الخارطة الوراثية للإنسان بين العلم والمعتقدات الدينية

احمد عقيل

 

شبكة النبأ: يشغل بال الكثيرين من الأطباء والعلماء في المجال الطبي التكوين الإلهي للإنسان، ودفعتهم الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهانهم الى إجراء التجارب والبحوث للوصول للأجوبة، ومن تلك الأسئلة هو تكوين الجينات وكيفية عمل السلسلة الوراثية للإنسان من نسل الى اخر، هذا كله حثهم على مواجهة الشك وقطعه باليقين من خلال اجراء التجارب على الكثير من المتطوعين، وتحمل التجارب نتائج جيدة حيث انها ذات فائدة كبيرة للمستقبل، فهم بذلك يستطيعون من ايجاد عقاقير (لأمراض لطالما كانت تقتل وتعتبر خطيرة على الانسان) قبل ان تحدث عن طريق معرفة الجينات المسببة لها، ونجحوا في ذلك فهم وجودوا السبب من وراء الكثير من الامراض مثل الزهايمر والسرطان، كذلك معرفة من يعيش اطول، ولكن بالرغم من هذا فأن هناك ظاهرة لم يستطع الطباء تفسيرها وهي ان والدان اسودان يجلبون بنت شقراء، حتى انهم قالوا انها حالة "استثنائية" لا مثيل لها وهم يحاولون معرفة السبب من وراء ذلك .

الخريطة الوراثية

أعلن مؤسسو مشروع الخريطة الوراثية البشرية ان المشروع الذي مضى عليه عشر سنوات الآن بدأ يحقق للتو ما تعهد بحدوثه من تحول في مجال الطب.

وقال فرانسيس كولينز الذي قاد المكونات الامريكية للمشروع ويشغل الآن منصب مدير معاهد الصحة الأمريكية القومية انه على الرغم من انه قد يبدو ان الثورة التي تم التبشير بها عندما نشرت المسودة الاولى في عام 2000 تتحرك ببطء فان كثيرا من التنبؤات الأولية جرت المبالغة فيها بشكل سابق للأوان.

وقال ان العلماء لم يكشفوا سوى عن الاحتمالات السطحية للوصول الى خريطة الجينات البشرية بالكامل وعندما يتمكنوا من ذلك ستحدد نتائجهم الوسيلة التي يمكن من خلالها تشخيص جميع الاشخاص وعلاجهم من الامراض. وقال فرانسيس في إفادة في لندن بمناسبة مرور عشر سنوات على المشروع "من الإنصاف القول بأن معظم الاشخاص لم يمروا بعد بتجربة تلقي الرعاية الطبية الشخصية التي تتأثر بشكل مباشر بالخريطة الوراثية البشرية."

واضاف "ولهذا ففي حين ان المرء ربما يجادل بأن النتائج لم تتحقق في العشر سنوات الاولى في النموذج الأكثر إثارة الذي تنبأ به البعض عام 2000 الا انني اعتقد ان التنبؤات..ربما كان مبالغا فيها قليلا." وأشار مايك ستراتون -أحد مؤسسي المشروع ويعمل الان مديرا لمعهد سانجر في بريطانيا- الى عدة مجالات للامراض أحرز فيه بالفعل تقدما طبيا كبيرا بفضل القدرة على قراءة الخريطة الوراثية البشرية. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقال ان عقاقير مكافحة السرطان مثل التي تسمى (مثبطات بي ار ايه اف) لعلاج سرطان الجلد القتامي الخبيث - والتي تقوم شركات أدوية بما فيها شركة روش السويسرية وجلاكسو سميث كلاين البريطانية بتطوير انواع منها- تعد أمثلة على مدى السرعة التي أعطى بها رسم الخريطة الوراثية علاجات موجهة." وأضاف "لم يستغرق الامر (سوى) ثمانية اعوام لتطوير علاج..ثم استخدامه في التجارب السريرية ومعرفة مدى فاعليته..وهو فعال في علاج نوع من السرطان لم يكن قابلا للعلاج لولا ذلك. هذا توضيح لما هو ممكن." وأشار مؤسسو المشروع ايضا الى ان العلماء اكتشوا بالفعل اكثر من 800 من المتغيرات الجينية التي تلعب دورا في مخاطر الامراض الشائعة مثل أمراض القلب والسرطان والسكري. وقال كولينز "تلك (الاكتشافات) تسلط ضوءا جديدا على الطريقة التي تظهر بها هذه الامراض مع تأثيرات في كل من مجالي الوقاية والعلاج ( بالعقاقير)."

