أديان ومجتمعات تقترب وتبتعد من الله

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تتباين العلاقة بين الخالق والإنسان حسب طبيعة ودرجة الإيمان الذي يعتمر قلبه ويرسخ عقيدته، فيما تلعب الأجواء المحيطة في بعض الأحيان دورا كبيرا في تلك العلاقة من حيث درجات الامتثال والصلة بين الإنسان وخالقه وحسب طبيعة المجتمع، وقد لعبت الأديان وطريقة فهم علاقة المذكورة في تاريخ الأمم والشعوب دورا محوريا في ثقافاتها وسلوكياتها بشكل مباشر ومؤثر، حتى باتت صفة التدين وعدمه ملاصقة لبعض منها، فيما برزت العديد من الشخصيات وانفردت عن أقرانها من أفراد المجتمع في شكل العلاقة والالتزام بالدين او العكس.

السنة والشيعة

فمثلا يعاني المسلمون في العاصمة الجورجية تبليسي من قلة عدد المساجد، ففي هذه المدينة لا يوجد سوى مسجد واحد ،الا انه استطاع ان يوحد بين المذاهب الإسلامية بعد ان كان يفرقهم بحاجز اصطناعي وفقا لموقع روسيا اليوم.

ففي هذا المسجد كان السنة والشيعة يؤدون الصلاة على حدة ويفصل بينهم حاجز يقسم المسجد الى شطرين، ولكن الشيخ علاء علييف القائم باعمال المسلمين في جورجيا تمكن من توحيد الطائفتين وازالة الحاجز الذي يفصل بينهما في هذا المسجد.

وبهذا الصدد، قال الشيخ علاء علييف " قبل ان ُاعين خطيب جمعة في هذا المسجد كانت الامور صعبة حيث يدخل السنة والشيعة الى المسجد من ابواب مختلفة ويؤدون الصلاة كل حسب معتقده وبشكل منفرد. 

ويضيف، وقتها توجهت الى الجميع خلال القائي خطبة الجمعة مناشدا اياهم توحيد القلوب والنفوس وازالة الحاجز بين المنبرين السني والشيعي وقد استجاب الجميع لطلبي".

ورغم ازالة الحاجز فان خطبة الجمعة ما تزال تلقى هنا من قبل خطيبين شيعي وسني كل على حدة، ولكن هذا الامر لم يؤثر على المصلين الذين يستمعون الى الخطيبين باهتمام.

وابدى المسلمون رضاهم عن ازالة الحاجز املين ان يكون ذلك تمهيدا لتوحيد خطبة الجمعة ايضاً في هذا المسجد.

ويجدر بالذكر الى ان عدد المسلمين في العاصمة الجورجية ذات الغالبية المسيحية الارثوذكسية يناهز  35 الف مسلم ويتطلعون بامل ان تقدم الدول الاسلامية المساعدة اللازمة لبناء مساجد اخرى.

إسلام يهودي ألماني

الى ذلك ذكر تقرير أن الكاتب اليهودي الألماني الشهير هنريك برودر أشهر إسلامه بعد سنوات طويلة قضاها في مهاجمة الإسلام.

ووفقاً لصحيفة "عكاظ" أكد "برودر" أمام الآلاف من الألمان أن "الإسلام هو دين السماحة وليس دين تعصب".

وأعلن الصحافي "برودر" بشكل مفاجىء اعتناقه الدين الإسلامي قائلاً "لقد أسلمت، لقد تخلصت من الضياع، لقد أدركت الحقيقة"، معرباً عن سعادته بالعودة لدين الفطرة.

وقد أدى الكاتب الألماني في مجلة دير شبيغل الألمانية، وصاحب أكثر الكتب مبيعاً في ألمانيا العام 2007 بعنوان "هاي.. أوروبا تستسلم"، الشهادة أمام شاهدين وأصبح يدعى بـ "هنري محمد برودر".

ووفقاً للصحيفة السعودية اليومية، قال برودر، الذي كان يرفع شعار "لا أريد لأوروبا أن تستسلم للمسلمين" معقباً على إسلامه، أمام شاشات التليفزيون الألماني قوله "أنا الآن عضو في أمة تعدادها 1.3 مليار إنسان في العالم معرضون للإهانة باستمرار وتنجم عنهم ردود أفعال على تلك الإهانات، وأنا سعيد بالعودة إلى بيتي الذي ولدت فيه".

