اليمن... اقتصاد يتكأ على عكاز وتنمية بددتها الحروب

شبكة النبأ: يعاني اليمن في هذه الايام  ظروف قاسية تهدد بمستقبل البلد ومواطنيه، فتتزايد نسبة الجوع في اليمن وتشير التقارير ومنظمات الاغاثة الدولية ان الاعداد تتزايد ممن يصابون بالامراض بسبب سوء التغذية، ودعى البعض الى الحذر من حصول اضطرابات ومشاكل داخلية في البلاد، حيث اكدت ان عدد الجرائم يتصاعد بكل سنة وبنسب عالية بين الاطفال الذكور والاناث، ومن هذه المشاكل هي الهجرة من الريف الى المدينة التي تسبب هذه نقص في الزراعة والمحافظة على المنتوج الزراعي للبلد، كذلك على زيادة السكان في المدينة مما يؤدي ذلك الى تضخم واضح في العدد وبحاجة الى خدمات اكثر، بينما تعمل الحكومة اليمنية على ايجاد حلول لهذه المعضلة، وذلك عن طريق زيادة الاهتمام بالسياحة وطلب الاموال من الدول المانحة للاخذ بيد اليمن ومساعدتها على الخروج من هذه الحقبة.

وطأة الضغوط

فلم يعد اليمن قادرا على اطعام شعبه فيما يعاني اقتصاده من ضغط تراجع موارد النفط والمياه والفساد والصراعات العنيفة. وقالت منظمات اغاثة تابعة للامم المتحدة ان واحدا من كل ثلاثة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعانون من جوع مزمن كما يصاب اكثر من واحد من كل عشرة أطفال يمنيين بسوء تغذية حاد. وتذكي هذه الحقائق الاقتصادية القاتمة التحديات السياسية التي يواجهها حكم الرئيس علي عبد الله صالح المستمر منذ 31 عاما.

وتلوح في الافق الان اضطرابات انفصالية في الجنوب بوصفها اخطر مشكلة فورية تواجهه بعد أن هدأت هدنة هشة تمردا للحوثيين في الشمال مستمرا منذ فترة طويلة غير أن الهدنة معرضة للانهيار في ظل ورود تقارير عن انتهاكات من الجانبين. ويقول محللون ان التشدد الاسلامي الذي أذكاه الفقر يمثل تهديدا أقل على الرغم من الهجوم الفاشل الذي نفذه انتحاري من تنظيم القاعدة الشهر الماضي واستهدف السفير البريطاني بصنعاء.

وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني "الجنوب هو التحدي الحقيقي. النظام لا يتعامل مع شكاوى الجنوبيين مما يزيد خطر الحرب الاهلية. يمكن القول ان هناك حربا أهلية منخفضة المستوى دائرة."

وتحول عدم رضا الجنوبيين المستمر منذ حرب أهلية بدأت عام 1994 الى احتجاجات حاشدة واشتباكات شبه يومية مع قوات الامن. لكن الجماعات الانفصالية منقسمة وتفتقر الى الدعم الخارجي.وجاء في بحث نشره مركز أبحاث الخليج ومقره دبي في ابريل نيسان انه لا شك أن الحركة الجنوبية لديها الامكانية لتتحول الى تحد كبير لشرعية الحكومة واستقرار البلاد وفي نهاية المطاف وحدة الدولة. ويهدد زعزعة الاستقرار او انهيار الدولة باليمن وهي دولة عربية صغيرة منتجة للنفط بعواقب وخيمة على السعودية عملاق النفط وجيرانها الاخرين في الخليج ومنطقة القرن الافريقي. وأعلنت الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه عام 1990 لكن كثيرين في الجنوب الذي توجد به معظم المنشآت النفطية اليمنية يقولون ان الشماليين يغتصبون مواردهم ويشوهون هويتهم ويحرمونهم من حقوقهم السياسية. بينما يشتكي الرئيس صالح من أن الجنوبيين يغذون "ثقافة الكراهية" ضد الشمال. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقالت فكتوريا كلارك مؤلفة كتاب صدر حديثا عن اليمن "تجاوز استياء الجنوبيين نقطة اللاعودة. اكبر خطأ يرتكبه صالح سيكون شن حملة ضد الجنوبيين بالصرامة التي حاول استعمالها مع المتمردين الحوثيين." لم يعد الجنوبيون ويمثلون أقل من خمس السكان يملكون الدبابات والطائرات والاسلحة الثقيلة ليخوضوا حربا تقليدية كتلك التي خاضوها خلال الثورة الانفصالية عام 1994 . وقالت كلارك "توقعاتي هي أن تفتت الدولة سيحدث في المعركة التي لا مفر منها التي ستعقب اقصاء صالح والتي ستحدث حين تنفد الاموال التي تسدد منها رواتب الجيش والجهاز المدني."وتعاني الحكومة اليمنية من عسر مالي. ورفعت أسعار الوقود لتخفيف عبء الدعم على وقود الديزل الذي يقول مسؤولون بالبنك المركزي ان تكلفته تبلغ نحو ملياري دولار في العام.

