مدن تفوح الحياة وأخرى تعج بالبؤس

احمد عقيل

 

شبكة النبأ: تقوم بعض المؤسسات بمسح في بلدان مختلفة من العالم، لمعرفة المستوى المعيشي والخدمي وحتى الثقافي لتلك المدن، وبعدها تقوم بتصنيف أحسن المدن وأفضلها، ولكن هل إن هذه الدراسات والإحصائيات التي تحدث تستطيع ان تغير شيء مما تكشف عنه وتراه، هل باستطاعتها ان تساعد المدن التي وقعت ضمن قائمة أسوء المدن وأكثرها احتياجا الى المئونة والمساعدة؟ تبقى الأرقام أرقام، والدراسات دراسات، ويبقى الواقع واقعا لا يتغير.

مأساة بغدادية

فهذه هي بغداد عاصمة العلم والأدب والتاريخ والحضارة تتحول الى أسوء مدينة من حيث المعيشة، وهذا ما ذكرته مؤسسة ميرسر البريطانية للاستشارات الإدارية، حيث وضعت بغداد في نتائج مسح أجرته في ذيل قائمة تتعلق بجودة المعيشة رغم التحسن الطفيف الذي طرأ على بنيتها الاساسية والخطوات التي اتخذها العراق لتشجيع الاستثمار.

ولا تزال الحياة اليومية صعبة في العاصمة العراقية حيث يؤدي النقص الشديد في المياه والكهرباء الى زيادة الاعباء على الشركات والسكان. وبات صوت مولدات الكهرباء باهظة الثمن التي تعمل بوقود الديزل من ثوابت الحياة اليومية وأصبح منظر اسلاك الكهرباء المتشابكة مألوفا في احياء بغداد. ويقول المراقبون ان الفشل في توفير الخدمات الاساسية بالسرعة الكافية عامل مهم في تراجع التأييد الشعبي للاحتلال الامريكي وللحكومة العراقية.

وذكر وليام وردة رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان انه لم يفاجأ بالتقييم الضعيف لبغداد.

وقال "بلا شك لا نستغرب أن تكون بغداد علي رأس قائمة أسوأ العواصم بالعالم. حقيقة أنا أقول هذا ليس تجني على بغداد لكنها هذه حقيقة. هناك انهيار للبني التحتية منذ 2003 والى اليوم لا نتلمس هناك جهود حثيثة للنهوض بواقع البلد. هنالك أزمة الكهرباء.. أزمة مستديمة ويمكن أن تقول هي أزمة أزلية. وهناك موضوع المجاري والنفايات. النفايات ترمي في الساحات وفي الشوارع." بحسب وكالة الانباء البريطانية .

ويضطر سكان بغداد الذين يقدر عددهم بنحو 6.5 مليون نسمة الى أداء اعمالهم في حر الصيف القائظ حيث لا تكفي الكهرباء لتشغيل أجهزة تكييف الهواء فضلا عن انقطاع المياه في اجزاء كبيرة من العاصمة العراقية.ويشتري كثير من المواطنين مياه الشرب المعبأة متكبدين نفقات اضافية يصعب على سكان بغداد الذين يتقاضون رواتب زهيدة صعوبة في تحملها. والعيش في بغداد ليس صعبا فحسب بل ينطوي على خطورة ايضا حيث ما زالت أعمال العنف الطائفية وهجمات المسلحين أمرا محتملا في اي وقت.

ولا تزال الهجمات المتواترة والسيارات الملغومة تودي بحياة عدد كبير رغم التراجع الحاد في أعمال العنف اجمالا منذ ذروة الصراع الطائفي في عامي 2006 و2007. واجبر العنف آلاف العراقيين على الفرار من منازلهم واللجوء الى مبان حكومية تعرضت للقصف يعيشون في غرف خاوية بدون مياه او كهرباء او صرف صحي او اماكن للتخلص من القمامة.

