
شبكة النبأ: أثيرت مؤخرا في الولايات
المتحدة قضية كبيرة خلقت بعض المشاكل في المجتمع الأمريكي، وهي قضية
محاربة الإسلام بحجة ان هذا الدين مرتبط بهجمات إرهابية ضد بلدهم، وأجج
الصراع مشروع أراد ان ينفذوه مجموعة من المسلمين في أمريكا وهو بناء
مركز ثقافي إسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي الذي تعرض
لاعتداءات إرهابية في 11 سبتمبر ايلول 2001 التي نفذها متشددون ينتمون
لتنظيم القاعدة .
وبين مع وضد هذه الخطوة خرجت مظاهرات في شوارع امريكا يطالب البعض
بخروج المسلمين من البلاد او محاصرة حركتهم ومنعهم من بناء جوامع او
مراكز إسلامية، بالإضافة الى ذلك تفجر التوتر بين المسيحيين والمسلمين
حول العالم، حيث قام بعض المسيحيين في احدى الكنائس بتنظيم حملة باسم "اليوم
الدولي لحرق القرآن" تعبيرا عن غضبهم من الإسلام، بالإضافة الى طعن احد
المسلمين في رقبته من قبل احد الأمريكيين لأنه تعرف على انه مسلم.
ولكن ما يدور داخل بنايات الحكومة الأمريكية هو عكس ما سبق، فهناك
ترحيب كبير من قبل المسئولين، وهو السماح للمسلمين من تأدية صلواتهم
يوميا في قاعة تابعة لوزارة الدفاع الأميركية وضعها الجيش الأميركي في
تصرفهم، بينما ينصح بعض المحللين من ضرورة وجود زعيم امريكي مسلم لحمل
الافكار الاسلامية وتوضيح مبادئ الاسلام والدفاع عنها .
بين الإسلام والعنف
يقول خبراء ان الضجة بشأن خطط بناء مركز ثقافي إسلامي بالقرب من
موقع مركز التجارة العالمي تشير الى أن جهد تسع سنوات من محاولة الفصل
بين الاسلام والعنف قد خاب بنسبة كبيرة.
وقال رضا أصلان الكاتب والباحث في الشؤون الدينية "سأزيد على ذلك.
سأقول ان الحال الان أسوأ بكثير جدا جدا عنه بعد 9/11 (11 سبتمبر أيلول
2001) مباشرة." وتكشف استطلاعات الرأي أن ما يزيد على 60 في المائة من
الأمريكيين يعارضون بناء مركز ثقافي اسلامي ومسجد على بعد خطوات من
موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين انهارا في هجمات الحادي عشر من
سبتمبر ايلول.
وسعى الرئيس الامريكي السابق جورج بوش كثيرا الى الفصل بين الاسلام
وأعضاء القاعدة الذين نفذوا الهجمات في نيويورك وعلى مبنى وزارة الدفاع
الامريكية كما أصدرت كافة المنظمات الإسلامية الأمريكية الكبرى بيانات
متكررة تدين فيها العنف الذي يرتكب باسم الإسلام.
لكن أثر هذه الرسائل تبدد أمام التغطية الإخبارية لما بدا أنها
سلسلة لا نهاية لها من الهجمات على المدنيين دائما ما تعلن القاعدة
وطالبان وجماعات إسلامية متطرفة في أنحاء العالم الاسلامي مسؤوليتها
عنها الى جانب صور القوات الامريكية التي تقاتل في العراق وفي
أفغانستان.
كما أن هناك صورا أكثر قربا من المواطن الامريكي. ففي فبراير شباط
أقر مهاجر أفغاني بالذنب بخصوص التآمر لشن هجوم انتحاري بقنبلة على
قطار أنفاق نيويورك بعد تليقه تدريبا على يد القاعدة. وفي يونيو حزيران
أقر أمريكي من أصل باكستاني بالذنب في محاولة تفجير سيارة ملغومة في
ساحة تايمز سكوير قائلا ان المتطرفين الاسلاميين لن يتوقفوا عن استهداف
الولايات المتحدة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية .
