شبكة النبأ: انقضى ما يوازي العقد من
السنين ولا تزال لظى الحرب في أفغانستان تستعر دون هوادة، وأمراء
الحروب يزدادون قوة ونفوذ مع فشل القوات الدولية التي انخرطت بدورها في
حرب بالأخلاق أو قواعد، توزع الموت يمينا وشمالا دون استثناء، يتحمل
وزر معاركها مدنيون عزل لا ذنب لهم سوى إن القدر وضعهم أمام هذا المصير
المؤلم.
مقابر جماعية
فقد تم العثور على ما يزيد عن 118 مقبرة جماعية في مناطق مختلفة من
أفغانستان خلال السنوات الثماني الماضية. وبعد ثلاث سنوات من تعيين
الرئيس حامد كرزاي لجنة للتحقيق في موقع مقبرة جماعية في سهول تشيمتالا
شمال مدينة كابول لا تزال اللجنة والحقيقة مفقودتين.
وطبقا لما ذكره مسئولون حكوميون، دخل رئيس اللجنة فاضل هادي شينواري
في غيبوبة في مستشفى في الهند منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر.
وقال قيام الدين كشاف القائم بأعمال رئيس مجلس العلماء الذي كان
يرأسه شينواري "ليس لدي أي معرفة بشأن اللجنة أو عملها". ولم يتمكن
المسئولون في مكتب الرئيس من تسليط أي ضوء على نتائج عمل اللجنة.
وتقول جماعات حقوق الإنسان أن العشرات من المقابر الجماعية قد تعرضت
للعبث أو التدمير خلال السنوات الثماني الماضية وبالتالي تم تدمير أدلة
حاسمة على الأعمال الوحشية التي ارتكبت وعلى مرتكبيها أنفسهم.
وقال أحمد نادر نادري مسئول مفوضية حقوق الإنسان المستقلة
بأفغانستان أن "في بعض الحالات قام الناس بصورة متعمدة بتدمير أو العبث
بالمقابر الجماعية من أجل إخفاء الأدلة الجنائية". بحسب شبكة إيرين.
وقد تم ارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان من بينها عمليات
القتل الجماعي على يد الفصائل المتحاربة منذ عام 1979 ولم يتم إجراء
تحقيقات ملائمة في شأن تلك المقابر.
وتشير تقديرات المسئولين إلى أن بعض المقابر تضم رفات مئات الأشخاص،
وطبقاً لما ذكرته مفوضية حقوق الإنسان المستقلة بأفغانستان هناك مقبرة
في إقليم كونار بشرق أفغانستان تضم ما يزيد عن 1100 جثة. وتقول
المفوضية أنها سجلت 118 موقعاً على الأقل لمقابر جماعية.
هناك مزاعم بأن زعيم الحرب الأوزبكي اللواء عبد الرشيد دستم قد قام
في عام 2008 بالعبث بمقبرة جماعية في صحراء داشتي ليلي في إقليم جوزجان
حيث تم التخلص من جثث الآلاف من سجناء طالبان بين عامي 2001 و 2002.
وعلى الرغم من إنكار ذلك، تم اتهام دستم بقتل الآلاف من سجناء
طالبان عندما قام بمساعدة التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في
التغلب على حركة طالبان في شمال أفغانستان في عامي 2001 و 2002. ويعتبر
دستم حليفاً مقرباً ومستشاراً عسكرياً رفيعاً للرئيس كرزاي.
وقد أدانت مجموعات حقوق الإنسان على نطاق واسع العبث الذي تعرض له
موقع المقبرة في داشتي ليلي. ودعت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان
ومقرها الولايات المتحدة الحكومة الأفغانية والدول الأجنبية المؤيدة
لها بالحفاظ على تلك المواقع.
وقال ستيفان شميت خبير الطب الشرعي بمنظمة أطباء من أجل حقوق
الإنسان "لم تجد أبداً دعواتنا آذاناً صاغية وقد قاد ذلك إلى تدمير
منطقة نشك في أن فيها مقابر جماعية...وحتى هذا لم يتم التحقيق فيه".
وأوضح شميت أن الكثير من الناس ذوي النفوذ الذين يشغل بعضهم مناصب
حكومية رفيعة كانوا متورطين في جرائم الماضي في أفغانستان وهم لا
يريدون للحقيقة أن تظهر. وأضاف "يمكن للمرء أن يحاول تدمير الأدلة
ولكنه لا يستطيع أن يزيل آثار جريمة للأبد".
