إيران والعراق... الإخوة الألداء

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو أن السلم الطويلة التي أعقبت حرب الثمان سنوات لم تستطع الى الآن إزاحة تراكماتها الاجتماعية أو آثارها السياسية، فعلى الرغم من مزاعم إيران في حرصها على امن وسياسة العراق، واستثناء شعبه الذي كان يرزح تحت حكم الطاغية من عدائها للدكتاتور، إلا إن بعض الأطراف في الجمهورية الإسلامية تصر على دفع العراق الثمن على حرب قد أسدل ستارها من أكثر من عقدين.

وتتهم العديد من الأوساط العراقية والأمريكية إيران بدعم عمليات العنف في العراق، وتمويل الجماعات المتشددة بالأسلحة والمتفجرات، بعد ان أطبقت القوات العراقية على كميات كبيرة من الأعتدة الإيرانية حديثة الصنع.

تعويضات عراقية

فقد أعلن عضو لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الاسلامي الايراني (البرلمان)عوض حيدر بور ان العمل جارٍ في المجلس لاعداد مشروع قرار يلزم الحكومة بمتابعة قضية طلب تعويضات عن الحرب العراقية على بلاده.

ونسبت وكالة «مهر» شبه الرسمية الى حيدر بور قوله انه «لو أراد العراق دفع التعويضات لايران على أساس سعر برميل النفط 70 دولارا فان عليه ان يعطي لايران مليون برميل من النفط يومياً على مدى خمسين عاماً حتى يعوض جزءا من أضرار تلك الحرب».

وأضاف ان حكومة العراق في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين تسببت لايران بأضرار تقدر بـ «1000 مليار دولار» خلال عدوانها على ايران، وذلك في اشارة الى الحرب الايرانية العراقية(1988/1980).

وقال حيدر بور انه مع بعض نواب البرلمان «يعكفون حاليا على اعداد مشروع قرار يلزم الحكومة بمتابعة قضية أخذ تعويضات الحرب من العراق».

وأضاف ان الحكومة ستكون ملزمة وفقا لهذا المشروع بمتابعة هذا الموضوع بشكل جدي عن طريق المحافل الدولية وخاصة منظمة الأمم المتحدة من اجل اجبار الحكومة العراقية على دفع التعويضات عن أضرار الحرب. بحسب يونايتد برس.

إيران هي السبب

على صعيد كتصل اظهر استطلاع للراي اجراه مركز الشرق للبحوث ونشره ان غالبية العراقيين يعتقدون ان ايران تشكل العقبة الاكبر امام تشكيل الحكومة العراقية.

واظهر الاستطلاع الذي شمل عينة من 12000 شخص في محافظات العراق كافة ان 41,2% من العراقيين يرون ان "ايران وراء تاخر تشكيل الحكومة". فيما يرى 31,5% ان الولايات المتحدة هي السبب.

واعتبر نحو 11,5% ان دول الخليج العربي وراء ذلك، فيما رأى 8,9% ان السعودية هي السبب.

وشمل الاستطلاع الذي اجري من مطلع حزيران/يونيو الى نهايته، المناطق الحضرية والريفية، والذكور والاناث.

واعتبر 38,3 بالمئة من المستطلعين ان الصراع على السلطة وراء تاخير تشكيل الحكومة، فيما رأى 19 بالمئة ان تدخل دول الجوار السبب في ذلك، بينما اعتبر 17,5 بالمئة فشل العملية الديمقراطية هي السبب".

وحول افضل شخصية لرئاسة الوزراء، اختار 35,5% من المستطلعين ان نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية، فيما فضل 25,5% منافسه اياد علاوي، و15,8% عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته.

وحصل نوري المالكي في الانتخابات التي جرت في السابع من مارس/اذار الماضي على اعلى نسبة اصوات مع اكثر من سبعمائة الف صوت في بغداد التي شارك فيها نحو مليوني شخص، فيما حصل علاوي على نحو اربعمائة الف صوت.

واعتبر نحو 43% ان نوري المالكي سيشغل المنصب، فيما راى 25,6% انه سيهود لعلاوي، فيما ابدى 10,6% اعتقادهم ان عادل عبد المهدي هو من سيتسلم رئاسة الوزراء.