وقال وردة "المواطن العراقي ليس ملاحق فقط بالمفخخات والقتل وملاحق بالاوبئة التي تأتي نتيجة هذه النفايات والتلوث البيئي وعدم الاهتمام. يعني هو محاط بوضع سييء بغض النظر عن الحالة الامنية السيئة حيث القتل والدمار والتهجير. ولكن أيضا شوارعه وأزقته والمياه ليست صالحة للشرب. كل هذه العوامل تؤثر علي وضعه الصحي."

وتابع ان القضية ليست في القمامة ولا تداعي البنية الاساسية فحسب بل في نقص التعليم ايضا.وقال في هذا الاطار "الموضوع ليس فقط النفايات والشوارع.. هناك نقص في الثقافة المجتمعية. ليس هنالك توعية للمجتمع بأن يحافظ علي نظافة المدينة. كما تعلم بأن النظافة هي جزء من الثقافة.. ثقافة المجتمع.

وهذه الثقافة حقيقة نجدها في بغداد غريبة. لم تكن بغداد هكذا. أنا أعتقد عملية النهوض بالعملية تحتاج الي جهد كبير يساهم فيه الجميع. ليس فقط الحكومة لكن منظمات المجتمع المدني."

وعلى النقيض من بغداد احتلت مدن غرب اوروبا مراكز متقدمة في نتائج مسح ميرسر رغم تراجع الاقتصاد العالمي حيث تصدرت العاصمة النمساوية فيينا عواصم العالم في جودة المعيشة.

ميونخ الأفضل في العالم

وفي مكان اخر من العالم بعيدا عن الحروب ونقص الخدمات، جاءت مدينة ميونخ عاصمة ولاية بافاريا الألمانية كأفضل مدينة هذا العام،وهذا ماجاء في مجلة «مونوكل» الاجتماعية البريطانية حيث تقوم هذه المجلة كل عام قائمة بالمدن العشرين الأفضل ملاءمة للعيش بها في العالم، وهي مجلة عصرية تهتم بالقضايا الدولية والأعمال وشؤون الثقافة والتصميمات.

وتصدرت ميونخ القائمة متقدمة على كوبنهاغن وزيورخ وطوكيو وهلسنكي. وكانت مدينة زيورخ السويسرية حصلت عام 2009 على لقب أفضل مدينة يمكن العيش فيها، وهو اللقب الذي نالته العاصمة الدانمركية كوبنهاغن عام 2008. بحسب وكالة الانباء الألمانية .

وبالإضافة إلى المعايير التقليدية لنوعية الحياة مثل وسائل النقل العام والمساحات الخضراء ومعدلات الجريمة، فإن «مونوكل» تأخذ في الاعتبار معايير أخرى مثل مدى تميز المراكز التجارية في المدينة، وهل هناك تأثير للمنافذ متعددة الجنسيات مثل «ستاربكس» على طبيعة هذه المدن. وتدرس المجلة أيضا في تقييمها طرق النقل من وإلى المدن.

ووفقا للمجلة جاء ترتيب المدن العشرين على النحو التالي: ميونخ، كوبنهاغن، زيورخ، طوكيو، هلسنكي، ستوكهولهم، باريس، فيينا، ملبورن، مدريد، برلين،  فوكوكا باليابان،  فانوكوفر، برشلونة، أوسلو،  مونتريال، أوكلاند بنيوزيلندا.

أغلى المدن من حيث تكلفة المعيشة

بينما تصدرت العاصمة الانجولية لواندا قائمة مسح تجريه مؤسسة مرسير ورلدوايد عن أغلى المدن من حيث تكلفة المعيشة وجاءت طوكيو في المرتبة الثانية تليها نجامينا في تشاد.

وفي منطقة الشرق الاوسط جاءت تل ابيب في المرتبة الاولى كأغلى مدن المنطقة واحتلت المركز التاسع عشر على مستوى العالم وتلتها أبوظبي (50 على مستوى العالم) ثم دبي (51 على مستوى العالم).واحتلت طرابلس الليبية المركز 186 على مستوى العالم بينما كانت الارخص من حيث تكلفة المعيشة بين مدن الشرق الاوسط.

