شبكة النبأ: مع اندلاع القتال مجددا
بين الحوثيين من جهة والقبائل الموالية للحكومة اليمنية والمدعومة من
الجيش من جهة أخرى تعالت الاتهامات المتبادلة بين تلك الأطراف حول من
أيقظ الفتنة مرة أخرى، وعلى الرغم من محدودية القتال وانحساره في مناطق
محدودة في شمال اليمن إلا إن الأوضاع في تلك البلاد وحسب ما يراه
المتابعون باتت لا تتحمل مزيدا من الضغوط خشية من وقوع انهيار مفاجئ في
هيكلة الدولة ينبئ بصومال جديد.
تدخل قطري
فقد اتهمت اللجنة الأمنية العليا في اليمن المتمردين الحوثيين
بتنفيذ خروق عسكرية وبعدم الالتزام باتفاقية الدوحة لوقف إطلاق النار
في شمال البلاد.
وقال مصدر مسؤول في اللجنة التي يشرف عليها الرئيس علي عبد اللـه
صالح «إن عناصر التمرد الحوثية مازالت مستمرة في خرق اتفاقية وقف إطلاق
النار والهجوم على المواقع والنقاط الأمنية والعسكرية».
وتوسطت قطر بين الحكومة اليمنية والحوثيين في الثالث عشر من الشهر
الجاري لإعادة العمل باتفاق الدوحة الموقع بين الجانبين عام 2007 من
أجل وقف الحرب بين الجانبين.
وفرض تجدد العنف والاشتباكات المسلحة في مناطق متفرقة من مديرية حرف
سفيان بعمران وصعدة شمال اليمن منذ أسبوعين مخاوف متصاعدة في الأوساط
اليمنية كافة، من اندلاع وشيك لشرارة حرب سابعة بين القوات الحكومية
اليمنية والحوثيين. بحسب يونايتد برس.
وأكد المصدر سعي الحكومة اليمنية إلى إحلال السلام وإعادة إعمار ما
خلفته الحرب وعودة النازحين إلى قراهم ومنازلهم وتعزيز الأمن والسكينة
في المحافظة.
من جانبه اتهم الناطق الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبد السلام
الحكومة بالوقوف وراء ما وصفه بـ«محاولة لإشعال حرب أهلية في صعدة من
خلال تأجيج التوتر القائم بين الحوثيين والقبائل التي شاركت في الحرب
الأخيرة إلى جانب القوات الحكومية اليمنية».
وكشف يحيى الحوثي شقيق القائد الميداني للمتمردين عن تدخل قطري لدى
السلطة والحوثيين أفضى إلى وقف المعارك في سفيان التي اندلعت الإثنين
الماضي.
وأفاد مصدر عسكري في اليمن أول من أمس بأن المتمردين الحوثيين أسروا
نحو 200 جندي بعد أن تمكنوا من الاستيلاء على موقع عسكري عقب معارك
عنيفة مع قبيلة مدعومة من الجيش في شمال البلاد أسفرت عن سقوط عشرات
القتلى.
وبدأت سلسلة من الحروب المتقطعة بين الحكومة والحوثيين منتصف حزيران
2004 وتوقفت في 11 شباط الماضي خلفت الآلاف من القتلى والجرحى
والمعتقلين وتشريد نحو 350 ألف شخص، حسب بيانات الأمم المتحدة.
وساطة قبلية
كما قال الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام إن وساطة قبلية
نجحت في إيقاف المواجهات بين الجماعة والحكومة اليمنية في منطقة حرف
سفيان بمحافظة عمران جنوب صعدة.
وأوضح عبد السلام في حديث للجزيرة أن سريان وقف إطلاق النار، وطالب
بمراقبين محليين لمتابعة عدم خرق الوساطة.
وكانت الأيام الماضية قد شهدت مواجهات في حرف سفيان أدت إلى سقوط
قتلى وجرحى, وقالت جماعة الحوثي إنها دارت مع قوات حكومية، في حين قالت
السلطات اليمنية إنها دارت مع رجال قبائل.
من جانبه قال الشيخ قاسم قبيدة الذي قاد وساطة زعماء القبائل لوكالة
الصحافة الفرنسية إن جماعة الحوثي وقبيلة بن عزيز اقتنعتا بضرورة وقف
القتال, مشيرا إلى أن القتال توقف فعليا.