واعتبرت غالبية المستطلعين، بنسبة 47,1%، ان الرئيس الحالي جلال طالباني هو الشخصية الافضل لتسلم رئاسة الجمهورية مرة ثانية.

وحول الشخصية المفضلة لرئاسة البرلمان اعتبر 20,2% ان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته هو الافضل، وحصل اياد السامرائي رئيس البرلمان السابق على 11,5% وتلاهما كل من عادل عبد المهدي وابراهيم الجعفري مع نحو سبعة بالمئة لكل منهما.

وعلى الرغم من مرور خمسة اشهر على الانتخابات الا ان مسالة تشكيل الحكومة لاتزال تراوح مكانها بسبب التنافس على منصب رئاسة الوزراء.

وحصلت "القائمة العراقية" بزعامة اياد علاوي على اكبر عدد في المقاعد (91 مقعدا) في الانتخابات التشريعية لكن زعيمها لم يتمكن من تشكيل الحكومة بسبب مواقف منافسيه.

فقد شكلت قائمة "دولة القانون" (89 مقعدا) بزعامة المالكي، تحالفا مع "الائتلاف الوطني العراقي" (70 مقعدا من اصل 325) اطلق عليه "التحالف الوطني".

واعلنت القائمتان تحالفها رسميا في الرابع من ايار/مايو الماضي، بهدف قطع الطريق امام القائمة العراقية التي اصبحت في موقف صعب بعد هذا التحالف، كون القانون يعطي منصب رئاسة الحكومة الى الكتلة الاكبر في البرلمان.

ومركز الشرق للبحوث شريك لمؤسسة غالوب ومؤسسة الزغبي الدولية، كما هو عضو في الجمعية العالمية لباحثي الراي العام في جامعة نيوجرزي والجمعية العالمية لبحوث السوق في هولندا وشريكة منظمة الراي العام العالمي في واشنطن.

واجرت المؤسسة التي تعمل في العراق منذ خمس سنوات عددا من الاستطلاعات في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية في البلاد.

سفير ايران في بغداد

من جهته شن سفير ايران الجديد لدى العراق هجوما لاذعا على من يتهم طهران بالتدخل بالشأن العراقي وقال ان ايران ستقاضي كل من يتهمها بالقيام بمثل هذا التصرف.

وكرر حسن دنائي في مؤتمر صحفي عقده في مقر السفارة الايرانية بوسط بغداد شجبه لكل من يتهم ايران بذلك من مسؤولين او احزاب عراقية وقال "نشجب التصريحات التي كانت تأتي على لسان بعض المسؤولين ونعتقد ان من حقنا ان نقاضي بعض هؤلاء بالمحاكم وان تكون هناك متابعات قضائية توجه لمثل هذه التصريحات التي ترد عل لسان هؤلاء."

ووصف دنائي هذه الاتهامات بانها "افتراءات موجهة الى الجمهورية الايرانية الاسلامية وهي لا اساس لها من الصحة ونرفضها جملة وتفصيلا."

وقال السفير الايراني الذي قدم اوراق اعتماده سفيرا لايران قبل ايام معدودة خلفا للسفير السابق حسن كاظمي قمي "ايران لا تتدخل مطلقا في اي شأن من شأنه ان يزعزع امن واستقرار العراق وان يؤدي الى خسائر مالية او بشرية."

وكانت اطراف سياسية عديدة قد اتهمت ايران بالتدخل في العراق سياسيا وامنيا. ووصفت اطراف وشخصيات سياسية عراقية عديدة ايران في اكثر من مناسبة بانها اللاعب رقم واحد في الشأن العراقي سواء فيما يتعلق بالشأن السياسي او الامني.

وقال دنائي "نحن نقول بهذا الصدد ان امثال هؤلاء يريدون تبرير ضعفهم من خلال توجيه الاتهام الى جهات اخرى."

