الصحافة... بين مصادرة الحريات ومصداقية الطرح

 

شبكة النبأ: منذ دخول قوات الاحتلال الأمريكية الى العراق بدأت الصحافة بالظهور وبشكل واسع، وحققت انجازات واضحة في مجالات عدة، بالإضافة الى إنها كانت إحدى الجهات البارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتكشف الحقائق الموجودة في المنطقة وبدون خوف وخاصة وكالات الإعلام الغربية لما لها من دعم كبير من الناحيتين المادي والحكومي، الذي كان يخلصهم من المواقف الصعبة مثل الاعتقالات او الضرب، ولكن كل هذا سيزول بعد إن بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب من العراق، تاركة بذلك فراغا كبيرا في المجال الإعلامي للبلد، بسبب نقص الخبرة التي تمتلكها المؤسسات الإعلامية المحلية، بالإضافة الى التدخلات التي تعيق عملها من قبل الدولة على أساس انها تملك هذه المؤسسات، وعليه فقد العديد من الصحفيين العراقيين عملهم بسبب القرارات التي اتخذتها بعض الوكالات الغربية في العراق وهو الاستغناء عن مراسليهم بسبب عملية الانسحاب الاعلامي من العراق، ولكن بعض المحللين والإعلاميين دعوا الى عدم فقدان الامل لان الاعلام الغربي يعود للاهتمام بالعراق خاصة من ناحية الاقتصاد، وان الخبرة المحلية في هذا المجال من الممكن ان تكتسب بمرور الوقت، في الوقت نفسه هناك اهتمام كبير في دول العالم بناحية الإعلام وكيفية تطويره وتصحيح الاخطاء في ادائه .

الإعلام الأجنبي يشد رحاله

فقد بدت علامات الضجر واليأس واضحة على وجه المصور الصحافي العراقي قيس عبد الرزاق الذي سئم من كثرة البحث عن عمل في مؤسسة صحافية أجنبية، بعد أن استغنت وكالة "الاسيوشيتد برس" الأميركية عن خدماته ضمن برنامج لتقليص كادرها في العراق، ويقول "سأضطر للعمل بمؤسسة إعلامية محلية لعلها تتوافق وقدراتي".

وليس قيس الوحيد الذي يطرق أبواب المؤسسات الإعلامية العراقية ليجد فرصة عمل لديها، بعد أن فقد عمله في الإعلام الأجنبي، فهناك العديد من الصحافيين من المؤسسة ذاتها ومن وسائل إعلامية أخرى فقدوا وظائفهم، إذ يسود الاعتقاد أن المؤسسات الإعلامية الغربية ستطبق برنامج انسحاب من العراق متزامن مع الانسحاب العسكري الأميركي. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية BBC قد استغنت عن جميع مراسليها بالعراق قبل أشهر، وعددهم سبعة صحافيين، وتركت مراسلاً واحداً لها في البلاد، كما استغنت مؤسسات إعلامية أمريكية أخرى عن مراسليها كمؤسسة رويترز وفوكس نيوز والاسيوشيتد برس.

ويبدي المصور قيس عبد الرزاق، تخوفاً بشأن مستقبل الصحافة بالعراق بعد انسحاب المؤسسات الأجنبية وبقاء المحلية لوحدها في الساحة، مبيناً "ستكون الصحافة في العراق عبارة عن قطب واحد، ولن تسمع كلمتها وصداها كما كان الحال مع الصحافة الأجنبية". وكان بعض الصحافيين الذين استغنت عنهم مؤسساتهم الإعلامية، وبحسب عبد الرزاق، غادروا العراق وطلبوا اللجوء في دول أخرى، لأنهم يعتقدون أن المؤسسات الإعلامية العراقية غير قادرة على أن تكون بديلة عن المؤسسات الأجنبية سواء من الناحية المادية أو المهنية. بحسب وكالة الاسيوشيتد برس.

