إسلاميون أذكياء

هادي جلومرعي

الإسلاميون الأتراك يتصرفون بطريقة مختلفة عن نظرائهم من إسلاميي العالم. وفي الظاهر على الاقل رغم وحدة الغايات في نشر المفاهيم الدينية.

الحديث يجري من مدة ليست بالقليلة عن محاولات تركيا اشغال دور مشابه او مواجه للدور الايراني الذي يعده العرب مقلقا لهم ولذلك مازالوا يبادرون بالترحيب به شعبيا ورسميا وحتى لو على طريقة تبادل الادوار من خلال الاشادة المتكررة بمواقف رئيس الحكومة رجب طيب اوردوغان ومنحه لقب (فارس) بعد جملة من المواقف المتشددة التي اتخذها بالضد من اسرائيل وسلوكياتها الهمجية ضد الشعب الفلسطيني.

الحادثة الاخيرة التي تورطت فيها البحرية الاسرائيلية القت بالمزيد من الاضواء على الدور التركي الذي كان الاكثر حضورا من بين الادوار الاخرى لدول ومنظمات متعاطفة مع المحاصرين في مدينة غزة خاصة.. القتلى بأغلبهم كانوا من الاتراك على متن السفينة مرمرة.

حزب العدالة لم يتراجع عن رغبته النهائية في تطبيق حكم الشريعة الاسلامية على الطريقة التركية ولذلك يتوسل بشتى الطرق لتاكيد ذلك.

تركيا التي ابعدها التعصب الاوربي عن رغبتها الملحة في الانتساب الى دول الاتحاد الاوربي. ويأسها شبه الكامل من تراجع دول من بينها فرنسا والمانيا واليونان عن مواقفها السابقة برفض عضويتها في الاتحاد تبحث عن منافذ اخرى لاثبات الوجود واعادة الحضور المؤثر ، وليس بافضل من المساحة العربية للعودة اليها بعد قرن من الابتعاد ومنذ نهاية الاحتلال العثماني لبلدان عربية عدة وإنكفاء تركيا على سياسات أتاتورك.

حكومة اوردوغان ترغب بمحاصرة العسكر المتربصين والعلمانيين الذين يجدون ان توجهات الاسلاميين مربكة لهم ومحاطة بالغموض الذي يجعل مستقبل العلمانية في مهب الريح.

الشارع التركي ملم نوعا ما بالقضايا الاسلامية ومتعاطف مع مصائب المسلمين في انحاء العالم من غزة حتى الصين وتستهويه انفعالات إسلامييه ومواقفهم من التعنت الصهيوني ومن حماقات الدولة العبرية.

العرب الغاضبون يريدون نموذجا إسلاميا مقاربا لهم وليس على الطريقة الايرانية التي تقرب المنظمات الدينية المتشددة التي تصطدم غالبا بالحكومات وتهدد وجودها.

الاسلاميون لم يمالوا اسرائيل لانهم يريدون ذلك لكنهم وجدوا ان العلمانيين والعسكر الذين كانوا ممسكين بالقياد وطدوا من علاقات تركيا باسرائيل التي تحتل بلدا وتعتدي على بلدان كانت لوقت قريب ولايات تابعة للباب العالي. هم الان بصدد التخلص من أسرائيل ومن التبعية للولايات المتحدة ومن التذلل لاوربا وليس افضل من تحريك القوافل الانسانية وتهييج الشارع.. أؤكد إن النوايا التركية ليست بالسيئة وهي مقاربة للتوجهات العامة للمسلمين الذين لم يعودوا يطيقون العنجهية التي عليها الاسرائيليون وتكرار عدوانهم على العزل والابرياء ومحاصرة الجياع في غزة.

الغضب الشعبي سيمكن حكومة اوردغان من ضرب عصفورين بحجر واحد.. إستثمار الغضب الشعبي للتخلص من إسرائيل ومحاصرة العلمانيين والعسكر في الداخل التركي.. مبروك نجحت المهمة.

hadeejalu@yahoo. com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/آب/2010 - 20/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م