وتصدر منظمات اسلامية مثل الجمعية الاسلامية بأمريكا الشمالية ومجلس
العلاقات الامريكية الاسلامية بيانات متكررة تدين العنف باسم الاسلام
الا أن تلك البيانات لا تلق اهتماما يذكر مقارنة مع ما سبق. وقال مجلس
الفقه بأمريكا الشمالية في فتوى صدرت في 2008 "لا يوجد مبرر في الإسلام
للتطرف أو الإرهاب." ويؤيد علماء المسلمين وغيرهم وجهة النظر تلك بوجه
عام لكن بالنسبة لكثير من الأمريكيين فان صدى الإعمال المتطرفة أشد
وقعا من كلمات وممارسات الأغلبية المعتدلة.
وتشمل خطط مشروع المركز الثقافي الذي يطلق عليه اسم بيت قرطبة إنشاء
مبنى من 13 طابقا يضم ساحة صلاة وقاعة اجتماعات وحوضا للسباحة وغرف
اجتماعات. والمبنى المزمع لا يشمل اقامة مئذنة أو قبة.
ائتلاف
بينما شكلت جماعات مسلمة ويهودية ومسيحية وبعض الجماعات المدنية
ائتلافا لدعم هذا المشروع، ويواجه بناء المركز الثقافي والمسجد معارضة
شرسة من ساسة محافظين وأشخاص يرون أن موقعه لا يراعي مشاعر عائلات زهاء
3000 شخص قتلوا في هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 التي نفذها متشددون
ينتمون لتنظيم القاعدة.
لكن الائتلاف الجديد (جيران نيويورك من أجل القيم الأمريكية) المؤلف
مما يزيد على 40 جمعية دينية ومدنية قال ان هذا الجدل يبث الخوف
والفرقة وانه سيناضل لحماية الحريات التي كفلها الدستور الامريكي.
وقالت دونا اوكونور المتحدثة باسم جمعية (عائلات 11 سبتمبر من أجل
غد سلمي) والتي قتلت ابنتها الحامل في هجوم مركز التجارة العالمي "لم
يكن العالم الإسلامي من هاجمنا.. نحن نؤيد المركز الثقافي الاسلامي في
مدينة نيويورك تأييد كاملا مئة في المئة."
وتحول الجدل الى موضوع للنقاش العام على المستوى الوطني قبيل
انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الامريكي في نوفمبر تشرين الثاني حيث
يسعى الجمهوريون لانتزاع السيطرة على الكونجرس من الديمقراطيين. وربط
قائدو سيارات الاجرة المسلمون في نيويورك بين هذا الجدل واعتداء وقع
على زميل لهم.
وقال السائق أحمد شريف (43 سنة) وهو مهاجر من بنجلادش انه أصيب
بجروح في الرقبة والوجه والكتفين على يدي راكب سأله ما اذا كان مسلما
ويصوم رمضان. وقالت الشرطة انها تحقق في الهجوم على انه جريمة سببها
الكراهية وانها القت القبض على رجل يبلغ من العمر 21 عاما يواجه عدة
تهم منها الشروع في القتل والاعتداء الجسدي.
وقال بهيراوي ديساي المدير التنفيذي لتحالف قائدي سيارات الاجرة في
نيويورك ان الجدل المثار حول المركز الثقافي الاسلامي والمسجد جعل
المسلمين في نيويورك عرضة لاعتداءات. ويقدر التحالف نسبة المسلمين بين
قائدي سيارات الأجرة بالمدينة بخمسين في المئة. وأضاف ديساي "نحن نعتقد
ان البيئة التي خلقها بث الخوف والجهل مسؤولة بشكل مباشر عن مثل هذا
النوع من العنف." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
ويلتقي مايكل بلومبرج رئيس بلدية نيويورك مع شريف في مقر بلدية
المدينة. وقال بلومبرج في بيان "هذا الهجوم يتعارض مع كل ما يؤمن به
أهل نيويورك أيا كان الاله الذي نصلي له."
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما وبلومبرج قد ذكرا انهما يؤيدان
حق المسلمين في بناء المركز بالقرب من موقع هجمات 11 سبتمبر ايلول فيما
يعارضه كثير من الجمهوريين ومن بينهم سارة بيلين المرشحة السابقة لمنصب
نائب الرئيس.
وكشفت استطلاعات للرأي عن أن ما لا يقل عن 60 في المائة من
الأمريكيين يعارضون بناء المركز الاسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة
العالمي. وقالت دونا ليبرمان المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية
في نيويورك في مؤتمر صحفي لتدشين تحالف جيران نيويورك من أجل القيم
الأمريكية "نرفض مقولة "حرية العقيدة نعم لكن ليس في فنائي".