الصحافي كريم حلمي كان يعمل في مؤسسة أن بي سي نيوز الأمريكية، واستغنت عنه مؤسسته مع 29 من زملائه بدعوى أن هناك تقليصا في النفقات في جميع المكاتب الصحفية للمؤسسة حول العالم ومن ضمنها بغداد. ويقول حلمي "اجتمع بنا مدير المؤسسة وإعطانا مكافأة ثلاثة رواتب مع كتاب شكر، واعتذر منا وقال إن إلاستغناء عن خدماتكم هو خارج إرادتي وبتوجيهات من الإدارة العليا".

ويضيف حلمي أن "التقليص الذي شمل المؤسسة كان على مرحلتين، الأول شمل 30 صحافيا والثاني ثمانية صحافيين ولم يبق في المؤسسة سوى 12 بين مراسل ومصور ومساعد مصور وسائق وفني". ويتابع الصحافي "وجدت عملا بعد ثلاثة أشهر من الاستغناء في مؤسسة أجنبية أخرى وهي معهد صحافة الحرب والسلام، بعد أن رفضت عروضا من مؤسسات إعلامية عراقية".

ويبدي حلمي تشاؤمه من مستقبل حقوق الإنسان بالعراق بعد غلق معظم وسائل الإعلام الأجنبية أبوابها، لان الأخيرة "تركز على قضايا الحقوق والحريات"، كما يقول، متوقعا "أن بعض المؤسسات الغربية العريقة ستبقى مثل النييورك تايمز والواشنطن بوست".

انسحاب متوقع

مثل هذه المخاوف تحدث عنها نائب رئيس مرصد الحريات الصحافية في العراق مريوان حمه سعيد، مؤكداً أن غلق مكاتب المؤسسات الإعلامية الأجنبية سيترك فراغاً إعلامياً بالعراق.

ويوضح حمه سعيد "، أن "غلق مكاتب المؤسسات الإعلامية الغربية أمر متوقع وهو بداية لانسحاب مؤسسات إعلامية أخرى بعد الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011"، موضحاً أن "الإعلام الغربي بدأ يقلل اهتمامه بالعراق مقارنةً بما كان عليه عام 2003".

ويتوقع حمه سعيد أن "يؤثر خروج الصحافة الغربية من العراق، في الأمد البعيد، على بعض القضايا مثل حقوق الإنسان، والحريات الشخصية، لان الصحافة الغربية تهتم بهذه القضايا، خاصة أن التقارير التي تنشر في الإعلام الغربي تأخذ صدى واسعاً بعكس تقارير الصحف المحلية حتى إن كانت تحمل قيمة إخبارية".

مخاوف

ويؤيد عضو لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي محمد إسماعيل ما أبداه سابقه حمه سعيد، إلا أنه أبدى تخوفه من انتهاكات محتملة قد يتعرض لها الصحافيون العراقيون من الجهات الحكومية، مستبعداً أن تعمل الصحافة المحلية بحرية كما تعمل نظيرتها الأجنبية.

ويعرب إسماعيل عن تخوفه مما اسماه بـ"انفراد الجهات الحكومية بالصحافة المحلية عبر قيامها بمحاسبة المؤسسات الإعلامية العراقية واعتقال بعض صحفييها في حال نشروا تقارير لا تروق لها، وهو ما لم تتمكن من فعله مع الصحافة الأجنبية".

ويوضح إسماعيل بالقول إن "الصحافة الغربية محصنة من أي تجاوز للحكومة، ويسهل لها الوصول إلى قضايا الفساد الإداري والمالي وكذلك الأسرار داخل الحكومة، لإمكانياتها الضخمة وهذا الأمر من الصعوبة أن تقوم به الصحافة المحلية إلا باستثناءات قليلة".

ويرى عضو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان العراقي أن "وجود صحافة عراقية قوية امر ممكن، إلا أنه يحتاج إلى وقت طويل"، معرباً عن "أمله أن لا تسحب الصحافة الأجنبية تواجدها من العراق نهائياً، وأن تبقي بعض مراسليها يعملون ويزودوها بالتقارير". وفيما يبدي بعض المراقبين تخوفاً من تقليص الإعلام الأجنبي تواجده في العراق، إلا أن فريقاً آخر يعتقد بإمكانية أن تحل مؤسسات إعلامية عراقية محل المؤسسات الغربية.

