كوريا الشمالية... حرب مقدسة أم حرب كلامية

 

شبكة النبأ: بوتيرة متصاعدة اخذ شكل الصراع بين الكوريتين يتخذ منحى قد يفضي الى مواجهة عسكرية وشيكة على الرغم من الضغوط الأمريكية المستمرة على الجزء الشمالي منها، فيما تبدي اغلب الدول الآسيوية المجاورة قلقها من التداعيات المحتملة لقواعد الاشتباك إن وقعت، سيما ان كوريا الشمالية لم تستثني في وعيدها أي من الدول الحليفة أو المؤيدة لشقيقتها الجنوبية.

استفزاز متبادل

فقد قالت كوريا الشمالية إنها ستبدأ "حربا مقدسة" ضد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية "في أي وقت تكون فيه ضرورية" استنادا الي قوتها النووية الرادعة للرد على التدريبات العسكرية "المتهورة" للبلدين للحليفين.

وجاء رد الولايات المتحدة سريعا على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الذي قال ان واشنطن ليس لديها أي رغبة في الدخول في "حرب كلامية" مع كوريا الشمالية وإنها تريد ان ترى "القليل من الكلمات الاستفزازية والمزيد من العمل البناء" من بيونجيانج.

ونفت لجنة الدفاع الوطني مجددا أي دور لكوريا الشمالية في إغراق سفينة حربية كورية جنوبية في وقت سابق من هذا العام وقالت إنها قد تضطر للانتقام من البلدين اللذين سيبدأن تدريبات عسكرية واسعة النطاق.

وقالت اللجنة في بيان "جيش وشعب جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية سيبدأن حربا مقدسة انتقامية على طريقتهما استنادا الى قوة نووية رادعة في أي وقت تكون فيه ضرورية من اجل التصدي للامبرياليين الأمريكيين والقوات الكورية الجنوبية العميلة الذين يدفعون الوضع عن عمد الي شفا حرب." بحسب رويترز.

والبيان جزء من حملة كلامية لكوريا الشمالية بعد ان توصل فريق محققين بقيادة كوريا الجنوبية في مايو ايار الى ان غواصة كورية شمالية اطلقت طوربيدا على سفينة حربية كورية جنوبية في مارس اذار مما أودى بحياة 46 بحارا.

ونجت كوريا الشمالية من التوبيخ في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي أدان الهجوم في بيان أوائل يوليو تموز دون أن يلقي باللوم بشكل مباشر على حكومة بيونجيانج.

ورفضت الولايات المتحدة دعوة من كوريا الشمالية لاستئناف المحادثات النووية السداسية الأطراف وأعلنت عقوبات جديدة لتجميد أصول كورية شمالية ووقف تدفق الأموال الى زعماء الدولة الشيوعية المنعزلة.

عقوبات جديدة

كما أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية تستهدف قيادتها وحذرت من عواقب وخيمة ان هي هاجمت جارتها الجنوبية مجددا.

وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان واشنطن مستعدة للعودة الى المحادثات الدولية بشأن البرنامج النووي لكوريا الشمالية اذا بعثت بيونجيانج "باشارة ايجابية" غير أنه لم يبدر منها اي شيء من هذا القبيل حتى الان.

وقالت ان العقوبات تستهدف منع كوريا الشمالية من بيع أسلحة وشراء سلع فاخرة ووقف نشاط كيانات تجارية كورية شمالية من العمل بطريقة غير مشروعة في الخارج.

وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي بسول مع وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس " نستهدف بشكل محدد جدا الزعامة.. نستهدف أصولها . وذلك بعد القيام ببحث مكثف للغاية استند الى ما تم القيام به من قبل لكنه لا يقتصر عليه."

وأكدت أن العقوبات الإضافية لا تستهدف المواطنين العاديين بكوريا الشمالية الذين يمثلون أحد أفقر الشعوب في العالم وينعزل اقتصادهم المتعثر بالفعل عن العالم الخارجي بفعل اجراءات عقابية سابقة ضد بيونجيانج بسبب التجارب النووية والصاروخية.

وأبدت الصين الحليف الرئيسي الوحيد لكوريا الشمالية "قلقا بالغا" بعد أن أعلنت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إجراء مناورات مشتركة واسعة النطاق يوم 25 يوليو تموز.

وقال تشين قانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في بيان "نحث الأطراف المعنية على التحلي بالهدوء وضبط النفس وعدم التصرف بأي شكل يؤدي لتفاقم التوترات الإقليمية."

ودعا جيتس الى استئناف العلاقات العسكرية مع الصين التي تم تعليقها في وقت سابق هذا العام بسبب مبيعات السلاح الأمريكي المزمعة لتايوان.

ويقوم اقتصاد كوريا الشمالية بصفة أساسية في طبيعته على بضعة مصانع قادرة على العمل حتى بثلث طاقتها وتفتقر المزارع للأسمدة والبذور.

