حرب الخليج... رسائل مباشرة وتهديدات مبطنة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: شكلت عملية استهداف الناقلة اليابانية في مياه الخليج من قبل التنظيمات الإرهابية كما أعلن قلقا متصاعدا لمعظم دول العالم نظرا لأهمية امن تلك المنطقة اقتصاديا على حركة التجارة العالمية، سيما انه يمر 40 في المائة من النفط العالمي المنقول بحرا عبر مضيق هرمز بوابة الخليج المنتج للنفط.

فيما يشكك المحللون في اعلان جماعة تطلق على نفسها كتائب عبد الله عزام عن مسؤوليتها في استهداف تلك الناقلة التي يبلغ طولها 333 مترا، والتي أصيبت بأضرار بينما كانت متجهة من الخليج الى اليابان حاملة شحنة من النفط الخام.

وياتي هذا التشكيك نظرا لكون تلك الجماعة المرتبطة بالقاعدة فيما يبدو ومقرها في شرق المتوسط ومصر لها سجل من ادعاء المسؤولية عن هجمات أعلنت جماعات اخرى المسؤولية عنها.

تفاصيل الحادثة

بدورها اعلنت قوات خفر السواحل في الامارات ان الهجوم الذي تعرضت له ناقلة النفط اليابانية في 28 تموز/يوليو في مضيق هرمز هو "اعتداء ارهابي"، على ما اوردت وكالة انباء الامارات.

وصرح ناطق باسم قوات خفر السواحل ان "التحقيقات والاختبارات التي قامت بها فرق متخصصة اثبتت تعرض الناقلة لهجوم بمتفجرات منزلية الصنع كانت محملة في قارب صغير اقترب من الناقلة".

واضاف ان ناقلة النفط ام ستار "غادرت ميناء الفجيرة بعد ان تم اصلاح الاضرار التي لحقت بالجزء العلوي من جانبها نتيجة تعرضها لاعتداء ارهابي".

واوضح ان التحقيقات كشفت "وجود آثار لمتفجرات منزلية الصنع على جزء من هيكلها" بعد الهجوم الذي تعرضت له في 28 تموز/يوليو الماضي "في المياه الدولية بالقرب من مضيق هرمز".

وقال المصدر "بعد ان رست الناقلة على بعد 12 ميلا (22 كلم) من ميناء الفجيرة (شمال) ورفع العينات وفحصها من قبل خبراء المتفجرات في الدولة تبين أنها مصابة بانحناء في الجزء الايمن من هيكلها الذي يقع فوق سطح الماء".

واضاف انه "تبين وجود آثار مواد لمتفجرات منزلية الصنع الامر الذي يرجح ان الناقلة تعرضت لهجوم ارهابي".

وفي طوكيو لم تتمكن الشركة اليابانية من تأكيد هذه المعلومات وقال وزير الخارجية الياباني كاتسويا اوكادا ان الحكومة على علم بما اورده الاعلام لكنها تريد التحقق من المعلومات.

واعلنت مجموعة جهادية مسؤوليتها عن الهجوم ضد ناقلة النفط، حسب ما افاد مركز "سايت" الاميركي لمراقبة المواقع الاسلامية على الانترنت في الرابع من آب/اغسطس.

وقال الموقع ان كتائب عبد الله عزام اعلنت في رسالة نشرت على مواقع جهادية انها نجحت في ادخال انتحاري على متن ناقلة النفط اشير اليه باسم ايوب الطيشان.

واوضح ان الهجوم نفذ تضامنا مع عمر عبد الرحمن المصري المعتقل في الولايات المتحدة لدوره في الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك في 1993.

واوضح الناطق باسم قوات خفر السواحل ان الانفجار لم يسبب اي تسرب ولم يوقع "خسائر بشرية" بين عناصر الطاقم.

وقالت شركة النقل البحري اليابانية "ميتسوي او اس كاي" ان الاضرار التي لحقت بالسفينة ناجمة عن هجوم رغم معلومات افادت انها نتيجة امواج عاتية مؤكدة ان افراد الطاقم رأوا وميضا وسمعوا انفجارا بعيد منتصف ليل 28 تموز/يوليو. واصيب احد البحارة بجروح طفيفة في الانفجار الذي الحق اضرارا محدودة بالسفينة.

وكانت السفينة اليابانية تنقل 270 الف طن من النفط الخام وطاقما يضم 16 فيليبينيا و15 هنديا. ورست السفينة في ميناء الفجيرة لاصلاح الاضرار التي لحقت بها وفتح تحقيق في الحادث.