وفي يناير كانون الثاني قال اليمن الذي خسرت عملته الريال اكثر من عشرة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام انه يحتاج الى ملياري دولار سنويا كمساعدات لتفادي الانهيار التام وضعف هذا المبلغ للابقاء على دوران عجلة الاقتصاد.

وقال الارياني معددا المشاكل الاقتصادية مثل الاخفاق في جمع التعريفة الجمركية وتراجع الاستثمارات الاجنبية وتهريب وقود الديزل وهروب رؤوس الاموال "النظام يتظاهر بأنها مسألة صقل لالة تدور جيدا لكن الالة معطلة وبدون اصلاح سنواجه كارثة."

ويحتل اليمن مركزا في مؤخرة قائمة مؤشر الفساد تضعها منظمة الشفافية الدولية حيث جاء في المركز 154 من جملة 180 دولة العام الماضي.

غير أن مسؤولين يمنيين ينحون باللائمة على تراجع الدخل من النفط في مفاقمة المشاكل الاقتصادية والمالية والامنية. ويقول مانحون غربيون ثار قلقهم نتيجة محاولة هجوم فاشلة في يوم عيد الميلاد على طائرة أمريكية قام بها متشدد من تنظيم القاعدة له صلات باليمن انهم يريدون تحسين الحكم وقدرة حكومة صالح على انفاق مساعدات قيمتها 4.7 مليار دولار تم التعهد بها منذ عام 2006 . ولن يصلح اغداق الاموال المخصصة للتنمية والمساعدات المخصصة لمكافحة الارهاب على اليمن ما وصفته الاكاديمية الاسترالية سارة فيليبس في بحث نشرته مؤسسة كارنيجي "بنظام حكم شديد المركزية يضع الموارد والنفوذ السياسي في أيدي قلة مختارة ويرسخ المعاناة الاقتصادية لليمنيين." وتتجلى هذه المعاناة بين 270 الفا فروا من معارك بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين داخل وحول مدينة صعدة بشمال البلاد.

وأوقفت هدنة في فبراير شباط ستة أشهر من القتال العنيف في الشمال لكن مسؤولين بالامم المتحدة يقولون ان الكثير من النازحين باعوا اخر ما تبقى من ماشيتهم فيما كانوا ينتظرون ليروا ان كانت الهدنة ستصمد.

وقالت اميليا كاسيلا المتحدثة باسم برنامج الاغذية العالمي "امام الناس ثلاثة خيارات بعد ذلك اما أن يثوروا او يهاجروا او يموتوا." ويقول مسؤولون يمنيون بارزون ان من يجندون عناصر لتنظيم القاعدة يجدون أرضا خصبة في دولة تبلغ نسبة البطالة فيها 35 بالمئة مقترنة بالفقر الذي يؤثر على 42 بالمئة من الشعب الذي يمثل الشبان نسبة كبيرة منه. ووصف الارياني المحلل اليمني تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يعتقد أن أعضاءه لا يتعدون بضع مئات بأنه مثار قلق ثانوي يمكن تنحيته جانبا اذا عولجت أوجه الشكوى التي ساعدته على تجنيد عناصر. وقال "الفقر والظلم وتجاهل القانون وتفشي الفساد (أمور) قوضت شرعية النظام... متى نتعامل مع هذه نستطيع التعامل بسهولة مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب."

الجوع يثير اضطرابات

وحذرت وكالات معونة تابعة للامم المتحدة من ان شخصا من كل ثلاثة يعاني من جوع دائم في اليمن حيث قد يؤدي نقص الغذاء المتزايد الى مزيد من الاضطرابات أو هجرة جماعية.

وقال برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة انه رغم انتشار الجوع على نطاق واسع فقد خفضت حصص الغذاء مرة اخرى نتيجة لنقص تمويل المانحين.

