روسيا وإيران والحفاظ على شعرة معاوية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يرى العديد من المحللين السياسيين ان شكل العلاقة بين كل من روسيا وإيران بدا يتخذ منحى مغايرا لما كان حتى عهد قريب، خصوصا ان الأخيرة وضعت نفسها في موقع لا يسمح لها باتخاذ قرار قد تعتبره روسيا متماديا او متشنجا بحقها، سيما انها باتت الشريك الأقوى والمؤثر في الشأن الإيراني والمصالح الاقتصادية والعسكرية.

وتمارس روسيا سياسة محنكة في التعامل مع ايران، بطريقة تكفل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية ودورها الدولي، حيث تتعامل مع طهران بمبدأ شعرة معاوية.

فعلى الرغم من صدور بعض تعليقات المحتجة و القاسية من بعض الساسة الإيرانيين إلا إن روسيا تعاملت باستخفاف مهين معها، دون أن تعير أي أهمية لمطلقيها، بعد أن أدركت عدم تأثيرها بالقرارات الخارجية والأسلوب المطيع للدبلوماسية الإيرانية في التعامل مع موسكو بحسب ما يراه البعض، وهو ما بدى جليا بعد ان وافقت موسكو على فرض العقوبات الدولية على ايران وتجميد صفقة الصواريخ.

صواريخ اس-300

فقد جمدت روسيا صفقة بيع مثيرة للجدل لصواريخ اس-300 الى ايران، في تحول كبير في اعقاب اقرار مجلس الامن الدولي عقوبات جديدة بحق الجمهورية الاسلامية بسبب برنامجها النووي.

واثناء زيارة الى باريس، اكد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قرار موسكو "تجميد" بيع انظمة دفاع صاروخية لايران بما يتوافق مع العقوبات الدولية الجديدة، كما ذكرت الرئاسة الفرنسية.

وعلى الفور "حيا" الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بوتين على هذا القرار، مشيرا الى "انه كان سيصعب تبرير تسليم صواريخ الى ايران في الاطار الحالي"، كما اضاف الاليزيه في ختام لقاء بين الرجلين. بحسب فرانس برس.

وكان مصدر في الكرملين صرح في وقت سابق للصحافيين في طشقند على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون المنعقدة بمشاركة الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ان "صواريخ اس-300 مشمولة بعقوبات (الامم المتحدة) وبالتالي لا يمكن تسليم ايران هذا النوع من الاسلحة".

ومنذ اقرار مجلس الامن الدولي القرار 1929 الذي يحظر بيع ايران ثمانية انواع جديدة من الاسلحة الثقيلة ويفرض قيودا جديدة على الاستثمارات الايرانية في الخارج، كثف بعض المسؤولين الروس التصريحات المشككة بالصفقة المرتقبة منذ فترة طويلة والقاضية بتسليم ايران صواريخ اس-300 والتي انتقدها الغرب واسرائيل.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في بيان مقتضب "سنطبق بشكل دقيق وصارم معايير القرار ومطالبه".

بالتالي اكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي (الدوما) قسطنطين كوساتشيف ان بلاده باتت ملزمة بالامتناع عن تزويد ايران بهذا النظام الصاروخي ارض-جو الذي كان سيمكن طهران من الدفاع بفاعلية عن منشآتها النووية.

وكتب كوساتشيف على مدونته في موقع اذاعة اصداء موسكو "انا ضد تنفيذ عقد (بيع ايران صواريخ اس-300) لا سيما ان القرار يدعو الى اليقظة وضبط النفس في ما يخص انواعا اخرى من الاسلحة".

وعلى الرغم من اعتبار كوساتشيف ان هذه الصواريخ غير مشمولة بالقرار، رأى ان تسليمها "سيكون مناقضا لروحية" القرار الدولي.

وصوتت روسيا العضو الدائم في مجلس الامن لصالح فرض عقوبات على ايران بالرغم من علاقاتها مع ايران في قطاعي الاقتصاد والطاقة.

واتفقت روسيا وايران العام 2007 على بيع صواريخ اس-300 لكن موسكو لم تسلمها بسبب ما قالت انه مشاكل تقنية، الامر الذي اثار استياء طهران.

