أوكرانيا بين حقبتي... الاتحاد السوفيتي والطريق إلى الناتو

 

شبكة النبأ: تحاول أوكرانيا في الفترة الأخيرة من تحسين وضعها الاقتصادي، من خلال إجراء بعض العقود والاتفاقات التي تدور بين الدول المجاورة والتي تتعامل معها، بالإضافة الى وجود بعض المحاولات لعودة وحدة البلاد مع روسيا، لاسيما بعد ان رأى بعض الأوكرانيين ان الاستقلال كان تمزيقا لوحدة العرق والمصالح والتاريخ المشترك بين البلدين، في حين يرى بعض المحللين انم احدث خلال السنوات السابقة جعلت فكرة الوحدة امرا ليس بالسهل حدوثه.

بين روسيا وأوكرانيا

"سبسان" إي الصقر هو الاسم الذي أطلق على أسرع قطار في روسيا الاتحادية على اعتبار ان الصقر من أسرع الطيور في العالم على الإطلاق. وسيبدأ القطار الجديد الذي تصل سرعته إلى 280 كيلومترا في الساعة، رحلاته بين مدينتي موسكو وبطرسبورغ بشكل نظامي اعتبارا من نهاية العام الجاري.

وقال سفير أوكرانيا لدى روسيا فلاديمير يلتشينكو إنه من المحتمل تشغيل قطار "سابسان" السريع بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف السفير خلال لقائه مع محافظة مدينة سانت بطرسبورغ السيدة فالينتينا ماتفيينكو أن فلاديمير ياكونين مدير عام السكك الحديدية الروسية أبلغه عن وجود فكرة إطلاق قطار "سابسان" باتجاه كييف. ولم يحدد يلتشينكو المدينة التي ستكون نقطة انطلاق رحلة "سابسان" إلى كييف. بحسب وكالة الأنباء الروسية.

ويذكر أن أول رحلة منتظمة لقطار "سابسان" من موسكو إلى سانت بطرسبورغ انطلقت في 17 ديسمبر 2009. وينتمي هذا القطار الى سلسلة Velaro RUS، وهو أول قطار في روسيا من هذا الطراز، بإمكانه رفع السرعة إلى 250 كلم / الساعة. و"سابسان" مشروع مشترك بين شركة السكك الحديدية الروسية وشركة "سيمينس" الألمانية.

اتفاق

من جانبه أعلن رئيس الوزراء الأوكراني ميكولا ازاروف ان حكومته تنوي مراجعة اتفاق الغاز (ليونين) المبرم مع روسيا رغم انه منح كييف امتيازات كبيرة.

واعلن ازاروف لدى افتتاح مجلس الوزراء في كييف ان "هدفنا هو مراجعة الاتفاق المجحف مع اتحاد روسيا بحق أوكرانيا وسنعمل بإلحاح على اقناع شركائنا الروس بضرورة تلك المراجعة".

وحصلت اوكرانيا في نيسان/ابريل في موسكو على تخفيض 30% في سعر الغاز مقابل تمديد ب25 سنة في مدة ايجار قاعدة الاسطول الروسي في القرم (جنوب اوكرانيا). وانتقدت المعارضة الموالية للغرب هذا القرار واعتبرته "خيانة كبرى".وترغب كييف اليوم في تغيير مبدأ تحديد سعر الغاز كما أضاف ازاروف. بحسب وكالة فرانس برس .

وينص اتفاق "ليونين" الذي ابرمه في كانون الثاني/يناير 2009 رئيس الوزراء السابق يوليا تيموشنكو على ان "سعر الغاز يحدد استنادا الى صيغة تأخذ في الاعتبار ارتفاعا كل ثلاثة اشهر" بنحو 25 دولار لكل الف متر مكعب و"تبقى سارية المفعول" كما اكد رئيس الوزراء.

ويتابع الاتحاد الاوروبي عن كثب العلاقات بين اوكرانيا وروسيا في مجال الغاز لان 80% من الغاز الذي تبيعه روسيا الى اوروبا يعبر الاراضي الاوكرانية.

وقطعت امدادات الغاز الروسي عن الاوروبيون بداية كانون الثاني/يناير 2009 لأسبوعين في عز الشتاء بسبب نزاع بين كييف وموسكو حول سعر الغاز.