ويقول البرنامج ان نحو 7.2 مليون نسمة أي ثلث سكان اليمن يعانون من جوع دائم. ويحتاج نحو 3.4 مليون منهم لمساعدات غذائية لكن لا يحصل على حصص غذائية الا 475 الف شخص واضطر البرنامج في مايو ايار الى خفض تلك الحصص الى النصف.

ومن بين هؤلاء 270 الف شخص فروا من القتال بين القوات الحكومية والمتمردين في بلدة صعدة الشمالية والمناطق القريبة منها. وباع كثيرون منهم اخر ما لديهم من رؤوس الماشية أو تخلوا عن الرعاية الطبية اثناء الانتظار ليروا ان كانت الهدنة الهشة ستستمر.

وقالت ايميليا كاسيلا المتحدثة باسم برنامج الاغذية العالمي في افادة "لم يبق للناس بعد ذلك الا ثلاثة خيارات اخرى - الثورة أو الهجرة أو الموت. خفض الحصص ليس خطوة اولى وانما ملاذ أخير." وأضافت "بقية الناس لا يتلقون أي مساعدات في الوقت الراهن. ومن يتلقون مساعدة يحصلون على نصف ما كان يجب ان يحصلوا عليه." ويعاني أكثر من طفل واحد من كل عشرة أطفال من سوء تغذية حاد في اليمن الذي لا يتجاوزه في المعدلات المروعة الا افغانستان. وقالت كاسيلا "كثير من الاسر يكاد غذاؤها يقتصر على الخبز والشاي."

ومن بين الباقين من قرابة النصف مليون شخص الذين يحصلون على مساعدات لاجئون من الصومال واثيوبيا بالاضافة الى بعض الاطفال اليمنيين دون سن الخامسة والنساء الحوامل أو المرضعات . بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان مربي الماشية الذين فروا من القتال في صعدة يواجهون الان "موقفا بالغ الخطورة ومأساوي" لان معظمهم باعوا ماشيتهم وصرفوا ما كان لهم من مال قليل على سداد ايجار مساكن أو دفع تكاليف الغذاء. وقال أندريه ماهيشيش المتحدث باسم المفوضية "الناس يحجمون حتى الان عن العودة الى مناطقهم الاصلية فما زالوا لا يشعرون بالامان ويخشون الالغام والذخائر التي لم تنفجر." وأضاف "وهم يريدون دليلا على ان السلام حل بالفعل. لذا فقد أتى هذا في أسوأ وقت بالنسبة اليهم."

وقال صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ان الاطفال هم أكثر الفئات تأثرا بنقص الغذاء. وقالت المتحدثة باسم اليونيسيف كريستيان برتيوم "هم أول من يعانون". ولم يتلق صندوق الاغذية العالمي سوى 27.7 مليون دولار من 103 ملايين دولار دعا المانحين لتقديمها من أجل اليمن هذا العام. وذكرت كاسيلا ان من بين المانحين حتى الان الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا وايطاليا والسعودية لكن دولا اخرى لم تتبرع حتى الآن.

تحذير دولي

حذر تقرير جديد من أن ندرة المياه والنمو السكاني السريع بالإضافة إلى الصراعات الداخلية تعتبر من العوامل الرئيسية التي تتسبب في "انعدام يثير القلق للأمن الغذائي" على الصعيدين الوطني والمحلي. وأضاف التقرير أن عدد المتأثرين بانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية يزيد خمس مرات عن مثيله في المناطق الحضرية.

وفي السياق نفسه، أشار التقرير الصادر عن المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء: "اذا لم يتم إتخاذ أي إجراء، من المتوقع أن يبقى الأمن الغذائي في مستوياته المتدنية للغاية حتى عام 2020، و سيظل اليمن عرضة للصدمات الخارجية والكوارث". وكشف التقرير أنه على مستوى المنازل لا يملك 32.1 بالمائة (7.5 مليون من أصل 23 مليون نسمة في البلاد) ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجاتهم، وبهذا يصنف اليمن ضمن الـ10 دول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم. ووفقا لجهاز الإحصاء المركزي التابع للحكومة، واجه اليمن انخفاضاً مطرداً فى انتاج الحبوب منذ عام 2007 نتيجة للصراعات الداخلية وتضاؤل الموارد المائية بالإضافة إلى زيادة زراعة نبات ‘القات’ وهو مخدر خفيف المفعول يمضغه الكثير من اليمنيين، و يحتاج للكثير من المياه لزراعته. ومن جهته أفاد يحيى الحباري، وهوعضو في مجلس الشورى أن 70 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن تستخدم لزراعة ‘القات’، في الوقت الذي تتعدى فيه واردات القمح في البلد 2.5 مليون طن سنوياً.