وصرح مسئول رفيع في الأمم المتحدة في ديسمبر 2008 أن الأمم المتحدة
كانت ملتزمة بمساعدة السلطات الأفغانية في الحفاظ على تلك المواقع من
أجل حماية الأدلة الجنائية.
وطبقا لما ذكره مسئولو مفوضية حقوق الإنسان المستقلة بأفغانستان فإن
المقابر الجماعية كانت تعتبر عناصر أساسية في تنفيذ خطة عمل انتقالية
خاصة بالعدالة وهي الخطة التي فشلت حتى في الوصول إلى 10 بالمائة من
مؤشرات إنجازاتها المستهدفة.
وقد انتهى الموعد النهائي المحدد لتنفيذ خطة العمل منذ عامين ولكن
كرزاي رفض الدعوات لتجديدها.
وقد قالت الغالبية العظمى لما يزيد عن 4 آلاف شخص تم إجراء مقابلات
معهم من قبل مفوضية حقوق الإنسان المستقلة بأفغانستان في عام 2005 أنه
يجب تقديم منتهكي ومرتكبي جرائم حقوق الإنسان للعدالة. ولكن كما يقول
الخبراء هناك عدم التزام سياسي لإجراء التحقيقات اللازمة.
وقال شميت خبير الطب الشرعي بمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "يريد
الناس على المستوى الفردي معرفة ما جرى لضحاياهم والسعي لتحقيق العدالة
ولكن هذا غير ممكن بصورة رسمية حتى الآن".
وقال نادري مسئول مفوضية حقوق الإنسان المستقلة بأفغانستان "بغض
النظر عن أهميتهم لعملية العدالة الانتقالية، رغم أنها هامة جداً في حد
ذاتها، فإن المقابر الجماعية جزء لا ينفصل تاريخنا الوحشي ويجب حمايتها
من منطلق الاحترام للضحايا".
ولن يتحقق السلام في غياب العدالة، كما أن 76 بالمائة ممن تمت
مقابلتهم من قبل مفوضية حقوق الإنسان المستقلة بأفغانستان في عام 2005
قالوا أن العدالة ستجلب الاستقرار والأمن الذي تدهور منذ سقوط طالبان.
ويقول الخبراء أنه لم تتم محاسبة الكثير من المجرمين ذوي النفوذ مما
يقوض جهود السلام.
والأمر الذي يعقد أي تحقيقات مستقبلية أنه على الرغم من أن الدوافع
وراء العبث بالموتى قد تكون جنائية في حد ذاتها إلا أنها لا تكون كذلك
في كل الأحيان حيث قام السكان المحليون في بعض الحالات بالبحث عن أفراد
أسرهم المفقودين وأخذ بعض العظام من المقابر الجماعية ودفنها في أماكن
أخرى. وقد وردت تقارير عن عمليات إعادة دفن جماعية للرفات البشرية جرت
في بعض المناطق بناء على طلب من القيادات الإسلامية المحلية.
روايات الجيش
في سياق متصل كانت ميليشيات سنية وشيعية متحاربة تتقاسم الطريق
الممتد بين باراتشينار وتال في المنطقة القبلية الحدودية الباكستانية
والذي لا يبعد سوى كيلومترات قليلة من أفغانستان ثم أغلقته جماعات
طالبان المختلفة. يقول الجيش الباكستاني ان الطريق مفتوح وحر الان.
وتزدهر الازهار على جانبي الطريق حيث كانت تزرع القنابل محلية الصنع.
وينشط العمل اليدوي في حقول الارز الغنية والسوق التي تحيط بساحة كانت
طالبان تستخدمها لتنفيذ أحكام الاعدام. وكل شيء على ما يرام على ما
يبدو في منطقة كورام. أو على الاقل هذا ما يريد الجيش أن يراه الصحفيون.
نظم الجيش الباكستاني زيارة لوسائل الاعلام للمنطقة قدم قادة الجيش
خلالها المنطقة التي أجهدتها أعمال العنف الطائفية وتسلل اليها مقاتلو
حركة طالبان الافغانية وحركة طالبان الباكستانية على أنها منطقة امنة.
بحسب رويترز.
