زيارة الإمام الكاظم (ع) تجسيد للوعي الشعبي والتلاحم الوطني

شبكة النبأ: بلغت مراسم زيارة الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) في ذكرى وفاته، ذروتها الخميس الماضي، وبدأ ملايين الزوار بالعودة الى المناطق التي قدموا منها مشيا على الأقدام الى المرقد الشهير للإمام في منطقة الكاظمية شمالي بغداد، في اكبر تجمع لشيعة العراق تشهده بغداد كل عام، يحمل إلى جانب مدلولاته الدينية مؤشرات تلاحم اجتماعي ووطني وسياسي.

ومنذ نيسان 2003 تشهد بغداد كل عام في ذكرى وفاة الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، سابع أئمة أهل البيت لدى المسلمين الشيعة الامامية ألاثني عشرية، وضعاً استثنائيا وهي تستقبل ملايين الزوار وسط اجراءات أمنية خاصة لمنع وقوع هجمات من جماعات مسلحة تستهدف المواكب التي تضم عادة كبار السن والنساء والأطفال فضلا عن الرجال الذين يحملون رايات خضراء وسوداء ويقطعون عدة كيلومترات مشيا على الأقدام في أجواء تتجاوز فيها درجة الحرارة 45 درجة مئوية للوصول الى مرقد الامام الذي مات في السجن أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد.

واتشحت منذ مطلع الاسبوع الماضي معظم احياء بغداد بالسواد، حيث علقت الرايات واللافتات السوداء على الجدران والأبنية السكنية والتجارية فلم يكد يخلو شارع رئيسي منها، فيما قدر مصدر مطلع عدد الزائرين للكاظمية بنحو عشرة ملايين زائر سقط نحو 400 منهم بين قتيل وجريح في سلسلة هجمات تعرضوا لها.

وانتشر الزائرون داخل صحن الكاظمية فيما توزع آخرون في ازقة المدينة المطلة على الضفة اليمنى لنهر دجلة في كرخ بغداد والتي غصت بالزوار القادمين من مختلف المدن العراقية، بينهم من قطعوا عدة مئات من الكيلومترات مشيا في رحلة تمتد ثلاثة الى خمسة أيام.

وقال ابو علي (35 عاما) الذي كان يصطحب معه اثنين من أبنائه “قدمت من محافظة النجف مشيا على الأقدام للتبرك بزيارة الامام في رحلة استغرقت اربعة ايام رغم أعباء الطريق وخطورته والجو اللاهب، متضرعين لله ان يجنبنا نار جهنم بشفاعة آل بيت محمد”. بحسب وكالة أصوات العراق.

ورغم ان معظم الزوار هم من المسلمين الشيعة العرب القادمين من بغداد ومدن جنوب البلاد، الا ان آلاف من الشيعة الكرد والتركمان قدموا في مواكب من مناطق كركوك ونينوى شمال البلاد، فضلا عن أعداد من المسلمين السنة الذين اعتادوا على زيارة الامام الكاظم.

وقُطعت منذ الثلاثاء بعض الشوارع الرئيسية في بغداد أمام حركة السيارات من قبل قوات الأمن، لتأمين معابر للزائرين المتوجهين من احياء بغداد الجديدة والأمين ومدينة الصدروالرشاد والكمالية والعبيدي والمشتل والفضيلية والشعب والحسينية والعلاوي والشعلة والاسكان ذات الغالبية الشيعية الى الروضة الكاظمية .

فيما بدت الكثير من أحياء بغداد يوم الخميس الماضي خالية تماما في يوم استثنائي توقف فيه النشاط الاداري والحركة التجارية واغلقت معظم المحال التجارية والأسواق الشعبية تزامنا مع الزيارة وتعبيرا عن الحداد.

وكان مجلس محافظة بغداد قد أعلن الخميس عطلة رسمية في جميع دوائر الدولة بمحافظة بغداد لفسح المجال امام المواطنين لأداء الزيارة، في مؤشر واضح على سيطرة الشيعة في بغداد على المشهد السياسي والاقتصادي والاداري.

ويقول مراسل وكالة اصوات العراق ان عددا من الزائرين حملوا الأعلام العراقية اضافة الى الأعلام ذات الدلالات الدينية، كالأعلام السوداء التي ترمز الى فاجعة الامام والاعلام الخضراء التي ترمز الى الشيعة، في مؤشر على البعد الوطني والسياسي للزيارة عدا البعد الديني.