دراسة للجينات

كما قال العلماء المسؤولون عن واحدة من أكبر المشاريع الصحية في التاريخ إنهم على وشك الوصول إلى هدفهم الرامي لحشد نصف مليون متبرع للمشاركة بدراسة حول الجينات وأنماط الحياة والصحة. يتم حفظ العيِّنات التي تُؤخذ من المتبرعين في مصرف تخزين كبير ومبني لهذا الغرض فقد أعرب البنك البيولوجي البريطاني (يو كي بيوبانك) عن أمله بأن تساعد التجرية على إيجاد سبيل ناجع لمنع الأمراض الخطيرة، مثل السرطان والتهاب المفاصل، وذلك من خلال معرفة سبب إصابة بعض الأشخاص بهذه الأمراض بينما لا يُصاب بها آخرون.

لكن منتقدي البرنامج، الذي يشارك به متطوعون تتراوح أعمارهم بين الأربعين والتاسعة والستين من العمر، يخشون من أن ينتهي الأمر بمعالجة أشخاص من أمراض هم غير مصابين بها أصلا. يُِشار إلى أن بيوبانك هو جزء من المشروع أكبر وأكثر تفصيلا يعكف العلماء عليه ويدرسون من خلاله صحة البشر وجيناتهم وأنماط حياتهم وكيفية تفاعلهم مع بعضهم بعضا، سواء نجم عن ذلك أوضاع صحية أفضل، أم أدَّى إلى مرض البعض منهم.

هذا ويقدِّم المشاركون في البرنامج معلومات تتعلق بأوضاعهم الراهنة، كما يُجرى لهم العديد من القياسات والفحوصات، مثل ضغط الدم والوزن وأداء وظائف الرئة وكثافة العظام، بالإضافة إلى سحب الدم وأخذ عينات من البول واللعاب. لن تكون عملية التنبؤ بأمراض البشر من خلال التركيبة الجينية التي سيحصلون عليها استراتيجية ناجحة للصحة، بل ستؤدي إلى تسويق الخوف، بعد ذلك، يقوم الباحثون بتحليل نتائج دراسة العينات وبمراقبة المتبرعين، وذلك سعيا لتحسين صحة الأجيال المستقبلية.

يقول الدكتور تيم سبروسين، كبير العلماء في المصرف البيولوجي البريطاني: "نحن عازمون على أن نحاول فعلا فهم سبب إصابة بعضنا بأمراض كالسرطان وأمراض القلب والمفاصل والعته عندما يبلغون سن الأربعين أو يتعدونه." ويضيف قائلا: "كما سنحاول أن نفهم حقا العوامل الجديدة للمخاطرة، وبالتالي نستطيع تحقيق الوقاية من مثل هذه الأمراض في الدرجة الأولى." يُذكر أنه يتم حفظ العيِّنات التي تُؤخذ من المتبرعين في مصرف تخزين كبير ومبني لهذا الغرض. هذا وسوف يتم الكشف على الحالة الصحية للمتبرعين خلال السنوات والعقود المقبلة.

ويستطيع الباحثون التقدم بطلبات لاستخدام المعلومات المتوافرة عن المتبرعين، وذلك طالما أعادوا النتائج وأدخلوها لتكون جزءا من إسهاماتهم بالمشروع. لكن منتقدي بيوبنك يقولون إنه قد لا تكون المعلومات آمنة، لا بل قد يتم استغلال معلومات مجهولة المصدر من قبل شركات الأدوية. وتعقيبا على مشروع بيوبنك، تقول الدكتورة هيلين ووليس من مؤسسة "جينووتش" البريطانية المعنية بالرقابة على الجينات: "إنها لفكرة سيئة بالنسبة للصحة." وتضيف قائلة: "لن تكون عملية التنبؤ بأمراض البشر من خلال التركيبة الجينية التي سيحصلون عليها استراتيجية ناجحة للصحة، بل ستؤدي إلى تسويق الخوف."