وألقي يحي باللوم على حركات الهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية بأنها السبب وراء تدهور الأمن الغذائي. وقال " يتحجج المزارعون بنقص المياه وقلة نزول الأمطار للامتناع عن الزراعة والهجرة إلى المدن بحثاً عن فرص عمل أخرى.....وهذا يزيد من اعتماد اليمن على الحبوب المستوردة من الخارج".

الفجوة بين الريف والحضر

بينما يعتبر انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لدى الأطفال في المناطق الريفية أسوأ بكثير مما هو الحال في المدن التي يسكنها ما لا يزيد عن 29 بالمائة من السكان. مزارع في منطقة أنس يأمل في هطول أمطار أغزر هذا الموسم لزراعة القمح ووفقا للتقرير، يعاني 37.3 بالمائة من سكان الريف من انعدام الأمن الغذائي مقارنة بـ 17.7 بالمائة من السكان في المناطق الحضرية. علاوة على ذلك بلغت نسبة التقزم 62.1 بالمائة من الاطفال في المناطق الريفية مقارنة مع 45.4 بالمائة من الاطفال في المناطق الحضرية.

ويشير التقرير إلى سببين رئيسيين لهذا الفارق الكبير بين المنطقتين هما ندرة المياه وقلة هطول الأمطار خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الزراعة وتربية المواشي، وهما المصدران الرئيسان لكسب المعيشة لدى سكان المناطق الريفية.

وطبقاً لتقرير التنمية البشرية في الوطن العربي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2009، تعتبر اليمن أحد أكثر دول العالم جفافاً، حيث يصل معدل استهلاك الفرد فيها للمياه لحوالي 125 متراً مكعباً في السنة، في حين يقدر المتوسط العالمي لاستهلاك المياه بـ 7500 متر مكعب. وفي الوقت الذي تنخفض فيه الدخول في المناطق الريفية يشهد تعداد السكان زيادة مضطردة وسريعة، إذ تبلغ "نسبة الخصوبة أعلى معدلاتها في المناطق الريفية حيث تنجب النساء الريفيات طفلين في المتوسط أكثر من نظيراتهن في المناطق الحضرية. فالمرأة الريفية في اليمن تنجب حوالي سبعة اطفال (6.7) في المتوسط، في حين لا يزيد معدل الخصوبة الكلي في المناطق الحضرية عن 4.5".

وأسند التقرير أسباب ارتفاع معدلات الخصوبة في المناطق الريفية إلى محدودية فرص الحصول على التعليم. فما يقرب من 70 بالمائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر لا يذهبون إلى المدارس أو لم يكملوا دراستهم الابتدائية، بالمقارنة مع 45 بالمائة فقط من السكان في المناطق الحضرية. وبالنسبة لأحمد محمد الشغداري، وهو مزارع يبلغ من العمر 44 عاماً من منطقة أنس في محافظة ذمار التي تقع 100 كم جنوب العاصمة صنعاء، لم تفده الأمطار الأخيرة لأنها جاءت بعد فوات الأوان لإنقاذ مزرعة البطاطس الخاصة به.

وقال أحمد:"لا يتوفر لدينا الطعام ولا المال في المنزل، وهذا هو سبب لجوئي إلى العمل باليومية في صنعاء لتوفير احتياجات أطفالي الستة، ولم أجن من أسبوعي الأول في صنعاء سوى 1,500 ريال [7 دولارات]، ولاأزال في حاجة لـ 1,500 ريال أخرى لأرسل لأطفالي نصف كيس من القمح [25كيلوغرامات] ". وأضاف أن الخبز والشاي قد أصبحا الغذاء المعتاد لعائلته وللكثيرين في المنطقة. ويرجع علي الخولاني، مدير أحد المراكز الصحية في منطقة أنس، المسؤولية في ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال في القري لهذا النظام الغذائي، قائلاً " تستطيع الأسر الفقيرة أن تستبدل الشاي للأطفال ببدائل أقل تكلفة وذات قيمة غذائية عالية، مثل الفواكه والخضار...كما أن شرب الماء أفضل من الناحية الصحية وأقل من حيث التكلفة، لكن غياب الوعي حول ذلك لايزال يمثل مشكلة." بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

اجتذاب السياح

الى ذلك قال نائب وزير تطوير السياحة اليمني عمر باب الغيث ان اليمن اجتذب بضعة آلاف أكثر من السياح في عام 2009 رغم هجمات القاعدة لكنه يخشى من ان تؤدي تحذيرات السفر الى ابعاد الزوار الراغبين في قضاء عطلات. وقال باب الغيث ان عدد السياح الذين يزورون اليمن ارتفع بنحو ستة الاف في عام 2009 الى 1.1 مليون سائح.

