كونوا مع سيدة العطاء والعدل والحرية

علي ال غراش

بفضل ما تتمتع به شخصيتها الفذة والجذابة من تكامل في جميع الجوانب؛ - معرفة ووعي وإيمان وحكمة وبيان -، ورغم عمرها القصير جدا من الناحية الزمنية، فانها استطاعت أن تحتل وتتربع على قلوب كل من تعرف على سيرتها المميزة المليئة بالدروس والعبر لبناء ونهضة الإنسان والمجتمع الحي الواعي النابض بالعطاء، وما العجب وهي سيدة نساء العالمين وبضعة الرسول الأمين محمد (ص) السيدة فاطمة الزهراء(ع)!. التي تمثل أفضل قدوة وأنموذج للبشرية وبالخصوص للنساء في جميع المجالات كالاهتمام بأهم مؤسسة في بناء المجتمع الواعي «الأسرة»، وتربية أجيال المستقبل، وتخريج القادة، وتحمل المسؤولية والدفاع عن الحق وعدم السكوت عن الظلم والاعتداء مهما كان ومهما كان مصدره.

ولأنها تحظى بمنزلة رفيعة جدا عند والدها أعظم شخصية عرفتها البشرية الرسول الأعظم محمد (ص) الذي بين مكانتها عند الخالق عز وجل بقوله (ص):«إن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها».، ولها دور رسالي ساطع ومؤثر في تاريخ الأمة عبر تحملها للمسؤولية وتوعية المجتمع بالثقافة الإلهية والمحمدية الأصيلة ونقل الروايات وتعليم النساء الفقه والثقافة العامة وتعريفهن بحقوقهن وواجباتهن..، كل ذلك أعطى السيدة الزهراء مكانة مرموقة في عصرها بأنها الأكثر تميزا وتأثيرا، وبالتالي عندما تعرضت (ع) للمظلومية نتيجة مواقفها البطولية فانها تحولت إلى قبس لكل الأحرار والمعارضين في العالم، والى زلزال يهز عروش الظالمين والفاسدين، ونبراس ومدرسة لصناعة أجيال وقادة ينتصرون للحق إلى اليوم وإلى يوم يبعثون.

ولكن أين شخصية السيدة فاطمة الزهراء من حياة اغلب المسلمين، هل هي حاضرة في حياتهم ولها حضور في الكتب والمناهج الدراسية وفي وسائل الإعلام بما يتناسب مع عظمة شخصيتها ومكانتها كأعلم النساء وأحب واعز شخصية نسائية على الإطلاق للنبي الكريم فهي البضعة الغالية، وأين الروايات التي نقلتها عن والدها رسول الله، وأين علومها وأقوالها وخطبها وادعيتها ودورها في تعليم المجتمع النسائي الإسلامي الأول وخاصة الفقه، وكيف عاشت في كنف والدها، وما هي علاقتها بخالقها، وبوالدها وبزوجها وبأبنائها وبمجتمعه وبالمطالبة بالحقوق؟.

حياة السيدة فاطمة الزهراء (ع) مليئة بالأسرار والتضحية والعطاء وتحمل المسؤولية، بل انها شريكة في الرسالة إذ إنها شاهدت وعاصرت الألم منذ طفولتها في حياة والدها وذاقت الظلم الذي تعرض له والدها الرسول الأعظم محمد (ص) من الأعداء في بداية البعثة، وقد وصف الرسول تلك المرحلة بقوله (ص) : «ما أذي نبي كما اذيت». تعبيرا عن حجم الأذى الذي تعرض له (ص). فوقفت ابنته الصغيرة فاطمة الزهراء بجانبه تدافع عنه وترفع عنه الهموم والظلم، وتمسح عنه آثار الأذى والدموع والآلام بأناملها الطاهرة، وتحتضنه بقلبها الكبير رغم حجمها الصغير الذي يشع محبة ورحمة إلى درجة أن الرسول (ص) وصف تلك المكانة لابنته بقوله (ص): «فاطمة أم أبيها».

 نعم كانت أما لأبيها (ص) وهي صغيرة في السن مجروحة الفؤاد إذ عانت اليتم بوفاة أمها العظيمة والسيدة الجليلة أم المؤمنين خديجة سلام الله عليها.

فقد جاء في كتب الروايات: ان رسول الله (ص) مر بنفر من قريش وقد نحروا جزورا .. ولما انتهى إلى دار الندوة..، فقالوا أيكم يفسد عليه مصلاه؟ قال عبدالله بن الزبعري السهمي: أنا افعل. فاخذ الفرث والدم فانتهى به إلى النبي (ص) وهو ساجد، فملأ به ثيابه (أي ثياب النبي). فجاءت ابنته فاطمة (ع) فأماطت (إزاحة أمعاء الجزور والأحشاء والدماء) عنه بيدها.

كل ذلك وأكثر قامت به السيدة البتول نصرة للحق والحقيقة ودعما للعدل والحرية، فكونوا يا أحباب الله وعشاق الحرية مع السيدة الزهراء سيدة الحق والعدل والعطاء والحرية والإيمان في كل زمان. فهي القدوة والأسوة الحسنة والسيدة المنصورة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/تموز/2010 - 28/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م