شبكة النبأ: المشهد الرقمي العالمي،
الذي كانت تسيطر عليه يوما أجهزة الكمبيوتر المربوطة بأسطح المكاتب،
يجري إعادة تشكيله من خلال توفير التمكين والحرية التي تؤمنهما الأجهزة
النقالة التي تعتمد على الإنترنت المنخفضة الكلفة.
بهذا الجملة يفتتح جي. سكوت أور، المحرر في موقع أميركا دوت غوف
مقالة حول ما يراه أسلوب التواصل مع العالم النقال.
فيقول، حسب ما يتكهن به معظم الخبراء، فإن هذا الاتجاه الذي يعتبر
ثورياً أكثر منه تطويرياً سوف يجعل شبكة الإنترنت المنتقلة خلال فترة
قصيرة منصة العمل السائدة على الإنترنت.
بالنسبة للسكان الذين تنقصهم الآن التوصيلات التقليدية بالإنترنت،
يعد هذا التحول في قدرات الوصول الأوسع إلى أنواع متعددة من المعلومات
مثل: أسعار المحاصيل الزراعية للمزارعين، الموارد التعليمية للطلاب،
المعلومات الطبية لمقدمي العناية الصحية، وهي أمثلة قليلة فقط. ومن
المحتمل أيضاً ان نقرأ حتى هذه المطبوعة على الشبكة النقالة للإنترنت
الآن عبر موقع الإنترنت النقال الذي أطلق حديثاً m.America.gov، والذي
يهدف إلى تعزيز التعاطي بين الجمهور الأميركي والدولي.
وقال ستيفان بوييرا من مؤسسة "وورلد وايد ويب"، "اليوم وفي أي جزء
من العالم، وحتى في أماكن لا تتوفر فيها الكهرباء، وحيث هناك حروب، أو
حيث هناك كارثة طبيعية، لا زالت هناك هواتف نقالة تعمل. من الواضح ان
معظم الناس القاطنين في دول نامية وفي مناطق ريفية سوف يتعرفون على
الإنترنت من خلال هواتفهم النقالة فقط."
وأضاف بوييرا أنه، مع وجود نسبة تصل إلى 90 بالمئة من العدد
الإجمالي للسكان في العالم اصبحوا مغطين بشبكات الهواتف النقالة، فيبدو
ان التحول إلى الأجهزة النقالة اصبح ظاهرة لا يمكن إيقافها.
وقال بوييرا انه في حين توجد 5 بلايين اشتراك في الهواتف النقالة
عبر العالم فلا يملك سوى 1.8 بليون منهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت
عبر محطات اتصال أرضية. وقالت، "في الدول النامية سوف ينمو بسرعة تطور
إمكانية الوصول إلى الإنترنت من خلال الهواتف النقالة. فقد بدأنا نرى
هذا في بلدان مختلفة مثل جنوب أفريقيا، إندونيسيا، الهند ونيجيريا."
وأعلنت الحكومة الأميركية مؤخراً عن فتح معرضها للتطبيقات
الكمبيوترية، على الموقع apps.USA.gov، الذي يشمل تطبيقات الهواتف
الخلوية والمواقع النقالة على الإنترنت، بضمنها m.America.gov، الذي
يقدم الأخبار، والتقارير الإخبارية، والمدونات، وأشرطة الفيديو، ونشرات
البودكاست، والموقع m.USEmbassy.gov، الذي يسمح للمستعملين بتحديد موقع
وجود السفارات الأميركية عبر العالم وطرق الاتصال بها.
وقال ديف مكلور، المدير المشارك في إدارة الخدمات العامة لشؤون
خدمات المواطنين والتكنولوجيات الابتكارية، إنه "من خلال تطبيقات
الهواتف النقالة يستطيع المواطنون استعمال المعلومات الحكومية لاتخاذ
قرارات تؤثر في حياتهم اليومية، أكان ذلك للتأكد من طول أوقات الانتظار
في الطوابير بالمطارات، او مسح التشفير الشريطي في متجرهم المحلي
للتأكد من استدعاءات أنواع أطعمة أو منتجات معينة من قبل شركات منتجة
لها."
