بايدن في العراق: دليلٌ فاشل لطريق غامض

ترحيل كرة المساومات إلى ملعب البرلمان

 

شبكة النبأ: اختتم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة إلى العراق دون تقديم أي خطة لدفع قادة البلاد باتجاه تشكيل حكومة بعد مرور أربعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية.

ولم يقدم بايدن مقترحات خلال محادثاته مع رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي او رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي الذي فاز تحالفه بأكبر عدد من الأصوات أو المسؤولين الآخرين الأمر الذي أصاب من كانوا يأملون أن تساعد زيارته في إنهاء المأزق الذي أعقب الانتخابات بخيبة أمل.

ولم تفرز انتخابات السابع من مارس اذار فائزا صريحا مما ادى الى صراع سياسي مطول. فالمحادثات الائتلافية قد تستمر أشهرا اخرى مما يعرض العراق الى فراغ خطير في وقت يخرج فيه من حرب طائفية لكنه يلاقي صعوبة في احتواء تمرد عنيد.

ويتهم بعض الساسة السنة في العراق الولايات المتحدة بعدم فعل ما يكفي لدعم حق كتلة علاوي متعددة الطوائف في تشكيل الحكومة.

وقال اسامة النجيفي القيادي السني في قائمة العراقية "لا يوجد دعم للعراقية بوضوح ولا يوجد ترجيح جهة على جهة اخرى. بقوا هم بالوسط بين الجميع." بحسب رويترز.

وأضاف بعدما التقى بايدن بعلاوي "ذكروا موضوع الاستحقاق الانتخابي وموضوع اخر نتائج الانتخابات. النقاط الحساسة الجوهرية لم يتطرقوا اليها. بقوا بعيدين عن التدخل المباشر."

واثارت خطط الجيش الامريكي لانهاء العمليات القتالية في اغسطس اب والانسحاب بشكل كامل العام المقبل قلق السنة والاقلية الكردية ايضا الذين يرون القوات الامريكية حصنا ضد الاغلبية الشيعية.

وتبدت هشاشة المكاسب الامنية ليل الاحد عندما سقطت قذائف مورتر على المنطقة الخضراء ببغداد التي تضم المقار الحكومية والدبلوماسية وكذلك السفارة الامريكية. وقال مسؤولون امريكيون ان الهجوم لم يسفر عن خسائر مادية او بشرية.

ويطالب كل من ائتلاف العراقية بزعامة علاوي وتكتل شيعي تكون من تحالف ائتلاف المالكي دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي الصديق لايران بحقه في اولوية تشكيل الحكومة.

والتقى بايدن بالرئيس العراقي جلال الطالباني وهو كردي وعمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي المدعوم من ايران. والمجلس شريك في الائتلاف الوطني العراقي الذي انهى الانتخابات في المركز الثالث خلف دولة القانون والعراقية. ورفض بايدن التحدث الى وسائل الاعلام في نهاية زيارته.

وشدد نائب الرئيس الامريكي والمسؤولون الامريكيون الاخرون خلال الزيارة التي استمرت ثلاثة ايام على ان الولايات المتحدة "ليس لديها جدول اعمال سري" في العراق ولا مرشح مفضل.

وقال مسؤول كبير بالادارة الامريكية ممن رافقوا بايدن في الزيارة "لم تجر مناقشة أفراد أو من سيحصل على أي منصب...ومرة اخرى لم تجر مناقشة خطة أمريكية للعراق لانه لا توجد خطة أصلا."

وكان العراقيون يأملون أن تؤدي الانتخابات الى استقرار وانتعاش اقتصادي بعد سبع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وقد يرد السنة الذين صوت أغلبهم للعراقية بغضب اذا لم يعين علاوي رئيسا للوزراء.

3 سيناريوهات في جعبة بايدن

وفي غضون ذلك رجحت مصادر عراقية انتقال كرة المساومات الى قبة البرلمان العراقي في التصويت على المواقع السيادية في حالة عدم توصل الفرقاء السياسيين الى حل يرضيهم، ويتوافق مع الموقف الأمريكي لتشكيل حكومة اغلبية برلمانية تستجيب لاراء الناخبين الذي صوتوا بالاكثرية لقائمتي دولة القانون والعراقية الوطنية.

وكشفت مصادر مطلعة لـ صحيفة الوطن الكويتية ان زيارة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الى بغداد تحمل سيناريوهات محددة لتشكيل الحكومة المقبلة، الاول الذي تفضله واشنطن، بالتحالف ما بين قائمتي دولة القانون والعراقية الوطنية، لتشكيل حكومة اغلبية برلمانية، تترك بقية الكتل في صفوف المعارضة البرلمانية، وتجد هذه المصادر ان هذا السيناريو طرح بوضوح في رسالة 34 عضوا في الكونغرس الأمريكي الى رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي واشارت الى ان الرئيس المنتهية ولايته جلال طالباني انتقد هذا السيناريو خلال لقائه بالوفد الرباعي لأعضاء الكونغرس برئاسة السيناتور جون ماكين خلال لقائه بهم في مكتبه مؤخرا.