حتى ان مسؤولا ايرانيا رفيعا هدد روسيا في اواخر 2009 برفع القضية الى القضاء الدولي متهما اياها بعدم الايفاء بتعهداتها التجارية.

واشاد المتحدث باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي "باعتدال" روسيا، مشيرا الى ان موسكو لم تسلم طهران هذه الصواريخ حتى الساعة.

وقال كراولي "انها صفقة ابرمتها روسيا مع ايران قبل سنوات، لكنها اثبت حسها بالمسؤولية" عبر الامتناع عن تسليم نظام اس-300.

واعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة انه بسبب "تعقيد" الاجراءات التي ينص عليها القرار الدولي امر الرئيس الروسي السلطات الروسية بوضع لائحة بجميع الاسلحة التي يحظر بيعها لايران.

روسيا تطالب بتوضيح

من جهته قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مؤخرا في تصريح انه يريد تفسيرا من طهران بشأن "العنصر العسكري" في برنامج إيران النووي.

وأضاف "أود أن أقول ان إيران هي شريكنا التجاري النشيط وانها اختبرت على مرور الوقت لكن هذا لا يعني أننا غير مهتمين بالطريقة التي تطور بها طهران برنامجها النووي وغير مهتمين بشكل العناصر العسكرية في برنامجها النووي. "وفي هذا الصدد.. نحن ننتظر الايضاحات الملائمة من إيران."

وقال ميدفيديف "المعلومات التي نحصل عليها والتي تأتي من قنوات مفتوحة وتقارير من المخابرات تظهر أن هذه البرامج تتطور ...ويجب أن تجد ايران الشجاعة لبدء تعاون شامل مع المجتمع الدولي."

موسكو يتلاعب بها الجواسيس

فيما جائت ردة الفعل الايرانية  على لسان احد النواب البرلمانيين، فقد رد نائب ايراني على روسيا بعد توبيخ لم يسبق له مثيل من الكرملين بسبب البرنامج النووي الايراني وقال ان موسكو عرضة لان يتلاعب بها جواسيس غربيون.

وقال علاء الدين بروجردي رئيس لجنة السياسة الخارجية والامن القومي في البرلمان الايراني لوكالة فارس شبه الرسمية للانباء "لا يجب أن تتلاعب أجهزة المخابرات الامريكية والبريطانية بدولة قوية مثل روسيا. "تصريحات ميدفيديف تستند الى معلومات خاطئة جمعها عملاء غربيون."

وكانت روسيا هي الشريك الدولي النووي الرئيسي لايراني وتبني موسكو أول محطة للطاقة النووية في ايران بالقرب من ميناء بوشهر بجنوب ايران ومن المقرر أن يبدأ العمل فيها في وقت لاحق من العام الحالي.

مصادرة المانيا مواد روسية

من جانب آخر قدمت روسيا شكوى إلى مجلس الامن بشأن ما قال دبلوماسيون للامم المتحدة انه استيلاء ألمانيا على مواد كانت مرسلة إلى محطة للطاقة النووية في إيران قائلة ان هذه التحركات "لا تتفق" وقواعد الامم المتحدة.

وقال دبلوماسيون الامم المتحدة إن روسيا أبلغت من قبل اعضاء لجنة عقوبات إيران المنبثقة عن المجلس انها غاضبة لاستيلاء ألمانيا على مواد تكنولوجية كانت مرسلة إلى مفاعل بوشهر النووي الذي بناه الروس في إيران واستجواب عدة رجال فيما يتصل بهذه الصفقة.

ودون ذكر ألمانيا بالاسم قال سفير روسيا لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين لاعضاء المجلس خلال اجتماع بشأن عقوبات الامم المتحدة على طهران ان موسكو غاضبة من اجراءات تتخذها "دول ثالثة" لمنع توصيل مواد معينة الى ايران. بحسب رويترز.

ووصف تشوركين هذه القيود التي تتجاوز حدود اربع مجموعات من العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي بأنها "غير مقبولة" و "لا تتفق" وقرارات مجلس الامن.

واضاف السفير قوله "الالتزام الصارم بقرارات مجلس الامن ... يتطلب ان تمتنع الدول الاعضاء عن استخدام قيود اضافية ... وخاصة القيود التي تكون ذات طبيعة تتعدى الاختصاص القضائي للدولة داخل حدودها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/تموز/2010 - 9/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م