محاكم الإعلام ونوايا المسئولين!

سعد الكعبي

فجأة ومن دون سابق إنذار أعلن مجلس القضاء الأعلى وهو أعلى هيئة قضائية في بلادنا تشكيل محكمة خاصة تتولى النظر بالدعاوى المقدمة من الإعلاميين بكل ألوان طيفهم (المقروء والمسموع والمرئي) وبالعكس كما تنظر المحكمة بالدعاوى بالمتعلقة بالإعلام بجانبيه المدني والجزائي حسب ما جاء بالتعبير الذي وصلنا من هذه الهيئة القضائية.

 ولو تمعنا قليلا في قرار مجلس القضاء الأعلى لوجدنا انه اتخذ على عجالة ومن دون سابق إنذار وبلا إية مشاورات مع الجهات المسئولة عن عمل هذه الشريحة الواسعة والتي تأخذ على عاتقها إيصال صوت الحقيقة لمواطننا دون أن يعرف ذلك المواطن مدى الجهد الذي يبذل في ظل العراقيل الحكومية في سبيل الحصول على تلك المعلومات اذ كان من المفترض ان يتم مشاورة النقابات والجمعيات والاتحادات التي ينضوى إليها أهل الإعلام بشأن تشكيل هذه المحاكم وان كان الدستور قد كفل حرية القضاء واستقلاله في اتخاذ كل ما من شأنه حماية حقوق المواطن العراقي الا ان الدستور نفسه كفل حرية الإعلام وإيصال صوته من دون أي تقييد.

ثم أليس من المفترض إقرار قانون العمل الصحفي وما فيه من حقوق دستورية وقانونية تضمن حرية الإعلام قبل النظر في تشكيل مثل هذه المحاكم والتي نخشى ان تتحول الى محاكم لضمان حقوق المسؤولين وسيفا بايديهم للنيل من حرية وسائل الإعلام في نقل الموضوعات والتي غالبا ما تكون موضع غضب عند الحكومة خاصة إذا ما تعلق الأمر بكشف حالات فساد او تقويم الاعوجاج الموجود في معظم الدوائر الحكومية.

ان العمل الصحافي في هذه المرحلة يتطلب من مختلف مؤسسات الدولة دعما لاتساعه بمديات حرياته بدلا من خلق الاجواء التي تجعله عرضة للتقيد من خلال منح الاخرين اليات قانونية قد تساهم في تعطيل الغاية الحقيقية لعمل الموسسات الاعلامية في وضع المواطن بدائرة الاحداث التي لاتغلفها الميول المنحازة ومن دون خوف او تردد مما قد يصدر من ردود افعال المخالفين للقوانين النافذة في المجتمع.

أننا في الوقت الذي لا نشك في نية مجلس القضاء الأعلى ونعلم حرصه على حماية الإعلاميين وضمان حقوقهم في مواجهة التجاوزات الكبيرة والكثيرة التي تصدر بحقهم من قبل هذه الجهة أو تلك والتي وصلت الى حد القتل كما حدث في كردستان العراق, فأننا نأخذ على المجلس تشكيل مثل هذه المحاكم التي ربما ستكون مجالا رحبا للمسؤولين في النيل من أصحاب الكلمة الحرة, ولذا فأننا نأمل ان يخيب ظننا رغم معرفتنا بطبيعة النماذج الحكومية التي نتعامل معها وعقليتها السطحية في الرد على ما ينشر في وسائل الإعلام تجاه مخالفاتهم.

 ومع ذلك نأمل ان تنتخب تلك المحاكم خبراء من أهل الإعلام كي يقولوا كلمتهم الفصل فيما سيعرض من دعاوى بحق زملائنا في ميدان الإعلام تجنبا لجعل هذه المحاكم فرصة لوضع الاغلال في اعناق ابناء السلطة الرابعة واستخدامها وسيلة لترهيبهم بدلا من حفظ حقوقهم المهنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/تموز/2010 - 4/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م