نماذج عراقية

وبهذا الاتجاه، يعتقد مدير تحرير صحيفة العالم العراقية سرمد الطائي أن "اهتمام المؤسسات الغربية بالعراق سيزداد ولن يتراجع، وانسحاب الصحافة الغربية مؤقت وستعود بقوة"، حسب تعبيره.

ويوضح الطائي ، أن "تقليص كوادر بعض الوكالات له أسبابه الأمنية والسياسية والمادية، إلا إنني استبعد أن يهجر الإعلام الأجنبي العراق، وبخاصة أن العالم بدأ للتو بدخول العراق اقتصادياً من خلال دخول الشركات الأجنبية ومنها الشركات النفطية"، متوقعاً أن "تعيد المؤسسات الإعلامية ترتيب أوراقها وتعيد اهتمامها بالعراق اقتصادياً وسياسياً".

ويرى مدير تحرير صحيفة العالم أن "خروج الصحافة الأجنبية مؤقتا سيتيح للصحافيين العراقيين والمؤسسات الإعلامية العراقية الكثير من العمل، لأنه سيكون مدعاة لتعزيز الثقة بالنفس أكثر من ذي قبل"، مشيراً إلى أن "السياسي العراقي سيضطر إلى التعامل مع الصحافة العراقية ويعطيها كافة المعلومات التي كان يعطيها للصحافة الغربية، لأنه لا يمتلك بديلاً آخر، وسيجد حينها تقارير جيدة تطرحها الصحافة المحلية". من جانبه، يقول رئيس لجنة الصحافة والإعلام في الدورة السابقة لمجلس النواب مفيد الجزائري إن "الصحافة الغربية ستترك بعض مراسليها بالعراق، إضافة إلى أن التقليص هو مالي، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي جعل الكثير من المؤسسات الغربية تغلق أبواب مكاتبها بالعراق"، مشيراً إلى انه "بالرغم من غلق مكاتب هذه المؤسسات، إلا أنها ستعتمد على تسريبات الإخبار التي تحصل عليها من مصادرها الخاصة". ويعتقد الجزائري، أن "إيجاد مؤسسات صحفية محلية تكون بديلة للصحافة الأجنبية يحتاج إلى وقت، لان الخبرة لا تكتسب بسهولة"، معرباً عن أمله "بظهور صحافة عراقية جيدة تكون بديلاً للغربية في العراق".

الحرية متاحة والخبرة يمكن اكتسابها

بدوره، يعتقد مدير المركز الوطني للإعلام علي الموسوي أن "الصحافة المحلية يمكن أن تحقق انجازات وتنمو لتكون صحافة قوية"، مستدركا أن "الصحافة الأجنبية لديها خبرة أكثر من الصحافة العراقية، ونأمل أن تبقى الصحافة الغربية في العراق، إلا أننا لا نستطيع إجبارها على البقاء إذا كانت تعاني من مشاكل داخلية".

ويمضي الموسوي بالقول ، إن "الصحافة العراقية يمكن أن تنمو وتكتسب الخبرات إذا أتيحت لها الفرصة، وبخاصة إنها حققت طفرة كبيرة بعد عام 2003". ويستبعد الموسوي وجود ضغوط على الصحافة العراقية في أدائها لعملها، مؤكداً أن "الصحافيين ينتقدون الحكومة بكل حرية وبدون أية محاسبة، لأن الحكومة أعطت الحرية للصحافة، وهي لذلك تعمل بكل حرية ولا يوجد أي صحافي في السجون العراقية"، مستدركا أن "الخوف على الصحافي ليس من الحكومة، وإنما من جهات أخرى قتلت الكثير من الصحافيين". وتتزامن مخاوف الوسط المحلي الإعلامي من هجرة نظيره الأجنبي، مع تصاعد المخاوف من استهداف المؤسسات الإعلامية في بغداد، على إثر الهجوم الذي تعرض له مكتب قناة العربية، وإعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم.

وبلغ مجموع العاملين في الوسط الإعلامي الذين قتلوا في العراق خلال سبع سنوات من الحرب إلى نحو 259 منهم 120 من العراقيين و19 صحافيا أجنبيا، وبحسب جمعية حماية الصحافيين، مقرها نيويورك، فإن 16 صحفياً من هؤلاء سقطوا على أيدي القوات الأمريكية.

