الأنظمة وتهديد الإعلام والإعلاميين

علي ال غراش

ليست الأوضاع المادية القاهرة هي السبب الرئيس للإخفاق والإغلاق للوسائل الإعلامية، بل هناك أسباب أخرى، فالعمل الإعلامي في الخليج كبقية الدول العربية وان كان هناك تفاوت من بلد إلى آخر يعاني من أزمات كثيرة ومنها: القوانين الحكومية التعسفية والمزاجية التي تتحكم بالإعلام وتمنع الأجواء المناسبة لخلق بيئة إعلامية مهنية ناجحة تتمتع بالحرية لكي يقوم الإعلام بدوره المطلوب ليصبح سلطة رابعة حقيقة مؤثرة وصوتا للشعب، مما يؤدي لحصوله على التأييد والدعم من الشارع.

 كما ان كثيرا من المؤسسات الإعلامية تعاني من مشاكل وتخبطات إدارية، وتغلب على بعضها المحسوبية والمجاملات والعمل حسب البركة بدون خطط وإستراتيجيات ولو الدعم الحكومي القوي في بعض الدول الخليجية للوسائل المرضي عنها لأعلنت بعض الوسائل ومنها الصحف وفاتها مذ زمن طويل، وهنا يبرز التساؤل التالي: لماذا لم تدعم الحكومة جريدة «اوان» وجريدة «الوقت» في الكويت والبحرين ولو بالإعلانات الحكومية كما يحدث للجرائد الأخرى، خاصة ان الجريدة الثانية «الوقت» اختفت في قمة عطائها واستطاعت في فترة قصيرة من عمرها أن تكون الأكثر إثارة، هل ذلك عقاب للعمل الحر والتميز؟!.

والعلة الكبرى في العمل الإعلامي المزاجية والدكتاتورية والبيروقراطية من قبل بعض ادارات التحرير والمسؤولين، فهناك الكثير من الإعلاميين ومنهم محررون كانوا ضحايا لمزاجية بعض رؤساء التحرير، لاسيما في ظل وجود رؤساء لا يفقهون في العمل الإعلامي والصحفي شيئا وإنما وصولوا بالمحسوبية أو بالمال، ولم يسلم رؤساء التحرير من الإقصاء والطرد غير القانوني بسلاح المزاجية من قبل أصحاب وملاك الوسيلة الإعلامية الذين يريدون رئيس التحرير منفذا لرغباتهم وأهدافهم وان كانت تتعارض مع مهنية العمل الإعلامي، وهذه أم المصائب سيطرة من لا يملك خبرة إعلامية على وسائل الإعلام، وآخر رؤساء التحرير المقالين الأستاذ جمال خاشقجي رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية الذي تفاجأ ليلة زواجه بالإقالة!.

إعلان توقف جريدتي «اوان» و«الوقت» وبعض الوسائل الإعلامية إنذار لجميع الوسائل الإعلامية الأخرى المقروءة والمرئية والمسموعة فيجب على المسؤولين على تلك المؤسسات مراجعة  أوضاعها قبل ما تعلن إفلاسها وإغلاقها وحرمان الموظفين والعاملين والمحررين والكتاب وعوائلهم من مصدر رزق، وعلى الجهات الحكومية المسؤولة إعادة النظر في الأنظمة التعسفية التي تخنق العمل الإعلامي وتتسبب في وفاته عاجلا، فالإعلام - «ومعه الإعلاميون» - لا يعيش إلا في أجواء الحرية والرأي والرأي الآخر وإمكانية الحصول على المعلومة، وعدم تكميم الأفواه والتهديد بالسجن والإغلاق والطرد التعسفي.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/آب/2010 - 30/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م