القمح الروسي... غياب يربك الأسواق ويقلق الدول

 

شبكة النبأ: أفرزت الحرائق الذي اجتاحت الحقول والغابات الروسية الكثير من التداعيات الاقتصادية على الصعيد الدولي، خصوصا ان تلك الدولة تعد ثالث مصدر قمح في العالم، مما تسبب قرارها الأخير بحظر تصدير القمح إرباكا كبيرا في الأسواق العالمية، بالإضافة الى قلق كبير لدى العديد من الدول التي تعتمد القمح الروسي في توفير احتياجاتها من الخبز.

حيث بادرت العديد من الدول المستوردة للقمح الى البحث عن أسواق بديلة لسد احتياجاتها، مما دفع الدول المصدرة لذلك المحصول إعادة النظر بالحصص والأسعار لخلق حالة من التوازن والاستقرار.

حظر مؤقت

من جهتها تبدأ روسيا تطبيق "الحظر المؤقت" على صادراتها من الحبوب، وفي مقدمتها القمح، ومن المقرر أن يستمر الحظر حتى نهاية العام الجاري، مما أدى إلى ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية، خاصةً في مصر، أكبر مستوردي القمح الروسي.

ورغم تقارير سابقة أشارت إلى أن الحكومة الروسية قد تعيد النظر في قرار الحظر مطلع أكتوبر/ تشرين الأول القادم، أكد فيكتور زوبكوف، النائب الأول لرئيس الوزراء، والمسؤول عن "المجمع الزراعي - الصناعي"، أن فترة الحظر المفروض على تصدير الحبوب الروسية إلى الخارج، " لن يطرأ عليها تغيير."

وقال زوبكوف إن قرار حظر تصدير الحبوب الروسية سيبقى ساري المفعول من 15 أغسطس/ آب الجاري، ولغاية 31 ديسمبر/ كانون الأول القادم، دون أي تغيير عليه، وفقاً لما نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء.

وتُعد روسيا ثالث أكبر مصدر للقمح في العالم، إلا أنها تواجه شبح تراجع المحصول جراء "الجفاف"، الذي أجبر وزارة الزراعة على تقليص توقعاتها لإنتاج البلاد من الحبوب هذا العام، من 90 مليون طن إلى ما بين 60 و65 مليون طن. بحسب السي ان ان.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الروسي، ديميتري ميدفيديف، أن ما يقرب من 25 في المائة من محاصيل الحبوب احترقت في روسيا الصيف الحالي.

وتشير تقديرات حكومية، حول "ميزان الحبوب" في العام الزراعي 2010 - 2011، إلى أنه سيكون بإمكان روسيا أن تقوم بتصدير ما يتراوح بين 2 و4.5 مليون طن من الحبوب خلال العام الزراعي الجاري.

وأوضحت وزارة الزراعة أنه في حالة تطور الأحداث بشكل إيجابي، أي عندما يبلغ المحصول 65 مليون طن، سيصبح بالإمكان تصدير ما مجموعه 4.5 مليون طن، أما في حالة جمع 60 مليون طن فقط، وفق "السيناريو المتشائم"،  فلن تتمكن روسيا من تصدير أكثر من 2 مليون طن من الحبوب للأسواق الخارجية.

يُذكر أن حجم صادرات روسيا من الحبوب العام الماضي، بلغ 21.4 مليون طن، وتعتبر كل من مصر وتركيا وباكستان وأذربيجان وسوريا والأردن وإيران وليبيا وبنغلاديش واليمن، من أكبر مستوردي القمح الروسي.

حصص التصدير

فقد أرجأت أوكرانيا أحد أكبر مصدري الحبوب في العالم قرارا متوقعا على نطاق واسع لاستحداث نظام الحصص في تصدير الحبوب الذي سيخفض صادراتها الى أقل من النصف بعدما أضرت موجة من المناخ السيء بمحاصيلها.