وكلف قرار كارثي بإصدار عملة جديدة في العام الماضي عددا كبيرا من الناس مدخرات العمر ويقوم الكثير من الكوريين الشماليين بأنشطة غير قانونية من خلال السفر الى الصين.

وقال بايك هاكسون وهو باحث كبير بمعهد سيجونج "العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة لن تؤثر بالفعل على اقتصاد كوريا الشمالية لان جميع العقوبات الممكنة قد فرضت بالفعل." وأضاف "الصين تتعاون مع كوريا الشمالية... لان استقرار كوريا الشمالية مصلحة قومية رئيسية للصين."

وقال بايك ان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج ايل لن يغير على الأرجح سياساته أو يقدم تنازلات للولايات المتحدة.

وفي وقت سابق قامت كلينتون وجيتس بزيارة نادرة للمنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين وسط تحذيرات بأن شبه الجزيرة تواجه فترة جديدة خطيرة.

وقالت كلينتون ان كوريا الشمالية تستطيع الحصول على ما تريد مثل معاهدة للسلام وعلاقات طبيعية مع الولايات المتحدة ورفع العقوبات اذا كفت عن اظهار العداء واتخذت خطوات لا رجعة فيها لانهاء محاولات انتاج أسلحة نووية.

وقالت كلينتون "يمكن لكوريا الشمالية الكف عن سلوكها الاستفزازي والعدواني نحو جيرانها واتخاذ خطوات لا رجعة فيها للوفاء بالتزاماتها بالتخلص من الاسلحة النووية والانصياع للقانون الدولي."

وقالت "اذا اختارت كوريا الشمالية ذلك المسار فان العقوبات سترفع وستقدم مساعدات طاقة ومساعدات اقتصادية أخرى وسيتم تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة."

غضب شمالي

من جانبها نددت كوريا الشمالية بخطط الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لإجراء مناورات عسكرية مشتركة وقالت إنها "خطر رئيسي" على المنطقة ووصفت عقوبات أمريكية جديدة فرضت عليها بأنها "عدائية" وحثت واشنطن ان تركز بدلا من ذلك على سبل استئناف المحادثات النووية.

وتأتي التصريحات التي جاءت على لسان دبلوماسي من كوريا الشمالية في العاصمة الفيتنامية هانوي حيث يشارك في أكبر منتدى أمني في آسيا بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات موسعة على الشمال وبعد يومين من كشف سول وواشنطن عن خططهما لإجراء تدريبات عسكرية مشتركة.

وقال ري تونج-ايل عضو الوفد الكوري الشمالي الى منتدى الأمن الإقليمي في هانوي للصحفيين عن المناورات العسكرية "هذه الخطوة تشكل خطرا رئيسيا ليس فقط على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية وانما على أمن المنطقة.

"كما أنها تنتهك روح بيان رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" في اشارة الى بيان صادر عن المنظمة الدولية أدان الهجوم على تشيونان لكنه لم يورد أي ذكر لكوريا الشمالية.

وانتقدت الصين حليفة كوريا الشمالية القوية الوحيدة المناورات العسكرية الأمريكية الكورية الجنوبية بشدة وبدأت تدريبات بحرية قبالة السواحل الصينية الشرقية.

وقال ري "العقوبات ستعمق السياسة العدوانية ضد الشمال" وحث الولايات المتحدة بدلا من ذلك على إعداد الأجواء المناسبة لاستئناف المحادثات السداسية بشأن البرنامج النووي لكوريا الشمالية بالإضافة الى قضايا أخرى.

وقال ري "إذا كانت (الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية) مهتمتين حقا بجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من السلاح النووي فعليهما أخذ زمام المبادرة للمساعدة على تهيئة المناخ (لبدء المحادثات السداسية) قبل ان يستأنفا التدريبات العسكرية."

ردود ملموسة

في سياق متصل حثت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون آسيا على تطبيق عقوبات على كوريا الشمالية وردت بيونجيانج بالتهديد باتخاذ "ردود ملموسة" على خطط واشنطن بإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع كوريا الجنوبية.

ودعت كلينتون أيضا في كلمة أمام أكبر حوار للأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي جيران ميانمار للضغط على الحكام العسكريين للبلاد لتطبيق إصلاحات ديمقراطية وقالت ان آسيا يجب أن تنضم الى المجتمع الدولي في إرسال "إشارة واضحة" لإيران لكبح جماح طموحاتها النووية.

وقالت أمام المنتدى الإقليمي لرابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان) والذي يضم 27 دولة "أحد مقاييس قوة مجموعة من الدول هو كيفية ردها على تعرض أفرادها وجيرانها والمنطقة لتهديد."

ويضم المنتدى قوى إقليمية مثل الصين واليابان وروسيا بجانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا.