وكشف تقرير أعده مرصد الحريات الصحافية في العراق في المؤتمر حول الوضع الصحافي في العراق أن الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون مابين 3 أيار 2009 إلى 3 أيار من العام 2010 وصل عددها إلى 262 انتهاكاً، فيما أوضح مدير المرصد ، إن الاعتداءات التي سجلها التقرير ضد الصحافيين صنفت بـ 83 حالة اعتداء بالضرب تعرض لها صحافيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات عسكرية وأمنية و37 حالة تضييق و39 حالة منع وحجز، فضلا عن اعتقال 49 صحفياً وإعلاميا تفاوتت مدد اعتقالهم واحتجازهم، فيما واجه 14 صحفياً ومؤسسة إعلامية دعاوى قضائية وتعرضوا لمحاكمات بسبب قضايا نشر، في حين نجا 10 صحافيين من استهدافات مسلحة، أصيب إثرها اثنان منهم بجروح خطرة، مع خطف وقتل صحافي واحد وتعرض أربعة آخرين للاختطاف وأخلي سبيلهم بعد أن تعرضوا للتعذيب من قبل الخاطفين. وكانت وسائل الإعلام المحلية في العراق قبل عام 2003 تقتصر على الصحف والمؤسسات الإعلامية الحكومية فقط، إلا انه بعد دخول القوات الأمريكية للعراق عام 2003 ظهرت الكثير من المؤسسات الإعلامية المحلية سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية بعضها ينتمي إلى جهات حزبية والبعض الآخر مستقل والبعض تم إنشاءه لإغراض إعلانية.

العراقي كريم صاحب

في حين فاز المصور الصحافي في وكالة فرانس برس كريم صاحب بجائزة الصحافة العربية عن فئة الصورة الصحافية وذلك في ختام منتدى الاعلام العربي الذي ينظمه سنويا نادي دبي للصحافة.

ومنحت لجنة الجائزة في النادي لقب شخصية العام الاعلامية للاعلامي المصري ونقيب الصحافيين في بلاده مكرم محمد احمد بينما فاز بجائزة افضل عامود صحافي الكاتب اللبناني جهاد الخازن عن فقرته "عيون وآذان" في صحيفة الحياة. وفاز المصور كريم صاحب بجائزته المرفقة بمبلغ 15 الف دولار عن صورة التقطها خلال جولة لمؤسسة "دبي العطاء" في تشاد وهي تظهر متطوعة من المؤسسة التي اطلقتها الامارة لتوفير التعليم لمليون طفل فقير حول العالم يحيط بها اطفال متحمسون لاستلام هداياهم في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وهؤلاء الاطفال هم الذين تعرضوا لمحاولة الاختطاف المثيرة للجدل التي ضلعت فيها منظمة "آرش دو زوي" الفرنسية غير الحكومية. بحسب وكالة فرانس برس .

وقال كريم صاحب الذي يعمل حاليا في مكتب فرانس برس في دبي بعد سنوات من العمل في بغداد انه يهدي "هذه الجائزة الغالية الى قلبي لجميع اطفال العراق لانهم ايضا يعانون وافكر فيهم طوال الوقت". واضاف "ان اهمية هذه الصورة بالنسبة لي تنبع من كونها تعالج موضوعا اثار الكثير من الجدل في اطار انساني بسيط وهي تكاد تكون تحقيقا صحافيا كاملا".

وتابع "اما البعد الجمالي فيها فيستمد مادته خصوصا من الاطفال الفقراء والضعفاء وانما المتشوقون لليد الممدودة اليهم وبفرح". وللسنة الثانية على التوالي يفوز مصور من وكالة فرانس برس بجائزة الصحافة العربية للصورة بعد ان فاز بها العام الماضي مصور الوكالة في غزة محمود ابراهيم الهمص. وجائزة الصورة هي واحدة بين 12 فئة يخصص نادي دبي للصحافي الفائز بكل منها مبلغا قدره 15 الف دولار عدا شخصية العام الاعلامية التي تحصل على خمسين الف دولار بينما يحصل الفائز بجائزة العمود الصحافي على عشرين الف دولار.