وقال القادة الميدانيون انه تم طرد ما بين ثلاثة الاف وأربعة الاف
متشدد وأنهم لن يعودوا أبدا. وقال الكولونيل توصيف أخطر قائد القوات في
كورام "انني واثق 200 بالمئة من أننا طردنا المتشددين." وقال أخطر في
مؤتمر صحفي ان 96 متشددا قتلوا وألقي القبض على أكثر من 100 . وأضاف أن
18 من قوات الجيش الباكستاني قتلوا وأصيب 46 اخرون.وأضاف عن المتشددين
"اما قتلوا أو تركوا المنطقة." لكنه استطرد قائلا انه لا تزال هناك "جيوب
صغيرة" لفلول المتشددين مشيرا الى أنها "غير مهمة."وقدر عدد المتشددين
المتبقين بما لا يزيد على 24 شخصا. وقال منصور خان محسود منسق البحوث
في مركز أبحاث المناطق القبلية المدارة اتحاديا في اسلام اباد ان ما
يقوله الجيش مشكوك فيه.
وأضاف "لم يطردوا" موافقا على تقدير الجيش لعدد المتشددين المتبقين
في المنطقة. وتابع "الجيش سيطر على بعض المناطق ولكن طالبان لا تزال
تسيطر على مناطق كثيرة أخرى في وسط كورام."
وبدأ الجيش الباكستاني في أكتوبر تشرين الاول الماضي هجوما على
وزيرستان الجنوبية التي كانت حينذاك معقلا لحركة طالبان الباكستانية.
وانتشر المتشددون بقيادة حكيم الله محسود الذي كان قائدا لطالبان في
كورام في مناطق أخرى.
وفي الوقت نفسه كثف الجيش الباكستاني هجماته الجوية وبنيران
المدفعية ضد متشددي كورام وتحرك لنزع فتيل التوترات السنية الشيعية
وتطهير واحكام السيطرة على مناطق كانت حتى خارج سيطرة الاستعمار
البريطاني في السابق. كذلك فتح الجيش قطاعا في الطريق يمتد بطول 84
كيبومترا بين باراتشينار في كورام العليا وتال في منطقة هانجو في منطقة
خيبر باختونخوا المجاورة.
ولكن العلامات التي تدل على استمرار انعدام الامن عديدة مما يشير
الى أن التشدد في كورام أكثر عنادا من المتوقع وان المتشددين اما أنهم
عادوا أو لم يغادروا المنطقة أصلا.
وقتل 25 متشددا على الاقل في اشتباكات مع قوات الامن منذ الاول من
يونيو حزيران. وفي الاونة الاخيرة قتل عشرة متشددين على الاقل في
اشتباك بين فصائل المتشددين في وسط كورام في الاول من يوليو تموز. وفي
الثاني من يوليو تموز أعدم متشددون من طالبان رجلا اتهم بالتجسس لصالح
الامريكيين.
وتساءل محسود "اذا طهرت المنطقة.. فكيف يمكنهم (طالبان) أن يحاربوا
هناك أو أن يخطفوا الناس ويقتلونهم يتهم التجسس لصالح
الامريكيين.."وكذلك يشكو المدنيون في كورام.
قال حاج كمال حسين رئيس نقابة تجار باراتشينار "لا نستطيع السفر على
الطريق دون مرافقين من ميليشيا كورام لان المخاطر عديدة على الطريق."
وميليشيا كورام جزء من قوات أمن قوة الحدود وهي مؤلفة أساسا من سكان
محليين. وهذا كله يجعل الجيش قلقا بل وعصبي الى حد ما.
ويسترق جنود بشكل واضح السمع لتعليقات صحفي محلي وهو ينتقي كلماته
بحذر شديد في اظهار واضح لسيطرة أكبر عنها في مناطق أخرى في باكستان.
وقال الصحفي المحلي عظمة علي خان "لن يسمحوا لي بأن أقول شيئا" وكان
يشير الى جنود على مقربة منه. ومنطقة كورام نفسها ليست غريبة على
القتال.
وهذا اللسان من الارض في منطقة القبائل الباكستانية والممتد داخل
أفغانستان كان ملاذا لمقاتلي طالبان الافغانية والقاعدة بما في ذلك
أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذين كانوا يفرون من معركة تورا
بورا في عام 2001. ويمكن رؤية جبال تورا بورا عبر قمم الجبال عند قاعدة
للجيش في كورام العليا.