وذكرت الصحيفة، أن بعض أعداء الإسلام من الألمان استقبلوا إسلام "برودر" بمرارة بعد حربه الطويلة على الإسلام واعتبر بعضهم - كما أفاد موقع (فيلت أون لاين) الإلكتروني - هذا بمنزلة صدمة للألمان ذوي التوجه المعادي للمسلمين، والذين كانوا يقرأون بلهف ما ينشره بغزارة.

التفكير بالله

في سياق متصل أظهرت دراسة كندية جديدة أن التفكير بالله يطمئن المؤمنين ويخفف من احتمال ارتكابهم الأخطاء المتعلقة بالقلق غير أنه قد يزيد من إرباك الملحدين ويعرضهم للأخطاء.

وذكر موقع "لايف ساينس" أن الباحثين في جامعة تورنتو- سكاربوروغ قاسوا الموجات الدماغية المتعلقة بنوع معين من ردات الفعل القلقة عندما ارتكب المشاركون أخطاءً في اختبار.

وظهر أن الأشخاص الذين استعدوا قبل الاختبار بأفكار دينية كانوا أقل عرضة لارتكاب الأخطاء مقارنة بالذين لم يستعدوا. وقال معد الدراسة مايكل إنزليشت "85 بالمئة من الناس لديهم نوع من المعتقدات الدينية".

وأظهرت الدراسة أنه حين يفكر الناس بالله والدين، تكون ردة فعل أدمغتهم مختلفة ما يحدّ من احتمال ارتكابهم الأخطاء الناتجة عن القلق.

وقد كتب المشاركون كلمات تتعلق بالله قبل الاختبار، ثم قاس الباحثون نشاطهم الدماغي بينما كانوا يقومون باختبار على الكمبيوتر تم اختياره بدقة لاحتمال ارتكاب الكثير من الأخطاء فيه.

وظهر أنه حين يفكر الأشخاص المؤمنون، بالله يتراجع النشاط الدماغي في منطقة معينة من الدماغ التي تنذر الإنسان حين يقوم بخطئ ما.

غير أن ردة فعل الملحدين كانت مختلفة، فحين يفكر الناس بالله يمنحهم ذلك شعوراً بنظام معين في العالم وشرح الأحداث العشوائية ما يخفف شعورهم بالقلق.

غير أن تفكير الملحدين بالله قد يتعارض مع النظام الذي يعتنقونه ما قد يسبب لهم القلق ويدفعهم إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء.

الاخلاص للدين

فيما اشار بحث جديد الى ان الامريكيين الاصغر سنا والذين تتراوح اعمارهم ما بين 36 و 50 عاما يحتمل ان يكونوا اكثر تمسكا بالدين من مواليد الانفجار السكاني ابان الحرب العالمية الثانية.

وقال فيليب شواديل من جامعة نبراسكا-لينكولن في دراسة نشرت في دورية الدراسة العلمية للدين Scientific Study of Religion ان هذا صحيح حتى وان كانوا اقل مما كان عليه الاجيال السابقة الذين تربوا على الدين. وقال ان هذه النزعة "انباء سارة لاولئك القلقين على تراجع الالتزام الديني."

وعزا شواديل الاخلاص الكامل للجيل الاصغر للدين الى تزمت اقل وزيادة المشهد الديني الابتكاري في امريكا اليوم فيما كان الدين في الماضي اكثر تحفظا واقل تنوعا واكثر التزاما.

واضاف اذا كان البشر غير سعداء بدين واحد الان يمكنهم بسهولة التحول الى ملة او دين مختلف.

وعلى النقيض فان مواليد الانفجار السكاني كانوا جيلا اكثر تمردا وعانوا ثقافة مناهضة جعل دينا معينا هو دين الدولة في الستينات.

واستند شواديل في نتائجة الى مسح اجتماعي عام على اكثر من 37 الف شخص في الفترة ما بين 1973 و2006 يراقب التغير والتعقيد المتنامي للمجتمع الامريكي.

ووجد ان نسبة الامريكيين الذين ليس لهم انتماء ديني تضاعفت في التسعينات واستمرت في الزيادة في العقد الاول من هذا القرن. بحسب رويترز.

وارتفع عدم الانتماء لاي دين من 6 الى 8 بالمئة في السبعينات وفي الثمانينات وصل الى 16 بالمئة تقريبا في 2006.

وعزا شواديل التغير الى ما وصفه "برد فعل عنيف من جانب الليبراليين السياسيين ضد التيار المحافظ في الثمانينات والتسعينات."

