الصواريخ الإيرانية على مرأى القلاع الأوربية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: أثارت الولايات المتحدة مؤخرا مخاوف جديدة من التقنيات العسكرية التي تمتلكها إيران، أو التي تسعى للحصول عليها في المستقبل، محذرة المجتمع الدولي بالتهديدات الجدية لصواريخ إيران المزعومة على القارة الأوربية تحديدا حسب قولها.

فيما يرى بعض المحللين ان تلك التصريحات لا تتعدى الحرب النفسية التي تمارسها واشنطن في سياق تحشيدها دولي ضد إيران، في سعيها المتواصل لتضييق الحصار عليها التخلي عن برامجها النووية.

مئات الصواريخ

فقد اكد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان ايران قادرة على شن هجوم على اوروبا بواسطة "عشرات او حتى مئات" الصواريخ، الامر الذي دفع بواشنطن الى اجراء اعادة نظر جذرية بنظامها الدفاعي المضاد للصواريخ.

وكان البيت الابيض قرر في ايلول/سبتمبر التخلي عن مشروع لاقامة درع صاروخية في اوروبا الشرقية تهدف بشكل رئيسي للتصدي لخطر الصواريخ الايرانية البعيدة المدى، لصالح منظومة دفاعية تحمي حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الاطلسي من خطر الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.

وقال غيتس خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ ان "احد العوامل التي (زودتنا بها) الاستخبارات والذي ساهم في اخذ القرار (بتغيير نظام الدفاع المضاد للصواريخ) كان الاخذ في الاعتبار انه في حال ارادت ايران شن هجوم صاروخي على اوروبا، فان الامر لن يكون مجرد صاروخ او اثنين او حتى حفنة من الصواريخ".

واضاف "سيكون على الارجح وابلا من الصواريخ، حيث قد يكون علينا التعامل مع عشرات او حتى مئات الصواريخ"، مضيفا انه يدعم المشروع الجديد "القادر على حماية قواتنا وقواعدنا ومنشآتنا وحلفائنا في اوروبا". بحسب فرانس برس.

وسعى غيتس ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى اقناع مجلس الشيوخ بان معاهدة ستارت الجديدة لنزع الاسلحة النووية لن تضعف خطط الدفاع الصاروخي الاميركية.

وتنص معاهدة ستارت على خفض كبير في ترسانتي الولايات المتحدة وروسيا من الاسلحة النووية والاستراتيجية.

ايران تنفي

الى ذلك نفى وزير الدفاع الايراني تأكيدات الولايات المتحدة بأن الصواريخ الايرانية تشكل تهديدا لاوروبا قائلا ان واشنطن تنشر دعاية.

واتهم أحمد وحيدي وزير الدفاع نظيره الامريكي روبرت جيتس بشن "حرب نفسية" بقوله يوم الخميس ان معلومات للمخابرات الامريكية أظهرت أن ايران لديها "العشرات وربما المئات" من الصواريخ التي يمكن أن تستخدمها ضد أوروبا.

وأبلغ وحيدي وكالة الطلبة للانباء "قدرة ايران الصاروخية مصممة ومبنية لحمايتها من أي اعتداء عسكري ولا تشكل تهديدا لاي بلد."

وتابع قائلا "امريكا تنشر دعاية بهدف بسط هيمنتها على أوروبا وايجاد ذرائع لعدم ازالة أسلحتها النووية من المنطقة ولممارسة ضغط على روسيا."

ونجحت الولايات المتحدة في اقناع كل من روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض ( الفيتو) في مجلس الامن الدولي بتأييد فرض حزمة رابعة من العقوبات على ايران في وقت سابق هذا الشهر بسبب برنامجها النووي المتنازع عليه. بحسب رويترز.

وانتقدت موسكو في وقت لاحق الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لفرضهما عقوبات تتجاوز كثيرا تلك التي أقرها مجلس الامن وهي تعليقات قال عنها جيتس انها تبين "انفصاما" في موقف روسيا تجاه ايران.

وانتقد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد موسكو بشدة الشهر الماضي عندما بدا واضحا أنها ستدعم جهود واشنطن لتوسيع عقوبات الامم المتحدة لكن حدة اللهجة الايرانية هدأت منذ ذلك الحين.

وقال وحيدي ان الولايات المتحدة تريد اهانة روسيا خصمها السابق أثناء الحرب الباردة والتي تربطها بايران روابط تجارية قوية.

وتابع قائلا "امريكا... تحاول اذلال روسيا من خلال اثارة نزاعات اقليمية وتوتير العلاقات الاقليمية لتقويض مكانة روسيا في المنطقة... هذه عاقبة الثقة في حكومة ليست أهلا للثقة."