وقال سيرهي ميلنيك نائب وزير الزراعة الاوكراني ان الحكومة ستدرس في اجتماعها الأسبوعي المقبل المقرر في 25 من أغسطس اب خطة لخفض صادرات القمح الى 1.5 مليون طن والشعير الى مليون طن بين سبتمبر أيلول وديسمبر كانون الثاني.

وقال ميلنيك للصحفيين بعد اجتماع أسبوعي للحكومة "(موضوع الحصص) أرجئ الى (الاجتماع) المقبل مضيفا أن الحكومة بحاجة لمزيد من البيانات عن كميات الحبوب الموجودة في الموانئ والتي في طريقها لمرافئ التصدير.

وتضررت محاصيل الحبوب الاوكرانية بشدة بسبب الصقيع في الشتاء ودرجات الحرارة شديدة الارتفاع في الصيف. وفرضت جارتها روسيا حظرا على تصدير الحبوب بعد موجة جفاف دفعت أسعار القمح العالمية الى أعلى مستوياتها في عامين في وقت سابق من أغسطس وأثارت مخاوف بشأن التضخم في كلتا الدولتين.

وفي وقت سابق قالت وزارة الاقتصاد الاوكرانية ان حصص صادرات الحبوب تهدف لضمان توفير الخبز للمواطنين البالغ عددهم 46 مليون نسمة بعدما تضرر محصول البلاد. بحسب رويترز.

وقالت الوزارة "دمار مناطق كبيرة من الحبوب الشتوية في شتاء 2009- 2010 والاحوال الجوية غير المواتية خلال فترة نمو الحبوب والحصاد وقلة مخزونات الحبوب كلها عوامل أثرت على سوق الحبوب المحلية في أوكرانيا."

وأضافت "الهدف الرئيسي من القرار هو ضمان الامن الغذائي بفرض تراخيص وحصص تصدير على بعض السلع الاولية حتى 31 من ديسمبر."

ومن المرجح أن تؤدي الحصص الجديدة الى انخفاض صادرات أوكرانيا من القمح والشعير الاجمالية الى أقل من النصف مقارنة مع 15.4 مليون طن باعتها في موسم التسويق السابق الذي استمر من يوليو تموز 2009 الى يونيو حزيران 2010.

أسواق بديلة

الى ذلك خيم القلق من نقص مخزون القمح وارتفاع أسعار الخبز على المصريين مع حلول شهر رمضان، في ظل إعلان السلطات الروسية حظراً مؤقتاً على تصدير القمح إلى الخارج، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير حكومية بالقاهرة، إلى أن مخزون القمح قد يكفي لأربعة شهور فقط.

وسعى رئيس مجلس الوزراء، أحمد نظيف، إلى طمأنة المصريين بشأن "رغيف الخبز المدعم"، وأكد أن سعره سيظل كما هو دون تحميل المواطن أية أعباء إضافية، جراء "أزمة القمح العالمية"، فيما حذر مسؤولون من "اشتعال" السوق السوداء لسلعة "الدقيق"، التي ارتفع سعرها بصورة كبيرة، نتيجة للقرار الروسي.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري إن "الاحتياطي الإستراتيجي لمصر من القمح، يكفى شهوراً مقبلة"، دون أن يحدد عددها، إلا أن وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد، ذكر في وقت سابق، أن مخزون القمح الإستراتيجي، سواء محلي أو مستورد، يكفي لنحو 4 أشهر قادمة.

وقال نظيف، خلال تصريحات أدلى بها بمدينة الإسكندرية الثلاثاء، إنه "في حالة حدوث زيادة في أسعار تعاقدات شراء القمح، فإن الدولة ستتحمل هذا الفرق في السعر، ولن يتم تحميل المواطن أية زيادة"، مؤكداً أن رغيف الخبز سوف يظل بسعره المدعوم، وسيتم توفيره في أي وقت، سواء في رمضان أو بعد رمضان.

