البحث عن الوظائف والمحافظة عليها... فرص وتحديات

شبكة النبأ: تزداد نسب البطالة حول العالم، والتي غالبا ما تؤدي بدورها الى فقدان الامل لدى الكثير من الشباب الذين يبحثون عن سبيل يبدؤوا من خلاله التخطيط لمستقبلهم، حيث تشير النسب التي تظهرها البحوث والدراسات الى تصاعد اعداد العاطلين عن العمل، مثيرة بذلك شكوكا حول ما سينتج عن ذلك خلال السنوات القادمة، من جوع وفقر وضياع للأجيال والطاقات الشبابية التي يمكن ان تتأخذ منحا اخر وهو السرقة والخراب في سبيل العيش، وبالرغم من هذا فيوجد هناك مكاتب ومؤسسات تعمل جاهدة لأيجاد فرص عمل حتى ولو كانت وقتية او جزئية كما هو الحال في تونس على سبيل المثال، لمساعدة ممن لم يحالفه الحظ في قبوله لوظيفة ما، بينما وصل الحال في مصر التي يشكون الموظفون في دوائرها من قلة الراتب، الى الاضطرار من قبل مديرين الدوائر ان يقيموا عمل موظفيهم بالامتياز في السجلات خوفا عليهم من ان يستقطع من رواتبهم التي بالكاد تكفي لسد حاجاتهم، والعالم في انتظار حلولا للقضاء على هذه المشكلة.

الجيل الضائع

فقد حذر مكتب العمل الدولي من ان البطالة التي تطال الشبان والتي بلغت السنة الماضية مستوى قياسيا قارب 81 مليون عاطل عن العمل تتراوح اعمارهم بين 15 و24 سنة، قد تولد "جيلا ضائعا".

وفي تقرير حول عمل الشبان اوضح المكتب ان "البطالة التي تطال الشبان في العالم ارتفعت الى حد لم تبلغه ابدا من قبل ويتوقع ان تزداد سنة 2010".

وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل من 11,9% سنة 2007 الى 13% السنة الماضية ويتوقع ان ترتفع قليلا الى 13,1% سنة 2010 قبل ان تنخفض الى 12,7% في السنة المقبلة حسب تقديرات المنظمة.

وقال المدير العام لمكتب العمل الدولي خوان سومافيا ان "الشباب هو محرك التنمية الاقتصادية" مؤكدا ان "التخلي عن هذه الطاقات خسارة اقتصادية قد تخل باستقرار المجتمع". وحذر من ان بطالة الشبان التي ازدادت بنحو 7,8 مليون شخص منذ 2007 قد تخلق (جيلا ضائعا) من الشبان الذين خرجوا من سوق العمل وفقدوا اي امل في الحصول على وظيفة تضمن لهم حياة كريمة".  بحسب وكالة فرانس برس .

واكدت ساره ألدر الاقتصادية في مكتب العمل الدولي والتي ساعدت في وضع التقرير ان هؤلاء الشبان "يبذلون كل الجهود لكن الابواب تغلق امامهم". وفي الدول الناشئة التي تعد 90% من الشبان، يتاثر هؤلاء خصوصا من هذا الوضع الذي غالبا ما يؤدي الى خفض ساعات العمل والرواتب لمن لا تزال لديهم وظيفة. واكدت المنظمة انه خلال 2008 لم يتمكن نحو 152 مليون شاب، اي ما يعادل 28% من القوة العاملة في هذه الفئة من الاعمار، من الخروج من الفقر رغم عملهم حيث كانوا يكسبون اقل من 1,25 دولار في اليوم (اقل من يورو).

ويطال ارتفاع البطالة هذا نحو 45% من سكان الدول الصناعية وخصوصا في وسط اوروبا وشرقها وجنوبها (استونيا ولاتفيا وليتوانيا واسبانيا)، وفي الولايات المتحدة ارتفعت بطالة الشبان بثماني نقاط لتبلغ 18%.، ولمكافحة هذا الوضع دعا مكتب العمل الدولي الحكومات الى مواصلة ببرامجها لدعم توظيف الشبان رغم خطط خفض الميزانيات التي اعلنت في الاشهر الاخيرة.

حلول جزئية

الى ذلك في الوقت الذي يتمنى فيه رشيد الياقوتي لو أن دراساته الأكاديمية في الأدب الفرنسي واهتمامه بكتابة الشعر العربي شفعا له في إيجاد وظيفة قريبة من مجال تخصصه لكن ظروف سوق العمل ومحاولة الإفلات من شبح البطالة دفعاه الى الالتحاق بمركز اتصال فرنسي لخدمة العملاء (مركز نداء) كي يحصل على قوته وقوت أولاده.

يقول رشيد وعمره 43 عاما "أنا مضطر للعمل في مركز النداء بالنظر الى سني والى التزاماتي العائلية."

ويضيف "كنت أتمنى لو اشتغلت موظفا في وزارة الثقافة مثلا لكن في حقيقة الامر مراكز النداء أنقذت شبابنا من العطالة."