وقالت ناتالي كونستانتين ميترال كبيرة الباحثين في ميرسير في بيان صدر مع المسح " تكاليف السكن واصلت انخفاضها في أبوظبي ودبي مما خفض تكلفة المعيشة على المغتربين."

وأظهر المسح الذي شمل 214 مدينة في خمس قارات ويقارن تكاليف أكثر من 200 عنصر في كل مدينة ان كراتشي في باكستان هي الارخص من حيث تكلفة المعيشة على المغتربين.

ولاول مرة تأتي ثلاث مدن أفريقية هي لواندا ونجامينا وليبرفيل في الجابون ضمن أغلى عشر مدن في العالم. وجاءت ليبرفيل في المرتبة السابعة. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

كما ضمت قائمة أغلى عشر مدن في العالم ثلاث مدن اسيوية هي طوكيو وأوساكا في المرتبة السادسة وهونج كونج في المرتبة الثامنة وضمت أربع مدن أوروبية هي موسكو في المرتبة الرابعة وجنيف في المرتبة الخامسة وزوريخ في المرتبة الثامنة وكوبنهاجن في المرتبة العاشرة.وظهرت سبع مدن صينية في مسح عام 2010 مما يؤكد الاهمية التجارية التي توليها الشركات العالمية لمدن غير بكين وشنغهاي وهونج كونج.

ومن بين أكثر المدن غلاء في أوروبا كذلك أوسلو (المركز 11) وميلانو (المركز 15) واحتلت لندن وباريس المكانة نفسها وهي المركز 17. وأظهر المسح أن تيرانا في البانيا هي أقل المدن تكلفة في أوروبا.وفي الامريكتان جاءت ساو باولو في البرازيل في المركز الاول كأغلى مدينة واحتلت المرتبة 21 على مستوى العالم نتيجة لارتفاع قيمة العملة أمام الدولار.

وفي الولايات المتحدة كانت نيويورك أغلى مدينة (27 على مستوى العالم) وتلتها لوس انجليس (55 على مستوى العالم).

أفضل مدينة امريكية لتنشئة عائلة

الى كل من يبحث عن مدينة يؤسس وينشئ عائلة جيدة فعليه التفكير بمدينة دي موين في ولاية أيوا في الولايات المتحدة الامريكية .

فقد اختار موقع فوربس دوت كوم Forbes.com المنطقة الحضرية الواقعة في الغرب الاوسط الامريكي كأفضل مدينة للعائلات بسبب جودة مدارسها واعتدال اسعار المساكن وسرعة التنقل والتكاتف الاجتماعي.وجاءت مدينة هاريسبرج-كارليسل بولاية بنسلفانيا في المركز الثاني تليها روشستر وسيراكوز في ولاية نيويورك ثم بروفو-اوريم في ولاية يوتا.

وقال موقع فوربس دوت كوم "المدن صاحبة المراكز العشرة الاولى للعائلات ليست مبهرجة. اغلبها لا يجتذب السياح او يتباهي بحياة ليل مغرية. لكن ذلك ليس هو ما تبحث عنه اغلب العائلات."وتم الاختيار على اساس تكاليف السكن والوقت الذي يستهلك في التنقل من مكان لاخر ومعدل الجريمة وتكاليف المعيشة وانتشار ملكية المنازل وعدد خريجي المدارس الثانوية وذلك باستخدام بيانات حكومية ومعلومات اخرى. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وتقع ست من المدن العشر الاولى في منطقة شمال شرق الولايات المتحدة. وسجلت سيراكوز أعلى الدرجات من حيث الفوائد التعليمية. وروشستر لديها اوقات تنقل قصيرة اذ يستغرق نحو ثلاثة في المئة فقط من سكانها ساعة او اكثر للذهاب الى العمل. واجتذبت هاريسبرج-كارليسل الاصوات بسبب التعليم وتكلفة المعيشة واوقات التنقل والتعليم.والمدينة الجنوبية الوحيدة التي تضمنتها القائمة هي نوكسفيل في ولاية تنيسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/آب/2010 - 15/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م