وتقضي الخطة بإقامة مبنى مؤلف من 13 طابقا يحوي قاعة كبرى
للاحتفالات والمناسبات وحمام سباحة وغرف اجتماعات ومساحة للصلاة.
وسيكون البناء خاليا من الزخارف وسيخلو تصميمه المعماري من اي ماذن او
قباب أو أي اشكال اخرى مما يرتبط عادة بالمساجد.
ويستخدم المبني القائم حاليا على ارض المشروع كمكان للصلاة بالفعل.
ويعيش في نيويورك زهاء 800 الف مسلم يمثلون عشرة في المئة من سكانها
وهناك نحو 100 مسجد تنتشر في الأقسام الإدارية الخمسة بالمدينة. واتخذ
بعض المعارضين للمشروع اجراء قانونيا في مسعى لإبطال حكم سيسمح بانطلاق
البناء فيما تعهد بعض العمال بعدم العمل في الموقع.
مع وضد
في حين تظاهر أنصار ومعارضو مشروع بناء المسجد في نيويورك بشكل سلمي
دون ان يجذب اي من الفريقين جمهورا كبيرا. وقد اصبح مشروع إقامة مركز
ثقافي اسلامي يضم مسجدا على ارض خاصة على بعد خطوتين من الموقع الرمزي
لهذا الاعتداء الارهابي في الولايات المتحدة موضع جدل في الأسابيع
الأخيرة.
ويؤيد عمدة نيويورك مايكل بلومبرغ هذا المشروع الذي اقره مجلس
البلدية والذي برر الرئيس باراك اوباما دعمه له بحرية العقيدة التي
يكفلها الدستور. الا ان 61% من سكان المدينة يعارضونه الامر الذي لم
تتوان المعارضة الجمهورية عن استغلاله. ولم تلب التظاهرتان الصغيرتان
توقعات المنظمين. ولم تتخللهما اي حوادث تذكر. وتحت امطار خفيفة وعدسات
كاميرات ومصورين من جميع انحاء العالم بدا المشاركون في كل من
التظاهرتين الاتجاه الى جنوب مانهاتن عند الظهر.
وتجمع المعارضون عند تقاطع جادتي وست برودواي وبارك بالاس القريبتين
من "غراوند زيرو" حيث يمكن ان يقام "بيت قرطبة". فيما تجمع المؤيدون
على بعد 100 متر منهم باتجاه الشمال. وكتب على لافتة رفعها احد
المعارضين "لا تنسوا ابدا 11 ايلول/سبتمبر، ولا تسمحوا للاسلام بترسيخ
انتصاره بمسجد"، في حين حمل نحو 50 شخصا اتوا على دراجات نارية شعار
رجال إطفاء نيويورك. وكان رجال الانقاذ قد دفعوا حصة ثقيلة خلال
اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر ضد برجي مركز التجارة العالمي "وورلد تريد
سنتر" التي اودت بحياة ثلاثة الاف شخص. وقال جو اوشاي دامعا "انا من
ابناء نيويورك وقد فقدت ابن اخت لي في هذا اليوم لذلك فانني هنا" وقد
ارتدى قميصا يندد بمشروع المسجد.
وحمل العديد من المتظاهرين أعلاما اميركية ومكبرات صوت تذيع اغنية "بورن
اين ذي يو.اس.ايه" (ولدت في الولايات المتحدة) لبروس سبرينغستين. كما
وزعت على المشاركين اوراق تحمل كلمة "شريعة" مكتوبة بحروف حمراء. وكتب
على لافتة اخرى "سيمكنكم بناء مسجدكم في +غراوند زيرو+ عندما نستطيع
بناء كنيس يهودي في مكة".
وعلى بعد شارعين دعت مجموعة متساوية العدد تقريبا من المتظاهرين الى
التسامح وقد حملوا لافتات تدعو الى الترحيب بالمهاجرين من كل الاديان
وشعارات مثل "لتسقط العنصرية" و"ليسقط التمييز". بحسب وكالة فرانس برس
.
وقال اندي بولاك (53 سنة) المؤيد للفلسطينيين ان "العنصريين معروفون
لكن السياسيين نسجوا ايضا هذه الحالة الهيستيرية حول القضية" مضيفا "كنت
اعتقد ان اشخاصا اكثر بكثير سيأتون اليوم في المعسكر الآخر، معسكر
المعارضين. فالعنصرية المعادية للأسيويين خلال حرب فيتنام كانت اكثر
حدة بكثير".