اما السيناريو الثاني الذي يشدد عليه بايدن، حسب المصادر، تشكيل حكومة الراغبين، وسبق له وان طرحه على الفرقاء العراقيين خلال زيارته السابقة الى بغداد، ويقضي هذا السيناريو باعادة تشكيل الخارطة البرلمانية بين من يرغب في تشكيل حكومة اغلبية وبين من يفضل البقاء في المعارضة، ورفض هذا السيناريو ايضا من قبل الاكراد والمجلس الاسلامي الاعلى بعنوان اهمية تشكيل حكومة شراكة وطنية.

والسيناريو الثالث الذي يحمله بايدن الى الساسة العراقيين هو، ان التحول نحو تطبيق مفهوم الشراكة الاستراتيجية يتطلب تشكيل حكومة تكنوقراط قوية، بقيادات سياسية، من مختلف الكتل يتوزعون على المناصب السيادية التي ربما تكون اقرب الى اسلوب محاصصة المواقع السيادية في تشكيل الحكومة السابقة بزعامة المالكي، دون ان تصل هذه المحاصصة الى الحقائب الوزارية او وكلاء الوزراء، مما احدث موجة من الفساد الاداري والمالي، ويتفق المالكي وعلاوي مع هذا السيناريو، فيما يرفض من قبل الاكراد والائتلاف الوطني العراقي.

وترى المصادر ان الخط المشترك لكل من هذه السيناريوهات هو الابتعاد عن تشكيل حكومة محاصصة تكون فيها القوى الامنية خاضعة لتوجيهات الاحزاب الموالية لايران، لاسيما تلك التشكيلات العسكرية التي شكلت في ايران، في اشارة الى منظمة بدر، الجناح المسلح السابق للمجلس الاسلامي الاعلى، او المليشيات التي تدعمها ايران مثل عصايب اهل الحق، وكتائب حزب الله، التي توصف في البيانات العسكرية الأمريكية بالجماعات الارهابية الخاصة على حد قول هذه المصادر.

الفضائح السياسية

وردا على سؤال صحيفة الوطن الكويتية عن النتائج المتوقعة من مباحثات بايدن وفريق الكونغرس الأمريكي، قالت المصادر «اللعبة الآن تتحول من رقعة الشطرنج السياسي، الى نموذج الفضائح السياسية التي اخذت تتسرب الى وسائل الاعلام الغربية حول الكثير من الشخصيات التي ترى فيها واشنطن أنها اقرب الى ايران من النموذج العراقي المتفاعل مع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن».

واضافت «هناك من فهم هذا التحول الأمريكي في التعامل مع الملف العراقي، واخرين يرفضونه، والكرة الآن بين هذه الكتل لاعادة رسم الخارطة البرلمانية كحل نهائي لتجاوز الخلافات على المواقع السيادية ونقل التصويت الى مجلس النواب وفقا لما يمكن ان يتفق عليه الفرقاء في مباحثاتهم مع بايدن ووفد الكونغرس في 14 يوليو الجاري الموعد الاخير لبقاء جلسة البرلمان مفتوحة.

الصدر والقبانجي ينددان بالضغوط الأميركية

وبالمقابل، ندد السيد مقتدى الصدر وصدر الدين القبانجي القيادي في المجلس الاسلامي العراقي الاعلى بالضغوط الاميركية بشان تشكيل الحكومة الجديدة.

وقال الصدر المقيم في ايران منذ العام 2007 في بيان "انصح (رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري) المالكي و(رئيس الوزراء الاسبق) اياد علاوي بعدم السماح للمحتل، بل يكون اجتماعهم من اجل تطبيق الاجندة العراقية لا الاميركية". بحسب فرانس برس.

واضاف الصدر "ادعو المرشحين لرئاسة الوزراء ممن تمسكوا بهذا المنصب او الترشيح لان يقدموا مصلحة العراق ويتنازلوا لمن هو الصالح او الاصلح، فان اطالة تنصيب هذا المركز فيه مفسده"، في اشارة الى رفضه تولي المالكي المنصب مرة ثانية. وطالب البرلمان ب"السعي لايصال كل من لا يكون ديكتاتوريا ولا متحزبا ولا اميركيا ولا بعثيا ولا عدوا للشعب العراقي، والا كان مقصرا امام الشعب".