ويقول حسين محمد، احد الزائرين القادمين من مدينة الصدر، ان “البعد السياسي حاضر في الزيارة الى جانب البعد الديني والمذهبي، فالأجواء السياسية غير الطبيعية في العراق تدفع بالشيعة بمختلف اتجاهاتهم السياسية الى التوحد وهو ما يفسر تزايد عدد الزائرين عاما بعد آخر رغم تهديدات الجماعات التكفيرية بشن هجمات”، مضيفا “ربما الكثيرون هنا ليسوا ملتزمين دينيا او مذهبيا لكن الواقع السياسي وما يواجهونه من تحديات تدفعهم للاصرار على الالتزام بالزيارة”.

فيما قال نبيل محمد (32 عاما) الذي كان يحمل راية سوداء وقد شد رأسه بقطعة قماش خضراء بينما كانت تتبعه زوجته وهي تمسك بيد أحد ابنائها “جئت من مدينة الصدر سيرا على الاقدام مع زوجتي وأبنائي ونحن نعرف اننا قد نواجه الموت على يد الارهابيين، وقبل خروجي من المنزل بدقائق سمعت صوت انفجار عرفنا انه استهدف الزوار في منطقة الأعظمية”.

وأضاف “في تلك اللحظة قالت زوجتي لن يتمكنوا من منعنا وابعادنا عن عقيدتنا، وكلامها شد من عزيمتي وساعدني على الخروج غير مبالي بالموت”، وتابع “في هذا الوضع السياسي والأمني المتأزم نزداد تماسكا بعقيدتنا”.

وتسعى معظم العوائل الشيعية على تعليم ابنائهم مراسم الزيارة وتشجيعهم على أدائها، حيث يلاحظ ان مواكب الزائرين تضم عوائل كاملة ومن مختلف الأعمار بما فيهم أطفال لم يبلغوا العاشرة، ولا تقتصر على كبار السن من الرجال فقط.

وقالت ام جبار (56 عاما) “قدمت سيرا على الأقدام من مدينة بعقوبة (مركز محافظة ديالى التي تبعد 57 كيلومترا شمال شرق بغداد) عند الساعة التاسعة من صباح الأربعاء الماضي، ووصلت ظهر الخميس الى الكاظمية التي تمنيت أن ازورها وأنا في أيام حياتي الأخيرة واعاني من عدة أمراض، للدعاء بالستر لأولادي والخير للعراق واهله”.

وعلى طول الطرق المحمية أمنيا والمخصصة لمرور المواكب والتي علقت فيها رايات خضراء وسوداء كانت قد نصبت سرادق كأماكن استراحة لتقديم خدمات الى الزائرين من مواد غذائية وعصائر وعبوات ماء في عادة مترسخة لدى أغنياء الشيعة فضلا عن المؤسسات التابعة للمراجع الدينية، فيما كانت سيارات حمل صغيرة تطلق عبر مكبرات صوت قصائد دينية مغناة تنعى الامام الكاظم باصوات شجية تبعث على البكاء.

وتعرضت عدة مواكب لهجمات بعبوات ناسفة وقذائف هاون كان أشدها هجوم إنتحاري قرب جسرالائمة في حي الأعظمية شمالي بغداد الأربعاء، قتل فيه 28 شخصا وإصيب أكثر من 130 اخرين، فضلا عن هجوم آخر في ساحة قحطان في حي اليرموك وحي المشتل جنوب شرقي بغداد، حيث قتل وجرح العشرات من الزائرين بينهم نساء وأطفال، بحسب مصادر أمنية.

وانتقد أكرم حاتم (25 عاما) القادم من منطقة الشعب ببغداد، الاجراءات الأمنية، قائلا “كيف لا تحدث انفجارات وهناك تقصير واضح من قبل الجهات الأمنية، فقد دخلت من اطراف بغداد الشمالية (الشعب) وصولا الى مدينة الكاظمية ولم يقم بتفتيشي أي شخص لا من الشرطة ولا الجيش، فهل هذا منطقي”.