وتقول ايران -وهي خامس أكبر منتج للنفط في العالم- ان برنامجها لتخصيب اليورانيوم هو برنامج سلمي يهدف لتوليد المزيد من الكهرباء لسكانها الذين يزيدون بمعدل سريع.

لكن رفضها وقف تخصيب اليورانيوم -وهي عملية لها استخدامات مدنية وعسكرية- مقابل مزايا تجارية ودبلوماسية عرضت عليها دفع الغرب الى الاشتباه في أنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية وهو باعث قلق أدى لفرض أربع مجموعات من عقوبات الامم المتحدة على طهران منذ عام 2006.

تقرير يحذر من احتمال تحول بريطانيا الى هدف للصواريخ الايرانية

في السياق ذاته حذّر تقرير اصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن من ان بريطانيا يمكن ان تصبح هدفاً للصواريخ الايرانية في غضون أربع سنوات، واشار الى ان طهران تعمل أيضاً على تطوير صواريخ أبعد مدى.

ونسبت صحيفة التايمز الى التقرير قوله «ان طهران تركز جهودها على تحسين ترسانتها من الصواريخ البالستية، لكنها تحتاج الى أربعة أعوام على الأقل لتكون قادرة على استهداف لندن والى أكثر من عقد لتهديد الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وتعمل أيضاً على تطوير صواريخ أبعد مدى بالتوازي مع جهودها الرامية الى توسيع نطاق قدراتها النووية».

واضاف تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «أن جميع الصواريخ البالستية لدى ايران قادرة على حمل قنابل نووية، وأن برنامجيها النووي والصاروخي متصلان على ما يبدو بهدف منحها القدرة على ايصال الرؤوس النووية الى ما بعد حدودها». بحسب يونايتد برس.

واشار التقرير الى ان ايران مع ذلك تنفي أي مصلحة لها في تطوير أسلحة نووية، لكنها تصر على ان صواريخها ذات طبيعة دفاعية، وهي «تقوم حالياً بتطوير صواريخ متوسطة المدى قادرة على حمل رأس حربي يزن 750 كيلوغراماً الى مسافة تصل الى نحو 2200 كيلومتراً».

وقال التقرير ان ايران «تريد تطوير صواريخ متوسطة المدى أكثر دقة قبل ان يتحول اهتمامها الى الأسلحة العابرة للقارات والتي يمكن ان تستهدف الولايات المتحدة، وستحتاج الى اجراء ما لا يقل عن اثني عشر اختباراً لتحقيق قدر معقول من الدقة، لذلك لن يكون بمقدورها الحصول على صاروخ يعمل بالوقود السائل قادر على استهداف أوروبا الغربية قبل عام 2014 أو 2015».

واضاف «أن المهندسين الايرانيين اصبحوا أقل اعتماداً على المساعدات الأجنبية، وحققوا انجازات مثيرة للاعجاب على مدى السنوات الماضية ومن بينها وضع قمر صناعي صغير في المدار الأرضي المنخفض، مكّنت طهران من ان تكون أكثر نجاحاً من كوريا الشمالية في تطوير الصواريخ ذاتية الدفع».

قمر صناعي

من جهته اعلن وزير الاتصالات الايراني رضا تقي بور عن اطلاق قمر صناعي جديد "راصد1" في الاسبوع الاخير من آب/اغسطس، على ما افادت وكالة مهر للانباء.

وقال الوزير الايراني "ان القمر الصناعي راصد1 سيطلق الى الفضاء بصاروخ ايراني خلال +اسبوع الحكومة+"، وهي فترة يتم فيها الاحتفاء بانجازات الحكومة في الاسبوع الاخير من آب/اغسطس. واضاف ان عملية الاطلاق ستشكل "آخر انجازات" ايران في مجال تكنولوجيا الفضاء.

وكان تقي بور اعلن في 26 نيسان/ابريل ان ايران خططت لاطلاق عدد غير محدد من صواريخ المراقبة والاتصالات "حاليا في طور التجربة" بحلول آذار/مارس 2011. ولم يوضح الوزير الايراني الاربعاء ما اذا كان راصد1 ضمن هذه الاقمار.

وفي شباط/فبراير عرضت ايران مشاريع ثلاثة اقمار هي قمر الاتصالات "مصباح-2" وقمر الاستطلاع "طلوع" وقمر ثالث لالتقاط صور للارض "نافد". واعربت حينها عن الامل في اطلاق "مصباح-2" في 2011. بحسب فرانس برس.

وكان اطلاق طهران في شباط/فبراير 2009 اول قمر صناعي صنع في ايران "اوميد" بصاروخ سفير-2 الايراني، اثار قلق الغربيين الذين اعربوا عن مخاوف من استخدام هذه القدرات في اغراض عسكرية.