فك الشفرة

الى ذلك كان ولا يزال علم الجينات مثير للجدل حتى يومنا هذا، البعض يرى فيه حلا لكثير من الأمراض وآخرون يرفضونه بسبب الأخلاق ومعتقدداتهم الدينية. هناك علماء تستفز أبحاثهم المعتقدات السائدة في عصرهم، عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي كريغ فينتر واحد من هؤلاء. فقبل 10 سنوات نجح في فك الشفرة الوراثية للإنسان محدثا ثورة في علم الجينات، والآن يريد تصميم كائنات اصطناعية.

في السادس من نيسان/ أبريل عام 2000 أعلن عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي كريغ فينتر Craig Venter عن نجاحه في التعرف على معظم الجينات المكونة للجينوم البشري. واليوم لا يكاد يمر شهر دون أن نقرأ  أو نسمع عن نجاح العلماء في فك الشفرة الوراثية لأحد الكائنات أو النباتات. وأكد فريق دولي من العلماء وجود أكثر من 800 جين مسئولة عن التغريد لدى طائر الحسٌون المخطط (zebra finch) والمعروف بجمال صوته بعد نجاحهم في فك شفرته الوراثية.

الفضل في هذه النجاحات يعود بشكل جزئي إلى عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي كريغ فينتر الذي دخل في منافسة مع العلماء المموّلين من طرف الدولة حين أسس شركة "سيليرا جينوميكس" في عام 1998 ليعلن بعد مرور عامين فقط عن نجاحه في التعرف على معظم الأجزاء المكونة للجينوم البشري.

ويصف كريغ فينتر نفسه بأنه شخص لا يكترث أبدا لتعليقات الآخرين ولا يسمح لهم بالتأثير عليه. ويضيف أنه يجهد نفسه في البحث عن المعلومات ليكوّن رأيا خاصا به. بدأ حياته العلمية كباحث في المشروع الرسمي الأمريكي لدراسة الجينوم البشري، لكن طريقة عمل زملائه لم ترق له، وحتى اليوم لا يتوانى في انتقادهم ويقول في هذا السياق " هناك أناس يعتقدون أنهم ختموا جميع العلوم بعد تخرجهم من الجامعة، وهم يعرفون ماذا يريدون ولا يبدلون قناعاتهم أبدا. أما أنا فمازلت أبحث عما أريد عمله".

وفي عام 1998 قرر فينتر الانفصال عن زملائه وتأسيس شركة خاصة به هدفها فك الشفرة الوراثية للإنسان. وعلل خطوته هذه بأن زملاءه كانوا يعملون ببطئ السلحفاة "لو كنت من القادرين على التأقلم لواصلت العمل كباقي الزملاء، ولما تمكنا حتى اليوم من فك الشفرة الوراثية للإنسان".

والدان أسودان يرزقان بطفلة شقراء

في ظاهرة نادرة وغريبة من نوعها، أصيب والدان أسودان يقيمان في المملكة المتحدة بالذهول الشديد لدى ولادة الأم طفلة شقراء لها أعين زرقاء، في حالة طبية حيرت العلماء المختصين في الجينات الوراثية. ولوهلة، ساورت الشكوك الأب بن إيهغبورو بشأن إخلاص زوجته، أنجيلا، بعد ولادة، نماشي، وهي الطفل الثالث للزوجين.

ووصف الدهشة التي اعترتهما لدى ولادتها قائلاً: "جلسنا كلانا نحدق فيها بعد الولادة." وحيرت الحالة العلماء المختصين في الجينات الوراثية إذ أن الوالدين لا ينحدران من عرقية مختلطة. ووصف بروفيسور براين سكايز، رئيس قسم الجينيات البشرية، الحالة بأنها "استثنائية". بحسب وكالة السي ان ان .

