريم حلال الله عزوجل ولكلام الرسول الأعظم (ص) الذي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {*} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

 يوجد الان الكثير من المسلمين في البلدان المسلمة لا يحمل من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه يتخذون أحكام الشريعة الإسلامية على ما يرومون يحللون الذي يوافق عرفهم الاجتماعي وشخصهم ويحرمون الحلال ومنهم من يجعل كل الأعراف الاجتماعية على سواء..

 ولا بد من أصحاب هذه الشريحة المتلبسة في الإسلام أن يبحثون عن العلة في تشريع هذا الحكم وكل الأحكام الإسلامية.. لماذا حللها الله؟

 وبخصوص هذا الزواج.. لأنه غاية كل إنسان في الحياة.

 ولابد من النظر إلى واقع مجتمعاتنا في الوقت الحالي من جوانب الفساد التي انتشرت بصورة واسعة جدا وبمختلف الطبقات والممارسات التي منها الزنا واللواط والسحاق وغيرها من الممارسات التي تسد الحاجة الجنسية وهذا ما نراه الان ونسمع عنه حديثا بالاتصالات الجنسية من خلال الهاتف والانترنت..

 اليست هذه علل لتشريع الزواج المؤقت من قبل الله عز وجل.

 ومن ينفر عن هذا الزواج لا يدل على إن تشريعه حرام يجب على كل مسلم ومسلمة تبليغ أحكام الإسلام بصورة صحيحة ولا يرجح شيء على حساب الدين.. حتى وان كان شخصيا غير قابل على الحكم بصورة تامة.. يجب توصيل رسالة الرسول (ص) والسنة الشريفة بأمانة وعدم النسخ في الدليل لكي يكون الفوز في الآخرة بالجنة والنعيم.. يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {*} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/أيلول/2010 - 25/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م