الاعمال الدرامية المدبلجة وتأثيرها السلبي على المجتمع

 

شبكة النبأ: أصبحت شاشة التلفاز من متطلبات العائلة التي لا سبيل للتخلص منها او التخلي عنها، نظرا لسمات العصر التي أوجبت حالة التواصل مع العالم وعدم الانقطاع عنه لمواكبة ما يحدث في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وفي هذه الحالة فإن التخلي عن التلفاز وما يقدمه من ثقافات متنوعة يعني التخلي عن التواصل مع عالم اليوم وهو أمر في غاية الصعوبة.

وطالما نتفق أن التلفاز صار حاجة ماسة للفرد والعائلة والمجتمع معا، فإن الجانب المهم في هذا المجال هو ما يقدمه التلفاز للفرد والعائلة، وماهية الثقافة المبشَّر بها واتجاهات الاعمال والافكار التي تبثها المحطات الفضائية التي أصبحت أعداداها بالمئات إن لكم نقل بالآلاف، ومع صحة حالة تعدد قنوات العرض والتوصيل للافكار إلا أن الحاجة للتدقيق بمدى صلاحية هذه الافكار أصبح أمرا لا مفرّ منه.

وقد رصدنا ظاهرة عرض بعض المسلسلات الدرامية المدبلجة عبر عدد من القنوات الفضائية، حيث أخذت هذه الظاهرة بالتزايد لاسيما الاعمال التركية، وقد بدا تأثيرها واضحا على بعض الاوساط الاجتماعية لاسيما الشباب منهم، وقد رصدنا هذا التأثير من خلال الاهتمام المتزايد بهذه المسلسلات وتكرار الاحاديث المتبادلة بين الناس حول مضامينها التي لاتتفق في الغالب مع القيم الاجتماعية والثقافية التي ينبغي أن يتحلى بها أفراد المجتمع.

فالمضامين التي تقدمها هذه المسلسلات تقوم على المبالغة في كثير من الاحيان وتعرض عالم العصابات وفقدان القيم واللهاث وراء المال والسعي للحصول عليه بغض النظر عن الاساليب او التبريرات او الوسائل المستخدمة في ذلك، وهذا ما يشكل خطرا كبيرا على المجتمع لاسيما شريحة الشباب الذين سرعان ما يتأثروا بما تعرضه هذه المسلسلات من احداث لا تراعي القيم الاجتماعية او الاخلاقية فتشكل عبءا على الناس وتسهم بطريقة او اخرى بانحرافهم عن الجادة الصواب.

والمشكلة الكبرى أن ثمة اعدادا متزايدة من الشباب تتأثر بمثل هذه الافكار التي تطرحها هذه المسلسلات خاصة ما يتعلق بحالة الاستحواذ والشراهة والتعامل المادي البحت مع جوانب الحياة كافة، وكأنها تحاول أن تشيع مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) وهو مبدأ معروف بانحرافه ولا إنسانيته وتركيزه على الوصول الى الهدف المبتغى بغض النظر عن النهج الانساني القويم.

هنا تكمن خطورة مثل هذه الاعمال الدرامية التي طالما حاول الشباب تقليد أبطالها حتى بلغ الامر أن الشباب لم يترددوا باستخدام نغمة موبايل أحد أبطالها فشاعت لتصبح ظاهرة تؤكد أن هذا البطل اللاانساني السلبي صار إنموذجا لشبابنا وهنا يكمن لب الخطورة، فحين يكون هذا البطل اللاانساني المنحرف نموذجا للشباب هذا يعني ان حياتنا ومجتمعاتنا في خطر وشيك، ناهيك عن الافكار الاخرى التي تبثها هذه المسلسلات كطبيعة العلاقات العاطفية بين النساء والرجال ومحاولة تكريس بعض التقاليد غير المستساغة بين اوساطنا ما يتطلب التعامل الدؤوب في معالجة هذه الظاهرة والحد من خطورتها.

إن الهدف من هذه الأعمال الدرامية واضح ولا يحتاج الى رؤية عميقة بل هناك من هو مستهدف بأفكارها وهناك من يغذي هذا الاستهداف لتغيير نواميس المجتمع القائمة على الإنسانية والعدل وتفضيل كفة الخير على غيرها.

نعم إن مجتمعنا يفضل الخير على الشر وأن شبابنا ينبغي أن يتحصنوا فكريا وأخلاقيا، ولابد أن نحميهم من هذه الموجات اللااخلاقية التي تبث لهم عبر شاشات التلفاز، ونعرف أنه لاسبيل الى التخلي عن شاشة التلفاز ولكن لابد أن تكون هناك خطط معدة من قبل متخصصين في هذا الصدد لكي تتم معالجة الامر بدقة وأمانة، وعدم ترك الامور تجري على عواهنها، حيث قد يتخلى الجميع عن مسؤولياتهم في هذا المجال.

وقد يقول احدهم لكن هذه المسلسلات ناتجة عن علاقات اجتماعية تدور في مجتمع اسلامي هو تركيا، وهنا لابد أن نقول بأن الاسلام هو جوهر وليس شكلا وأن كثيرا من هذه المسلسلات لاتضع تعاليم الاسلام في حسابتها بسبب التأثير الغربي عليها، وكلنا نعرف مدى التأثير الاوربي على المجتمع التركي ناهيك عن النوايا المبيتة التي تبغي الاضرار بالمنظومة الاخلاقية والعرفية لمجتمعاتنا.

إذن خلاصة الكلام ثمة من يقف وراء هذه الاعمال التي تبدو وكأنها ذات طابع اجتماعي عادي ولكنها في حقيقة الامر لها اهدافها المعروفة.

من هنا لابد للمعنيين بالامر أن يتصدوا لهذه الاعمال السلبية ولابد أن نحمي افراد مجتمعنا منها لاسيما الشباب الذي يتأثر بها بسرعة كبيرة حتى تصير نموذجا له في العلاقات والتعامل العملي وغيره في مشوار الحياة.

أما كيف تتم هذه الحماية، فهذا من شأن المعنيين الرسميين والمثقفين والعلماء وغيرهم، بمعنى لابد أن تكون هناك آلية وخطوات اجرائية مدروسة على نحو جيد ومتخصص تحاول أن تحد من هذه الظاهرة المستفحلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/آب/2010 - 28/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م