صناعة الكتاب في العراق... وانحسار النخب الثقافية

علي فضيلة الشمري

 

شبكة النبأ: في شارع المتنبي قلب الثقافة العراقية وعاصمة الكتاب العراقي تتوسط مكتبة التراث الإسلامي للمخطوطات التي ذاع صيتها، وحمدت سيرتها، نظرا لإسهاماتها في نشر وطبع الكتب العراقية القيمة، في وقت شحت بواطن الكتب من العلم والثقافة والمعرفة وسادت كتب البعث والتمجيد للديكتاتور السابق.

مالك المكتبة رحيم عبيد موسى شاب تجاوز الثلاث عقود ببضع سنوات، تحدث إلى (شبكة النبأ المعلوماتية) عن تجربته الناجحة في إنشاء المكتبة، والدوافع الإنسانية والثقافية التي كان من وراء إقدامه على تلك الخطوة في عهد الطاغية السابق.

* متى تم تأسيس المكتبة؟

بداية الخطوات الأولية منذ حركتنا الثقافية عام 1991 بعد اجتياح دولة الكويت الشقيقة، حيث انقشعت الغيوم التي كانت تمنع وصول الثقافة للمثقف ليتزود بها، بعد حقبة طويلة عمل أزلام النظام عن حجب ومصادرة الكتب الثقافية والدينية، حيث كان الديكتاتور يرفع شعارات الأنبياء ويعمل عمل المجرمين والأشقياء، فقد حارب الثقافة والأدب اكثر مما حارب اي شيء آخر لإدراكه بمدى خطورة العلم على بقاءه في السلطة.

ويضيف، انزوت الكثير من الأقلام المثقفة خوفاً من بطش النظام وهاجرت العقول أيضا، وكنتيجة لهذا الوضع المأسوي تصدينا لنسخ الكتب والمجلدات المهمة التي كانت محرمة في زمن النظام البعثي وقمنا بنشرها بعموم محافظات العراق.

ويتابع، اعتقلت ثلاثة مرات نتيجة هذا العمل وكدت افقد حياتي لولا عناية الله سبحانه وتعالى التي كانت فوق إرادة الجبابرة والطواغيت ولم ننقطع عن أداء رسالتنا.

فكانت تلك النشأة والهدف الرئيسي لبناء هذه المكتبة ونعمل باسمين، الأول إحياء الكتب الإسلامية، وهي مختصة ومحصورة بالكتب الإسلامية القيمة، والثانية الكتب الحضارية والسياسية والتاريخية العامة.

* كيف كنتم تتعاملون في بيع وشراء الكتب المحظورة في زمن النظام البائد؟

يكون العمل على أساس الاستنساخ، أي استنساخ النسخ الأصلية نظرا لعدم توفر مطبعة تجازف بطباعة اي كتاب تحظره السلطة آنذاك، بالإضافة الى إننا كنا ننتقي القراء الثقات لبيع الكتب لهم، فيما كان الفر والكر سمة من سمات عملنا في تلك الفترة.

طباعة الكتب

* يقال ان مكتبتكم باتت مستورد رئيسي في شارع المتنبي؟

نحن ناشرون بالدرجة الأولى ومستوردون بالدرجة الثانية فقد قمنا بطباعة الكثير من الموسوعات الضخمة والكتب القديمة والحديثة والمهمة منها بحار الأنوار للعلامة المجلسي والتكامل في الإسلام للكاتب احمد امين والميزان في تفسير القرآن وعشائر العراق وعلل الشرائع وجامع السعادات والذات الجريحة وجدل الهويات  للكاتب سليم مطر والكثير من القواميس والموسوعات التي تنشر باسم إحياء الكتب الإسلامية ومكتبة الحضارات.

* هل لازال شارع المتنبي يعتبر ملاذ للمثقف العراقي كما كان في السابق؟

شارع المتنبي هو الشريان التي تتنفس فيه رئة المثقف العراقي وهو الملاذ الامن للكاتب والقاريء والبائع وهو حضارة قائمة بذاتها تمتد منذ زمن العباسيين في بيت الحكمة وسوق الوراقين الذي هو الان شارع المتنبي، وقد تم تأهيل هذا الشارع مؤخراً بعد تعرضه للارهاب الدموي الكافر في العراق وبمظهر يبعث على البهجة.

* يلاحظ في الآونة الأخيرة ازدادت المؤلفات العراقية ما هي برأيكم الأسباب؟

انتشار ظاهرة التأليف واتساعها يعود كنتيجة طبيعية للخلاص من الأجهزة القمعية للنظام البائد وكذلك استغلال الوضع الديمقراطي في البلدن لان في العقود الغابرة كانت كلمة المثقف والمؤلف محاربة وتمر على أكثر من مقص للرقيب الحكومي، وخسف الأرض بأزلام النظام هي السبب الحقيقي في هذا التطور الواضح.

* كيف تجدر أداء وزارة الثقافة العراقية؟

وزارة الثقافة العراقية نشاطاتها محدودة في دعم المثقف ابن العراق ولم نعد نلتمس منها اي شيء يستحق الذكر فقد أهملت جوانب مهمة مثل معارض الكتاب السنوية والفصلية وغياب دعم هذه الكتب بالمعارض الدولية سواء بدعم المشاركين في معارض الكتاب خارج وداخل العراق ولو تم توجيه الدعوة لدور النشر العالمية فأن العراق سيغرق بالكتب النفيسة والنادرة بمختلف الاختصاصات لان العراق من أهم دول منطقة الشرق الأوسط لسوق الكتب.

* ماذا عن المخطوطات والنفائس النادرة؟

سوق المتنبي يحتوي على الكثير من المخطوطات والنفائس، إلا انه يوجد لها سوق نظرا لارتفاع أثمانها بشكل خيالي، ونطالب الدولة بالحفاظ على لك الثروة العلمية والأثرية من خلال تخصيص ميزانية للمركز الوطني للمخطوطات، لشرائها بسعر يكافئ قيمتها.

* هل لعب الانترنت دور في عزوف بعض القراءة عن شراء الكتب؟

الكتاب الورقي لا يزال يحضا بقيمة كبيرة لدى القارئ العراقي، فمعظم مستخدمو للانترنت لم يتركوا قراءة الكتب، فنجد الإقبال متواصل على بعض مجلدات ودورات الكتب التي تصدر بين الفينة والأخرى، على الرغم من توفرها على النت. 

* ما هي أكثر الكتب رواجاً وعليها إقبال من القراء في الوقت الحاضر؟ 

ليس هناك إحصائية دقيقة لمعرفة الكتب الاكثر طلباً وبيعاً في عموم العراق وحسب بعض المطابع وبعض الناشرين من الكتاب.

ويضيف ساخرا، الا ان مع الأسف نلحظ ان اكثر الكتب رواجاً هي كتب الطبخ، ثم القواميس والكتب الدينية، ثم الثقافية وبدرجات متفاوتة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/آب/2010 - 26/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م