طهران تستبعد وسائل الإعلام

من جانبها تنوي ايران استبعاد وسائل الاعلام الغربية من المشاركة في معرض الصحافة في طهران. ونقلت «وكالة فارس للانباء»، عن نائب وزير الثقافة محمد علي رامين، «سيتم استبعاد وسائل الاعلام الغربية من المشاركة في معرض الصحافة لهذا العام». وقال المسؤول عن الشؤون الاعلامية: «لن نسمح بتواجد وسائل الاعلام الغربية التي ليس لها قيمة وكاذبة وخادعة وتعتبر نفسها المتحكمة فى الاعلام فى العالم».وأضاف من دون توضيح، انه سيتم دعوة وسائل الاعلام الغربية «الملائمة والمستقلة». وسيعقد معرض الصحافة فى 25 اكتوبر المقبل. وفي الأعوام السابقة، استغل عدد من الصحافيين الغربيين هذه المناسبة للحصول على تأشيرة سفر صحافية والحضور لايران للقيام بتغطية صحافية بدلا من حضور المعرض نفسه. بحسب وكالة الأنباء الألمانية .

حرب إعلامية

وفي السياق ذاته أكد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية  محمود احمدي نجاد ان الحرب اليوم هي حرب إعلامية وليست حرب عسكرية، مشيرا الى ان الغرب بوسائله الإعلامية وحملاته الدعائية يحول دون انتشار الحقائق في العالم.

وأنتقد الرئيس احمدي نجاد خلال احتفال بيوم الصحافي في ايران الغرب الذي يعتبر نفسه مظهرا للحضارة وينظر للآخرين باحتقار ويصف الديكتاتوريات في العالم على انها حكومات تنشد الحرية، مؤكدا ان امريكا تدعم أبغض الديكتاتوريات بالعالم وتعادي أشد الدول تطلعاً للحرية. ووصف الجيش الأمريكي بأنه أضعف جيش في العالم ولم ينتصر على الإطلاق في أي حرب ومني بالهزيمة في جميع حروبه حتى في الحرب العالمية الثانية لم ينتصر بل ان الدول الأخرى هي التي حاربت وانتصرت، بينما صورت وسائل الإعلام في العالم بشكل مزيف الجيش الأمريكي على أنه الجيش الذي لا يهزم.

المطالبة بالإفراج

من جانب اخر، طالبت هيئة إعلامية فلسطينية، السلطة الفلسطينية بالإفراج عن أربعة معتقلين في سجونها بالضفة الغربية.

وقال منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، في بيان له إن الأجهزة الأمنية عتقلت الصحافي أحمد البيتاوي بتاريخ 31'7'2010، دون أي مسوغات قانونية. وأشار إلى أن البيتاوي هو الصحافي الرابع المعتقل في سجون الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض بالضفة الغربية بعد الصحفي محمد أنور مني والحكم على الصحفي عامر أبو عرفة من محافظة الخليل بالسجن الفعلي ثلاثة شهور وغرامة مالية قدرها 500 دينار أردني، والحكم العسكري على الصحفي طارق أبو زيد. وقال المنتدى إنه "يراقب عن كثب تدهور الحريات الصحفية في الضفة الغربية من تقييد الحريات وملاحقة الصحفيين وتكميم الأفواه، واستمرار عمليات استدعاءات الصحفيين وتهديدهم واعتقالهم واقتحام المؤسسات الإعلامية". واعتبر ما يجري "يؤرخ لحقبة سوداء في تاريخ شعبنا من ملاحقة الكلمة والحريات الصحفية والعامة هناك".

وطالب منتدى الإعلاميين بالإفراج الفوري عن الصحفيين الأربعة المعتقلين بالضفة الغربية ، داعياً سلام فياض إلى الإيعاز للأجهزة الأمنية لعدم التدخل في عمل الصحفيين والوفاء بوعوده بحرية العمل الصحفي، والعمل على تسهيل عملهم وإشاعة الحريات الصحفية كما ينص القانون الفلسطيني. بحسب وكالة يونايتد برس .

وطالب المؤسسات الصحفية والحقوقية الفلسطينية والعربية و الدولية خاصة اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة صحفيون بلا حدود ب"التدخل العاجل لمنع ملاحقة الصحفيين وقمع الحريات والإفراج عن الصحفيين المعتقلين بالضفة الغربية.