وأضاف قبيدة أنه تم فتح الطريق الرابطة بين صعدة والعاصمة صنعاء,
بعد تطهيرها من الألغام التي زرعها الحوثيون بهذه المنطقة.
خرق الهدنة
من جهته اتهم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الحوثيين بخرق الهدنة،
لكنه أكد أن السلام ما زال خيار الدولة في محافظة صعدة شمال البلاد، في
وقت تحدث فيه مصدر بالحزب الحاكم عن مشاركة شخصيات حوثية في حوار وطني
ينطلق قريبا.
ودعا صالح في حفل تخرج أقيم بالعاصمة صنعاء الحوثيين إلى الالتزام
بالنقاط الست التي نص عليها اتفاق الهدنة في فبراير/شباط الماضي،
وبينها إنهاء المعارك والانسحاب من المواقع التي سيطروا عليها وتسليم
العتاد العسكري الذي استولوا عليه.
كما دعا الرئيس اليمني إلى تكاتف الجهود لمواجهة الإرهاب والتمرد
والخارجين عن القانون، على حد وصفه.
يأتي ذلك في وقت تحدث فيه عضو حزب المؤتمر الشعبي العام صادق أبو
راس عن مشاركة ممثلين عن التمرد الحوثي في حوار وطني يبدأ يوم 17 أغسطس/آب
المقبل.
وحسب أبو راس سيشارك في الحوار ثلاثة من قادة التمرد بينهم المتحدث
باسم الحوثيين محمد عبد السلام الذي أكّد الخبر هاتفيا لوكالة الأنباء
الفرنسية، وقال "مبدئيا سنشارك في الحوار الوطني.
ويطلق الحوار بموجب اتفاق بين الحكومة وتحالف معارض يشمل حزب
الإصلاح -أهم الأحزاب الإسلامية- والحزب الاشتراكي وأحزابا صغيرة أخرى،
وسيبحث تطبيق اتفاق فبراير/شباط 2009 الذي دعا إلى حوار وطني وتأجيل
الانتخابات التشريعية إلى أبريل/نيسان 2011 ريثما يعدل اليمن دستوره
ويعيد هيكلة نظامه السياسي.
تنظيم القاعدة
الى ذلك اكد الرئيس اليمني على عبد الله صالح ان "الافة الكبرى التي
تقلق الوطن وأقلقت الاستثمارات هي الارهاب والاعمال الارهابية لتنظيم
القاعدة.
وهدد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في تسجيل صوتي بث على الانترنت
بشن مزيد من الهجمات على القوات اليمنية في أعقاب عدة هجمات على
الحكومة يعتقد أن القاعدة نفذتها أو تأكدت مسؤوليتها عنها أودت بحياة
العشرات.
وأنتقد الرئيس اليمني ما قال انه تعمد بعض وسائل الاعلام تضخيم
الاحداث في اليمن "وتناول الاخبار بصورة مغلوطة الامر الذي يترتب عليه
اثار سلبية لاظهار اليمن بصورة مغايرة لما هو عليه الواقع.
وقال "قد تحدث أعمال خارجة عن القانون ومزعزعة للامن في بعض المناطق
في بعض الاوقات بينما معظم محافظات ومناطق اليمن تعيش في أمن واستقرار."
وتسعى صنعاء جاهدة للحد من حركة انفصالية متصاعدة في الجنوب تزداد
عنفا والحفاظ على اعلان هدنة هشة .
الوضع الميداني
ميدانيا، قالت اللجنة الأمنية العليا باليمن إن المتمردين الحوثيين
قتلوا 12 جنديا وجرحوا 55 وخطفوا 228 من الجنود ورجال القبائل
المتحالفين مع الحكومة في معركة كبيرة بحرف سفيان، رغم هدنة معلنة منذ
ستة أشهر.
وأضافت اللجنة الأمنية في بيان لها أن الحوثيين حاصروا موقع الزعلا
بمنطقة حرف سفيان في محافظة عمران لشهرين قبل أن يتمكنوا من السيطرة
عليه قبل خمسة أيام.
وتحدثت مصادر قبلية لوكالة الأنباء الألمانية عن سبعين جنديا خطفهم
الحوثيون بمعركة موقع الزعلا الذي يطل على طريق رئيسي يقود إلى صنعاء.