وقال باب الغيث ان التقارير عن المخاطر التي يواجهها الزوار الراغبون في قضاء عطلات والتي تشمل الخطف من جانب قبائل محبطة أو متشددين اسلاميين في البلد المنقسم مبالغ فيها بدرجة كبيرة وتحذيرات السفر التي يصدرها الغرب تمثل تحديا. وتعليقا على المخاطر المحتملة بالنسبة للسياح قال في حديث على هامش معرض سياحة في دبي "ليس لدي أي بواعث قلق على الاطلاق." ويضم اليمن جبالا وعرة وشواطيء بدائية وأنقاض عاصمة مملكة سبأ القديمة.

وقال ان ايرادات السياحة التي تسهم بنحو ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي ارتفع بنسبة اثنين في المئة الى 903 ملايين دولار في عام 2009 مضيفا ان اليمن شهد ايضا مكاسب مهمة في الربع الاول من عام 2010 . ويأتي 70 في المئة من الزوار من منطقة الخليج. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقفز اليمن الى مقدمة المناطق التي تسبب قلقا للغرب بعد ان أعلن ذراع القاعدة في اليمن المسؤولية عن هجوم فاشل على طائرة ركاب امريكية في ديسمبر كانون الاول الماضي.

وتحاول صنعاء ايضا تهدئة تمرد شيعي في الشمال وقمع انفصال في الجنوب ومحاربة القاعدة وجماعات متشددة اخرى تقوض استقراره منذ سنوات. وتخشى حكومات غربية والسعودية من ان يستخدم تنظيم القاعدة اراضي اليمن قاعدة لشن مزيد من الهجمات في المنطقة والمناطق القريبة. ونفذ التنظيم المتشدد عددا من الهجمات على اهداف دولية في اليمن من بينها تفجير المدمرة الامريكية كول في ميناء عدن عام 2000 الذي قتل فيه 17 بحارا.

وقال باب الغيث ان اليمن اتخذ خطوات لجعل البلد أكثر أمنا للسياح تشمل تبني نظام رصد عربات السياح من اجل المحافظة على سلامة الزوار.

وقال "انه نظام يعمل بالكمبيوتر. يمكن تحديد موقع السيارة ومكانها بالضبط. ويمكن ان تعرف اتجاهات هذه السيارة" مضيفا ان المخاطر على السياح في معظم المناطق في اليمن تساوي "صفرا". وقال "يمكنهم التنقل بحرية. وسيحصلون على نصيحة بعدم التحرك الى تلك المناطق بعينها الا في ظل حراسة. لكن توجد مناطق معينة في معظم انحاء الجمهورية حيث يمكن التنقل بحرية."

وحاليا توجد اسرة المانية من خمسة افراد مفقودة في اليمن يحتجزها خاطفون تعتقد الحكومة ان لهم صلات بالقاعدة. وعثر على ثلاث سيدات اخريات اجانب تم احتجازهن مع تلك الاسرة في شمال اليمن في يونيو حزيران قتلى. وقال باب الغيث ان صنعاء ملتزمة بهدف اجتذاب 1.5 مليون سائح بحلول عام 2015 قال دبلوماسيون انه محكوم عليه بالفشل.

وقال باب الغيث "نأمل بالفعل استقبال 1.5 مليون (بحلول عام 2015) وان نحقق ايرادا في حدود مليار دولار وان يكون لدينا 20 مليون ليلة سياحية حيث اننا حققنا بالفعل الان 11 مليون ليلة سياحية." ويحتاج اليمن الذي شهد ضعف عملته منذ بداية العام وغير محافظ البنك المركزي في الشهر الماضي الى ايراد السياحة لتعزيز اقتصاد يواجه تراجع موارده من النفط والمياه وعملة تفقد قيمتها.

44 مليار دولار لتمويل التنمية

من جانبها طالبت الحكومة اليمنية الدول المانحة والمنظمات الإقليمية توفير مبلغ 44 مليار و535 مليون دولار لتغطية احتياجات قطاعات التنمية حتى عام 2015، وذلك في اجتماع الدول المانحة الذي عقد بالعاصمة السعودية الرياض.

