رمضان والشباب... إثراء النفس بمكارم الأخلاق

شبابنا والحاجة الى منظومة تربوية رمضانية فاعلة

 

شبكة النبأ: لا يُخفى على المتابع ما يجنيه الإنسان من غنى روحي كبير في شهر رمضان المبارك نتيجة للتوهج الروحي الخلاق الذي تصنعه أجواء هذا الشهر الكريم، وقد رأى كثير من الفلاسفة والمختصين أن تنمية الجانب الروحي لدى الإنسان تكاد تضاهي التنمية المادية الجسدية له، فمثلما يحتاج الجسد الى الماء والأكل لكي ينمو ويواصل الحياة فإن الروح تحتاج الى الغذاء أيضا.

وشهر رمضان هو الوقت النموذجي الذي يحصل فيه الإنسان على غذائه الروحي، وإذا تطرقنا لشريحة الشباب فإننا لا نختلف مع احد حين نقول بأنهم الأحوج من غيرهم الى التشذيب والتهذيب والمسايرة والتوجيه لكي نصنع منهم الأداة الأرقى في تحريك المجتمع والإسهام في بلورة منظومة إنتاجية مدعومة بالجانبين المادي والروحي.

ولماذا اخترنا الشباب دون غيرهم ؟ سؤال يتردد لدى الكثير، فالغذاء الروحي ينبغي أن يشمل الجميع، وهذا كلام صحيح بيد أننا لو قارنا الطاقات المتفجرة في الانسان لوجدناها تتصاعد الى اقصاها في مرحلة الشباب مما يتطلب توجيها دقيقا لهذه الطاقات، والموجه الاساس في هذا الجانب هو الروح، فكلما كانت الروح نقية صافية كلما كان الجسد قريبا منها ومتمثلا بها.

هنا لابد أن نقول بوضوح ليس لدينا سوى شهر رمضان المبارك الذي يمكن توظيفه في خدمة التربية الروحية من خلال تأسيس وتنمية منظومة شاملة ومدروسة تُعنى بالجانب الروحي للشباب وتنمّي لديهم قدراتهم الكبيرة في هذا المجال، لذا يعتبر هذا الشهر المناسبة الاعظم والأنسب للشروع في تنمية الطاقات الروحية للشباب وتوظيفها لما يخدم المجتمع بصورة عامة.

بيد أن هذا الأمر لا يخضع للتمنيات والكلام الإنشائي المجرد من الفعل والتخطيط المبرمج، فالشباب عادة ما يحتاجون الى التجسيد الفعلي للأقوال والنصائح والتوجهات أيا كان قائلها، وغالبا ما يتسارع إيمانهم بالقول المقرون بالفعل الخلاق، لذا لابد لمن يهمه الامر من المعنيين والحكماء والأساتذة الأفاضل من أصحاب الشأن أن يتوجوا جهودهم بالبرمجة والتخطيط لتصميم منظومة تربوية رمضانية تقرّب الشباب من هذا الشهر أكثر فأكثر وتحقق لهم قفزة روحية متنامية لكي يتكافأ الفعل المادي مع الجوهر الروحي للجسد.

ولعل هذا الفعل الجوهري يتطلب جهدا تربويا فكريا أصيلا يشارك فيه كل من يهمه أمر المجتمع لاسيما النخب الثقافية والدينية والسياسية والتربوية وغيرها، ولا يمكن أن تترك الأمور على هوانا بانتظار أن تتحقق المعجزات في هذا الجانب، بمعنى لابد أن يكون هناك سعي مكثف بهذا الاتجاه.

فالشباب كما هو متفق عليه هم العينة الأكثر حماسة وإنتاجا في المجتمع لاسيما فيما يتعلق بالجانب المادي وهنا تماما تكمن المخاطر التي تتربص بهم من شهوات ونوازع شريرة قد تكتنف النفس الأمارة التي لا يتمكن حاملها من السيطرة عليها او قيادتها نحو بر الخير والأمان، لذا يتطلب الأمر معاينة دائمة لما يمر به الشباب عبر رحلتهم الشائكة والمدججة بالمنزلقات والمخاطر.

فكلما كان الجانب الروحي مشبعا لدى الشباب كلما كانوا أكثر ميلا للخير والتفاعل الايجابي مع شرائح المجتمع كافة، والعكس يصح تماما، بمعنى حين نترك الشباب لموجات المادية ودوافعها واللهاث وراء المكاسب والنفوذ والسلطة وجمع المال وما شابه، فإن الانزلاق نحو الهاوية سيكون أسرع واخطر ليس على الشاب وحده بل على المجتمع برمته باعتباره عينة مهمة من عينات هذا المجتمع.

ثمة من يرى مغالاة غير مبررة لتكريس الأجواء الروحية بين الشباب ويطالب بدفعهم نحو المادية لمسايرة العصر كما يتحججون، بيد ان وقائع الحال أثبتت خطأ هذا التوجه، حيث يندفع الشاب في اتجاهات مادية مؤذية على الصعيد الفردي والجمعي في آن، في حين لابد أن نوظف الطاقة الشبابية لتصب في صالح المجتمع من خلال تشذيب الروح الشبابية وفقا لمنظومة تربوية يسهل العمل بها في شهر رمضان المبارك كونه الوقت الأمثل الذي تتنامى فيه محافل الروح وقدراتها وملكاتها حتى تسمو بالجسد الى أعلى المراتب والدرجات.

لذلك لابد أن يكون هناك تعاضد وتعاون واضح وكبير بين جميع المعنيين من مؤسسات خيرية دينية تربوية وجهات رسمية وغيرها لكي تتضاعف الجهود في تأصيل الجانب الروحي لدى الشباب وفق منظومة تنطوي على خطوات إجرائية قابلة للتطبيق، لكي يضمن المجتمع توجيه الطاقات الشبابية نحو الأهداف الصحيحة التي يتوخاها المجتمع والشباب أنفسهم ولكن لا يمكن أن يتم هذا بالكلام وحده، إذ لابد أن يكون هناك سعي جاد ومهم وشامل بهذا الاتجاه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/آب/2010 - 14/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م