وكان الرئيس اوباما اثار ضجة بتأييده اقامة مسجد في هذا المكان ما
حمله على الاثر الى اجراء توضيح لموقفه مشددا على ان المسالة هي مسألة
مبادىء. فقد تطرق اوباما، المدافع المتحمس عن حرية العقيدة، للمرة
الاولى علنا الى هذه القضية التي تثير جدلا كبيرا مؤكدا خلال افطار
رمضاني في البيت الأبيض في وقت سابق ان المسلمين "لديهم الحق في ممارسة
شعائرهم الدينية شانهم شان اي شخص اخر في هذا البلد. وهذا يتضمن الحق
في بناء مكان للعبادة ومركز ديني على ملكية خاصة جنوب مانهاتن".
وازاء الجدل الذي اثارته تصريحاته عمد في اليوم التالي الى تقديم
نوع من الإيضاح وقال "في هذا البلد نعامل الجميع على قدم المساواة
ووفقا للقانون دون اي اعتبار للجنس او للدين". وشدد الرئيس "تحدثت
تحديدا عن الحق المكفول للناس منذ تأسيس" البلاد، في اشارة الى دستور
الولايات المتحدة الذي يضمن حرية العقيدة، مشددا على ان "هذا ما يعنيه
بلدنا".
ولم تتوان المعارضة الجمهورية عن استغلال هذه الفرصة. فقد اتهم ممثل
نيويورك في مجلس النواب بيتر كينغ الرئيس بأنه "استسلم لآداب اللياقة".
واعتبر النائب الجمهوري ان المسلمين "يستغلون" حقوقهم و"يسيئون بشكل
مجاني" الى الكثيرين بهذا المشروع.
أمريكي يطعن مسلما
ولم يكتفي بعض المواطنين الأمريكيين من التعبير عن رفضهم لهذه
الخطوة المهمة للمسلمين عن طريق التظاهر، فقد تعدى الأمر إلى الاعتداء
على المسلمين، حيث قالت نقابة سائقي سيارات الأجرة في ولاية نيويورك
الأمريكية إن سائق سيارة تعرض للطعن، من قبل أحد الركاب الذي سأل
السائق على ما يبدو إن كان مسلما أم لا. وقد حددت الشرطة المشتبه به،
ويدعى مايكل إنرايت، 21 عاما، وقال المتحدث باسم شرطة نيويورك مارك نيل
إن أربع تهم تم توجيهها لإنرايت، بما في ذلك الشروع في القتل، واتهامات
بارتكاب جرائم كراهية.
من جهته، قال بايرافي ديساي المدير التنفيذي لنقابة سائقي سيارات
الأجرة في نيويورك إن السائق الذي تعرض للهجوم هو أحمد حميد شريف، 43
عاما، وهو مسلم ملتزم، ويرقد بالمستشفى وحالته مستقرة. وأضاف ديساي "عندما
ركب إنرايت سيارة الأجرة مع شريف تجاذبا أطراف الحديث الودي، وسأل
الراكب السائق عن أصله، ومنذ متى قدم إلى أمريكا، وعما إذا كان مسلما
أم لا، وإن كان يصوم رمضان."
وتابع ديساي "بعد بضع دقائق من الصمت، بدأ إنرايت يشتم بعنف على
شريف وهو يصرخ: السلام عليكم، لقد وصلت نقطة تفتيش،" لافتا إلى انه "سارعه
بعد ذلك بنحره في الرقبة بأداة حادة." بحسب وكالة السي ان ان .
وقالت الشرطة إن السائق تمكن من الفرار واستعان بأحد أفراد الشرطة
في موقع الحادث، والذي تمكن من القبض على إنرايت، الذي كان ثملا للغاية،
وفقا لمصادر الشرطة.
وشريف، هو أب لأربعة، وهاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة من
بنغلاديش منذ 25 عاما، ويقود سيارة أجرة لأكثر من 15 عاما، وفقا لبيان
من نقابة سائقي سيارات الأجرة في نيويورك.