مقتل زعيم قبلي
وصرح مصدر مسؤول باللجنة الأمنية اليمنية العليا، بأن "عناصر التمرد
الحوثية"، أقدمت على ارتكاب ما وصفه بـ"جريمة نكراء، لا يقرها شرع ولا
قانون، تمثلت بنصب كمين غادر وجبان، في منطقة (نيد البارد) بمديرية
منبه، نجم عنه استشهاد الشيخ زيدان المقنعي ونجله وأربعة من مرافقيه."
وذكرت المصادر أن قيادياً في صفوف "الحوثيين"، يُدعى أبو علي الحاكم،
تزعم الكمين الذي استهدف الشيخ المقنعي، بعدما رفض الاستجابة والحضور
لدى ممثل الحوثي، ليعلن "الولاء والطاعة، ويبايع عبد الملك الحوثي ومن
يمثله"، وفق الصحيفة.
إلى ذلك، أفادت معلومات واردة من محافظة "عمران"، باندلاع مواجهات
دامية بين المسلحين الحوثيين وأبناء القبائل في خمس قرى على الأقل
بمنطقة "العمشية"التابعة لمديرية "حرف سفيان"، مشيرةً إلى أن
الاشتباكات المتواصلة منذ ثلاثة أيام، أسفرت عن سقوط أكثر من 30 قتيلاً،
وعشرات الجرحى.
وحمل مصدر مسؤول باللجنة تلك العناصر مسؤولية هذا الخرق، وما يترتب
عليه من نتائج، مشيرا إلى أن تلك العناصر دأبت على ممارسة الخروقات
المتكررة، والتنصل من التزاماتها في تنفيذ النقاط الست وآليتها
التنفيذية، وفقاً لقرار وقف العمليات العسكرية. بحسب السي ان ان.
يذكر أن النقاط الست التي ضمنت وفق إطلاق النار في صعدة، تنص على "الالتزام
بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات"،
و"الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية"، و"إعادة
المنهوبات اليمنية والسعودية، ،و"إطلاق المحتجزين"، و"الالتزام بالنظام
والقانون"، و"الالتزام بعدم الاعتداء على السعودية.
مفاوضات مستمرة
كما أكد مصدر يمني مطلع، سيطرة المسلحين الحوثيين، على نقطة عسكرية
بمديرية حرف سفيان، وذلك بعد قليل من اتهام صنعاء للجماعة بالتصعيد ضد
الحكومة ودعوة الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، لقياداتهم بالانصياع
للقانون.
وكانت وسائل إعلام يمنية قد نقلت أنباء عن إستيلاء جماعة الحوثي على
موقعين عسكريين، وأخرى تابعة لقبائل بن عزيز، بعد أقل من 24 ساعة على
وقف إطلاق النار بين الجانبين وتجدد المواجهات بينهما.
وقال المصدر طلب عدم ذكر اسمه، إن الحوثيين تمكنوا من أسر "عشرات
الجنود ورجال القبائل المؤيدة للحكومة،" كما سيطروا على مكان هو عبارة
عن نقطة عسكرية. بحسب السي ان ان.
وأضاف المصدر أن الحكومة اليمنية تفاوض الحوثيين حالياً للإفراج عن
المعتقلين والانسحاب من النقطة التي سيطروا عليها، مشيراً إلى أن الجيش
اليمني سيكون مضطراً للجوء إلى القوة إن لم يحصل ذلك بالمفاوضات.
وكان رئيس الوزراء اليمني، علي مجور، أعلن عن إصابة النائب عزيز
صغير، قائد قبائل بن عزيز، بالهجوم المستمر منذ أيام للحوثيين على
منزله.
وقال مجور إن الحوثيين، الذين وصفهم بـ"العناصر التخريبية"، نفذوا
سلسلة من الهجمات في منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران شمالي البلاد، ما
أدى إلى إصابة النائب عزيز، الذي خاض رجاله لأيام معارك طاحنة مع
الحوثيين للدفاع عنه.
وشدد مجور على أن الوضع بحرف سفيان "لم يعد كما كان في السابق"، في
إشارة إلى تكرار نشاطات الحوثيين الذين اتهمهم بالاستيلاء على معدات
عسكرية.
ونفل موقع حزب المؤتمر الحاكم في اليمن عن مصادر ميدانية قولها إن
الحوثيين نصبوا نقاط تفتيش جديدة في عدد من مناطق محافظة صعدة لتفتيش
المارة.