وكشفت وثيقة بعنوان "الإعداد والتحضير لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخفيف من الفقر 2011- 2015" عن أن الموارد المالية المطلوبة للإنفاق على أهداف التنمية الألفية خلال تلك الفترة ستتوزع على مجموعة كبيرة من القطاعات. وبحسب الوثيقة فإن 20 مليار دولار ستخصص للتعليم العام والفني والمهني، مقابل 13.8 مليار دولار للصحة، وثلاثة مليارات دولار للمياه والصرف الصحي، ومبالغ أخرى للطرق والكهرباء والتعليم العالي والزراعة والأسماك.

وأظهر التقرير أن نصيب الفرد اليمني من المساعدات والقروض الميسّرة ظل رقماً متدنياً لا يتجاوز 13 دولاراً في المتوسط، في حين يصل متوسط نصيب الفرد في البلدان الأقل نمواً إلى حوالي 44 دولاراً. ويشير التقرير إلى أن هذا الواقع يأتي "رغم تدني مؤشرات اليمن التنموية المتصلة بتحقيق أهداف الألفية التي تعتمدها الدول المانحة كأساس في تحديد حجم مساعداتها." بحسب وكالة السي ان ان .

وأكّد التقرير أن الاقتصاد اليمني يواجه عدداً من التحديات الرئيسية، وأبرزها معدل النمو السكاني حيث "الحصول على خدمات التعليم والرعاية الصحية والخدمات العامة الأخرى، وتوفير فرص العمل، والضغط على الموارد الطبيعية." وذلك إلى جانب شح الموارد المائية حيث "معدلات استنزاف كبيرة وغير مستدامة، وتوسّع زراعة القات التي تستخدم 23 في المائة من استخدامات المياه، واستخدم المياه الجوفية بكثرة،" وفقاً لما أورده موقع المؤتمر نت التابع للحزب الحاكم.

ومن بين التحديات الاقتصادية كذلك تخفيض الاعتماد على النفط من خلال التنويع الاقتصادي حيث "تدني كميات الإنتاج النفطي والصادرات النفطية، وتنمية الإيرادات غير النفطية"، وتعزيز الإدارة الرشيدة والحكم الجيّد من خلال "توفير الأمن والاستقرار، وتعزيز سيادة القانون والمساءلة والشفافية، وتعزيز المشاركة السياسية.

يذكر أن قضايا التنمية تبقى الأساس في اليمن، حيث تبلغ نسبة الزيادة السنوية للسكان، بحسب أرقام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكي لعام 2008 قرابة 3.46 في المائة سنوياً، بينما يتراجع معدل العمر إلى 62.9 عاماً بين السكان الذين يتجاوز عددهم 23 مليون نسمة.

وتحذر الوكالة من مخاطر صحية كبيرة في اليمن، إذ كانت نسبة النمو خلال 2008 أقل من ثلاثة في المائة، مع تراجع أسعار النفط الذي ينضب بسرعة في البلاد، وتصل نسبة البطالة إلى 35 في المائة، في حين يعيش أكثر من 45 في المائة من السكان دون خط الفقر، مع توقع ازدياد تدهور الوضع بسبب تراجع المساعدات الدولية جراء الركود العالمي.

جرائم الاطفال

فيما كشف تقرير أمني يمني عن تورط 4061 من الأطفال في جرائم بنسبة تقدر بنحو 6 بالمائة بمختلف أنواعها في عموم محافظات اليمن خلال العام الماضي وخلفت عشرات الأشخاص ما بين قتيل وجريح.

وقال التقرير الأمني السنوي الصادر عن وزارة الداخلية اليمنية ، إن الجرائم التي ارتكبها الأطفال تشكل ما يساوي نسبة 5.9 في المائة من الإجمالي العام للمتهمين العام الماضي. وذلك وفقاً لصحيفة "الاقتصادية" السعودية . وأَضاف التقرير، بلغ عدد المتهمين من الأطفال الذكور نحو 3851 متهماً, في حين بلغ عدد المتهمات من الأطفال الإناث 210 متهمات وهو أقل بـ 28 متهمة عن عدد المتهمات من الإناث الأطفال في العام 2008، واللواتي بلغ عددهن 238 متهمة مسجلة نسبة انخفاض مقدارها 11.8 في المائة, فيما سجل عدد المتهمين من الأطفال الذكور نقصاً عددياً مقداره 380 متهماً، ونسبة انخفاض بلغت 8.9 في المائة مقارنة بعدد المتهمين من الأطفال الذكور في العام 2008 الذين بلغ عددهم 4251 متهماً. وأوضح التقرير أن أمانة العاصمة صنعاء سجلت أكبر عدد من المتهمين الأطفال، وبلغ عددهم 1197 متهماً بينهم 36 أنثى، تأتي بعدها محافظة حجة الحدودية مع السعودية بعدد 578 متهم بينهماً 29 أنثى, فيما جاءت محافظة تعز في المرتبة الثالثة بـ 537 متهم بينهم 78 أنثى, ثم محافظة الحديدة بـ 382 متهماً بينهم 15 أنثى، وفي المرتبة الخامسة محافظة عدن بـ 396 متهما بينهم 16 أنثى.

