وباء الصنم والديكتاتور في عراق اليوم

محمد الوادي

يعتقد بعض عمال السياسة في العراق انهم متفضلين على الشعب العراقي بالتغيرات الجوهرية والديمقراطية التي دخلت الى العراق بعد نيسان 2003، بل ان بعض هولاء العمال يذهب بهم " خيالهم الفاسد " بانهم اكبر واكثر تفضل بسكوتهم على النقد الذي يوجه لهم هنا او هناك في بعض وسائل الاعلام العراقية!!

من الواضح ان ادارة اوباما تختلف عن ادارة بوش في أدارة الملف العراقي وفي طريقة التعامل والتعاطي مع المستجدات السياسية، مما شكل دافع لعمال السياسة في العراق لانطلاق اليات تفكير وسلوك منفلت وغريب ولاينتمي الى الديمقراطية والدستور بشيء لا من بعيد ولا من قريب لذلك فان الوضع السياسي الراهن في العراق هو وضع سياسي شاذ وغير دستوري ويخالف كل القوانين المعنية بل ان " العرف " البرلماني والحكومي الحالي هو بناء اعوج غير مستقيم وغير سليم وهو أرض خصبة لبناء ديكتاتورية جديدة في العراق وكأن القدر كتب على العراق ان يكون مصنع أصنام لاينقطع انتاجه وان تغيرت الوجوه والهيئات والتسميات.

" فلقد سقط صنم واحد كبير، وتفرخت من بعده عدة اصنام وان كانت اصغر حجم بسبب الوضع العراقي الجديد الذي لايحتمل قائد ضرورة واحد او صنم مطلق واحد ". ان خطورة الموقف الحالي تاتي من خطورة الاشارات غير المشجعة والمقلقة التي يترجمها عمال السياسة في العراق من خلال سلوكهم وطريقة تفكيرهم الصنمية الديكتاتورية الواضحة دون لبس او تأويل.

 لذلك فان الحلم العراقي الدستوري والديمقراطي والذي انتظره العراقيون عقود طويلة ودفعوا لاجله اثمان باهضة يعاني و منذ إعلان نتائج الانتخابات الاخيرة وايضا مع الطريقة المختلفة لادارة اوباما للتعاطي مع الملف العراقي حالة من الضياع والتلاشي ونوع من الخنق والقتل البطيء تحت يافطات مختلفة هي الا بعد عن الدستور الذي يتم اغتصابه كل يوم بل كل لحظة تحت شعارات فردية صنمية ديكتاتورية بامتياز.

 ان الغباء السياسي له دور كبير في التاريخ البشري وهو افضل أداة بيد الخصوم لتغير خارطة الوضع السياسي المعني، ومن جانب أخر من يتصور ان الولايات المتحدة ستترك العراق لمجرد انسحاب الجزء الاكبر من قواتها وان الطريق ستصبح سالكة لقائد ضرورة جديد من قائمة او حزب معين او ومن الوجه الاخر للعملة ومن قائمة اخرى تعمل على عودة عقارب الساعة الى الوراء من خلال حكم الاقلية، فان اصحاب هذا التفكير البائس ومن الاتجاهين " القائد الضرورة او عودة عقارب الساعة " يستوطنون السطور الاولى في ملفات الغباء السياسي، لان اوباما مثل بوش يعمل لخدمة بلده وليس لخدمة القائمة الاولى او الثانية او غيرها من القوائم الفائزة بالانتخابات العراقية. وان ما يجمع الادارتين هو وحدة الستراتجية اتجاه العراق وما يفرق اوباما عن بوش فقط طريقة عمله السياسي للوصول الى هذه الستراتجية لا اكثر.

ومن المفارقات ان يكون الخطر الاكبر على العراق ليس من القوات الامريكية بل من غالبية واجهات عمال السياسة في العراق، فمن يضمن ان هولاء العمال وبعد اربعة سنوات سيعقدون العزم على انتخابات جديدة !!؟ وما هو الضمان ان غالبية هولاء العمال لن يبطشوا بالعملية الديمقراطية والدستورية في العراق الجديد !!؟ انها أسئلة مقلقة بدات تنطلق في الشارع العراقي تزامنا مع انسحاب القوات الامريكية وايضا تزامنا مع التفكير والتصريحات والسلوك الديكتاتوري الصنمي لبعض الواجهات السياسية الرئيسية في العراق والتي تكاد تعتقد بصنمية محترفة " انها رحمة الله على العراقيين، بل ولااحد ينافسهم بهذه الرحمة الربانية !!".

انه ناقوس خطر ينتشر و بحاجة الى رد عراقي شعبي واضح وكبير وصريح لردمه قبل ان يستفحل ويصبح وباء صنمي ديكتاوري جديد.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/آب/2010 - 15/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م