كما شهدت المنطقة أيضا أعمال عنف طائفية بين القبائل السنية
والقبائل الشيعية وهي الجزء الوحيد من المنطقة الحدودية الباكستانبة
التي تقطنها أغلبية شيعية. ونظرا للايديولوجية المعادية للشيعة بقوة
لدى طالبان والقاعدة شهدت المنطقة سنوات من القتال الدامي وأحيانا مع
الجيش الباكستاني الذي كان يجد نفسه محاصرا بين الطرفين.
والان توفر طرق كورام منفذا سهلا لمناطق قبلية أخرى مثل أوراكزاي
وخيبر ووزيرستان الشمالية ووزيرستان الجنوبية وجميعها كانت ملاذات
ونقاط انطلاق لشن هجمات بالنسبة لمقاتلي طالبان على جانبي الحدود.
وأصبحت المنطقة بفضل تضاريسها الوعرة وموقعها الاستراتيجي ملتقى طرق
للمتشددين الذين يتحركون بين الاراضي القبلية القاحلة في باكستان ومعقل
قبائل البشتون في أفغانستان. وقال الصحفي خان المقيم في المنطقة ان
طالبان لا تزال تسيطر على مناطق كبيرة في كورام. ولكن العلامة الاكثر
تأكيدا على وجود فلول للمتشددين هو نظرة الخوف على وجوه الناس.
وقال خان "هناك الكثير من الاشياء التي تقال ولكننا عاجزون على
القول لاننا مقيدون هنا... السكان المحليون يقاتلون من أجل البقاء."
حماية المدنيين
من جهته أصدر قائد الجيش الأمريكي في أفغانستان، الجنرال ديفيد
بتريوس، "توجيهات تكتيكية" جديدة، تحدد الإطار العام لكيفية تنفيذ
العمليات الجوية والبرية هناك، وسط تذمر الجنود من توجيهات سابقة تحمي
السكان المدنيين على حساب القوات المقاتلة.
وجاء في التوجيهات التي أصدرها الجنرال الأمريكي، الذي يقود قوات
التحالف الدولية في الدولة الآسيوية المضطربة: "يجب علينا أن نستمر،
وأن نضاعف جهودنا لتجنب سقوط خسائر بين المدنيين الأبرياء إلى أدنى حد
ممكن."
وتابع في توجيهات التي أصدرها مساء الأربعاء، إن "كل مدني أفغاني
يسقط قتيلاً، يضر بسمعتنا هناك، ولو أننا استخدمنا القوة المفرطة أو
أدرنا المواجهات مع العناصر المعادية على نحو يخالف مبادئنا، فإن
الانتصارات التكتيكية قد تشكل نكسات إستراتيجية."
كما تضمنت التوجيهات التأكد من عدم وجود مدنيين قبل الدخول في
اشتباكات، سواء عن طريق القوات البرية أو شن غارات جوية، وفي حالة إذا
لم يكن من المعروف وضع المدنيين، فإنه يُحظر إطلاق النار إلا في حالة
إذا ما كانت هناك مخاطر محددة تهدد أرواح الجنود. بحسب السي ان ان.
وقال بتريوس في جزء آخر تم الكشف عنه من الوثيقة السرية: "إن حماية
الشعب الأفغاني تتطلب القيام بعمليات قتل واعتقال عناصر مسلحة، في
الواقع، وكما لاحظت في السابق، فإننا يجب علينا أن نقضي على عناد
طالبان، ولكن ينبغي علينا أن نقاتل وفق مبادئ عظيمة، وبصبر تكتيكي."
وكانت مصادر عسكرية قد استبعدت في وقت سابق، أن تبطل التوجيهات
الإستراتيجية الصادرة عن الجنرال بتريوس، تلك السارية حالياً التي
أصدرها قائد القوات الأمريكية السابق، الجنرال ستانلي ماكريستال،
لتوضيح قوانين تشدد على حماية المدنيين أثناء المعارك.
وذكرت المصادر أن التوجيهات قد لا تتناول الظروف التي قد تستدعي
الوحدات المقاتلة الحصول على تصريح لشن هجمات للدفاع عن النفس.
وتشتكي بعض القوات المقاتلة من أن النهج الذي وضح القائد العسكري
السابق، الذي تنحى عن منصبه بعد تعليقات تهكمية على مسؤولين في الإدارة
الأمريكية، تضع حماية المدنيين، في المقام الأول، وتعوق دون مبرر
الجنود من الدفاع عن النفس، إذ تقيد استخدام الضربات الجوية، والغارات
الليلية وغيرها من وسائل استخدام القوى ضد المدنيين.