معاناة أخرى

من جهتهم تعرض المزارعون في محافظة صعدة شمال اليمن لأضرار كبيرة بسبب المواجهات المسلحة الأخيرة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، وفقاً لبعض المزارعين والمسؤولين.

وكان حوالي 60 بالمائة من الأراضي الزراعية في صعدة قد تعرض للهجر أو النهب أو التدمير خلال موجهات عام 2008، وفقاً لمحمد عماد، رئيس المجلس المحلي بصعدة، الذي أشار إلى أن "الرقم قد يكون أعلى من ذلك خلال الاشتباكات التي وقعت عام 2009 والتي كانت أشد ضراوة وأكثر انتشاراً واستمرت لفترة أطول". وأوضح أن أكثر من 140,000 شخص في صعدة يعتمدون على زراعة الرمان والخوخ، مشيراً إلى أن "سبل عيشهم معرضة للخطر لأنهم لم يتمكنوا من كسب المال خلال موسم الحصاد الماضي الذي تزامن مع الاشتباكات".

وكانت مفاجآت غير سارة بانتظار العديد من الفارين من القتال لدى عودتهم للاطمئنان على أراضيهم. ومن بين هؤلاء، يحيى علي القاضي، من مديرية رازح في جنوب المحافظة، الذي قال: "هربنا من منزلنا في منتصف شهر أغسطس [2009]، أي قبل شهرين من نضج محصول الذرة وحلول موعد حصاده. وعندما زار والدي المزرعة في مطلع شهر مارس [2010] وجد أنها لا تصلح إلا لعلف الحيوانات". ويعيش يحيى وسبعة من أفراد أسرته في خيمة في منطقة خيوان بمحافظة عمران المجاورة، ويصف مدى تضررهم قائلاً: "كانت المزرعة تشكل مصدر رزقنا الرئيسي لسنوات عدة وكانت تنتج لنا ثلاثة أطنان من الذرة سنوياً. كنا نأكل نصف طن ونبيع الباقي لتغطية الاحتياجات الأخرى". وتعتزم أسرة يحيى العودة إلى ديارها ولكنها قلقة بشأن تمكنها من التكيف مع الأوضاع هناك، حيث قال يحيى: "إذا عدنا، سنحتاج لدخل حتى موسم الحصاد المقبل".

تعفن الفواكه

من جهته، أخبر خالد عبد الله الجبري، رئيس مكتب الزراعة والري في صعدة، أن جميع المزارعين في صعدة تضرروا بسبب القتال. وأضاف أن "عشرات الآلاف من المزارعين فروا تاركين وراءهم محاصيل نصف ناضجة، أما الذين ظلوا في ديارهم فلم يتمكنوا من إيصال منتجاتهم إلى السوق". وأفاد أن محاصيل الرمان والعنب والتفاح كانت على وشك التعفن، وانه لم يكن أمام العديد من المزارعين أي خيار سوى إحضار منتجاتهم لمخيمات النازحين في صعدة. وأوضح أن 70 بالمائة من سكان صعدة (الذين يقدر عددهم بحوالي 795,000 نسمة، حسب هيئة الإحصاء المركزية التابعة للحكومة) يعتمدون على الزراعة لكسب رزقهم. نقص الوقود والمياه، كما وجد الأشخاص الذين اختاروا البقاء في ديارهم، خاصة في الأجزاء الجنوبية والغربية من محافظة صعدة، صعوبة في الحصول على المياه لمحاصيلهم بسبب ارتفاع أسعار الديزل اللازم لتشغيل المضخات لسحب المياه من الآبار الارتوازية. وقال سعد الصياغي، وهو مزارع رمان في مديرية صحار بصعدة، أن "سعر الديزل ارتفع من 35 ريال يمني [17 سنتاً] إلى 150 ريال يمني [73 سنتاً] للتر الواحد مما رفع تكلفة ضخ المياه بشكل كبير".