من جهته، قال القبانجي امام وفد من العشائر في النجف ان حضور بايدن الى العراق "يجب ان لا يشكل اي مساس بالارادة العراقية بشأن تشكيل الحكومة وعبور الازمة". واضاف ان "تشكيل الحكومة يجب ان يكون بعيدا عن الضغوط الاجنبية الدولية والاقليمية في وقت يؤمن العراق فيه بسياسة التعايش الايجابي مع الجميع".

وتعكس هذه التصريحات خشية الطرفين من حصول اتفاق بين المالكي وعلاوي على تشكيل الحكومة بتشجيع اميركي ما قد يؤدي الى اقصائهما عنها. وفي مطلع حزيران/يونيو، صادقت المحكمة الاتحادية، اعلى هيئة قضائية في البلاد، على نتائج الانتخابات التي تؤكد فوز الليبرالي علاوي (91 مقعدا)، على المالكي (89 مقعدا).

يذكر ان ائتلافي "دولة القانون" و"الوطني العراقي" (70 مقعدا) اعلنا مطلع ايار/مايو اندماجهما لكي يشكلا الكتلة البرلمانية الاكبر عددا (159 من اصل 325 مقعدا). الا ان الكتلة الشيعية التي يمكنها الاعتماد على دعم الاكراد لنيل غالبية كبيرة في البرلمان، لا تزال تشهد مفاوضات متعثرة للتوصل الى اتفاق على مرشح واحد لمنصب رئيس الوزراء.

وفي وقت لاحق، تظاهر مئات من اتباع التيار الصدري تلبية لدعوة مقتدى الصدر احتجاجا على زيارة بايدن، كما افاد مراسل فرانس برس. وانطلقت المسيرة من امام مسجد الكوفة باتجاه مرقد ميثم التمار وردد المتظاهرون خلالها شعارات (كلا كلا امريكا كلا كلا اسرائيل) ورفعوا لافتات كتب عليها (كلا للضغوطات الاميركية في الشان العراقي) و (لا نريد ان يفرض المحتل حكومة علينا). شارك في التظاهرة عدد من رجال الدين وبعد ذلك تفرق المتظاهرون بشكل سلمي. واحاطت الشرطة المسيرة باجراءات امنية.

يذكر ان ائتلافي "دولة القانون" بزعامة المالكي و"الوطني العراقي" (70 مقعدا) اعلنا مطلع ايار/مايو اندماجهما لكي يشكلا الكتلة البرلمانية الاكبر عددا (159 من اصل 325 مقعدا).

الا ان الكتلة الشيعية التي يمكنها الاعتماد على دعم الاكراد لنيل غالبية كبيرة في البرلمان، لا تزال تشهد مفاوضات متعثرة للتوصل الى اتفاق على مرشح واحد لمنصب رئيس الوزراء.

قصف السفارة الأمريكية أثناء زيارة بايدن

وفي أثناء زيارة بايدن لبغداد هزت ثلاثة انفجارات المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية غير أنه لم ينجم عنها أي إصابات أو أضرار مادية وفقاً لما ذكره مسؤولون أمريكيون وعراقيون.

وكانت ثلاث قذائف هاون قد سقطت على المنطقة الحرة، التي تضم المؤسسات والمرافق الحكومية الرئيسية إلى جانب السفارة الأمريكية، وذلك في الساعة العاشرة والنصف مساء الأحد، بحسب التوقيت المحلي، بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية العراقية ومسؤولون أمريكيون.

ونقل موقع أخبار العراق للجميع عن "السومرية نيوز" أفاد مصدر في الشرطة العراقية، بأن صاروخ كاتيوشا سقط في حرم السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة الخضراء وسط بغداد، فيما لفت إلى أن الصاروخ هو الثالث الذي يستهدف المنطقة الخضراء بعد سقوط صاروخين في محيطها من دون أن يخلفا خسائر، في حين تسمع الطائرات المروحية الأميركية وهي تجوب سماء العاصمة العراقية بشكل كثيف.

وقال المصدر في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "صاروخاً من طراز كاتيوشا سقط في حرم السفارة الأميركية"، مبيناً أنه "انفجر داخل حرم السفارة ولم تعرف الأضرار التي خلفها."

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "صفارات الإنذار سمعت تدوي من داخل المنطقة الخضراء، فيما حين حلقت الطائرات الأميركية بشكل مكثف فوق سماء العاصمة."

هذا وتعتبر المنطقة الخضراء، أو المنطقة الدولية كما كانت تعرف سابقا، هدفاً متكرراً لأعمال القصف بقذائف الهاون، إذ سبق أن تعرضت للقصف خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بعيد توليه منصبه، وكذلك خلال زيارة بايدن نفسه في سبتمبر/أيلول الماضي أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/تموز/2010 - 25/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م