واشار الى ان الليبراليين الذين ليس لهم سوى صلة بسيطة بالدين ربما قرروا ترك دينهم بسبب تشديد المحافظين على الدين.

أجراس الكنائس

من حهتهم طالب اتحاد الملحدين الايطاليين في بيزا في منطقة توسكانة بفرض قواعد اكثر صرامة على استعمال اجراس الكنائس، مؤكدا ان عددا كبيرا من المواطنين يتذمر من الضجيج الذي تصدره صباح يوم الاحد.

وقال جوفاني مينيتو، المسؤول المحلي عن اتحاد الملحدين الايطاليين ان "البلدية تعد قوانين تنظيمية جديدة تعنى بالازعاج الصوتي، وقد ارسلنا اقتراحنا الذي يقضي بالسماح بقرع الاجراس كل ايام العطلة من الساعة التاسعة صباحا حتى الواحدة بعد الظهر، ومن الرابعة بعد الظهر الى الثامنة مساء".

اتحاد الملحدين هذا الذي يسعى لازالة الصلبان من المدارس الرسمية الايطالية قدم اقتراحا بهذا الصدد للبلدية التي ستناقشه في ايلول/سبتمبر المقبل، على ما اوضح مينيتو.

ويؤكد الاتحاد في رسالة الى البلدية "تلقينا شكاوى بسبب الضجيج المفرط الذي تصدره مكبرات الصوت في الوسط التاريخي لبيزا خلال المواكب الدينية التي امتدت الى ما بعد الساعة العاشرة ليلا". بحسب فرانس برس.

وتابع الاتحاد "بما انه لا يبدو لنا ملائما السماح بمرور موكب نقابي مع مكبرات صوت ليلا، لا نفهم لماذا لا يمكن ان تجري هذه المراسم الدينية الصاخبة في وضح النهار قبل الساعة الثامنة ليلا".

ويقدم الاتحاد على موقعه الالكتروني عدة نصائح لمكافحة الضجيج الذي تصدره اجراس الكنائس، من بينها ملء استمارة معدة مسبقا. وهو يذكر بأن محكمة النقض اكدت في العام 1998 ان قرع الجرس كل ساعة يمكن ان يعتبر جنحة، وحتى قرع الاجراس خلال القداس يمكن ان يشكل مخالفة "في حال تخطى عتبة احتمال" الضجيج.

ويذكر الاتحاد على سبيل المثال حالات كهنة فرضت عليهم غرامات ل"قض مضجع اشخاص يقيمون في جوار الكنيسة" التي تحدث اجراسها ضجة كبيرة.

ترجع المترددون على الكنيسة

من جهة اخرى  ذكرت صحيفة ان رقما قياسيا يبلغ 100 الف من النمساويين من المتوقع ان يحجموا عن التردد على الكنيسة الكاثوليكية هذا العام بعد فضائح الاعتداء الجنسي التي اضرت بشدة بصورة الكنيسة.

وقالت صحيفة دير ستاندرد اليومية النمساوية ان نحو 57 الفا هجروا الكنيسة في الاشهر الستة الاولى من العام مستشهدة باحصاءات من السلطات المحلية للبلاد. وهذا بالفعل اكثر من الاجمالي السنوي في 2009 عندما احجم 53216 عن التردد على الكنيسة.

ولم يتسن الوصول الى المتحدث باسم كردينال فيينا كريستوف شونبورن - الذي سيعلن عن احصاءات رسمية في يناير كانون الثاني 2011 - للحصول على تعليق.

وظهرت مئات التقارير بشأن الاعتداء الجنسي على الاطفال في المؤسسات الكاثوليكية النسماوية بالتزامن مع استقالة رئيس دير للرهبان في سالزبورج في ابريل نيسان بعد ان اعترف بالاعتداء جنسيا على صبي قبل 40 عاما.

واصابت أزمة الاعتداء الجنسي الولايات المتحدة وعدة دول اوروبية اخرى بما فيها المانيا الموطن الاصلي للبابا. بحسب رويترز.

وتلعب الكنيسة دورا هاما في النمسا - وهي دولة محافظة في جبال الالب تعداد سكانها ثمانية ملايين نسمة - حيث وصف ثلثا السكان انفسهم بانهم كاثوليك في 2008.

ووبخ البابا بنديكت الكردينال شونبورن في يونيو حزيران بعد ان اتهم علانية نظيرا له بالتستر على الاعتداء الجنسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آب/2010 - 7/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م