أما مجلس النواب، فقد اتهم الحوثيين بعدم الالتزام بالنقاط الست
التي أعلنتها الحكومة بناءً على طلبهم لوقف الحرب في صعدة، ودعا
المجلس الحكومة إلى تحمل مسئوليتها الدستورية للتصدي بحزم لكافة
الأعمال الإجرامية والوقوف أمام أي تمرد أو خروج على النظام والقانون
و"العمل من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن."
ناقوس الخطر يدق في صعده
من جانب آخر تتزايد المخاوف حول وشك حدوث جولة أخرى من الاشتباكات
بين الجيش والمتمردين الحوثيين في المحافظات الشمالية لصعدة وعمران.
فطبقاً لمراقبين، تصاعدت الاشتباكات في الأيام الأخيرة وانهار اتفاق
وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 11 فبراير.
وقد صرح الشيخ يحي الجرادي كبير الوسطاء في النزاع القائم في 27
يوليو، أن المتمردين الشيعة بقيادة الحوثي قد أسروا مئتين من الحرس
الجمهوري وسيطروا على مواقع للجيش وأجبروا الموظفين الحكوميين على
مغادرة العديد من المناطق في محافظة صعدة.
وأضاف الجرادي أن :"الحوثيين قاموا بنقل الجنود الأسرى من محافظة
حرف سفيان في عمران إلى ماطره والنقعة في صعدة ...هم لا يريدون السلام،
فهم يُرغمون المدنيين على مغادرة منازلهم؛ وبدؤوا مرةً أخرى في حفر
مواقع في الجبال".
وطبقاً للجرادي استغل المتمردون وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة
خمسة أشهر لشراء المزيد من الأسلحة وحفر المزيد من الخنادق.
ويأتي هذا التصاعد في القتال بعد أسبوعين من الاشتباكات بين
المتمردين ورجال القبائل الموالين للحكومة في حرف سفيان مما خلف عشرات
القتلى وتسبب بجرح كثيرين آخرين.
وفي 27 يوليو، أورد موقع مأرب برس المستقل أنباء العثور على 17 جثة
لمسلحين حوثيين قرب منزل الشيخ صغير بن عزيز، زعيم رجال القبائل
الموالين للحكومة، وذكر الموقع :"أنه تم قصف المنزل في 26 يوليو من قبل
الحوثيين وأُصيب بن عزيز جراء ذلك. بحسب شبكة ايرين الانسانية.
اطراف الحرب
من جهته وصف محلل سياسي، طلب عدم ذكر اسمه، الوضع الراهن بأنه
الأسوأ منذ هدنة فبراير. وفي السياق نفسه، أخبر المحلل السياسي "أن
ناقوس الخطر يدق في صعدة، لقد شهدنا الكثير من الانتهاكات وأعمال العنف
وستبدأ قريباً جولة سابعة من المواجهات... لا يريد أي من الطرفين تحقيق
السلام، فالحكومة تدعم قبائل بن عزيز ضد الحوثيين الذين لايترددون
أبداً بدورهم في القتل.
ستصبح المحافظة [صعدة] مسرحاً لقتال دام وسيسودها الجوع وتنتشر فيها
جرائم التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية".
النازحون داخلياً في حالة شتات
وتقدر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن حوالي 14,000 شخص فقط
من إجمالي 324,000 شخص نزحوا جراء الحرب التي استمرت ست سنوات -نزح
معظمهم بسبب الجولة السادسة من المواجهات التي بدأت في منتصف أغسطس
2009 - قد عادوا إلى مواطنهم الأصلية.
وقالت ماري مارولاز، مسؤولة العلاقات الخارجية بالمفوضية :"إن توفر
الأمن والاستقرار، عنصران حيويان لتحقيق عودة النازحين الطوعية والآمنة
على نطاق واسع إلى صعدة، ولكنهما في الوقت الراهن غير مضمونين...ولا
تزال عملية إزالة الألغام والذخائر غير المتفجرة تمثل أولوية قصوى في
البلاد".
وفي محافظة صعدة، أفادت المفوضية أنها "تفتقر للمعلومات عن
الاحتياجات الإنسانية والأوضاع في المناطق التي تبعد 7 كيلومترات عن
محيط محافظة صعدا" وهي الحدود المسموح لموظفيها التحرك داخلها لأسباب
أمنية.
ووفقاً لموجز صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم 23
يوليو :"يحول انعدام الأمن بشكلٍ عام وعدم إمكانية الوصول من تقديم
المساعدات الإنسانية لمئات الآلاف من المدنيين وخاصة في المحافظات
الشمالية مثل عمران وصعدة. |