وأضاف "نوصي هؤلاء ونقول لهم من اجل الا يعيدوا تكرار مثل هذه التصريحات فليتحدثوا مع ابناء الشعب العراقي بكل صدق ولتكن تصريحاتهم تتوخى الدقة لا ان يتناولوا مثل هذه التهم والافتراءات ويبادروا الى افتعال الاجواء ضدنا وضد الاخرين."

وعن موقف ايران من مسألة تشكيل حكومة عراقية قال السفير الايراني الذي كان يتحدث عبر مترجم "نحن ندعم حكومة عراقية منبثقة عن ابناء الشعب العراقي وان تكون هذه الحكومة متناغمة مع الدستور العراقي وان تحتضن جميع الاطياف."

وأضاف "نحن بكل تأكيد نبذل ما بوسعنا ونقدم النصح الى اصدقائنا في العراق وهم كثر في العراق... ومن مختلف الاطياف."

وكان مسؤولون عراقيون بارزون من ضمنهم نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية قد اشتكوا مرارا من تدخل اقليمي في تشكيل الحكومة الجديدة التي يسعى الفرقاء السياسيون والكتل النيابية الفائزة بالانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس اذار الى تشكيلها رغم مرور اكثر من خمسة اشهر على اجراء الانتخابات.

وصرح المالكي قبل ايام في مقابلة مع رويترز بأن استمرار التدخل الاقليمي لن يؤدي الى تشكيل حكومة عراقية.

وفي سؤال عن تعويضات حرب الخليج الاولى بين العراق وايران التي دامت من عام 1980 الى 1988 والتي تطالب طهران بغداد بدفعها قال السفير الايراني "هناك العديد من الملفات بين البلدين وهي قيد الدراسة... احد هذه الملفات التي لم تحسم حتى الان هو موضوع التعويضات."

واضاف "انا اقول انه يجب دراسة هذه الملفات من قبل خبراء مختصين ينظرون اليها من عدة جوانب فنية وقانونية."

وكشف السفير الايراني عن افتتاح مركز تجاري ايراني في السليمانية احدى محافظات المنطقة الكردية يوم غد الاربعاء وقال ان المستقبل القريب سيشهد افتتاح مركزين اخرين في بغداد والبصرة. ولايران حاليا مركز تجاري في محافظة اربيل الكردية.

العلاقات الاقتصادية

كما اكد السفير الايراني الجديد ان العقوبات الدولية التي فرضت على بلاده لن تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين بغداد وطهران، مؤكدا ان حجم التبادل التجاري سيضاعف خلال الفترة المقبلة.

واوضح حسن دانائي ان "العقوبات لن تؤثر على مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين". واضاف ان "ايران تقوم بسد حاجة العراق من الكثير من السلع والبضائع. كما نزود كميات من الوقود والطاقة الكهربائية، حيث تزود العراق ب 750 ميغاواط من الكهرباء".

وتابع "نعمل على مساعدة العراق ليس كبلدان اخرى يقولون لكنهم لا يفعلون، نحن نقول ونطبق". واضاف ان "العلاقات الاقتصادية تسير في مسارها الطبيعي رغم ان هذه الوتيرة كانت متوقفة لعدة عقود، لكنها تشهد تناميا يوما بعد يوم".

واوضح دانائي ان "حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ سبعة مليارات دولار وسيتضاعف هذا الرقم في المستقبل القريب"، مشيرا الى "عقود تجارية بين رجال الاعمال العراقيين والايرانيين".

وتحظر العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في تموز/يوليو، في سياق ادانة جديدة لسياسة ايران النووية من قبل مجلس الامن الدولي، اي استثمار او تعاون في قطاع الطاقة الايراني.

الهجمات الأخيرة

الى ذلك اتهم قائد الفرقة الأمريكية المسؤولة عن بغداد والأنبار، إيران وتنظيم القاعدة بتنفيذ الهجمات التي وقعت بالعاصمة والمحافظات مؤخرا.

وقال الجنرال رالف بيكر في مؤتمر صحفي عقده في المنطقة الخضراء إن إيران “وراء الهجمات الـ12 التي وقعت على المنطقة الخضراء بحسب المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها من مصادر موثوقة”، مضيفا أن بعض “المتطرفين الشيعة من كتائب حزب الله وجماعة اليوم الموعود تلقوا تدريبات في إيران على يد قوة القدس الإيرانية لتنفيذ هجمات على قوات الأمن العراقية والأمريكية فضلا عن المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي”.