وسقط العديد من المدنيين الأفغان جراء عمليات عسكرية نفذها التحالف
ضد مليشيات طالبان، مما أثار سخط شعبي ورسمي على القوات الدولية، حيث
شجب الرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، أواخر الشهر الماضي عملية عسكرية
لحلف الأطلسي، قال إنها تسببت في سقوط 52 مدنياً قتيلاً في إقليم هلمند.
وكان بتريوس قد شرح خلال جلسة تأكيده لتولي منصب قائد القوات
الأمريكية في أفغانستان خلفاً لماكريستال، في الكونغرس الشهر الماضي،
تفاصيل التوجيهات التكتيكية.
وفي فبراير/ شباط الماضي، كشفت مصادر عسكرية أمريكية أن توجيهات
سرية جديدة صدرت لقوات التحالف في أفغانستان لوضع قيود على حملات الدهم
الليلية التي تشنها القوات الدولية على مساكن ومقار المدنيين الأفغان،
وسط تصاعد الاستياء الشعبي من سقوط مدنيين خلال العمليات العسكرية.
وجاءت تلك القيود لتخفيف حدة التوتر بين القوات الدولية والمدنيين
الأفغان في محاولة للحفاظ على تأييد الرأي العام الأفغاني لقوات
التحالف المنتشرة هناك منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام طالبان في
أواخر 2001.
ودعت التوجيهات العسكرية باستخدام القوات الأفغانية لشن حملات الدهم
الليلية على مساكن المدنيين، تحديداً خلال الليل، وبعد أن أثارت
مداهمات القوات الأجنبية حفيظة الأفغان لما فيها من تعدى وانتهاك لحرمة
المنازل، وفق الثقافة الأفغانية.
يُشار إلى أن تزايد أعداد الضحايا المدنيين على أيدي القوات
الأمريكية وقوات الناتو أدت إلى زعزعة العلاقات بين أفغانستان
والولايات المتحدة، وتقويض ثقة المدنيين الأفغان تجاه قوات التحالف.
يوليو الأكثر دموية
الى ذلك ارتفعت حصيلة خسائر القوات الأمريكية في يوليو/ تموز الجاري،
إلى 66 قتيلاً، ليصبح هذا الشهر الأكثر دموية للجيش الأمريكي، منذ
بداية غزو الدولة الواقعة بوسط آسيا قبل تسعة أعوام.
وسقط ثلاثة قتلى الجمعة، حسبما أكدت قوات المساعدة الدولية لإقرار
الأمن في أفغانستان "إيساف"، التابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"،
أحدهم نتيجة تعرضه لهجوم مسلح، بينما قُتل الجنديان الآخران نتيجة
انفجار عبوة ناسفة من النوع الخارق للدروع.
كما أشارت إيساف إلى أن الخميس شهد أيضاً مقتل ثلاثة جنود آخرين،
اثنين قضيا نحبهما في انفجار عبوة مماثلة من ذات النوع، فيما قُتل
الجندي الثالث نتيجة انفجار آخر.
وبالإعلان عن مقتل هؤلاء الجنود الستة، ترتفع الخسائر البشرية
للقوات الأمريكية في أفغانستان إلى 66 قتيلاً خلال يوليو/ تموز الجاري،
فيما ترتفع خسائر القوات الدولية بشكل عام، خلال نفس الشهر، إلى 88
قتيلاً.
وكان شهر يونيو/ حزيران الماضي الأكثر دموية بالنسبة للقوات
الأمريكية، إذ انتهى بخسارة الجيش الأمريكي 60 جندياً، إلا أن مقتل
هؤلاء الجنود الستة، يضع حصيلة الشهر الجاري في المقدمة كأسوأ شهر
للقوات الأمريكية بأفغانستان. بحسب السي ان ان.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" قد أكدت في وقت سابق،
العثور على جثة الجندي الأمريكي الثاني، الذي فُقد مع جندي آخر
بأفغانستان الأسبوع الماضي، بعد يومين من العثور على جثة الجندي الأول.
وقالت الوزارة، في بيان، إن الجندي جارود نيولوف، البالغ من العمر
25 عاماً، من "رينتون" بولاية واشنطن، كان أحد الجنديين اللذين فُقدا
بعد معركة بالأسلحة النارية في مقاطعة "لاغور" شرقي أفغانستان.
