دبلجة الدراما التركية ودبلجة الصورة

صور وحكايات

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: فترة الخطوبة التي تطول او تقصر حسب استعدادات العريس المادية وترتيبات اهل العروس، الا ان الغالب في فترات الخطوبة هو قصرها لما قد تنشأ عن تأخيرها معوقات كثيرة و(لتّ وعجن) من قبل اهالي العروسين.

تكثر في فترة الخطوبة الزمنية الكثير من الوعود التي يقدمها الخطيب لخطيبته وهي وعود اكثرها برسم التنازل عنها وكلمات على الرمال تتبخر بمجرد الاصطدام بوقائع الحياة الحقيقية بعيدا عن الاحلام الوردية التي ترسمها تلك الوعود.

منذ المسلسل الدرامي التركي الاول الذي عرض على الــــ mbc الفضائية تفاعل معها الكثير من الجمهور العراقي سلبا او ايجابا بدءا من مسلسل سنوات الضياع, وتمضي الأيام، لحظة وداع, دموع الورد، ميرنا وخليل، نور، شهرزاد، موسم المطر، الحلم الضائع، الحب المستحيل، وادي الذئاب وليس انتهاءا بمسلسل (عليا، وقلوب منسية، وأمي، التي لا زالت تعرض مع وادي الذئاب بجزءه الرابع والمرشح لجزء خامس وربما سادس واكثر وهو مسلسل ذو طابع استخباري بوليسي فيه الكثير من الاحداث عن العراق بعد العام 2003.

تقدم تلك المسلسلات الكثير من الرومانسية والاحلام والاوهام وتجد نسب مشاهدة عالية لدى المراهقات كتعويض عن احلام المراهقة وربات البيوت وغياب الرومانسية ودفء المشاعر لدى الكثير من المتزوجات لانشغالات الحياة وهمومها المتعددة لدى الاسرة العراقية.

وفي فترة الخطوبة يكثر ارتداء الاقنعة من قبل الطرفين لمحاولة خلق صورة جميلة ورائعة امام الطرف الاخر تتساقط تلك الاقنعة مثلها مثل الوعود، بعد الزواج وانكشاف الاخر امام شريكه.

لم يقتصر اهتمام الجمهور على الجلوس امام الشاشة ومشاهدة الاحداث المتلاحقة للمسلسلات التركية بل امتد الاهتمام عبر الاستفادة من ابطال المسلسلات تجاريآ من خلال طبع الصور والبوسترات الخاصة بهم وقد عمل المخيال العراقي في هذه الناحية على (استعراق) او (عرقنة) تلك الصور الوافدة خاصة وان هناك الكثير من التشابه في الملامح بين الوجوه التركية والعراقية، نساءا ورجالا.

ولا ادري ان كان هذا المخيال وهو يحاول دبلجة الصورة الى ثقافته العراقية (من ناحية الازياء او حتى المفردات التي ترافقها) يقوم بهذا العمل عن وعي بوظيفة الصورة ودلالتها، الا ان المؤكد هو انه يحاول ان يسحب كل ماهو عراقي يحيط به من زي ولهجة وسحبه على صور ابطال تلك المسلسلات.

في صورة من مسلسل ميرنا وخليل تجمع بين الشخصيتين الرئيسيتين واللذين يحمل المسلسل اسميهما يقوم المخيال العراقي بتقطيع الصورة الى مرحلتين المرحلة الاولى تكون تحت عنوان قبل الزواج وفيها ثلاث صور تجمع الشخصيتين واحدة منها يحيط بها قلب احمر وهي صورة تكشف عن التقارب الحميم بين الشخصيتين اضافة الى احتفاظهما بزيهما الطبيعي الذي يظهر في المسلسل.

يقوم المخيال العراقي في المرحلة الثانية من الصورة بتوظيف الزي العراقي (الريفي-العشائري) بالنسبة للشخصية الذكورية خليل ليصبح واحدآ من العراقيين بعقاله ودشداشته وعباءته ويوظف بالنسبة للشخصية الانثوية (ميرنا) عبر الباسها الزي الشرعي (الحجاب) وان كان حجابآ مفارقآ لما اعتادت عليه غالبية النساء في العراق حيث ترتدي البنطلون تحت قميص طويل فضفاض مع حجاب الرأس بالوانه الزاهية.

المرحلة الثانية في الصورة تتقاطع مع مرحلتها الاولى وكأن هذا المخيال يريد القول : بأن فترة الخطوبة بوعودها التي لا تتحقق تختلف عن فترة الزواج حيث الامر والنهي بيد الزوج فيما يتعلق بلباس زوجته حيث يغض النظر عما ترتديه في مرحلة الخطوبة وهي تكشف ايضآ (المرحلة الثانية من الصورة) عن التأثير الطاغي الذي تمتلكه القيم العشائرية لدى الانسان العراقي والذي يعبر عنها خير تعبير انهمامه بهذا الزي فهو لم يختر الزي المتعارف عليه لدى عامة الناس وهو البنطلون والقميص لتتوائم الصورتان من حيث مايرتديانه بل آثر ان يخلق مفارقة بين زي ريفي يرتديه الرجل وزي متحرر من تقاليد الريف والعشيرة ترتديه المرأة وهو تناقض موجود اصلا في وعي وتركيبة الشخصية العراقية او هو الازدواجية التي تحكم تلك الشخصية كما ذهب الى ذلك الدكتور علي الوردي في كتاباته العديدة.

الصورة بتسميتها (قبل الزواج)و(بعد الزواج) تكشف عن حمولات كثيرة

لايمكن ان تكون صورة خليل بزيه العراقي الا تعبيرآ عن مكانة اجتماعية تتموقع بمرتبة الشيخ (شيخ العشيرة) ولكن الوضع يختلف مع ميرنا فالاحتمالات عديدة فقد تكون ربة بيت متعلمة او قد تكون صاحبة مركز وظيفي معين او قد تكون استاذة جامعية.

كل هذا يمكن تأويله والبناء عليه من خلال زيها الذي ترتديه والمرتّب بعناية والمتناسق بألوان قطعه الثلاث.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/تموز/2010 - 7/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م