لكن الجهات الأمنية تشير الى استحالة تفتيش ملايين الزائرين. وذكرت قيادة عمليات بغداد، أن الحصيلة النهائية لمجمل العمليات التي استهدفت الزائرين خلال الايام الثلاثة الماضية بلغت 48 قتيلا و380 جريحا، مشيرة الى قيام كوادرها بإبطال مفعول ست عبوات ناسفة كانت تستهدف الزوار في مناطق حي العامل، والبياع، وحي الشباب، والمدائن، كما تم تفكيك عبوتين لاصقتين في ابو غريب والمدائن، اضافة الى ضبط كميات من الاسلحة والاعتدة والمتفجرات بينها 32 صاروخ كاتيوشا كانت معدة لاستهداف مواكب الزائرين، فضلا عن اعتقال انتحاري يدعى حسين علي محمد الجبوري.

والى جانب الاجراءات الأمنية المتخذة للحد من الهجمات ضد الزائرين، والتي عادة ما تنفذ من قبل انتحاريين من تنظيم القاعدة السلفي الذي لا يعترف بالمذهب الشيعي كمذهب اسلامي، وجهت قيادة عمليات بغداد الزائرين بعدم تناول الآطعمة والاشربة الا من الأماكن المخصصة لها، وعدم حمل الحقائب الكبيرة ومنع حركة الدراجات داخل منطقة الكاظمية وعدم رفع صورالشخصيات السياسية والدينية والابلاغ عن العناصر المشبوهة والتوافد باوقات مختلفة منعا للزحام، كما قررت منع حمل السلاح ومنع استخدام العصي ورشاشات المياه وتحديد زيارة المسؤولين بعد انتهاء الزيارة ويحق لهم الدخول بثلاث سيارات فقط.

وتأتي هذه التعليمات لمنع وقوع هجمات بالسيارات المفخخة او بالعبوات الناسفة الكبيرة، وللحد من حالات تسمم الزائرين التي وقعت في الاعوام الماضية نتيجة قيام جهات مجهولة بتوزيع اغذية فاسدة، فيما جاء قرار منع رفع صور السياسيين لقطع الطريق امام الاستغلال السياسي للزيارة ومنع أي احتكاك بين جمهور الأطراف السياسية الشيعية خاصة ان عددا كبيرا من المواكب تنظم من قبل جهات سياسية.

وتشهد القوى السياسية الشيعية خلافات بينها بشأن رئاسة الحكومة القادمة، تهدد بفشل تحالف اعلنته في 4/5 لدخول البرلمان ككتلة واحدة وتشكيل الحكومة، حيث يجمع التحالف الذي سمي بالتحالف الوطني بين ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي (89 مقعدا) والائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم (70 مقعدا) والذي يضم المجلس الاعلى والتيار الصدري وحزب الفضيلة. ويعني فشل التحالف بين اكبر قوتين في البرلمان المؤلف من 325 مقعدا منح الفرصة لائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي (91 مقعدا) لتشكيل الحكومة القادمة وهو ما يثير قلق الشارع الشيعي.

وحددت عمليات بغداد جسرالائمة في منطقة الأعظمية لدخول الزائرين الى الكاظمية المقدسة، فيما حددت جسر 14 رمضان للخروج بالنسبة لمن ادوا مراسم الزيارة، لمنع تداخل المواكب التي يصل أعداد المشاركين فيها في ذروة الزيارة الى مئات الآلاف.

وأشارت عمليات بغداد الى ان الخطة الامنية تشترك فيها وزارات الدفاع والداخلية والصحة والنقل والتجارة، فضلا عن غطاء جوي عبر طائرات مروحية عراقية لتأمين وصول الزوار، ومنع وقوع هجمات او حوادث كبيرة.

ورغم الاجرءات الفنية والأمنية لتسهيل حركة الزائرين الى ان مشكلة كبيرة تواجه مثل هذه الزيارات تتمثل في عودة عدة ملايين من الزوار دفعة واحدة الى المناطقهم التي أتوا منها.

وانتقدت صفية قاسم (26 عاما) بشدة الحكومة وقالت “لقد نكثت بوعودها حينما قالت ان هناك ارتال من الحافلات سوف تقوم بنقل الزائرين من مرقد الامام موسى الكاظم الى مختلف مناطق بغداد”.