وكشفت كلينتون عن عقوبات أمريكية جديدة على كوريا الشمالية التي تلقي واشنطن وسول باللائمة عليها في غرق سفينة حربية كورية جنوبية الذي أدى الى مقتل 46 بحارا وزاد من حدت التوتر بشأن البرنامج النووي لبيونجيانج.

وقالت كلينتون ان من الضروري أن تقوم الدول الآسيوية بتطبيق الإجراءات العقابية على كوريا الشمالية حتى "تتخذ الخطوات التي يجب عليها اتخاذها" من أجل وقف التطوير النووي والسعي نحو سلام حقيقي.

وأضافت للصحفيين أنها تأمل أن يأتي يوم تكون فيه بيونجيانج "اقل اهتماما بتوجيه تهديدات وأكثر اهتماما بصنع الفرص."

وأعلنت اليابان عن خطط لإرسال أربعة ضباط من قوات الدفاع الذاتي البحري كمراقبين للمناورات العسكرية الأمريكية الكورية الجنوبية الكبيرة التي تبدأ بعد أن قبلت الدعوة من الدولتين.

وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع اليابانية ان هذه هي المرة الاولى التي تشارك فيها قوات الدفاع الذاتي اليابانية في تدريب مشترك بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

ومن المقرر أن يكون الضباط الاربعة على متن حاملة الطائرات الامريكية (يو.اس.اس. جورج واشنطن).

استقرار الشرق الاوسط

من جهتها أبلغت إسرائيل لجنة العقوبات الخاصة بكوريا الشمالية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن أنشطة بيونجيانج في مجال انتشار الصواريخ ذاتية الدفع تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط وحثت المجتمع الدولي على تكثيف جهوده لوقف ذلك.

وقالت بعثة إسرائيل لدى الامم المتحدة في رسالة الى لجنة العقوبات الخاصة بكوريا الشمالية "تود إسرائيل أن تعبر عن قلقها المستمر فيما يتعلق بانتشار الصواريخ ذاتية الدفع من (كوريا الشمالية) وتدعو المجتمع الدولي الى تكثيف جهوده لمواجهة هذه الأخطار."

وجاء في الرسالة التي أرسلت الى اللجنة ولكن لم تنشر سوى "تشعر إسرائيل على وجه الخصوص بالقلق من التبعات الخطيرة لأنشطة انتشار (الصواريخ) بواسطة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) على الاستقرار وجهود السلام في الشرق الأوسط."

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان قال في مايو أيار ان شحنة من الأسلحة الكورية الشمالية منها صواريخ وقذائف صاروخية ضبطت في تايلاند في ديسمبر كانون الأول الماضي كانت متجهة لحركة حماس في قطاع غزة وجماعة حزب الله في لبنان. وقال أيضا ان كوريا الشمالية تزود إيران وسوريا بمساعدات من اجل برامجهما الصاروخية.

مشاة البحرية

على صعيد متصل قالت وسائل اعلام ان واشنطن تخلت عن نقل ثمانية الاف من مشاة البحرية الامريكية من اليابان الى جزيرة جوام الامريكية بحلول 2014 في ضربة محتملة لرئيس الوزراء ناوتو كان الذي يكافح بالفعل بسبب النزاع بشأن القاعدة الامريكية.

وعملية نقل مشاة البحرية المخطط لها من جزيرة اوكيناوا في جنوب اليابان جزء من اتفاق اكبر بين واشنطن وطوكيو يتضمن نقل وظائف قاعدة فوتينما الجوية الامريكية في اوكيناوا الى منطقة اقل ازدحاما بالسكان في الجزيرة.

وذكرت صحيفة يوميوري أن تأخر واشنطن المحتمل في نقل مشاة البحرية قد يؤجل نقل قاعدة فوتينما أيضا. وقالت الصحيفة ان التأجيل المحتمل كشف عنه في افادة من البحرية الامريكية لحكومة جوام.

وأي تأجيل لنقل القاعدة المثيرة للجدل في اوكيناوا التي تستضيف حوالي نصف القوات الأمريكية في البلاد قد يكون صفعة لحكومة كان التي تعاني بالفعل من الأداء الضعيف في انتخابات مجلس المستشارين هذا الشهر.

وشتت النزاع حول مكان نقل قاعدة فوتينما الجوية انتباه البلدين وهما يحاولان التعامل مع كوريا الشمالية التي لا يمكن التنبؤ بها والصين الصاعدة.

وقالت وكالة كيودو للانباء ان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونظيرها الياباني كاتسويا اوكادا أكدا مجددا خلال اجتماع في هانوي أن خبراء سيضعون تفاصيل نقل موقع قاعدة فوتينما الجوية بحلول نهاية شهر اغسطس اب كما اتفق عليه في مايو ايار.

ولكن ما زالت هناك شكوك حول ما اذا كان يمكن تنفيذ الاتفاق في الوقت المحدد. وذكرت صحيفة يوميوري أن واشنطن وطوكيو بدأتا محادثات غير رسمية حول تأجيل القرار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/تموز/2010 - 15/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م