وتنفي ايران ان تكون لديها اهداف عسكرية في مجال الفضاء او المجال النووي. ويشتبه الغربيون في سعي طهران لحيازة سلاح نووي وقدرات صاروخية بعيدة المدى بغرض امتلاك صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

الصفقة الروسية

من جانبها رفضت روسيا تحذيرا من الولايات المتحدة بشأن خطة لبيع صواريخ أرض/جو الى ايران قائلة انها لا تحتاج الى نصيحة من واشنطن بشأن مبيعاتها من الاسلحة.

وقالت الولايات المتحدة انها حذرت روسيا من ان تسليم نظام اس-300 المضاد للطائرات الى ايران سيكون له عواقب خطيرة على العلاقات مع واشنطن.

ويمكن ان يسمح نظام اس-300 -- الذي يمكنه اسقاط عدة طائرات أو صواريخ في ان واحد -- لطهران بالتصدي لضربة جوية محتملة تشنها اسرائيل أو الولايات المتحدة على برنامجها النووي ويغير ميزان القوى في المنطقة.

لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال ان موسكو "لا تحتاج الى نصيحة من الجانب الاخر من المحيط" بشأن بيع نظام اس-300 .

وأضاف لافروف الذي كان يتحدث الى الصحفيين في أنقرة خلال زيارة يقوم بها الرئيس ديمتري ميدفيديف ان روسيا لن تسمح بزعزعة استقرار تلك المناطق التي تسلم اليها أسلحة.

وطلبت اسرائيل والولايات المتحدة من روسيا عدم تنفيذ عقد لتسليم نظم صواريخ اس-300 الى ايران وان كان دبلوماسيون يقولون ان موسكو حريصة على ابقاء الطلبية ورقة مساومة مع طهران.

ويعتقد مبعوثون غربيون في موسكو انه من غير المرجح ان تذهب روسيا الى حد تسليم نظام اس-300 الى ايران لكن الكرملين يحب اعطاء الانطباع بأنه قد يفعل ذلك من اجل تضخيم نفوذها في المحادثات الدولية. بحسب رويترز.

وعبر مسؤولون ايرانيون عن قلق متزايد من تقاعس روسيا حتى الان عن تزويدهم بنظام اس-300. ويقول مسؤولون روس ان القوى الغربية التي تشتبه في ان ايران تحاول صنع قنبلة نووية ترتكب خطأ جسيما بدفع طهران نحو موقف حرج.

وحث الكرملين على اجراء محادثات لحل المشكلة مع ابقاء احتمال فرض مزيد من العقوبات مفتوحا وان كان أكد على ان هذه العقوبات يجب ان تقتصر على اجراءات تستهدف الانتشار النووي المحتمل.

ونظام اس-300 الذي يوضع على شاحنة ويعرف في الغرب باسم اس ايه-20 يطلق صواريخ يبلغ مداها 150 كيلومترا تتحرك بسرعة كيلومترين في الثانية.

وقال جاري ساموري منسق البيت الابيض لقضايا الحد من التسلح وانتشار اسلحة الدمار الشامل والارهاب انه يعتقد ان روسيا فهمت موقف واشنطن وستكون مفاجأة له اذا شحنت موسكو نظام اس-300 المضاد للطائرات الذي طلبت ايران شراءه. وقال ساموري "أوضحنا بجلاء للروس أن ذلك سيكون له اثار كبيرة جدا على علاقاتنا الثنائية." وأضاف "أعتقد ان الروس يدركون ان العواقب ستكون شديدة للغاية."

ايران تمد سوريا بنظام رادار

على صعيد متصل قالت صحيفة وول ستريت جورنال ان ايران أمدت سوريا بنظام رادار متطور يمكنه مراقبة طلعات سلاح الجو الاسرائيلي وتهديد قدرتها على مهاجمة اهداف نووية ايرانية بغتة.

وأكد مسؤول عسكري اسرائيلي ان سوريا الجار الشمالي لاسرائيل تسلمت نظام رادار من ايران لكنه رفض اعطاء مزيد من التفاصيل. بحسب رويترز.

وقالت الصحيفة التي نسبت معلوماتها الى مسؤولين اسرائيليين وامريكيين ان الرادار نقل في منتصف عام 2009 وان كلا من ايران وسوريا انكرتا حدوث عملية النقل.

وذكرت الصحيفة ان المسؤولين وصفوا توريد الرادار بأنه جزء من زيادة هائلة في عمليات نقل الاسلحة والتنسيق بين ايران وسوريا وجماعة حزب الله اللبنانية.

وقالت ان الرادار يمكن ان يعطي لسوريا -ولايران بصورة غير مباشرة- رؤية افضل للمجال الجوي الاسرائيلي وان يوفر لحزب الله صورة واضحة للمجال الجوي فوق اسرائيل في أي حرب في المستقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/آب/2010 - 27/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م