تطلعات

في حين أعلن الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش أثناء مقابلته ممثلي أوساط الأعمال الألمانية في برلين أنه يعتزم رفع موقع أوكرانيا في تصنيف الاقتصاد العالمية.

وقال يانوكوفيتش: "تشمل خططنا رفع تصنيف أوكرانيا من حيث اجتذاب قطاع الأعمال بـ 40 مرتبة على الأقل. وسنعتبر تحقيق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لا يقل عن 5 % سنويا مؤشرا حيويا لنجاح الإصلاحات في هذا الاتجاه". وأشار إلى أن التوجه نحو التكامل الأوروبي يبقى اختيارا حضاريا لأوكرانيا. بحسب وكالة الانباء الروسية

يذكر أن أوكرانيا أعلنت مرارا أن التكامل الأوروبي يحظى بالأولوية لديها وتقوم في الوقت ذاته بتطوير التعاون مع روسيا. ويرى بعض المحللين تناقضا بين التوجه الأوكراني نحو التكامل الأوروبي وتوطيد الصداقة مع روسيا.

زيادة إيرادات

كما صرح فيكتور يانوكوفيتش الرئيس الأوكراني بأن أوكرانيا تتطلع إلى الحصول على أرباح أعلى عن بيع الحبوب مقارنة بالعام الماضي.

ومن المنتظر أن ينخفض محصول الحبوب في أوكرانيا من 46 - 48 مليون طن إلى 42 - 43 مليون طن بسبب الجفاف. وقد تم تصدير 2.7 مليون طن من الحبوب حتى الآن، كما تم نقل مليون طن أخرى إلى الموانئ. بحسب وكالة الانباء الروسية

وقال يانوكوفيتش: "على الرغم من انخفاض المحصول سنحقق أرباحا أعلى مقارنة بالعام الماضي"، مشيرا إلى أن أوكرانيا تعتزم في العام الحالي أن تحصد حوالي 40 مليون طن من الحبوب. وذكر يانوكوفيتش أن أوكرانيا تحتاج إلى حوالي 6 ملايين طن من الحبوب لتلبية احتياجات سوق الغذاء الداخلية في البلاد. 

تخفض الصادرات

وفي السياق ذاته، ستخفض اوكرانيا الى النصف صادراتها من الحبوب في هذا العام مما يزيد الضغط على اسواق تعاني بالفعل من حظر على تصدير الحبوب فرضته روسيا بسبب الجفاف في حين ما تزال مصر وهي اكبر مشتر للقمح في العالم تسعى لاستيراد ستة ملايين طن.

وتقول مصر التي كانت تعتمد على الإمداد من منطقة البحر الاسود لتدبير حوالي 63 في المئة من وارداتها انها وجدت بالفعل بدائل لأغلب القمح الذي لم يمكنها شراءه بعد الحظر الروسي وتحاول توسيع شبكة مورديها.

ونقل عن وزيرة الزراعة الاوكرانية ميكولا بريسياجنيوك قولها ان بلادها وهي اكبر مصدر في العالم للشعير وسادس اكبر مصدر للقمح تعتزم الحد من صادرات الحبوب الى 2.5 مليون طن لما بقي من العام.

ويأتي ذلك بعد التحرك الواسع من روسيا المجاورة لحظر كل صادرات الحبوب مع ذبول المحاصيل وانتشار حرائق الغابات في أسوأ جفاف تشهده البلاد على مدى أكثر من قرن.

وقال مصدر في قطاع القمح ان اوكرانيا ستحد ايضا من صادرات القمح والشعير الى 2.5 مليون طن لما بقي من موسم التسويق.

وقال المصدر وهو من شركة غربية لتجارة الحبوب والذي طلب عدم نشر اسمه "هذا الحجم (للحصص) ستنظر فيه الحكومة (في اجتماع يوم 18 اغسطس)."

وفي ظل بواعث القلق بشأن الضرر الذي لحق بالقمح في منطقة البحر الاسود التي برزت كمصدر أساسي للأسواق العالمية ارتفع القمح الامريكي القياسي الى قرب اعلى مستوى في عامين رغم ان المخزونات الوافرة تخفف من المخاوف بشأن الاحتمالات المستقبلية لمشاكل المحصول في 2011 .