وأضاف قائلاً لصحيفة "صن" البريطانية" إنه ليكون الطفل أبيض تماماً، فأن لا بد أن للوالدين أصولاً بيضاء.. وتفسير ذلك يمكن في الاختلاط العرقي حيث تحمل النساء بيضاً يحوي جينات ببشرة بيضاً وأخرى سوداء، وبالمثل يحمل الرجل جينات مشابهة في حيواناته المنوية" إلا أن العالم علق مستغرباً: "الشعر غير عادي للغاية. فحتى العديد من الأطفال الشقر لا يملكون شعراً أشقراً على هذا النحو عند الولادة." ويذكر أن للوالدين طفلين آخرين، هما شيزوم، 4 أعوام، ودومبي، عامين، يحملان ذات ملامحهما. ورفض الأطباء نظرية أن تكون "نماشي" من فئة الأشخاص شديدي البياض جراء اضطرابات وراثية تصيب النظام الصبغي للبشرة  - "البينو" "Albino - ولم يجدوا تفسيراً للحالة سوى أنها "نزوة جينية."وحتى إيجاد التفسير العلمي، قال الوالد إنه طفله، شيزوم، يواظب التحديق مندهشاً في شقيقته

المعتقدات الدينية

بينما يسعى كريغ فينتر البالغ من العمر ثلاثة وستين عاما إلى خدمة البشرية عبر أبحاثه، ويقول البعض إنه يحاكي عملية الخلق، أما هو فيقول "إن البعض قد يعتبر أبحاثي ضربا من الخيال العلمي"، لكنه واثق من أن نظرية التصميم / Design  التي يؤمن بها ونظرية "الانتقاء الجيني الخاص" ستحلان ذات يوم محل نظرية التطور التي وضعها داروين.

ولا يبالي فينتر بالمعايير الدينية والأخلاقية حيث إنه يعتقد أن الإنسان سيتمكن قريبا من تصميم كائنات حية اصطناعية. وفعلا فقد عرض فينتر في عام 2007 أول بكتيريا اصطناعية "صممها" بنفسه. وهو يسعى عبر هذه البكتيريا إلى إيجاد حل لمشكلة الطاقة في العالم وإلى وقف التغير المناخي. ويعبر العالم فينتر عن اعتقاده بإمكانية "حل مشكلة الوقود بمساعدة البكتيريا الاصطناعية. فبدلا من استخراج الفحم من باطن الأرض، يمكن للبكتيريا الاصطناعية أن تحول أشعة الشمس إلى طاقة". كما يعتقد بإمكانية "تصميم" بكتيريا قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو وأخرى قادرة على إنتاج كميات كبيرة من غاز الميثان.

نمط جيني

اكتشف باحثون نمط جينات يمكنه التنبؤ بدقة اكثر من ذي قبل بمن يمكن ان يبلغ من العمر 100 عام او اكثر حتى اذا كان هؤلاء لديهم جينات مرتبطة بامراض.

وتقدم النتائج التي توصلوا اليها والتي نشرت في دورية سينس Science الاحتمال الجذاب للتنبؤ بمن يمكن ان يأمل بالعيش حياة اطول. ويشكك الباحثون في دقة اختبارات يتم تسويقها حاليا تتنبأ بخطر تعرض الشخص لامراض مزمنة مثل الزايمر. وحددت عدة فرق من الباحثين انماط جينات ترتبط بالشيخوخة المفرطة. لكن الباحثين بقيادة باولا سبستياني والدكتور توماس بيرلس من جامعة بوسطن يقولون ان الانماط الجينية التي اكتشفوها تقدم افضل دقة حتى الان.

ودرسوا اكثر من الف شخص عاشوا 100 عام او اكثر وطابقوهم مع 1200 شخص اخرين لتحديد الانماط الجينية الاكثر شيوعا في الاشخاص الذين عاشوا 100 عام باستخدام منهج يسمى دراسة رابطة الجينوم على نطاق واسع. وما اثار دهشتهم ان الاشخاص الذين عاشوا لمدة اطول لديهم العديد من نفس الجينات المرتبطة بالامراض مثل كل شخص اخر. وبدا ان جينات العمر الطويل لديهم ابطلت اثار جينات الامراض. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وحدد الباحثون 19 نمطا بين حوالي 150 جينا وقالوا ان هذه الانماط تتنبأ بدقة تبلغ 77 بالمئة من يمكن ان يكون في هذه المجموعة الطاعنة في السن. وشدد الباحثون على ان وجود هذه الجينات من غير المرجح ان يمنح الشخص حرية التدخين والشرب والافراط في الطعام.