وقال مؤخراً خبير ليس اقل من رئيس مجلس إدارة شركة مايكروسوفت وصاحب
المؤسسة الخيرية، بيل غيتس، خلال منتدى عقد في جامعة كاليفورنيا،
بيركلي، ان الاعتماد على خدمة إنترنت تعتمد على وجود جهاز كمبيوتر شخصي
لم يعد إلزامياً كما كان في السابق، ولا سيما في العالم النامي.
وان الميل تجاه استعمال الهواتف النقالة، سوف يتعزز سوية مع إمكانية
الوصول إلى تكنولوجيات نقالة اكثر حداثة.
وقال غيتس، "انك لن تحتاج إلى توصيل قائم على كمبيوتر شخصي للتعامل
مع مستوى وفيات الأطفال. والمدهش ان هناك أعدادا كبيرة من الهواتف
الخليوية متوفرة في تلك البلدان". وأضاف انه مع وجود تكنولوجيات جديدة،
كالهواتف الذكية وشبكات 3 جي (3G) و4 جي (4G) الأكثر سرعة وانتشاراً،
فسوف تتضاعف الفوائد. وقال، "التوصيل الصوتي منتشر بدرجة كبيرة بالفعل،
مثل الأجهزة من نوع 2 جي (2G) والأجهزة الأقوى التي سوف تأتي سريعاً
بعدها."
وتؤيد دراسات حديثة ما تكهن به غيتس بان التكنولوجيات سوف تنتشر
بسرعة. يقول الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية التابع
لمنظمة الأمم المتحدة، الذي يتتبع مسائل تكنولوجيا الاتصالات، ان
بليونا واحداً من البلايين الخمسة لاشتراكات الهواتف الخليوية في
العالم الموجودة حالياً هو للاتصالات عبر الموجة العريضة وان هذا الرقم
يتزايد باستمرار. وفي نفس الوقت، ذكرت شركة الأبحاث غارتنر في تقرير
لها أن من بين 1.2 بليون جهاز نقال جرى بيعها في عام 2009، كان 172.4
مليونا منها هواتف ذكية، وهي نسبة زيادة تبلغ 23.8 بالمئة بالمقارنة مع
عام 2008.
وقال ستيفن آر. روث، مدير المركز الدولي للدراسات التطبيقية في
تكنولوجيا المعلوماتية في جامعة جورج ميسون ان الانتشار العالمي
للهواتف النقالة قد بدأ يولد تأثيراً ذا شأن على موارد المعلومات
المتوفرة للناس في الدول النامية. وذكر أن التعليم هو من بين الجبهات
الأكثر إثارة المتوفرة للهواتف النقالة الموصولة بالإنترنت.
وقال، "من المدهش أن تتمعن فقط في إمكانية استعمال هذه الأنواع من
الأجهزة الموصولة بالإنترنت للسماح بانتشار المعلومات إلى أولئك الذين
لا يزال لديهم إمكانية وصول محدودة جداً او عدم وجود إمكانية للاتصال
بالإنترنت ... فعلى سبيل المثال، يستطيع الطالب اليوم ان يحصل على افضل
المحاضرات وافضل المواد الدراسية عبر جهازه النقال ويستطيع حتى ان يحصل
على شهادة جامعية بهذه الطريقة. فالتأثير الكامن لذلك لا حدود له."
وأظهرت التجربة في أفريقيا مدى سيطرة الهاتف النقال في المناطق
النامية. فاستناداً إلى تقرير أصدرته شركة تدقيق الحسابات العملاقة
ارنست ويونغ، فإن سوق أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية نما بنسبة
49.3 بالمئة بين عام 2002 وعام 2007، بالمقارنة مع نسبة نمو بلغت 27.4
بالمئة في آسيا. ومتوسط اختراق الهواتف النقالة للقارة الأفريقية بلغ
37 بالمئة، وهو رقم يتوقع ان يرتفع إلى 61 بالمئة بحلول العام 2012.