وتضم منطقة البحر الاسود ثلاثة من اكبر عشرة مصدرين للقمح في العالم وكانت مصدرا استخدم جيدا من قبل العديد من ابرز المستوردين في العالم ومنهم مصر اكبر مشتر.

وقلص الجفاف في شمال افريقيا من توقعات المحصول في تلك المنطقة المستوردة. وافادت وكالة الانباء التونسية الحكومية ان من المتوقع ان يبلغ محصول البلاد 1.1 مليون طن وهو نصف مستوى العام الماضي. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال الديوان المهني للحبوب في الجزائر ان حصاد القمح في البلاد في هذا العام سيكون اقل من مستوى العام الماضي البالغ 6.1 مليون طن لكن مخزونات القمح الصلد والشعير كافية لتجنب الاستيراد.

وقال وزير التجارة المصري رشيد محمد رشيد ان مصر قد تستأنف استيراد القمح من الارجنتين بعد توقف دام عدة سنوات وذلك لتعويض أثر الحظر الروسي لصادرات القمح. واشترت الهيئة العامة للسلع التموينية المشتري الحكومي الرئيسي للقمح في مصر 5.53 مليون طن من الاقماح الامريكية والفرنسية والروسية والالمانية والقازاخستانية والكندية في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو حزيران من خلال مناقصات عالمية.

وجاء حوالي 63 بالمئة من الاقماح من منطقة البحر الاسود. وقال رشيد "اننا جادون في تنويع مصادرنا .. هذه هي الطريقة المناسبة." وأضاف أن الحكومة الروسية وافقت على بحث سبل إعادة جدولة شحنات القمح من أول أكتوبر تشرين الأول لكنها لن تتمكن من اتخاذ أي قرار بشأن الشحنات قبل ذلك الحين.

حلف الناتو

من جانبها أعلنت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل أن قضية انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلنطى (ناتو) غير مدرجة حاليا فى أجندة الحلف.

ونقلت وكالة أنباء نوفوستى الروسية عن ميركل قولها - فى مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس الأوكرانى فيكتو يانوكوفيتش الذى يزور ألمانيا لأول مرة منذ انتخابه رئيسا - "عضوية أوكرانيا ليست فى الأجندة".

يذكر أن الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يوشينكو كان مؤيدا لفكرة انضمام أوكرانيا لحلف الناتو وانتهج سياسات موالية للغرب، وأيدت الإدارة الأمريكية السابقة فى عهد الرئيس جورج بوش مسعى يوشينكو الذى رفض فى قمة الحلف فى بوخارست فى ربيع 2008 رغم تحمس واشنطن للفكرة وذلك بسبب ضغط من ألمانيا وفرنسا اللتين خشيتا أن تتسبب الخطوة فى إثارة العداء مع روسيا. بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وفشلت أوكرانيا فى تأمين خطة العمل اللازمة لنيل عضوية الحلف وهى خطوة رئيسية على طريق الانضمام إلى الحلف أثناء قمته هذه التى عقدت فى أبريل 2008.

ورفضت القيادة الأوكرانية الجديدة مسعى الرئيس السابق وقالت إن كييف ستظل بعيدة عن أى تكتل دفاعى دولى، وألغى يانوكوفيتش المركز الأوكرانى الوطنى للانضمام إلى الحلف الأورو/أطلسى فى أبريل 2010.

دعوات للوحدة

الى ذلك احتفلت أوكرانيا بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة للاستقلال عن الاتحاد السوفياتي السابق. وحاك محتفلون بهذه المناسبة علما للبلاد يبلغ طوله 9.5 كلم في مدينة لفوف غرب البلاد، والتي كانت تعتبر مركز حركات التحرر المطالبة بالاستقلال إبان الاتحاد.

لكن استطلاعا للرأي أجراه مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية في العاصمة كييف بيّن أن 58% من الأوكرانيين يعتبرون ذكرى الاستقلال مناسبة وطنية سارة، في حين يعتبرها 42% مناسبة محزنة.

كما بين الاستطلاع أن 75% من الأوكرانيين عبروا عن فخرهم بانتمائهم إلى أوكرانيا المستقلة، لكن النسبة الباقية عبرت عن حزنها لهذا الانتماء.