وأفاد بيكر أن تنظيم القاعدة “شارك في تنفيذ الهجمات التي وقعت ببغداد والمحافظات أيضا بهدف إثبات الوجود على المشهد السياسي العراقي الذي ينتظر تشكيل الحكومة الجديدة”، مبينا أن تنظيم القاعدة “غالبا ما يبرر هجماته بتواجد القوات الأمريكية”. بحسب اصوات العراق.

واعتبر الجنرال الأمريكي أن الهجمات التي تنفذ من قبل تنظيم القاعدة والعناصر المتطرفة بالصواريخ وقذائف الهاون “محدودة وقليلة التأثير ويمكن لقوات الأمن العراقية السيطرة عليها”، مشددا على أن القوات العراقية “تستحوذ بصورة مستمرة على أسلحة ومعدات مطورة في إيران فضلا عن العبوات المطورة وأسلحة كاتمة للصوت وأخرى قناصة إيرانية”.

وذكر الجنرال بيكر أن قوات الأمن العراقية “تقوم بمطاردة العناصر المسلحة التي تهرب باتجاه إيران عبر الحدود المشتركة”، لافتا إلى “امتلاكه معلومات استخبارية تؤكد قيام إيران بإيواء عناصر سنية متطرفة تسعى لتنفيذ هجمات داخل العراق”.

وتابع أن القوات الأمريكية “تقوم بجمع معلومات عن جهود إيران لتقديم الدعم إلى تنظيم القاعدة بصورة غير مباشرة”، منوها إلى أنها “تلاحظ الآن تغيرا في نوع الهجمات المسلحة التي تنفذها المجاميع المسلحة على قوات الأمن والمدنيين العراقيين الأمر الذي يشير إلى وجود تعاون غير مباشر بين الجهتين”.

وتوقع بيكر “عدم تصاعد الهجمات المسلحة مع تنفيذ خطة خفض عدد القوات الأمريكية إلى 50 ألف جندي نهاية آب أغسطس الحالي”، موضحا أن عدد هذه القوات “يبلغ الآن 65 ألف جندي في عموم البلاد”.

تشكيل الحكومة

في سياق متصل اعلن مصدر رسمي سوري ان الرئيس السوري بشار الاسد وكبير مستشاري المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي اكدا على "ضرورة تشكيل حكومة عراقية باسرع وقت ممكن".

وافادت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان الاسد وولايتي بحثا خلال لقاء في دمشق "ضرورة تشكيل حكومة عراقية تحظى بتأييد الشعب العراقي باسرع وقت ممكن بما ينعكس امنا واستقرارا على العراق والمنطقة".

ولا يزال العراق من دون حكومة منذ الانتخابات التشريعية في السابع من اذار/مارس الفائت.

واظهر استطلاع للراي اجراه مركز الشرق للبحوث ونشره السبت ان غالبية العراقيين يعتقدون ان ايران تشكل العقبة الاكبر امام تشكيل الحكومة العراقية.

واظهر الاستطلاع الذي اجري من مطلع حزيران/يونيو الى نهايته وشمل عينة من 12000 شخص في محافظات العراق كافة ان 41,2% من العراقيين يرون ان "ايران وراء تاخر تشكيل الحكومة". بحسب فرانس برس.

ومركز الشرق للبحوث شريك لمؤسسة غالوب ومؤسسة الزغبي الدولية وعضو في الجمعية العالمية لباحثي الراي العام في جامعة نيوجرزي والجمعية العالمية لبحوث السوق في هولندا وشريكة منظمة الراي العام العالمي في واشنطن.

وقالت الوكالة ان اللقاء تناول "العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين والاوضاع في منطقة الشرق الاوسط وخاصة في ظل الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة على الاراضي اللبنانية والفلسطينية وتهديداتها المستمرة باستهداف دول اخرى في المنطقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آب/2010 - 1/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م