وقال متحدث باسم خفر السواحل الاماراتي ان السفينة ابحرت الجمعة بعد انهاء التصليحات رغم رفض مسؤول في شركة "ميتسوي او اس كاي" تاكيد ذلك.

وقال المسؤول الذي رفض كشف اسمه "نعرف موقع السفينة لكن لا يمكننا كشف هذه المعلومات لاسباب امنية". وتستورد اليابان، الاقتصاد الثاني في العالم، 90% من نفطها الخام من الشرق الاوسط.

أدلة وهجوم

من جهت أكد متحدث باسم الاسطول الخامس الامريكي وهو جزء من تحالف دولي للاساطيل يقوم بدوريات في مياه الخليج أن غواصين تابعين للبحرية الامريكية لعبوا دورا في فحص السفينة.

وقال "خبراؤنا سيكونون على اتصال مع مسؤولي الامارات العربية المتحدة بشأن ما توصلوا اليه وسيواصل الأسطول الخامس المساعدة في تحقيقات ميتسوي. "تحالفنا وشركاؤنا الإقليميون يحافظون على اليقظة التامة في المنطقة وسنواصل ذلك."

وأفادت الوكالة بأن الناقلة غادرت مياه الامارات لاستكمال رحلتها الى اليابان وأكدت مصادر تجارية مغادرة الناقلة.وقال يوشيتو سينجوكو المتحدث باسم الحكومة اليابانية "لم نسمع أي نتائج مفصلة للتحقيق."

بينما قال مسؤول بوزارة النقل اليابانية ان عدة عينات تبدو أجنبية من الناقلة ومن بينها عينات أخذت من الانبعاج الذي تسبب فيه الانفجار في طريقها الآن إلى اليابان لمساعدة المحققين على معرفة سبب التلف الذي أصاب الناقلة.

وقال "طلبنا أي بقايا يمكن أن تساعدنا في التعرف السبب. ومن الممكن أن يكون بينها سخام. ومن الممكن أن يكون بينها شيء منصهر."

وفجر الحادث العديد من النظريات تراوحت ما بين تعرض الناقلة لموجة غريبة وتصادمها مع غواصة نووية امريكية.

حالة تأهب

في سياق متصل تنامت المخاوف بشأن الامن البحري بعدما ذكرت وكالة أنباء الامارات في وقت سابق المحققين عثروا على اثار متفجرات على جسم السفينة اليابانية.

وقال اندرو ليننجتون من اتحاد نوتيلوس انترناشونال للملاحين "اذا ثبت أنها قضية ارهاب فستكون أسوأ مخاوف الجميع قد تحققت."

وأضاف "لم يكن هناك سوى اهتمام ضئيل بالهجمات البحرية التي نعتقد أن السفن مازالت معرضة لها بصورة هائلة كما أظهر القراصنة." وتتعرض السفن التجارية لهجمات من قراصنة صوماليين في خليج عدن والمحيط الهندي.

وقال جيه. بيتر فام المستشار الاستراتيجي للحكومة الامريكية والحكومات الاوروبية "اذا تبين أن الهجوم على ام. ستار هجوم ارهابي فستكون هناك قطعا حاجة لمزيد من التأهب وربما لمراجعة البروتوكولات الامنية." بحسب رويترز.

وأضاف "اذا لم يكن الهجوم على ام. ستار حدثا فريدا وأعقبته هجمات أخرى فان هذا يضع مزيدا من العبء على كاهل كل من صناعة الشحن والاساطيل في العالم."

وقال محللون أمنيون ان مثل هذا الهجوم من قبل متشددين على ناقلة بناء على التكتيكات الحربية العشوائية للقاعدة قد يعني بروز جبهة مختلفة.

وقالت متسا رحيمي محللة المخابرات لدى مؤسسة جانوزيان للاستشارات "حتى ان كان هذا الهجوم على مستوى منخفض نسبيا وسبب ضررا محدودا فانه يدلل بوضوح على هدف الارهابيين في هذه المياه وفي قطاعي النفط والشحن." وأضافت "قطعا لا يمكن التهوين من هذا الخطر."

وقالت مصادر أمنية انه تم اعتقال أشخاص يشتبه بأنهم متشددون على صلة بخطط لتدبير هجمات على سفن تابعة للقوات البحرية أو سفن تجارية في أعالي البحار.