وقال باحثو بوسطن انهم لا يعتزمون تسويق اختبار لجينات طول العمر ويعملون على تصميم موقع الكتروني مجانيا يمكن الاشخاص الذين لديهم تسلسل الحمض النووي (دي.ان.ايه) الخاص بهم من التحقق وما اذا كان لديهم اي من هذه الانماط الجينية. ويوجود حاليا حوالي شخص من بين ستة الاف شخص يعيش حتى 100 عام وشخص واحد بين سبعة ملايين يعيش حتى يبلغ 110 عاما.

الطب الشرعي

في مجال الجينات ايضا، رصد العلماء ثلاثة جينات جديدة تحدد التغيرات الدقيقة في لون العين البشرية - وهي مفاتيح قد تساعد المحققين في مجال الطب الشرعي في استخدام الحمض النووي "دي ان ايه" الذي ترك في مسرح الجريمة من اجل تعقب المشتبه بهم جنائيا.

واستخدم باحثون من المركز الطبي لجامعة ايراسموس في روتردام في هولندا تقنية تسمى دراسة الروابط على نطاق الجينوم والتي تمسح خرائط الجينات لتحليل لون العين لنحو 6000 متطوع هولندي. وحددت كمية الالوان رقميا وجرى مقارنتها باستخدام صور عالية الدقة للعين بأكملها ووجد العلماء أن لون العين البشرية يتفاوت في نواح اكبر كثيرا مما كان يعتقد سابقا. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وكتب الباحثون في الدراسة التي جرت تحت اشراف مانفريد كايسر ان الدراسات السابقة التي اجريت على جينات لون العين البشرية استخدمت معلومات واسعة للسمات مثل "الزرقاء" و"الخضراء" و"البنية". لكن هذه الدراسة أظهرت أن الاختلاف في لون العين يتدرج باستمرار من أفتح درجات اللون الازرق الى أحلك اللون البني. وقال كايسر "هذه النتائج تمثل أهمية للتطبيقات المستقبلية للطب الشرعي حيث يوفر التنبؤ بالمظهر عبر المادة البيولوجية التي يجري العثور عليها في مسرح الجريمة خيوطا في تحقيقات البحث عن أشخاص غير معروفين."وحدد فريق كايسر ثلاثة جينات جديدة قالوا انها "مرتبطة بشكل كبير" بلون العين الكمي.وقال الباحثون ان هذه الجينات الثلاثة الى جانب الجينات التي سبق تحديدها يمكن أن تفسر أكثر من 50 في المئة من التفاوت في لون العين وان أعلى دقة حتى الان تحققت من استخدام الجينات لتوقع سمة بشرية معقدة.

سكان التبت

بينما ذكرت دراسة نشرتها مجلة متخصصة بالعلوم أن تطوير سكان التبت الذين يقطنون في مرتفعات شاهقة لقدرات تسمح لهم بالعيش في ظل معدلات منخفضة من الأوكسجين يمثل أسرع تغيير جيني مسجل في تاريخ البشر الحديث.وقال علماء درسوا الملف في جامعة كاليفورنيا إنهم تمكنوا من العثور على أدلة تثبت الأمر بعد مقارنة جينات سكان التبت بجينات سائر أهل الصين، مشيرين إلى أن ما رصدوه من تبدلات قد يساعد على فهم كيفية عمل الجسم في ظل تراجع نسب الأوكسجين وتعامله مع الأمراض الناتجة عن نقص الهواء، خاصة بالنسبة للأجنة في أرحام أمهاتهم. بحسب وكالة السي ان ان .

وقالت الدراسة إنها عمدت إلى مقارنة جينات 50 رجلاً من التبت بأربعين من عرقية الهان الصينية، وقد أظهرت خريطة الجينات أن لدى سكان التبت عدة تبدلات تساعدهم على العيش على ارتفاع 13 ألف قدم حيث تنخفض نسب الأوكسجين بواقع 40 في المائة مقارنة بالمناطق المحاذية لسطح البحر. وبحسب ما ظهر في الفحص الجيني، فإن سكان التبت طوروا هذه الخاصية منذ 2750 سنة، عندما انفصلوا عن سائر أفراد عرقية الهان وقرروا السكن في الجبال.