وأضافت لوكالة اصوات العراق “لم يبق شخص لم نستجديه لإيصالنا الى مكان سكننا، وهذا حال جميع الزوار الذين قدموا لأداء الزيارة، فأين هي وعود المسؤولين، واين هي سراديق الدولة التي اعلنتها حين بدات مراسم الزيارة، فنحن لم نر غير خدام المواكب الحسينية هم وحدهم تطوعوا بتوزيع المياه والمأكولات على الزائرين”.

وكان نحو الف من الزوار قد قضوا في عام 2005 في نفس الذكرى عندما تدافع الزائرون المتوجهون الى الكاظمية بسبب اشاعة روجت بوجود انتحاري بينما كانوا يمرون على جسر الائمة الفاصل بين الأعظمية والكاظمية، حيث سقط المئات في نهر دجلة بينما مات آخرون دهسا تحت الأقدام.

وطبقا لمصادر مطلعة فان محافظة بغداد نشرت اكثر من مئة كاميرة مراقبة ستعمل خلال فترة أداء الزيارة لمراقبة ورصد اي تحركات غير طبيعية.

وقدر الامين العام للعتبة الكاظمية فاضل الانباري، في تصريحات صحفية، عدد زوار الكاظمية خلال الأيام الماضية بنحو عشرة ملايين زائر، مشيرا الى ان العدد فاق ما سجل في السنوات الماضية. وقال “بحسب الاحصائيات التي لدينا فان عدد الزائرين داخل الصحن الشريف بلغ خمسة ملايين ونصف، اما عدد الزوار خارج الصحن في الازقة والطرقات فتجاوز أكثر من هذا العدد بكثير ويمكن القول بان عدد الزوار هذا العام قارب العشرة ملايين زائر”، مشيرا الى ان الزيارة ستستمر يومي الجمعة والسبت بسبب عدم تمكن مئات الآلاف من الوصول الى الكاظمية الى الآن لأداء الزيارة.

والإمام موسى بن جعفر هو سابع الأئمة المعصومين لدى المسلمين الشيعة وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن ابي طالب، ويلقَّب بالكاظم وكنيته أبو الحسن، ولد في شهر صفر من عام 127هـ وتوفي في شهر رجب من عام 183هـ ودفن في جانب الكرخ في مقبرة قريش التي سُميت باسمه لاحقا (الكاظمية).

إغلاق المحال التجارية والاسواق في بغداد..

وتزامنَ مع أيام زيارة الإمام الكاظم في ذكرى استشهاده إغلاق المحال التجارية والاسواق الشعبية في معظم أحياء العاصمة بغداد، فيما واصل الزائرون احياء مراسيم الزيارة سيرا على الاقدام متوجهين إلى ضريح الامام شمالي بغداد.

فقد انطلقت قوافل الزائرين إلى مرقد الامام موسى الكاظم من اهالي بغداد منذ مساء الاربعاء، من رجال واطفال ونساء وشيوخ يحملون رايات خضراء واخرى سوداء، فيما حمل آخرون الاعلام العراقية.

وقال علي حميد (44) عاما، صاحب محل بقالة في سوق الاولى بمدينة الصدر شرقي بغداد “لن نفتح محالنا حتى يوم غد الجمعة حدادا على ذكرى وفاة الامام الكاظم”.

وأضاف لوكالة اصوات العراق أن “معظم أهالي المدينة توجهوا إلى الكاظمية لأداء الزيارة  وخلا السوق من المتبضعين”.

فيما قال ابو فاطمة (32) عاما وهو صاحب محل صيرفة في بغداد الجديدة جنوب شرقي بغداد إنه “عرف (تقليد متوارث) نقوم به كل عام مع ذكرى وفاة الامام الكاظم، إذ نغلق محالنا حتى تنتهي مراسم الزيارة”.

وأضاف أن “الكثير من اصحاب المحال المجاورة، ذهبوا لاداء مراسم الزيارة، بعدما اغلقوا محالهم منذ الأربعاء”.

وقال رائد مهنا (25) عاما، وكان متوجها مع عدد من اصدقائه إلى الكاظمية، “سنصل عند الظهيرة إلى الكاظمية المقدسة، وسنؤدي مناسك الزيارة”. وأضاف “سادعو لكل اهل العراق بأن يمن الله عليهم بالامن والسلام، ودوام الايمان والعافية”.