الصلاة في وزارة الدفاع الأميركية
في الوقت الذي تنتهج الحكومة الامريكية منهج حرية الاديان تأكيدا
على توجهها الذي يدافع عن الحرية وحماية الخصوصيات، فهناك منظر داخل
احدى مباني الحكومة الامريكية يخالف ما يجري في الشارع، وهو تأدية
مسلمون يوميا صلواتهم في قاعة تابعة لوزارة الدفاع الأميركية وضعها
الجيش الأميركي في تصرفهم على بعد خطوات من المكان الذي تحطمت فيه
طائرة تم خطفها في 11 ايلول/سبتمبر 2001. ويتناقض الهدوء الذي يسود
قاعة الصلاة التابعة لوزارة الدفاع بواشنطن مع الجدل الذي يثيره في
نيويورك مشروع بناء مسجد على بعد شارعين من الموقع السابق لبرجي
التجارة العالمية اللذين دمرا في اعتداءات ايلول/سبتمبر 2001.
وأكد جورج رايت المتحدث باسم الجيش الاميركي "لم اسمع ابدا اي شخص
يتذمر" في حين كان نحو عشرين رجلا وامرأة يؤدون صلاة الجمعة داخل
القاعة المفتوحة للأديان كافة.
وفوق رؤوس المصلين علقت صورة لمبنى البنتاغون يعلوها النسر الاميركي
وعبارة "موحدون في ذكرى 11 ايلول/سبتمبر 2001". وبين المصلين سيدة غطت
رأسها بوشاح وهي ترتدي البزة العسكرية. ويعد الجيش الاميركي اكثر من
ثلاثة آلاف مسلم.
وبموازاة الصلاة كان جندي شاب يقوم في الرواق بدور الدليل لمجموعة
من الزوار داخل المبنى الضخم وهو يصف اثر ارتطام الطائرة التي كان
يقودها احد افراد كومندس المتطرفين الاسلاميين.
واقيم "المصلى" المفتوح لجميع الاديان في الجناح الغربي للبنتاغون
الذي اعيد بناؤه بعد الاعتداءات على بعد 20 مترا من اثر الارتطام.
وبمحاذاة ذلك اقيمت قاعة لذكرى 184 شخصا قتلوا في المكان. والقاعة التي
زينت نوافذها بقطع وطنية اكثر منها دينية، تشير الى موقع لتكريم اميركا
حتى وان اقيم جرن ماء مقدس عند المدخل ووضعت كتب انجيل تحت المقاعد.
وهي تستقبل البروتستانت والكاثوليك والمورمون والهندوس واليهود. واضاف
رايت انه تم في الاونة الاخيرة تقديم طلب لإقامة صلوات للبوذيين.
وبعد اداء صلاتهم طوي الموظفون المسلمون سجاجيد الصلاة وعادوا الى
مكاتبهم في مبنى البنتاغون. وقال فيصل احد المصلين ان عدد الحضور زاد
منذ بدء شهر رمضان. ويؤكد فيصل ان دينه لا يطلب منه تدمير جدران قلعة
اكبر قوة مسلحة في العالم.
ويضيف ان ممارسة فروضه الدينية في البنتاغون امر عادي ويندرج ضمن
القيم الاميركية وان "حرية العقيدة هي شعار الولايات المتحدة"، قبل
عودته الى مكتبه. وقال موظفون يعملون في المبنى الضخم انهم لم يكونوا
يعرفون بوجود مثل هذا المصلى ومن باب احرى بأداة مسلمين صلواتهم فيه،
قبل ان تشير اليه وسائل الاعلام. بحسب وكالة فرانس برس .
بيد ان سيدة برتبة ضابط في سلاح الجو طلبت عدم كشف هويتها تقر بان
لديها مشاعر متضاربة. فمن جهة تؤكد ان حرية المعتقد تجسد "جمال اميركا"
ومن جهة اخرى فهي تتساءل كيف ستنظر اسر الضحايا الى الامر في الوقت
الذي قتل فيه ثلاثة آلاف شخص في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001. وتقر
انه "من الصعب تقبل" هذه الفكرة.
مراسم "حرق القرآن"
من جانبها أعلنت كنسية في فلوريدا تنظم حملة "لليوم الدولي لحرق
القرآن"، أن "جناح اليمين المتطرف" وهي منظمة مسيحية مسلحة، ستقوم على
حماية مقرها أثناء مراسم الحرق المقررة في الذكرى التاسعة لهجمات
الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة، وهي خطوة
حذر تجمع كنسي من أنها قد تفجر التوتر بين المسيحيين والمسلمين حول
العالم.
