شهر رمضان.. فلتر الإنسان

حسن محمد الأنصاري

شهر رمضان المبارك فرض جبرا إنهاء الاجازات الصيفية للجميع والعودة لأرض الوطن. في شهر الصيام ينشر الله سبحانه وتعالى بساط الرحمة والمغفرة على الرؤوس ولا يتحسس بملمس هذا البساط الرحماني إلا الصائم، فيشعر بالأجواء قد تغيرت من حوله!.

هذا الشهر أيضا له قدرة خاصة على جذب الأرواح نحو التعبد وقراءة القرآن واجتناب المعصية والتسامح مع الآخرين، بمعنى ان الذي لا يستطيع هذا الشهر بجذبه لعملية فلترة جذرية فلا خير فيه! المسجات تتزاحم في الفضاء وهي تحمل التهاني والكلمات الروحانية العطرة وهذا الشهر أيضا له نكهة خاصة بتبادل الزيارات والتواصل وهذه أيضا فرصة أخرى للتسامح والتقارب، وكم هو جميل أن يقول الواحد للآخر :»ببركة هذا الشهر الفضيل أرجو أن تسامحني».

ويا لروعة التواضع والاحسان ليطفو العفو فوقهما ويكسو بساط الرحمة الإلهية رأسيهما حين يكون الجواب:«مسموح وأرجو منك أن تسامحني» ويا لصفاء الأرواح حين تنتشر فيها ضياء كيمياء الصيام المضادة للشوائب التي تسرطن السلوكيات والصفات الرذيلة ولا تسمح لها بالازدهار بعد أن تكافحها من جذورها.

أيها الانسان، صيام جسدك عن الطعام والشراب عبادة لله سبحانه وتعالى وصيام سلوكك وصفاتك عن الرذائل فهي عبادة للمجتمع فأجعل من روحك قبلة طاهرة يتقبلها الآخرون فيتجهون نحوك حتى تنال التكامل في العبادة ما بين الروح والجسد!

وخير من يمثل هذه الأمة بجعل أرواحهم قبلة للتسامح والتقارب هم النخبة من رجال الدين والعلماء المصلحين فمن صام منهم معتمدا نص الرؤية أو اعتمد الحساب الفلكي فقد اجتهد والاجتهاد الفقهي لا يفسد الود بل هو تقاطع اللقاء والمودة والمحبة والتشاور فيما بينهم خدمة للمجتمع وهنا يكمن سر نكهة التعبد في شهر رمضان الكريم!

 السياسيون والمثقفون ورجالات الدولة هم أيضا من النخبة بل حتى أبناء الأسرة الحاكمة، عليكم جميعا استغلال هذا الشهر الفضيل للتقارب والتسامح مع عدم فرض أجندات جانبية تزيدنا رهقا وقهرا وثقلا فوق الأجندات التي فرضت علينا وتشغل فكرنا وتشل أنشطتنا وتزيل عن عيوننا مشاهد المستقبل حتى أصبحنا وكأننا مجتمع فاقد لنعمة البصر والبصيرة!. قد نختلف أن نصوم الأربعاء أو الخميس فالأمر لا غرابة فيه ولكن الأمر يكون غريبا حين يفقد الصيام القدرة على تصفية الأرواح والأجساد والقلوب.

اللهم أجعله شهرا مباركا فضيلا مغمورا بالمحبة والمودة واللهم وأنشر بساط الرحمة والمغفرة في أرجاء السماء لينزل على قلوب العباد في أرجاء الأرض بقبول الدعاء. وصل اللهم على خير الخلق محمد وعلى آله وصحبه الأخيار.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آب/2010 - 6/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م