كما دعا رئيس الحكومة المصرية المواطنين إلى "عدم التكالب على شراء الدقيق أو الخبز بصورة غير طبيعية"، مؤكداً "أنها أزمة عالمية وستمر"، مشيراً إلى أن روسيا أخذت قراراً بمنع تصدير القمح، نظراً لظروف طبيعية تمر بها، وأثرت على إنتاجها من القمح بنسبة 30 في المائة، وأنها لم تفتعل أزمة القمح.

كما شدد على أن مصر حريصة على تنويع مصادر استيراد القمح، حيث تم التعاقد بالفعل مع فرنسا لشراء 240 ألف طن من القمح، كما تقوم الحكومة حاليا بإعادة جدولة التعاقدات مع روسيا، لافتاً إلى وجود تفاهم من الجانب الروسي في هذا الشأن، وفق ما نقل موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون المصري، عن وكالة أنباء الشرق الأوسط.

إلى ذلك، حذر رئيس "غرفة الحبوب"، علي شرف الدين، من حدوث أزمة جديدة في الرغيف المدعم، بسبب اتجاه المخابز إلى تخزين كميات من الدقيق، للاتجار بها في السوق السوداء، للاستفادة من فروق السعر المرتفعة، بعد الزيادة الأخيرة لأسعار القمح عالمياً.

كما حذر، في تصريحات للتلفزيون المصري، من أن "الأمر قد يزداد سوءاً، مع اندفاع المواطنين إلى تخزين كميات من رغيف الخبز، خوفاً من شح المعروض، بسب وقف روسيا تصدير القمح"، كما أكد هو الآخر أن المخزون لدى مصر يكفي 4 شهور.

ورغم تأكيد شرف الدين أن الحكومة "تُحكم قبضتها على قطاع المطاحن، لضمان السيطرة على الأسواق"، فقد تضاعف سعر الدقيق في السوق المحلية، ليسجل 2800 جنيه للطن، مقابل 1900 جنيه قبل بداية الأزمة. (الدولار يساوي 5.71 جنيه)

من جانب آخر، نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء أن اتفاقاً جرى التوصل إليه الاثنين، بين وزير التجارة والصناعة المصري، رشيد محمد رشيد، والنائب الأول لرئيس الوزراء الروسي، فيكتور زوبكوف، بشأن تأجيل إعادة هيكلة العقود الموقعة بين الجانبين بشأن توريد القمح الروسي إلى مصر.

وأعربت القاهرة، في بيان صدر عن وزارة التجارة، عن أملها في أن تُقرر موسكو بشكل تام، مسألة توريد القمح الروسي إلى مصر، بعد الأول من أكتوبر/ تشرين الأول القادم، بعدما يتضح حجم محصول الحبوب في روسيا هذا الموسم. بحسب السي ان ان.

وأضاف البيان أن "مصر تعي بشكل جيد، أن الظروف المناخية الصعبة التي اجتاحت روسيا، انعكست سلباً على الإنتاج الزراعي، من ضمنها محصول القمح"، وذكر أنه "انطلاقاً من هذه النقطة، فإن مصر مستعدة لتأجيل اعتماد خطة إعادة هيكلة للعقود المبرمة مع روسيا، والمتعلقة بتوريد القمح، لغاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول القادم."

صدأ القمح

من جهتها أفادت السلطات العراقية أن أكثر من عُشر محصول القمح في العراق للعام الزراعي 2009-2010 مصاب بنوع قاتل من الفطريات.

وقال حميد محمد جواد، رئيس قسم وقاية المحاصيل في وزارة الزراعة أنه على الرغم من أن سلالة صدأ القمح المنتشرة ليست بنفس فتك سلالة Ug99 المتحورة، إلا أن معدلات الإصابة بها ارتفعت بشكل كبير منذ العام الماضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وأضاف قائلاً: "ليس لدينا نسبة مئوية نهائية للأضرار الناجمة عن صدأ القمح في الموسم الماضي، ولكن المعلومات الأولية تشير إلى أنها وصلت إلى ما لا يقل عن 10 إلى 15 بالمائة من محصول القمح في العراق.