وتزعم "كنيسة دوف التبشيرية" في منطقة "غينشفيل" بلفوريدا، أنها
تستضيف هذا الحدث لإحياء ذكرى ضحايا الهجمات، واتخاذ موقف معادي
للإسلام، وقد بدأت الترويج للحملة من خلال موقعها الإلكتروني، وصفحتها
على موقع "فيسبوك"، التي لها أكثر من 6 آلاف عضو، وقد دعت المسيحيين
الراغبين الانضمام لإحراق المصاحف.
وقال قس الكنيسة، تيري جونز، أنه قبل عرض "الجناح اليمني المتطرف"
وسيقوم ما بين 500 إلى ألفين من عناصر المليشيا المدنية المسلحة، كما
وصفها، بحماية المقر في 11 سبتمبر/ أيلول. وأوضح: "هناك حاجة لهذه
الحماية.. إنها ضرورية للغاية على ضوء التهديدات بالقتل والتهديدات
الإرهابية التي تلقيناها."" وأضاف: "حذرنا مكتب التحقيقات الفيدرالية "اف
بي أي" من تلك التهديدات، ليس ضدنا فحسب، بل ضد أهداف أخرى في فلوريدا..
شخصياً تلقينا تهديدات بالهاتف والكثير بالبريد الإلكتروني."
ولم يتسن للشبكة الحصول على تعقيب مباشر من "جناح اليمين المتطرف"،
إلا أنه وحسب بيان تلقته من "كنسية دوف التبشيرية"، قالت المؤسسة
للتنظيم المسلح، شانون كارسون: "ندعم تماماً جهود مركز دوف التبشيري"
لوضع حد لفكرة أن الإسلام دين سلمي.. بل هو عبادة عنيفة مع هدف
الهيمنة على العالم."
وبدوره، كان جونز قد وجه، في وقت سابق، انتقادات لاذعة إلى الديانة
الإسلامية، قائلاً إنه ليس ديناً سماوياً، بل هو من "نتاج الشيطان"،
وأن المؤمنين به "سيذهبون إلى النار." وكان مجلس العلاقات الإسلامية
الأمريكية قد دعا إلى التصدي لهذا المشروع من خلال تنظيم يوم يحمل
عنوان "توزيع القرآن،" تقدّم خلاله مائة ألف نسخة إلى الناس لحضهم على
التعرف إلى الإسلام وما جاء في تعاليمه، بينما حذر تجمع كنسي من تفجر
التوتر بين المسيحيين والمسلمين حول العالم إن جرى السير بالمشروع.
بحسب وكالة السي ان ان .
وحض تجمع الكنائس الإنجيلية في الولايات المتحدة في بيان أصدره جونز
وكنيسته على إلغاء مشروعها المقرر، كما حذرتها من أن خطوتها قد تؤدي
إلى توترات كبيرة بين المسيحيين والمسلمين حول العالم.
وأضاف بيان رسمي صادر عن تجمع الكنائس: "نشجع كل الأعضاء على بناء
علاقات من التعاون والثقة والاحترام مع جيراننا من أتباع الديانات
الأخرى. ومن جانبها، تخطط قيادات دينية في ولاية فلوريدا تنظيم منتدى
ديني تحت شعار "السلام والتفاهم والأمل"، كرد على حملة "حرق القرآن"،
وندد القس دان جونسون في الموقع الإلكتروني للكنسية الميثودية للثالوث
المتحد، بدعوة إحراق القرآن، وقال إن "منتدى غينشفيل للأديان"، سيعقد
وبمشاركة مسلمين ومسيحيين ويهود، بالإضافة إلى هندوس.
زعيم أمريكي مسلم
ان اهم ما يحتاج المسلمون في هذا الوقت هو زعيم أمريكي مسلم، ومن
أبرز أنصار إقامة المركز الإسلامي ومسجد مقترح قرب موقع مركز التجارة
العالمي رئيس البلدية اليهودي وعضو في مجلس النواب مناصر للحريات بصفة
عامة من ولاية تكساس البعيدة.
لكن يغيب عن هذا المشهد زعيم أمريكي مسلم على شاكلة الراحل مارتن
لوثر كينج الابن الذي دافع عن حقوق السود في حركة الحقوق المدنية أو
سيزار تشافيز الذي مثل العمال المهاجرين من أمريكا اللاتينية أو حتى
هارفي ميلك الذي دافع عن حقوق المثليين ولو لفترة قصيرة.. ودافع علماء
مسلمون وجماعات سياسية بضراوة عن المركز الثقافي المقترح الذي يتكلف
100 مليون دولار قائلين ان التسامح والحق الدستوري المكفول لحرية
العقيدة يجب أن يشفعان لمثل هذا المشروع.