الواقع المهني

بينما يختتم المؤتمر الأردني الأول للاعلام المرئي والمسموع: الواقع والتطلعات لأعماله اليوم حيث يناقش محوره الثالث المهنية الاعلامية من خلال ست اوراق عمل في جلستين يترأس الاولى امين عام اللجنة الوطنية لشؤون المراة اسمى خضر ويتحدث فيها من جامعة اليرموك الدكتور محمود شلبية ومن الجامعة الاردنية الدكتور ابراهيم ابو عرقوب ومن جامعة الشرق الاوسط الدكتور عصام الموسى.

ويترأس الجلسة الثانية رئيس الوزراء الاسبق الدكتور معروف البخيت ويتحدث فيها عميد كلية الاعلام في اليرموك الدكتور عزت حجاب ومن جامعة الشارقة نصير ابو علي ومن راديو البلد محمد ابو عرقوب. وناقشت جلسات عمل المؤتمرالذي تنظمه هيئة الاعلام المرئي والمسموع في الجلسة الاولى التي ترأس رئيس مجلس ادارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون المدير العام التنفيذي صالح القلاب الحريات الاعلامية في الوطن العربي وتحدث فيها عميد كلية الاعلام بجامعة الشرق الاوسط الدكتور عبدالرزاق الدليمي حول العوائق التي تحد من حرية الاعلاميين المهنية. واشار الدليمي فيها الى موضوعات ابرزها الاخطار التي تواجه الصحافة واخلاقيات العمل الصحفي واهمية الاعتبارات الوظيفية والتحديات التي تواجه الصحافة العالمية واخلاقيات الصحافة العالمية وفوضى الانترنت وعوائق تطوير الاعلام وبعض التهديدات التي تواجه الصحفيين والعوائق الاعلامية والتكنولوجية.

وتناول الزميل يحيى شقير من صحيفة العرب اليوم حق الحصول على المعلومات وحماية سرية مصادر المعلومات. وجاءت الجلسة الثانية بعنوان الحريات الاعلامية في الاردن وترأسها وزير الاعلام الاسبق ابراهيم عزالدين تحدث فيها الدكتور حاتم العلاونة من كلية الاعلام بجامعة اليرموك عن حق الاعلاميين الاردنيين في الحصول على المعلومات. وبين في ورقته حق حصول الصحفي على المعلومة ونشرها وقد نصت عليها جميع المواثيق الدولية واعتبرها من الحقوق الاساسية لكل مواطن.

وبين رئيس مركز الراي للدراسات الدكتور خالد الشقران في ورقته «قراءة في قانون حق الحصول على المعلومات: الحالة الاردنية» ان حق الحصول على المعلومة بمثابة حجرالاساس في ضمان حرية التعبير والراي وحرية الاعلام وانه لا يمكن اغفال حق حرية التعبير بدون الوصول الى المعلومات. واستعرض الشقران نقاط القوة والضعف في القانون داعيا الى القيام بحملات ترويج وتوعية لتعريف المواطنين بحق الحصول على المعومات بهدف خلق ثقافة مجتمعية واعية ومدركة لاهمية هذا القانون وتطبيقه بشكل صحيح.

وتحدثت الاعلامية ريم عبيدات عن ملامح وملاحظات ما يسمى ببرامج المرأة في المحطات الفضائية العربية منتقدة الصورة النمطية للبرامج المتخصصة بالمراة العربية وبعض الظواهر السلبية التي ما زالت تعاني منها المراة العربية في وسائل العلام والمجتمعات. وجرى نقاش موسع بين الحضور والمشاركين تركز حول اهم ما جاء في طروحاتهم حول الاعلام.

بدوره قال مدير عام الهيئة الدكتور امجد القاضي ان المؤتمر يهدف الى مناقشة قضايا اعلامية عربية واقعية والتركيز على البيئة الاعلامية المرئية والمسموعة بالوطن العربي خاصة بالاردن. وتسعى الهيئة بالتشاركية مع جهات محلية وعربية ودولية لرفع مستوى اداء الاعلام المرئي والمسموع بجهد تنظيمي وتنسيقي يسهم في تبادل الخبرات وتأهيل الراغبين في الاستفادة من الجهد الجمعي للمعطيات لبلورة رؤى اعلامية تحاكي العالمية بزمن ثورة الاتصالات والمعلومات والفضائيات.