واتشحت معظم احياء بغداد بالسواد، حيث علقت ريات ولافتات سوداء على الجدران والمبان والعمارات التجارية والسكنية تنعى الامام الكاظم بذكرى وفاته.

وقال مراسل وكالة أصوات العراق إن بعض الشوارع الرئيسية في بغداد قطعت من قبل قوات الامن ومنعت السيارات من الحركة فيها لفسح المجال اما الزائرين المتوجهين من الاحياء الاخرى إلى الروضة الكاظمية.

وشهدت احياء بغداد الجديدة والامين ومدينة الصدر والرشاد والكمالية والعبيدي والمشتل والفضيلية والشعب والحسينية والعلاوي والشعلة والاسكان كثافة في اعداد الزائرين، بعدما نصبت سرادق على طول الطرق المؤدية إلى مرقد الامام الكاظم شمالي بغداد يوزع فيها مواد غذائية وعصائر وقناني مياه الشرب كدور إستراحة متنقلة للزائرين، كما علقت رايات سوداء وخضراء على امتداد الطرق، فيما تقوم سيارات حمل بحمل اجهزة مكبرات الصوت وشعراء ينعون في قصائدهم الامام الكاظم بذكرى وفاته تتقدم تلك المواكب، وانتشرت قوات الجيش والشرطة بشكل مكثف في الشوارع والتقاطعات لتوفيرالحماية للزائرين.

ولاحظ مراسل وكالة اصوات العراق وجود فرق طبية جوالة وسيارات اسعاف وسيارات الدفاع المدني في معظم تقاطعات الطرق في جانبي الكرخ والرصافة.

الحياة في بغداد تعود إلى طبيعتها بعد انتهاء الزيارة

وعادت الحياة إلى طبيعتها، الجمعة، مع انتهاء مراسم زيارة الامام الكاظم مساء الخميس الماضي، حيث فتحت المحال التجارية والأسواق الشعبية ابوابها امام الناس، فيما أعادت قيادة عمليات بغداد فتح الشوارع التي اغلقتها خلال اليومين الماضيين للسماح بمرور الزائرين.

وقال الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد ان “الخطة الأمنية التي نفذت في مدينة الكاظمية نجحت، حيث لم يحصل اي خرق في المدينة المقدسة، وأدى الزائرون مراسم الزيارة بالحضرة الكاظمية بسهولة”، لافتا الى اعادة فتح الطرق التي اغلقت.

وأضاف لوكالة اصوات العراق أن “الخطة التي وضعت تضمنت اقامة ثلاثة أطواق أمنية في محيط الكاظمية يصعب اختراقها، غير ان الارهابيين استغلوا بعض الطرق في بغداد لإستهداف الزائرين”، مشيرا الى معظم الجرحى الذين تعرضوا للاستهداف “خرجوا من المستشفيات بعد تلقي العلاج”.

وقتل نحو 60 من الزائرين المتوجهين الى الامام الكاظم مشيا على الاقدام، فيما أصيب نحو 300 اخرين بهجمات متفرقة في بغداد، كان اشدها التفجيرالإنتحاري الذي استهدف الزائرين عند مدخل جسر الائمة مقابل جامع الامام ابو حنيفة النعمان في حي الاعظمية شمالي بغداد، بعدما دخل إنتحاري يرتدي حزاما ناسفا بين حشد من الزائرين وفجر نفسه وسطهم ما ادى الى مقتل 28 واصابة اكثر من 100 آخرين.

ولاحظ مراسل وكالة أصوات العراق عودة المئات من الزائرين وعلى شكل مجاميع الى احيائهم بعد اداء مراسم الزيارة، بينهم من اضطر للعودة مشيا بسبب عدم تمكنه من العثور على وسائط نقل، فيما نجح آخرون في الحصول على مركبات تقلهم وسط الزحام الذي شهدته الكاظمية، فيما اشارت مصادر مطلعة ان سيارات حكومية واخرى عسكرية قامت بنقل بعض الزوار الى مناطقهم.

وبدت حركة السير، يوم الجمعة، طبيعية في العديد من مناطق بغداد، حيث انصرف البغداديون الى مزاولة أعمالهم، وقد فتحت المحال التجارية والاسواق والافران والصيدليات ابوابها امام المواطنين بعد اغلاقها يوم امس.