ولكن ما قالته هذه الشخصيات المسلمة لم يلفت نظر المواطنين
الامريكيين تماما مثلما أخفقت اداناتهم المتكررة للارهاب والهجمات التي
يشنها المتطرفون في أن تلقى صدى لدى الوعي الامريكي. ولم تظهر حتى الان
حركة سياسية أمريكية مسلمة موحدة لكن بعض الخبراء يلمحون تقدما تدريجيا.
وقال كيث اليسون وهو ديمقراطي من منيسوتا أصبح عام 2006 أول أمريكي
مسلم ينتخب في الكونجرس "لا أعتقد أن وجود قيادة مركزية هي العنصر
الاساسي. ما نحتاج اليه هو مشاركة أكبر على مستوى القاعدة في كل أنحاء
البلاد."
ومضى يقول "الجالية الاسلامية تتحرك بشكل حثيث نحو التيار الوسطي.
انها عملية طويلة وهي تحدث الان. فترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر بدأت
بانتخابي للكونجرس من دائرة أغلب سكانها ليسوا مسلمين." ودافع مايكل
بلومبيرج رئيس بلدية نيويورك بشكل متواصل عن مشروع المسجد على أساس
الحرية الدينية وكذلك النائب الامريكي رون بول وهو جمهوري من تكساس
وضعته أفكاره المناصرة للحريات العامة على مسار تصادمي مع حزبه المحافظ
في بعض الأحيان. بحسب وكالة الأنباء البريطانية .
ونال بول إشادة من أنصار إقامة المسجد بسبب بيان ألقى فيه باللوم في
الجزء الاغلب من الجدل على المحافظين الجدد الذين "لا تفوتهم أبدا فرصة
لاستغلال الكراهية تجاه المسلمين في حشد التأييد للحروب الوقائية التي
لا يتم التخطيط لها بشكل كاف."
ومضى بول يقول "للاسف أخفق المحافظون مرة أخرى في الدفاع عن حقوق
الملكية الخاصة وهي سياسة نزعم أننا نعتز بها." وتعجبت مليسا هاريس
ليسويل وهي أستاذة للعلوم السياسية في جامعة برينستون من فكرة أن يكون
بول واحدا من أكثر المدافعين ضراوة عن المسلمين الامريكيين.
وقالت هاريس ليسويل "أختلف معه في 85 في المئة مما يقول لكن في هذه
القضية أعتقد أن بول تمكن حقا من ابراز الخطر الذي يحدق بالسياسة
الخارجية الامريكية وكذلك الخطر الذي نمثله نحن على مبادئنا الخاصة مثل
حرية العقيدة."
وذكرت أن المسلمين ربما لا يحتاجون لزعيم مثل مارتن لوثر كينج لانه
في عصره لم يكن "الزعيم الموحد" الذي أصبح يمثله بعد وفاته. كما أن
أصول المسلمين الامريكيين من دول مختلفة وهم يعتنقون مذاهب مختلفة من
الاسلام وربما لم يروا حاجة الى توحيد الصفوف قبل هجمات 11 سبتمبر.
وقد يكون الرئيس الامريكي باراك أوباما رمزا في هذا الصدد اذ انه
أول رئيس أسود ووالده مسلم. لكن أوباما نفسه يعاني سياسيا من الاعتقاد
الخاطيء لدى بعض الامريكيين بأنه ولد خارج الولايات المتحدة وأنه مسلم
في واقع الامر رغم انه مسيحي. وقال سلام المرياتي رئيس مجلس الشؤون
العامة للمسلمين ان المسلمين الامريكيين في حاجة للعمل من أجل تقبلهم
وانهم يجب ألا يعتمدوا على شخصية واحدة.
ومضى يقول "لا أعتقد أن أوباما يجب أن يكون ذلك الصوت. لجأ مارتن
لوثر كينج الى الرئيس كنيدي والرئيس جونسون ولم يتمكنا من أن يكونا
ذلك. عاد (لوثر كينج) مرة أخرى الى المجتمع وقال ان علينا أن نحصل على
ذلك بأنفسنا.. أن نعمل من أجله." |