وتتفق معه في الرأي عائشة (33 عاما) التي فضلت عدم الكشف عن اسمها الثاني "لا اقول ان مراكز النداء هي الحل الامثل للعطالة بالاضافة انها لا تصب في مجال اختصاصي لكنها الافضل بالنسبة للقطاع الحر في المغرب." وأضافت "يصل مرتبي الى 8000 درهم (930 دولارا) شهريا في حين ان صديقاتي اللواتي درسن معي المحظوظات منهن وجدن وظيفة مع شركات مغربية اقل بكثير من هذا الاجر."

وقالت ان أكثر ما تحبه في عملها هو عدم شعورها "بالتمييز نتيجة الجنس أو السن أو المستوى الثقافي أو المنصب الذي تحتله في مركز النداء.. جميع الموظفين سواسية."

وقفز موضوع مراكز الاتصال الفرنسية لخدمة العملاء في المغرب مؤخرا الى دائرة الضوء عندما أعلن كاتب الدولة الفرنسي للتشغيل لوران واكيز عن مشروع قانون يريد من خلاله فرض غرامات على مراكز النداء الفرنسية التي تعمل خارج التراب الفرنسي لانه يرى فيها منافسة لمراكز النداء في فرنسا وبالتالي تهديدا لوجود الاخيرة.

ويوجد في المغرب أكثر من 140 مركزا للنداء موزعة على أهم مدن المملكة وتقوم بتشغيل أكثر من 30 ألف مغربي مقابل تشغيل 12 الف موظف في تونس مثلا. وتعول الحكومة المغربية على قطاع المعاملات الخارجية لتقليص حجم البطالة اذ تنتهج خطة لتشغيل 70 ألفا من الشبان حتى عام 2015 بالاعتماد على مراكز النداء.

واعتبر تقرير اللجنة الاوروبية لافريقيا للعام 2010 أن نسبة البطالة في المغرب مرتفعة. وانخفض معدل البطالة في الربع الاول من العام الحالي الى 8.2 من 10 في المئة في الربع الاول وفي عام 2009 بلغ معدل البطالة 9.1 في المئة من 9.6 في العام 2008.

وكان وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة المغربي أحمد رضا الشامي قد صرح امام البرلمان المغربي بأن "تصريح الوزير الفرنسي أقلقنا كثيرا." وأضاف الشامي أنه اتصل لدى سفير المغرب بفرنسا من أجل متابعة الموضوع عن كثب اضافة الى اجراء اتصالات أخرى مع المستثمرين الفرنسيين بالمغرب في هذا القطاع ممن سيتضررون من هذه الاجراءات الى جانب اتصاله بوزير الصناعة التونسي من أجل اتخاذ مواقف موحدة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وسرعان ما بادر واكيز الى الاعلان ان فرنسا "لاتعتزم تقويض تطور قطاع ترحيل الخدمات في المغرب وبخاصة الشركات الفرنسية التي قررت الاستقرار بالمملكة". ومن جهته قال يوسف الشرايبي رئيس الجمعية المغربية للعلاقة مع العملاء أن جمعيته "تلقت خبر الاجراءات المزمع اتخاذها من طرف الحكومة الفرنسية بكثير من الدهشة والاستغراب."

وأضاف ان وفدا من وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة المغربية واعضاء في جمعيته التقوا في أواخر يوليو تموز الماضي بواكيز وأن رسالتهم "تم استقبالها بترحيب كبير كما قيل لنا ان فرنسا لا يمكنها أن تبقى في وضعية المتفرج على هدر ألاف مناصب الشغل دون رد فعل."

وقال ان جمعيته باشراف من الوزارة المعنية ستجتمع في وقت لاحق بواكيز للعمل "ليس على فرض عقوبات على شركات الخدمات الاجنبية في المغرب ولكن للعمل على تحفيزها وجعل عملها أكثر فاعلية."

ومن جهته قال أوليفييه دوها احد مؤسسي مركز النداء الفرنسي (ويب هلب) الذي له فروع في المغرب ورومانيا "ليست هناك تنافسية بين المغرب وفرنسا في مجال المعاملات الخارجية لكن هناك تكامل." وأضاف دوها الذي حققت مراكز ندائه حجم تعاملات بلغ 124 مليون يورو العام الماضي "قمنا باجراء دراسات في بداية العام 2000 على عدد من الدول ووجدنا في المغرب القرب الثقافي والجغرافي وكذلك عامل الفرنكوفونية.. باختصار المغرب يتوفر على طاقات مهمة."

وعن الاجراءات التي اعلنت الحكومة الفرنسية أنها تنوي اتخاذها تجاه مراكز النداء خارج فرنسا قال دوها "أظن ان هاجس الحكومة هو الاطمئنان أن ليس هناك اي تسرب غير مراقب لمناصب الشغل خارج فرنسا."

وقال "لا أظن ان هناك نية للتخلص من وظائف في المغرب وضمها الى سوق الشغل الفرنسية على اعتبارها ملك لفرنسا نحن في اقتصاد عالمي... وفي مجال المنافسة الحرة ومنطق اقتصاد السوق واقتصاد التبادل الحر." ويرى رشيد ان ظهور واكيز "ليس الا ورقة انتخابية يلوح بها الرئيس (الفرنسي نيكولا) ساركوزي." ويقول "لقد طمأننا المسؤولون في مراكز النداء أننا سنبقى في المغرب قائلين ان الحكومة الفرنسية لا يمكن أن تفرض علينا أين يجب أن نوجد."