رئيس المركز فلاديمير فيسينكو يقول إن الكثيرين يعتبرون أن الاستقلال كان تمزيقا لوحدة العرق (العرق السلافي) والمصالح والتاريخ المشترك بين روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء، الأمر الذي أضعف هذه الدول وأضعف تأثيرها عالميا بعدما خرجت عن دائرة الوحدة واستقلت. بحسب وكالة الأنباء الروسية.

ويشير فيسينكو إلى أن الاستطلاع أوضح في هذا الإطار أن 25% من الأوكرانيين يؤيدون عودة وحدة البلاد مع روسيا، خاصة في إقليم شبه جزيرة القرم جنوبا والأقاليم الشرقية المتاخمة للحدود مع روسيا، حيث تصل نسبة المؤيدين إلى 50%.

وبمناسبة ذكرى الاستقلال دعت أحزاب يسارية إلى الوحدة مجددا مع روسيا وروسيا البيضاء، وعلى رأسها الحزب الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي.

وقالت زعيمة الحزب التقدمي الاشتراكي نتاليا فيتيرينكو إن معظم ما تحتويه أوكرانيا من قدرات وإمكانات صناعية وزراعية وعسكرية وطاقوية هو إرث الوحدة التي رفعت مكانة أوكرانيا بين الدول.

وأردفت قائلة إن "سنوات الاستقلال التسع عشرة وخاصة سنوات الحكم البرتقالي الخمس، أثبتت الحاجة إلى أن تكون أوكرانيا بجانب روسيا والعكس، فنحن لا نستطيع العيش دون روسيا ومواردها من الغاز، وروسيا لا تستقر بدون أوكرانيا التي تحمي حدودها الغربية".

وأضافت فيتيرينكو أن وحدة العرق والتاريخ والمصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية أكبر من كل باقي العوامل التي ترسخ تفرقة الجسد الواحد، كما هو الحال الآن بين روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء.

لا عودة

لكن بعض المحللين يرى أن تراكمات الأحداث خلال العقدين الماضيين جعلت من العودة إلى الوحدة مع روسيا أمرا مستحيلا.

ويقول المحلل السياسي نيكولاي سازونوف إن أوكرانيا دولة متعددة القطبية، فأجزاؤها الغربية غربية الميول بامتياز كما كانت زمن الاتحاد السوفياتي، أما أجزاؤها الشرقية والجنوبية فتميل إلى روسيا، بحكم أن معظم سكانها روس أو ينحدرون من أصول روسية، أو تربطهم مع الروس علاقات اجتماعية وغيرها.

وقال إن الثورة البرتقالية عززت استقلال البلاد وسيادتها على أرضها رغم فشلها في تحقيق وعودها، فظهر على الساحة بقوة فكر يدعو إلى تعزيز الاستقلال وحرية التوجه، حتى أصبح 20% من الأوكرانيين يرون مستقبلهم مع الغرب لا مع روسيا.

تجارة الاسلحة

في حين نفت وزارة الخارجية الأوكرانية الأنباء التي ترددت في وسائل الإعلام حول نية أوكرانيا بيع الأسلحة إلى سورية.

وقام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة إلى أوكرانيا في الفترة من 24 إلى 26 أغسطس. ورد المعلم بالإيجاب على سؤال الصحفيين في مؤتمر صحفي عما إذا كانت بلاده ستشتري الأسلحة لضمان أمنها. ولكنه لم يشر في هذا الصدد إلى أوكرانيا.

ومع ذلك ذكرت بعض وسائل الإعلام الأوكرانية أن سورية تنوي شراء الأسلحة من أوكرانيا على وجه التحديد.

وصرح مدير إدارة السياسة الإعلامية بوزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ فولوشين بهذا الخصوص في مؤتمر صحفي عقده في كييف بأن "الجانب الأوكراني لا يخطط لبيع الأسلحة إلى سورية، والتعليق بشأن الأمن السوري الذي أدلى به السيد المعلم أمس يحمل طابعا عاما". ولم تتناول المفاوضات بين وزيري الخارجية السوري والأوكراني هذه القضية، على حد قول فولوشين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/أيلول/2010 - 24/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م