وقال جوناثان وود المحلل المختص بالقضايا العالمية في مؤسسة كونترول ريسكس "/احتمال/ الهجوم قد يسبب قلقا كبيرا ويؤثر بدرجة أكبر على البلدان المصدرة في الخليج التي ليس أمام كثير منها بديل اخر لشحن صادراتها سوى مضيق هرمز."

وأثار احتمال أن يكون الحادث هجوما متعمدا مخاوف بشأن المخاطر التأمينية. وقال نيل روبرتس المسؤول الفني الكبير في لويدز ماركت اسوسييشن، "شركات التأمين تراقب الموقف لكن فيما عدا الضرر الواضح الذي لحق بالسفينة فانه لا توجد معلومة مؤكدة تتيح تكوين رأي."

كتائب عبد الله عزام

فيما يلي بعض التفاصيل عن تلك الجماعة وفروعها بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

- استمدت كتائب عبد الله عزام اسمها من عبد الله عزام الفلسطيني الذي قاد اسلاميين متشددين في أفغانستان وقتل في عام 1989 في انفجار قنبلة زرعت على جانب طريق.

- اعتبر عزام في وقت ما المرشد الروحي لاسامة بن لادن زعيم القاعدة.

- من الهجمات الرئيسية السابقة هجمات شنتها كتيبة زياد الجراح احدى كتائب عبد الله عزام. والجراح متشدد لبناني كان من بين 19 شخصا نفذوا هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن.

- أعلنت الهجوم على الناقلة كتيبة يوسف العييري احدى كتائب عبد الله عزام التي تحمل اسم متشدد سعودي مرتبط بتنظيم القاعدة قتل في عام 2003 .

- والعييري أحد قادة العمليات الاوائل التابعين للقاعدة في السعودية والذين انضموا الى متشددين يمنيين في عام 2009 للاعلان عن انطلاق تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي أعلن مسؤوليته عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة ركاب كانت متجهة للولايات المتحدة في ديسمبر كانون الاول.

- عملت كتائب عبد الله عزام عموما من شبه جزيرة سيناء وشنت هجمات على أهداف في مصر والاردن واسرائيل. ولكن هذا الاعلان الاخير قد يشير الى علاقاتها المتنامية مع جناح القاعدة في اليمن.

- وقد تزيد الصلات بمنطقة الخليج الاهتمام بضرب أهداف اقتصادية في أكبر ممر لصادرات النفط في العالم وهو تكتيك أكد عليه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يعمل في اليمن.

الهجمات الرئيسية

- سبتمبر أيلول 2009. أعلنت كتيبة زياد الجراح احدى كتائب عبد الله عزام المسؤولية عن اطلاق صاروخي كاتيوشا من جنوب لبنان سقطا على بلدة نهاريا الساحلية بشمال اسرائيل.

- أغسطس اب 2005. أعلنت كتائب عبد الله عزام المسؤولية عن محاولة فاشلة لمهاجمة سفينتين حربيتين أمريكيتين في ميناء العقبة الاردني بصواريخ لكنها أخطأت هدفها فأصابت مخزنا ومستشفى وأسفرت عن مقتل جندي أردني.

- يوليو تموز 2005. أعلنت الكتائب المسؤولية عن تفجيرات دامية وقعت في منتجع شرم الشيخ المصري في سيناء حيث انفجرت سيارتان ملغومتان وحقيبة في فنادق ومناطق تجارية مما أسفر عن سقوط 67 قتيلا واصابة أكثر من 200 شخص اخرين.

- أبريل نيسان 2005. استهدف مهاجم انتحاري سياحا أجانب بالقرب من المتحف المصري في القاهرة بينما فتحت أخته وصديقته النار على حافلة سياحية. وأسفر الهجومان عن مقتل ثلاثة أشخاص.

وأعلنت جماعتان هما مجاهدي مصر وكتائب الشهيد عبد الله عزام من خلال موقع الكتروني تستخدمه الجماعات الاسلامية المتشددة أن أعضاءها نفذوا الهجومين.

- أكتوبر تشرين الاول ر2004. أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم كتائب الشهيد عبد الله عزام المسؤولية عن هجمات بشاحنة ملغومة على فندق هيلتون في منتجع طابا بسيناء على الحدود مع اسرائيل الى جانب تفجيرين على شاطئين في نويبع الى الجنوب من طابا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/آب/2010 - 29/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م