الموظف المصري

بينما أظهرت دراسة حديثة عن أحوال الموظفين في مصر، أن الموظف المصري يعمل لمدة نصف ساعة يومياً على الرغم من امتداد ساعات العمل الرسمية إلى 7 - 8 ساعات يومياً، وذلك رغم حصول 95 بالمائة من الموظفين على امتياز في تقاريرهم السرية.

قالت أستاذ الموارد البشرية في الجامعة الأمريكية الدكتورة "آية ماهر"، التي أجرت الدراسة: "إن الدراسة تمت على أساس المقارنة بين العمل في المؤسسات البريطانية والمصرية على مدار 3 سنوات"، حسبما ذكر موقع "أخبار مصر" على الإنترنت.

وأظهرت الدراسة أن الموظف المصري يهتم بتقديره في التقارير السرية السنوية حتى يحصل على راتبه وحوافزه بشكل كامل، ولذلك يكتب المدير في تقارير الموظفين امتياز للجميع حتى لا يتم حرمانهم من دخلهم الذي يعتمدون عليه، وذلك بشكل ودي بعيداً عن قواعد العمل. وطالبت الدراسة بإنشاء هيئة مستقلة لإصدار التقارير بشكل علني والرقابة الداخلية على الموظف، وإصلاح نظام الأجور في مصر، حيث إن الحد الأدنى للمرتب ضئيل جداً ويعادل 246 جنيه.

من جهتها، طالبت نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية المستشارة "سامية المتيم" بتدريب الموظفين وربط التعليم بسوق العمل حتى لا يحدث هذا التكدس في الهيئات الحكومية. وأكدت أن تقرير أداء الموظف يتم على أساس العمل المسند إليه وكيفية أداءه وسرعة إنجازه وإلمامه باللوائح والقوانين ورضاء الجمهور عنه.

التحرش الجنسي بالعمل

وفي استطلاع عالمي اجرته رويترز ومعهد ابسوس اظهر ان واحدا من بين كل عشرة عمال تعرضوا لمضايقة جنسية من جانب موظف كبير، وبلغ التحرش الجنسي مستويات خطيرة في اماكن العمل.

ووجد الاستطلاع الذي شمل 12 الف شخص في 24 دولة ان العاملين في الهند هم الاكثر ابلاغا عن التعرض لتحرش جنسي بنسبة بلغت 26 بالمئة.

وجاء بعدهم في المركز الثاني العاملون في الصين بنسبة 18 بالمئة ثم السعودية بنسبة 16 بالمئة تليها المكسيك بنسبة 13 بالمئة وجنوب افريقيا بنسبة 10 بالمئة. وفي ايطاليا ابلغ تسعة بالمئة من الموظفين عن تعرضهم للتحرش الجنسي في العمل بينما في كل من البرازيل وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة ابلغ ثمانية بالمئة فقط انهم دفعوا تجاه الجنس من جانب موظف كبير. وجاء الاستطلاع في الوقت الذي يحذر فيه الخبراء من ان التحرش الجنسي يبدو انه في ارتفاع في اماكن العمل مع ظهور عدة قضايا شهيرة في الاونة الاخيرة.

واستقال مارك هورد الرئيس التنفيذي لشركة هيوليت باكارد على خلفية تحقيق في مزاعم بشأن تحرش جنسي واستقال مارك مكينيس الرئيس التنفيذي السابق لسلسلة متاجر ديفيد جونز الاسترالية للبيع بالتجزئة في شهر يونيو حزيران بعد ان اعترف "بارتكاب سلوك غير لائق" تجاه احدى الموظفات. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقال جون رايت نائب رئيس شركة ابسوس لابحاث السوق "عندما تحاول كبار الشخصيات ممارسة الجنس مع موظفيها لانهم يعملون لديهم وليس لانها (هذه الشخصيات) تريد علاقة حقيقية فان هذا ليس تحرشا فحسب ولكنه استغلال."

والموظفون الذين كانوا الاقل شعورا بالتعرض للتحرش الجنسي في اماكن العمل هم من السويد وفرنسا حيث ابلغ ثلاثة بالمئة فقط من الموظفين عن مثل هذه الحوادث. وابلغ اربعة بالمئة فقط من العاملين في بريطانيا واستراليا عن التعرض لتحرش جنسي بينما كانت النسبة خمسة بالمئة في بولندا والمانيا وبلجيكا وستة بالمئة في اسبانيا واليابان وكندا والارجنتين. وابلغ سبعة بالمئة من العاملين في المجر عن تعرضهم لتحرش جنسي. وقال رايت ان الاستطلاع وجد ان العاملين الذين تقل اعمارهم عن 35 عاما هم الاكثر ابلاغا عن شعورهم بالتعرض للتحرش الجنسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/آب/2010 - 13/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م