وقال المسؤول المحلي بالمقاطعة، دين محمد درويش، إن جثة نيولوف تم
العثور عليها قرب منطقة "باراكي باراك"، التابعة للمقاطعة، إلا أن
واشنطن لم تعلن نبأ العثور عليه.
وكانت قوات المساعدة الأمنية الدولية "إيساف"، التابعة لحلف شمال
الأطلسي "الناتو"، أعلنت في وقت سابق الثلاثاء، العثور على جثة الجندي
الأمريكي، جاستين ماكنيلي، 30 عاماً، من "ويتريدج" بولاية كولورداو،
بعدما فُقد مع زميله الأسبوع الماضي.
وقالت "إيساف" في بيان إن قوات التحالف ونظيرتها الأفغانية استردت
جثة جندي تابع لها مفقود في شرقي أفغانستان، بعد عمليات تفتيش مكثفة.
الانسحاب الأمريكي
من جهة اخرى كشف السفير الأفغاني في واشنطن، سعيد طيب جواد، عن
معارضته للانسحاب الأمريكي المقرر السير فيه اعتباراً من يوليو/تموز
2011، قائلاً إن هذا الموعد "غير واقعي ولا يساعد" الحكومة المركزية
بكابول، التي تواجه قتالاً ضارياً مع حركة طالبان، وفقاً لما قاله
لبرنامج "حالة الاتحاد" على شبكة CNN.
وحذر جواد من أن تحديد موعد مسبق للانسحاب دون وجود مقومات واقعية
له "يجعل العدو أكثر جرأة ويطيل أمد الحرب،" قائلاً إن على الولايات
المتحدة وحلف شمالي الأطلسي والحكومة الأفغانية "إرسال رسالة واضحة
للعدو تفيد بأن قواتها العسكرية ستبقى في مكانها حتى انتهاء المهمة"
والقضاء على المسلحين.
ورأى جواد أنه في حال عدم نجاح واشنطن وسائر العواصم الغربية
المشاركة في العمليات العسكرية في تأكيد عزمها البقاء في أفغانستان
فإنها "ستفقد دعم الشعب الأفغاني وستجد نفسها في مواجهة نفوذ متزايد
للدول المجاورة لأفغانستان التي ستتجرأ على التدخل في شؤون كابول
الداخلية."
وجاءت تصريحات جواد بعد يوم على وصول القائد الجديد للقوات
الأمريكية بأفغانستان، الجنرال ديفيد بتريوس، خلفاً للجنرال ستانلي
ماكريستال، إلى مقر القيادة العسكرية في أفغانستان، بعد شهادة أدلى بها
أمام الكونغرس الأمريكي، وربط فيها ما بين بدء الانسحاب في الموعد
المحدد وتحسن الأوضاع الأمنية على الأرض.
وفي مقابلة بثت الأحد على شبكة CBS، قال النائب في الكونغرس، ليندسي
غراهام، إن إعلان واشنطن عزمها الحازم الانسحاب في تاريخ محدد سيدفع "الأعداء"
إلى القول بأنهم سينتظرون الانسحاب للعودة إلى القتال.
غير أن غراهام أعرب عن أمله في نجاح الإستراتيجية الأمريكية الجديدة
في أفغانستان، متوقعاً أن تتمكن واشنطن من تسليم المسؤولية الأمنية في
بعض الولايات إلى الحكومة الأفغانية "على أن يستمر القتال في ولايات
أخرى" على حد تعبيره.
وكانت مواقف بتريوس في الكونغرس قد حظيت بدعم السيناتور الجمهوري
جون ماكين، المرشح السابق للرئاسة الأمريكية، الذي دافع عن موقف بتريوس،
قائلاً إن على الولايات المتحدة عدم تحديد مواعيد مسبقة لخطواتها
العسكرية، بل اختيار لحظة مغادرة أفغانستان وفقاً لـ"الأوضاع على الأرض."
وأضاف ماكين أن قيام واشنطن بإعلان رغبتها في مغادرة أفغانستان
العام المقبل قلل من الدعم الدولي الذي كانت تحظى به على الصعيد
العسكري، باعتبار أن المهمة قاربت على الانتهاء، وانعكس ذلك سلباً على
الوضع الميداني، فباتت السيطرة على الأمور "أكثر صعوبة،" ما يدل على
الحاجة للمزيد من الوقت.