مراسم إحياء ذكرى وفاة الكاظم في نينوى

وفي نينوى شمالاً قال مدير حماية المنشآت في المحافظة، إن مراسم إحياء ذكرى وفاة الامام موسى الكاظم في مناطق شرقي الموصل انتهت دون وقوع حوادث عنف.

وقال العقيد هلال عثمان عزيز إن “العديد من الزوار الشيعة شاركوا في مراسم ذكرى وفاة موسى الكاظم في مسيرة مرتجلة حاملين رايات خضراء وسوداء”، مبينا أن مفارز أمنية “انتشرت طوال الطريق المؤدي الى مرقد الإمام زين العابدين في ناحية برطلة والإمام الرضا في قرية تيس خراب لحماية الزوار”.

وأوضح عثمان “حسب توجيهات قائد عمليات نينوى تم تأمين وصول الزوار من مناطق سهل نينوى إلى مناطق الزيارة من خلال التنسيق بين القطعات الأمنية لغرض تأمين الطرق الداخلية”، وتابع “وقد تم الإيعاز إلى منتسبي حماية المنشآت بأخذ دورهم لتفويت الفرصة على الأعداء حيث لم تقع أية حادثة تذكر”.

وتعرض زائرون إلى مرقد الامام موسى الكاظم إلى سلسة تفجيرات في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد ما ادى إلى مقتل العشرات وجرح نحو 300 شخص، بحسب مصادر أمنية. فيما ذكرت قيادة عمليات بغداد أن الحصيلة النهائية لمجمل العمليات التي استهدفت الزائرين خلال الايام الثلاثة الماضية بلغت 48 “شهيدا” و380 جريحا. بحسب وكالة أصوات العراق.

ويتوافد المسلمون من أنحاء العراق، فضلا عن دول العالم المختلفة، إلى مدينة الكاظمية في مثل هذه الأيام لأداء مراسيم زيارة ذكرى وفاة الإمام موسى بن جعفر، سابع الأئمة المعصومين لدى المسلمين الشيعة، الذي ينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب، ويلقب بالكاظم وكنيته “أبو الحسن”، ولد في شهر صفر من عام 127هـ وتوفي في شهر رجب من عام 183هـ ودفن في جانب الكرخ في المنطقة التي سميت باسمه (الكاظمية) شمالي بغداد.

الصابئة المندائيون يعلنون الحداد تأسياً..

ومن جانب آخر أعلن مسؤول شؤون طائفة الصابئة المندائيين في ميسان جنوب العراق، الحداد في ذكرى مناسبة وفاة الامام الكاظم (ع)، مشاركةً للمسلمين في المحافظة.

وقال بدر جاسم حمادي ان طائفة الصابئة المندائيين في ميسان “اعلنت (الخميس) الحداد ليوم واحد فقط لمشاركة اخوتهم المسلمين في مدينة العمارة مجالس العزاء المنتشرة في جميع مناطق المحافظة بمناسبة استشهاد الامام الكاظم التي توافق ذكراها اليوم”.

واضاف حمادي أن اعلان الحداد هو “تعبير عن الوحدة الوطنية بين اطياف الشعب الميساني”، مشيرا  الى ان هذا الموقف “ليس غريبا على طائفة الصابئة اذ سبق وان شاركت اخوانهم المسلمين في احياء المناسبات الدينية”. بحسب اصوات العراق.

واوضح ان “التعايش بين المسلمين والصابئة والمسيحيين في ميسان يعتبر مثاليا اذ يشارك المسلمون اخوانهم الصابئة والمسيحيين مناسباتهم الدينية وعلى كافة المستويات” .

والصابئة المندائيون من سكان العراق القدماء، وترتبط أهم طقوسهم الدينية بمياه الأنهار الموجودة بكثرة في جنوبي العراق، لذلك تركز وجودهم في الجنوب.

وتشير كتبهم الدينية إلى أن منطقة (الطيب) الموجودة شمال مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان (290كم جنوب العاصمة بغداد) هي عاصمتهم الدينية.

ويتبع المندائيون التعليمات الدينية الواردة في الـ ( كنزا ربا) وهو الكتاب المقدس لديهم، ويعتبر يوم الأحد هو يومهم المقدس. ويتولى الكنزبرا الشيخ ستار جبار حلو ادارة شؤون الطائفة داخل العراق وخارجه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/تموز/2010 - 29/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م