وقال التقرير، "فمن قارة كان عليك ان تكافح لتجد هاتفا فيها قبل 10
سنوات إلى قارة باتت تقع في الواجهة الثقافية لثورة الاتصالات السلكية
واللاسلكية، فإن أفريقيا اليوم تعتبر قارة الهواتف النقالة."
وللاستفادة من هذه الإمكانية تم تصميم الموقع m.America.gov للوصول
إلى مستعملين يعتمدون على أجهزة نقالة كأجهزة تمكين الوصول إلى
الإنترنت التي تقدم محتوى قوياً يشمل النص، الصور الفوتوغرافية، الرسوم
البيانية، أشرطة الفيديو، والتسجيلات السمعية. تشتمل المنصة الجديدة
على معلومات مصممة لمستعملي الإنترنت بما في ذلك تغطية للأحداث الجارية،
مواضيع تركز على أفكار محددة، مدونات، نصوص المؤتمرات الصحفية والخطب
والأحداث، معلومات حول أميركا، دليل للسفارات الأميركية حول العالم
والبحث عنها. وعبر بضع نقرات على لوحة مفاتيح او شاشة جهاز نقال،
يستطيع المستعملون التقاط أحدث الأنباء حول أميركا، الحصول على معلومات
حول تأشيرة الدخول، تحديد موقع وجود السفارة الأميركية في منطقتهم،
الحصول على أبحاث تتعلق بالتاريخ الأميركي والتعرف على طريقة العيش
الأميركية.
يمكن الوصول إلى الموقع m.America.gov على الإنترنت بواسطة أي هاتف
خليوي او أي جهاز نقال آخر موصول بالإنترنت ولا يحتاج إلى تنزيل أي
برمجيات تطبيق إضافية لذلك. يعاد توجيه الزوار الذين يستعملون الهاتف
النقال للوصول إلى موقع الكمبيوتر المكتبي www.America.gov بصورة
أتوماتيكية إلى منصة الهاتف النقال الجديدة.
ومع أنه صحيح ان العديد من الهواتف الخليوية في بلدان نامية تنقصها
التوصيلات إلى الإنترنت، فقد بدأ هذا الواقع يتغير. فاستناداً إلى
مؤسسة وورلد وايد ويب، فحتى الهواتف الخليوية غير المتطورة توفر
للمستعملين نوعا معينا من إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
وقالت المؤسسة: "تستطيع تكنولوجيات الإنترنت ان تزود بدرجة ذات شأن
قدرات أعظم قوة للناس حتى من خلال هواتف نقالة بسيطة. التوصيلات
البينية للوحة المفاتيح الصوتية والعددية مع الإنترنت من خلال هواتف
نقالة بسيطة تستطيع ان تقدم للناس من ذوي مهارات القراءة المتدنية جداً
المقدرة على إيجاد والوصول إلى الخدمات. فالهواتف القادرة على دعم
متصفحين بسيطين وتطبيقات بسيطة على الإنترنت أصبحت متوفرة بصورة أكثر
انتشاراً وبأسعار معقولة."
وقالت مؤسسة الخدمات المالية العالمية مورغان ستانلي في تقرير نشرته
حديثاً ان الهواتف النقالة الموصولة بالإنترنت تتوسع بدرجة أكبر كثيراً
من ما قام به الكمبيوتر المكتبي الموصول بالإنترنت وان الهواتف
الموصولة بالإنترنت في الأسواق الناشئة "سوف تكون نقالة."
وقالت ماري ميكر، رئيسة فريق الأبحاث التقنية العالمية لدى شركة
مورغان ستانلي، "نعتقد ان عدد المستعملين الذين قد يوصلون بالإنترنت
عبر الأجهزة النقالة سوف يكون اكبر من عدد الموصولين بالإنترنت عبر
أجهزة الكمبيوتر المكتبية." |