واتهم ماكين من وصفهم بـ"الانهزاميين خلال الحرب في العراق،" بالعمل
على الترويج لانسحاب قريب من أفغانستان.
وكان بتريوس قد تطرق في إفادته إلى موضوع موعد الانسحاب المنتظر من
أفغانستان، فقال إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، استخدم مصطلح "بداية
عملية الانسحاب" من أفغانستان في يوليو/تموز 2011، عوض الإشارة إلى
الانسحاب نفسه.
وأضاف بتريوس أن القوات الأمريكية ستضطر إلى تقديم المساعدة
لأفغانستان "لسنوات طويلة مقبلة،" مضيفاً أن القوات الأفغانية بحاجة
لأعوام عديدة قبل أن تتمكن من السيطرة على الأمور بمفردها.
فتية مقاتلون
من جانبه لم يتحرج السارجنت الامريكي ارون بيست بينما كان جنوده
يقتادون الفتى أحمد البالغ من العمر 14 عاما وقد عصبوا عينيه وقيدوا
يديه الى موقعهم في جنوب افغانستان لاستجوابه. وقال بيست "لا تخدعك
المظاهر. لقد احتجزت الكثير من الصبية. أعمار المقاتلين تتراجع كل يوم."
احتجزت دورية امريكية أحمد الذي ظل اسمه الحقيقي سرا حفاظا على
هويته الى جانب فتى اخر عمره 15 عاما في منطقة ارغنداب باقليم قندهار
الجنوبي وهو من اكثر مناطق أفغانستان اضطربا لانهما كانا يتصرفان بشكل
أثار الشبهات.
كان الاثنان يختبئان وسط الحقول ويراقبان الجنود حين تم رصدهما.
حاول الاثنان الفرار لكن حين أمسك بهما الجنود الامريكيون حاولا مقاومة
الاعتقال وهو ما جعل الجنود أكثر تشككا.
جاءت الاختبارات التي اجريت على أيدي الصبيين اللذين احتجزا الى
جانب عدد اخر من الفتية خلال الدورية الامريكية ايجابية وأظهرت وجود
اثار مادة نترات الامونيوم المستخدمة في صناعة البارود ومتفجرات اخرى.
وتستخدم مادة نترات الامونيوم أيضا في بعض الاسمدة وان كانت السلطات
الافغانية تحظر استخدامها لامكانية استخدامها في تصنيع القنابل لكن رغم
الحظر لازال بعض المزارعين يستخدمونها.
وقضى احمد والاخرون الليل في الحجز حتى تستجوبهم الشرطة الافغانية
ثم أطلق سراحهم وسلموا الى شيوخ القرى الذين قالوا انهم يضمنوهم.
لن يعرف السارجنت بيست ورجاله أبدا ما اذا كان أحمد ورفيقه الاخر
البالغ من العمر 15 عاما قد زرعا القنابل في الطرق او فتحا النار على
القوات الامريكية من قبل لكن هذه الاعتقالات تكشف عن توجه مثير للقلق
أبلغ عنه الجنود في أرض المعارك وهو انهم يواجهون مقاتلين أصغر سنا
بشكل متزايد.
وقال اللفتنانت كولونيل جاي جونز قائد الفوج المظلي 508-2 في الفرقة
82 المحمولة جوا ومقره في ارغنداب "خلال الثماني او التسع سنوات
الاخيرة من القتال حدث تغير كبير في سن المقاتلين. معظم المقاتلين
تتراوح أعمارهم الان بين 14 و18 عاما."
وقال جونز الذي يقوم برابع مهمة له في أفغانستان "في عام 2002 كان
المقاتلون ما بين 22 و30 عاما والقادة ما بين 30 و42 عاما."
وتحدث جونز عن فتى عمره 13 عاما فقط اعتقل وهو يطلق النار على
القوات الامريكية ويعالج الان في المستشفى في القاعدة الجوية الاجنبية
الرئيسية في قندهار. وقال جونز ان هؤلاء المقاتلين الصغار يستدرجون الى
الانضمام الى التمرد.
وأضاف "هؤلاء الاطفال ينظرون الى الاكبر منهم والى اجدادهم كمجاهدين
عظام باحترام ويريدون تقليدهم." وكان جونز يشير بذلك الى الرجال الذين
قاتلوا القوات السوفيتية في اواخر الثمانينات. |