وأضاف أن "مزارعي الرمان توقفوا عن سقي محاصيلهم بعد ارتفاع سعر ضخ المياه للساعة الواحدة من 1,500 ريال يمني [7.34 دولار] إلى 4,000 ريال يمني [20 دولاراً]". وقد أغلقت الكثير من محطات الوقود أبوابها ولم تستطع الشاحنات الدخول إلى المحافظة خلال الاشتباكات التي وقعت بين شهر أغسطس 2009 وفبراير 2010.

المزارعون بحاجة إلى المساعدة ويحتاج المزارعون النازحون لأي مساعدة يمكنهم الحصول عليها، وفقاً لإسماعيل محرم، رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي في محافظة ذمار، وسط اليمن. وأفاد محرم أن "المزارعين النازحين سيفكرون في العودة إلى ديارهم وزراعة أراضيهم إذا توفر لديهم بعض الطعام والمال لتغطية تكاليف الزراعة حتى موسم الحصاد". ووفقاً لمحرم، تخطط الحكومة لمنح المزارعين بصعدة جرارات بنصف الثمن وقروض ملائمة حتى يتمكنوا من شرائها تدريجياً وبالتقسيط.  بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

مقاعد الدراسة

من جانب اخر بدأت الخطة الحكومية التي استمرت طيلة السنتين الأخيرتين، والقاضية بتقديم حوافز مالية للآباء في المناطق الريفية بمحافظتين من أفقر محافظات اليمن، من أجل إرسال بناتهم إلى المدرسة أو الحيلولة دون انقطاعهن عنها، تؤتي ثمارها في ظل ارتفاع معدل التحاق الفتيات بالمدارس بنحو 9 بالمائة في المدارس المستهدفة، وفقاً لمسؤولي التعليم.

فقد بدأت إدارتي التربية والتعليم في محافظتي لحج بالجنوب والحديدة بالغرب، في إطار برنامجهما للدعم المالي المشروط، إعطاء الفتيات مساعدة مالية سنوية قدرها 8,000 ريال يمني (35 دولاراً) على دفعتين، وفقاً لوكيلة وزارة التربية والتعليم لقطاع تعليم الفتاة لطفية حمزة. وأوضحت حمزة أنه "للحصول على هذا المال تلتزم الفتاة بحضور ما لا يقل عن 80 بالمائة من الحصص في كل فصل دراسي". وتشكل الخطة جزءاً من مشروع وزارة التربية والتعليم لتطوير التعليم الأساسي بدعم من البنك الدولي وإدارة التنمية الدولية البريطانية والحكومة الهولندية. ويهدف المشروع لمساعدة اليمن في توسيع نطاق التعليم الأساسي الجيد ليشمل الجميع مع إيلاء اهتمام خاص للمساواة بين الجنسين.

الفجوة بين الجنسين

ووفقاً لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2007، فإن 43 بالمائة من الفتيات و67 بالمائة من الفتيان كانوا مسجلين في التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي في البلاد. كما لم تكن سوى 35 بالمائة من الفتيات يعرفن القراءة والكتابة مقارنة بـ 73 بالمائة من الفتيان.

وتهدف استراتيجية الحكومة اليمنية في مجال التعليم إلى الوصول إلى 90 بالمائة من جميع الفتيات في المدارس بحلول نهاية هذا العام و95 بالمائة بحلول عام 2015. كما تهدف إلى تقليص الفجوة في الالتحاق بالمدارس بين الفتيان والفتيات إلى 11 بالمائة.  ويسعى نظام الحوافز للحد من الفقر ومعدلات النمو السكاني من خلال ضمان تعليم الفتيات، حيث أفاد أحمد العرشي، مدير وحدة تطوير التعليم الأساسي في وزارة التربية والتعليم أن "الفقر في اليمن مرتبط بالنمو السكاني السريع. فعندما تصل الفتيات إلى مستويات أعلى من التعليم يدركن أهمية تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات، وهو ما يعد مفتاحاً لتخفيف حدة الفقر". وأضاف أن العديد من المشاكل الاجتماعية بما فيها الزواج المبكر وسوء التغذية لدى الأطفال تنتج عن ارتفاع معدل الأمية بين الإناث في اليمن. وأوضح أنه "من خلال حصولهن على فرص التعليم أو باستكمال تعليمهن، سترفض الفتيات الزواج في سن مبكرة. كما لن يقوم الآباء بإجبارهن على الزواج في سن مبكرة عندما يرون أنهن يواظبن على الذهاب إلى المدرسة بدعم من برنامج الدعم المالي المشروط".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آب/2010 - 12/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م