وعثر العلماء على طفرات في 30 جيناً لدى سكان التبت، مختلفة عن مثيلاتها لدى الهان، بينها 15 جيناً مرتبطة بطريقة استهلاك الجسم للأوكسجين. وذكر راسموس نيلسون، أخصائي علوم الأحياء في جامعة كاليفورنيا، إن التوصل لهذا التغيير الجيني يحدث بعد ولادة مجموعة متعاقبة من الأجيال، متوقعاً أن الكثير من سكان التبت الأوائل ماتوا من نقص الأوكسجين قبل أن تتبلور الطفرة بشكلها الحالي.

تساقط الشعر والثعلبة

وأعلن علماء من جامعة كولومبيا الأمريكية أنهم وجدوا الجين المسؤول عن ظهور طفرة الصلع الموضوعي المعروف شعبياً باسم "الثعلبة" الذي يصيب الكثير من الناس حول العالم، مشيرين إلى أن ذلك قد يفتح الباب أمام إيجاد علاجات متقدمة لهذا المرض الجلدي المحرج.

وبحسب العاملين على البحث، فإن الجين مسؤول عن تطور المرض الذي قد ينتشر مؤدياً إلى تساقط الشعر عن كامل الجسم، وهو يصيب الملايين ويعتبر ثاني أكثر أمراض المناعة الذاتية انتشاراً، بعد الصلع لدى الرجال حول العالم، ولم يتمكن الطب الحديث من تقديم علاج ناجع له حتى الآن.

وتشكل بعض المساحيق الموضوعية الحل الوحيد لمواجهة المرض حالياً، وقد يضطر الأطباء في الحالات المتقدمة إلى حقن الجلد بمادة الستيرود، وهو أمر غير مضمون النجاح. ونقلت "سي ان ان" الاخبارية عن أنجيلا كريستيانو، أخصائية الأمراض الجلدية والجينية في جامعة كولومبيا إن أهمية اكتشافها ينبع من واقع أن الأطباء كانوا يعتقدون بأن أسباب ظهور "الثعلبة" تعود إلى التهابات موضعية في جلد الرأس أسبابها خارجية، ولم يكن لديهم فكرة عن وقوف دوافع جينية خلف المرض. وأضافت كريستيانو إن الخلل الجيني المسبب للمرض قريب من مشاكل جينية أخرى، مثل السكري من النوع الأول والروماتيزم، وبما أن الأطباء تمكنوا من إيجاد علاجات جينية لهذه الأمراض، فلابد أن تكون مهمة إنتاج علاج للثعلبة أمراً سهلاً.

وتابعت كريستيانو، وهو شخصياً إحدى المصابات بمرض الثعلبة قائلة "هذا الاكتشاف يمنحنا الأمل بإيجاد علاج مناسب، ويضع الأهداف الواجب الوصول إليها أمام شركات تصنيع الأدوية." يشار إلى أن الدراسة اعتمدت على فحص عينات من ألف مصاب بالمرض، وقد تمكنت من تحديد ثمانية جينات مرتبطة بالمرض، ولكنها شخصت جيناً واحداً يمكن له أن يؤدي لظهور الثعلبة.

وأشادت فيكي كالابوكس، إحدى الناشطات الاجتماعيات في مجال مكافحة الثعلبة وآثارها بالبحث ونتائجه قائلة: "هذا اكتشاف مذهل باعتبار أن المرض يصيب عدداً كبيراً من الأشخاص حول العالم، ولديه انعكاسات سلبية مثل الشعور بالعزلة الاجتماعية والاكتئاب، خاصة لدى صغار السن." وتبدأ الثعلبة عادة برقعة صغيرة خالية من الشعر على الرأس، ومن ثم تبدأ في الانتشار والتوسع، وقد تشمل كامل فروة الرأس، وفي حالات متقدمة تؤدي إلى تساقط الجلد عن كامل الجسم، ويشعر المريض بعذاب نفسي جراء ظهورها، خاصة وأنها قد تعاود البروز في أي وقت، حتى بعد العلاج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آب/2010 - 12/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م