النارُ مِنْ مُستصغرِ الشَررِ

صادق الصافي

صلاحُ أَمركَ للأخلاقِ مَرجعهُ --- فَقومْ النفسَ بالأخلاقِ تستقم

كان هذا أبلغ ما قيل في الأخلاق من شعر الحكمة, فأنَ كل أمرئ يعرف بقوله، ويوصف بفعله.

جارلز ديكنز - قال - لاتكسرْ أحد هذه الأربع في حياتنا، الثقة،العلاقة، الوعود، والقلوب،لأنها أذا كسرت لاتصدر صوتاً، بل تصدر الكثير من الألم....

قال الشاعر;

تقول أراك مبتسماً تغني -- وكم يحتاج مثلك للبكاء – وما تدري بأن بكائي صعب -- وأكبر من دموعي كبريائي.

قيل - أن قيمة الإنسان في أدبه، وحث الحكماء على احتفاظ الإنسان بأدبهِ دائماً في خمس مواضع مهمة,أماكن العبادة, مجالس العلم، مقابلة العظماء، محادثة الرؤساء، ومعاملة الغرباء.

كان الرسول الأعظم الرائد الأول والمربي -أنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق -، وقد نال استحسان و رضى و تكريم ربه بقوله تعالى - وأنك لعلى خلق عظيم - عندما سمع مقولته الشهيرة -أدبني ربي فأحسن تأديبي-

وقد حظى لقمان الحكيم بشرف ورود لفظة أسمه في القرآن الكريم -ولقد آتينا لقمان الحكمة - شرفه الله تعالى بالحكمة, مع أنه عبداً سودانياً مشقق القدمين، ومن مواعظه ونصائحه (كذب من قال،أن الشر يطفئ الشر، فأن كان صادقاً، فليوقد ناراً الى جنب نار, فلينظر هل تطفأ أحداهما الأخرى! والا فأن الخير يطفئ الشر, كما يطفئ الماء النار ).وموعظته أيضاً * لكل قوم كلب،فلا تكن كلب أصحابك).

 قبل خمسين عام صدر - الكتاب الكامل عن -اللياقة الاجتماعية-الأتكيت - للمؤلفة الأمريكية الشهيرة - آمي فاندربيلت - كانت نصيحة الكاتبة للرجل عند مقابلته في الطريق لأمرأة يعرفها،أنتظر أولاً حتى تؤمئ لك بالتحية، ولا تمد يدك للسلام عليها اِلا أذا مدت هي يدها للسلام. *

وفي أوربا انتشرت أخيراً موجة من الكتب تعلم الناس فنون اللياقة الاجتماعية ومنها استعادة أصول التعامل القائم على قيم الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع بعيداً عن الاستمتاع بالحرية الشخصية وبالخصوص مع كبار السن والنساء، والتأدب بالحديث.

 في ما نتخلى نحن عن فنون اللياقة الاجتماعية بدعوى أنها أفكار رجعية لمجاملة الركب العالمي.؟هكذا يشهد مجتمعنا العربي تنامي ظاهرة - قلة الذوق - في كثير من تصرفاته أما بقصد التعالي على الآخرين أو من بقايا القبلية الجاهلية أو التحضر غير المنضبط ! منها الميوعة وعدم التكلف في علاقة الشباب بالأباء،أو التبسط والفكاهة، حيث نسمع سب الشباب لأصدقاءهم بأبشع الألفاظ،أو بدعوى استخدام الحرية الشخصية للاستهزاء من الآخرين! ونرى أيضا بعض النساء تتلفظ بكلمات معيبة لا تنم عن ذوق.!

ظواهر غريبة برزت في دواخل مجتمعنا.. نظرتنا بعضنا لبعض، فالصغير يتعالى على الكبير و الكبير يحتقر الصغير والمرأة تنظر للرجل كأنه عدو مبين، والرجل يكيل كماً هائلاً من السوء للنساء متناسياً أنها الأم أو الزوجة أو الأخت.

وهكذا نحتاج الى أستعادة - الأدب - في نظرتنا الى الناس والى أنفسنا وعودة - الذوق - الى مفردات حياتنا.

ولا تعجبوا !! من قول الرسول الكريم - الناس كأبل المائة، قلما تجد فيها راحلة - فاتعظوا..!

* النرويج

sadikalsafy@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آب/2010 - 20/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م