وقال القاضي ان الخطاب الملكي وكتب التكليف السامي للحكومات الاردنية تركز على المهنية والحرية المسؤولة مؤكدا ضرورة العناية بمحتوى الرسالة الاعلامية والتي تشمل المنتج الفني والدراما بكل مكوناتها. وبين عميد كلية الاعلام بجامعة اليرموك الدكتور عزت حجاب ان المؤتمر يصب بحقيقة البحث في موضوعات غاية في الاهمية وبمصلحة المرئي والمسموع وقانون المطبوعات والنشر وكل ما يتعلق بحرية الاعلام والصحافة بشكل عام.

الإعلام صفر

وجاء في حلقة خاصة من البث العربي المشترك عرضت حوالي 70 قناة عربية، افتتاح ملتقى المنتجين العرب الثالث.. وهي خطوة نحو إنعاش فكرة الإعلام العربي "الموحّد"؛ وبالتزامن مع انعقاد ملتقى المنتجين العرب، احتضنت عمان المؤتمر الأردني الأول للإعلام المرئي والمسموع تحت عنوان "قضايا الإعلام العربي: الواقع والتطلعات"، والذي يناقش بدوره قضايا إعلامية بهدف رفع مستوى أداء الاعلام المرئي العربي.

عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، لم يتخلّف، ودعا في كلمة افتتاح ملتقى المنتجين العرب إلى تشجيع الإنتاج المعني بالقضايا العربية القومية وتحقيق نمو كمي ونوعي في الإنتاج التلفزيوني العربي؛ فيما دعا المشاركون في ملتقى الأردن إلى اطلاق حركة إعلامية عربية تتفاعل مع الحركة الإعلامية العالمية بهدف إبراز الرؤى العربية. مثل هذه القرارات وغيرها يصبّ مجملها في ضرورة التأكيد على تكريس الإعلام لخدمة القضايا العربية وترجمة رؤية صحيحة لها، وهي مطالب جيّدة وضرورية للارتقاء بالمشهد الإعلامي العربي من أجل خدمة قضايا الأمة في هذه الفترة الحرجة والعمل على نشر الصورة الصحيحة للعربي المسلم في وجه الهجمات الغربية.

ومثل هذا الكلام الرنان نسمعه تقريبا يتكرّر في كل مؤتمر ومهرجان، وهو لا يعدو أن يكون مطالب ودعوات تبقى حبرا على ورق؛ فخطابات المنابر حتى لو عرضتها الـ696 فضائية عربية، في نفس الوقت، وبنفس الصورة والتقنيات، لن تجدي نفعا ما لم يتمّ تطبيق قراراتها على أرض الواقع، وما لم يتمّ تحويل الحبر الذي كتبت به مطالبها إلى "مفاعل نووي إعلامي" قادر على اختراق الفضاء الخارجي قبل الداخلي؛ فالتنظير لن يحقق "مضمونا" والثرثرة لن تواجه ثقافة العولمة وإعلامها من أجل خلق ثقافة مضادة تنمي الذوق العام وتكون دافعة إلى إقامة استراتيجية إعلامية قومية تحفظ للأمّة هيبتها وعرضها. لو يتحقق هذا الخيال، عندها يستطيع الإعلام التلفزيوني العربي أن يتجاوز بوّابة زمن العولمة الذي عجزنا عن استيعاب ثقافته وفهمها فهما صحيحا، بدلا من الاستعراض والادعاء والانبهار بها ونقلها نقلا أعمى. وعندها أيضا تضيق فجوة "الفصام العربي" بين السلوك والمعرفة ونتخلص من آفة النقل والتكرار ونخلق ثقافة يدخل بها العرب ساحة "الوغى" بإعلام فاعل ومؤثّر لا بإعلام مازال أغلبه لم يبلغ حتى درجة الصفر.

