الوعي الفكري سبيلنا نحو الوحدة الاسلامية

رؤى من أفكار الامام الشيرازي

شبكة النبأ: من الأهداف الكبرى التي يسعى إليها قادة المسلمين ومراجعهم وعلماؤهم ومن ذوي الاهتمام بشأنهم هو إعادة لحمة المسلمين الى سابق عهدها حين كانت الامة الاسلامية بأكملها تنضوي تحت راية واحدة وقيادة سياسية واحدة تمكنت من إنشاء دولة اسلامية عظمى استطاعت أن تضاهي وتتفوق على الامبراطوريات العظمى القائمة آنذاك بفكرها وسلامة نهجها وبتعاليمها السمحاء التي تهدف الى الرقي الانساني قبل أي شيء.

ولكن مع تقادم القرون بدأت الوحدة الاسلامية تضمحل وتضعف بسبب السياسات الحمقاء التي ابتعدت عما ينص عليه القرآن الكريم وعما يدعو إليه الدين وسيّرة النبي الاكرم محمد (ص) وآله الطيبين الأطهار عليهم السلام، فبات الاسلام موزعا بين فئة هنا وأخرى هناك حيث تسوده الفرقة والتناحر والصراعات الكثيرة، لهذا كان لابد من العودة الى الجوهر الاسلامي الأصيل من اجل اقامة الحكومة الاسلامية التي تدير شؤون المسلمين في عموم العالم، وفي هذا الصدد يقول المرجع الديني الراحل آية الله العظمى الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) في كتابه الثمين (السبيل الى إنهاض المسلمين):

(لقد ذكرنا فيما مضى ضرورة إقامة حكومة ألف مليون مسلم، ومثل هذا الحكم لايتحقّق إلا بإزالة الحدود الجغرافية واللغوية والقومية بعد أن تزال الحواجز النفسية، لأن هذه الحدود والفواصل الخارجية منبعثة في الحقيقة عن الحدود والحواجز النفسية).

وهذا الهدف الكبير بحد ذاته يتطلب جهدا مضاعفا في مجال نشر العلم وبث الوعي بين عموم المسلمين في المعمورة كونه السبيل الى توحيدهم من جديد بعيدا عن الحدود المصطنعة سواء كانت مادية ملموسة كالحدود الجغرافية وغيرها أو حدود فكرية معنوية كاللغة وما شابه، ويؤكد الامام الشيرازي في كتابه نفسه بهذا الصدد قائلا:

(إن من الواجب أن نوحّد الجهود ونعيد وحدتنا ووحدة أمتنا. أما كيف ذلك؟ فبأمور، يأتي في طليعتها: نشر الوعي الإسلامي، فمن الواجب على كل مسلم أن ينشر الوعي الإسلامي العقائدي والاقتصادي والسياسي والشرائعي والاجتماعي والتربوي والعسكري والزراعي والصناعي والاستقلالي، في كل البلاد الإسلامية، بواسطة الإذاعات والصحف والمجلات والنوادي والكتب والمؤتمرات وغيرها).

ولعل طبع الكتب التوجيهية تعتبر من اهم وسائل التوعية بما يتناسب مع مستويايتهم الفكرية وأعدادهم الهائلة، إذ يقول الامام الشيرازي بهذا الشأن:

(إننا لو طبعنا ألف مليون كتاب ووزعنا هذه الكتب في كل هذه البلاد الإسلامية فستكون حصّة كل فرد مسلم كتاباً وحداً، وهذا أقل الواجب، فاللازم علينا أن نشمّر عن سواعدنا لطبع مثل هذا القدر من الكتب ـ على أقل تقدير ـ في سبيل التوعية).

ومن أهم الاشياء التي يحث الاسلام عليها المسلمين هي مسألة القراءة والكتابة وضرورة تعلمها لكي يسهل على المسلم الوصول الى التعاليم الاسلامية السمحاء بسهولة، بمعنى لابد أن تُعالج قضية تفشي الامية بين المسلمين من اجل محاربة الجهل والمرض والعصبية والتناحر وذلك من خلال قدرة المسلم الوصول الى المعلومة المكتوبة في حالة اتقانه للقراءة، وهنا نقرأ في كتاب الامام الشيرازي نفسه ذلك :

(إن الإسلام يحرّض على الكتاب والكتابة والقراءة، وأول سورة نزلت في القرآن ـ على المشهور ـ سورة اقرأ، وفيها القراءة والكتابة، وقد قال الرسول الأكرم - ص-: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.، وقال الإمام الصادق –ع-: لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا- والتفقه بمعنى التفهّم، وأحد جزئياته فهم الحياة).

هذه إذن هي مكانة التعلم والتفقه الذي لا يمكن أن يصل إليه المسلم من دون اتقانه المسبق للقراءة بما يجعل الوصول الى التعاليم الدينية ميسرا له، كما أن ثمة مهمة أخرى تقع على عاتق المعنيين من قادة المسلمين ألا وهي مسألة طبع الكتب وتوفيرها وتوزيعها على اكبر عدد من المسلمين لأجل الزياعة في الوعي والتعلم، ويؤكد الامام الشيرازي على أهمية طبع الكتب بأعداد كافية وأهمية ذلك بالنسبة لنشر الوعي على نحو واسع، إذ يقول في كتابه نفسه:

(إذا طبعنا ألف مليون كتاب ووزعناها على المسلمين نكون قد قمنا بشيء من التوعية. قبل عدة سنوات كتبت بعض المجلات: إن الاتحاد السوفيتي طبع ووزّع في سنة واحدة فقط واحداً وعشرين ملياراً من الكتب، وكانت نفوس العالم آنذاك أربع مليارات).

إذن تبدو أهمية طبع الكتب وتوفيرها وتوزيعها على المسلمين خطوة في غاية الاهمية، وأي خلل في هذا المجال يؤدي الى نتائج غير محمودة كما حدث في واقع المسلمين فعلا حيث أشار الامام الشيرازي في كتابه (السبيل الى إنهاض المسلمين) فقال:

(لقد تركنا توعية الناس ونشر المعارف الإلهية فتأخرنا، وقام المبطلون والمنحرفون بنشر أفكارهم فتقدموا، وتلك هي سنّة الله في الحياة).

لذا على المسلمين قادة وغيرهم أن يتنبّهوا لأهمية القراءة وأهمية زيادة طبع الكتب وتوزيعها على أكثر عدد ممكن من المسلمين كونها السبيل الى تحقيق الاهداف المطلوبة، حيث يقول الامام الشيرازي بهذا الصدد:

(وبعملية التثقيف الواسعة النطاق هذه نكون قد أدّينا بعض واجبنا الذي افترضه الله علينا، وخطونا الخطوة الأولى في طريق تحقيق الحكومة الإسلامية العالمية الواحدة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/تموز/2010 - 30/رجب/1431