ويمكن لصدأ ساق القمح، المعروف أيضاً باسم صدأ القمح الأسود، أن يدمر حقولاً ومحاصيل بأكملها، إذ يدخل الكائن المسبب للمرض سيقان النبات ويدمر أنسجته الوعائية. وهناك ثلاثة أنواع من صدأ القمح يمكنها الإضرار بالقمح، ولكن صدأ الساق التي تعتبر سلالة Ug99 إحدى أشكاله هو أكثر ما يثير المخاوف بسبب قلة عدد أصناف القمح القادرة على مقاومته.

وقد تم اكتشاف سلالة Ug99 في أوغندا عام 1999 وسرعان ما امتدت إلى كينيا وإثيوبيا قبل أن تتجه عبر البحر الأحمر إلى اليمن عام 2006 وتظهر في أكثر أشكالها فتكاً. وفي عام 2007، انتشرت هذه السلالة في إيران. وقد تم اكتشاف تحور آخر في جنوب إفريقيا في عام 2009 وعثر العلماء على أربعة أشكال أخرى في يونيو 2010.  بحسب شبكة حقوق الانسان ايرين.

ويوجد 26 بلداً على قائمة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) للدول الأكثر عرضة لخطر Ug99 حيث تشكل هذه السلالة خطراً كبيراً على ثلث الإنتاج العالمي من القمح. وهذا خبر غير سار في هذا الوقت الذي تنخفض فيه توقعات حصاد القمح العالمي للعام 2010 بشكل حاد مقارنة بعام 2009 إذ من المتوقع أن تشهد روسيا وأوروبا الشرقية حصاداً ضعيفاً هذا العام.

وأضاف قائلاً: "لسنا متأكدين بعد ما إذا كانت سلالة Ug99 الجديدة قد ضربت العراق أم لا... نعلم أنها وصلت سوريا والسعودية وبعض المناطق القريبة من الحدود الإيرانية مع العراق لكننا لسنا متأكدين بعد ما إذا مرت عبر إيران ووصلت إلى العراق".

وأوضح أن العراق أرسل مؤخراً عينات من أصناف القمح لديه لمختبر تديره الفاو في كينيا لتحديد قابلية تأثرها بسلالة Ug99 الجديدة.

وقال أيضاً أنه على مدى العامين الماضيين، قامت وزارته بإجراء مسح لجميع مناطق زراعة القمح في البلاد لتحديد حجم الإصابة بصدأ القمح الأقل فتكاً في البلاد. وقد تم الانتهاء من المسح في مايو ولكن النتائج لن تكون جاهزة قبل عام 2011.

ارتفاع إنتاجية القمح

وعلى الرغم من الإصابة بصدأ القمح، وصل إنتاج العراق من القمح للعام 2009-2010 إلى 2.7 مليون طن، مرتفعاً بنسبة 61.7 بالمائة عن إنتاجه في العام 2008-2009 والمتمثل في 1.7 مليون طن، وفقاً لعبد الزهراء الهنداوي، المتحدث باسم الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي. ويبدأ موسم القمح عادة في أواخر سبتمبر أو أوائل أكتوبر وينتهي في أواخر أبريل أو مطلع مايو.

وأوضح الهنداوي أن "الأسباب وراء هذه الزيادة هي تقديم الحكومة المعدات والبذور الجيدة والأسمدة والقروض للمزارعين بالإضافة إلى مساعدتهم على حفر الآبار".

وقال أن محافظة نينوى الشمالية كانت الأكثر إنتاجية حيث ساهمت بـ 25 بالمائة من محصول القمح المنتج في البلاد، تلتها محافظة التأميم بنسبة 13 بالمائة ومن ثم محافظة واسط الجنوبية بنسبة 11 بالمائة.

ووفقاً للأرقام التي أعلنتها وزارة الزراعة في وقت مبكر من هذا العام، يقدر استهلاك البلاد من القمح ما بين 4.5 و5 ملايين طن هذا العام. وستساهم الواردات في سد الفجوة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/آب/2010 - 14/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م