قبل سنوات ليست بالبعيدة كان المواطن العربي يقنع بقناته المحلية الوطنية الرسمية، فلا يتنقل بين القنوات ولا يتوه بين مختلف البرامج التي تعرضها ولا يسيل لعابه أمام مغرياتها.. وكان من قبل راضيا بـ"روتين" المذيع الواحد الذي يطل في موعد رسمي لا يتغير إلا بتغير البرمجة من شتوية إلى صيفية أو رمضانية.

أما اليوم فلم تعد هناك قناة حكومية تتحكم في البرمجة التلفزيونية ومواقيت بث البرامج ومواعيد عرض منوعات الصغار وانتهائها ووقت مسلسل السهرة الذي كان مقدسا لا يتغير لا في الصيف ولا في الشتاء بعد نشرة الأخبار.. "تسونامي" الفضائيات ضرب المشهد الإعلامي العربي فانشطرت القناة الحكومية الواحدة إلى سبعمائة قناة متنوعة، موسيقية، دينية، قنوات أفراح ومسابقات، مسلسلات، أفلام، رياضة... ولا يزال التدفق مستمرا غربا وشرقا!

هذا التطور والاتساع في رقعة الفضاء الإعلامي العربي خاصة المرئي لا يمكن إنكار إيجابياتهما الكثيرة، فقد فتحا الباب أمام مختلف الانتاجات العربية وكشفا الكثير من العورات الخفية للأمة العربية؛ وأصبح مجال حريّة التعبير متاحا أكثر بعد أن خرج البث التلفزيوني من دائرة المحلية إلى مجال أوسع ودخول الاستثمارات الخاصة ميدان الإعلام فمنحته المزيد من الانفتاح.

ولكن، رغم إيجابياتها فإن "عولمة" الفضائيات العربية واتساع حلقتها لم يخدما كثيرا المشاهد العربي، بل إنه بمرور الزمن، وبعد أن خفت انبهاره بهذا العالم السحري، اكتشف أنه أصبح مدمنا على "أفيون" الفضائيات المنوّع من مسلسلات وأغان وبرامج رياضية وبرامج تلفزيون الواقع؛ مثلما اكتشف أن هذا الإعلام "العربي" لم يساهم في رقيّه والحفاظ على هويّته بقدر ما زاد من اغترابه داخل وطنه ومن ركود فكره؛ فإذا كان الوعي والثقافة قوة فإن وسائل الإعلام في عصرنا هي "الريمونت كنترول" المتحكّم في هذه القوة التي بإمكانها أن ترفع شعوبا أعلى الدرجات وتنزل بأخرى إلى الدرك الأسفل.

في زمن العولمة، فتحت الثقافة والإعلام والفن في الوطن العربي، أبوابها على مصاريعها ‍لثقافة الآخر، علّها تنفي صفة التخلّف عنها، فجرفها التيار ولم تعد تفرّق بين الغثّ والسمين؛ وغرّنا مفهوم العولمة والانفتاح الثقافي والحضاري فنهلنا منه حدّ التخمة واقتبسنا السيء قبل الجيد معتقدين أن ذلك سبيلنا إلى تقليص الفجوة مع من نعتقد أنهم متحضرون ومتقدمون دون أن نعي أن ذلك يخدمهم وينمّي مصالحهم، لدرجة أننا أصبحنا نملك زهاء 700 فضائية عربية لم تنجح أي واحدة منها في المرور إلى "العالم الآخر" وأن تكون الأداة الأقوى والأكثر فاعلية في مواجهة مغالطات الإعلام الغربي.

يمكن للعرب أن يتفاخروا بأنهم اقتحموا عصر الثورة الإعلامية بعدد وافر من الفضائيات العربية التي يصل بثها إلى جميع أنحاء العالم. فالرصيد الإعلامي العربي، من ناحية العدد مبهر للغاية ويشهد طفرات كبيرة في أوقات قياسية، فلا يكاد يمر شهر واحد حتى نسمع بافتتاح فضائية عربية جديدة. هذا عن الرصيد الكمّي، أما عن الفعاليّة، فالنتيجة مؤسفة ومحبطة، ففضائياتنا تكتسح الفضاء وواقعنا يغرق في "العسل"!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/آب/2010 - 15/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م