لا اعرف من نصب نفسه حاكما لأول مره في التأريخ ولا أعلم من هم
المحكومين ولا اين كانت اول حكومة على وجه الارض.
لكني اعرف ان البشر وبعد خروجهم من مرحلة إنسان الغاب وتجمعهم في
المستوطنات البدائية الاولى احتاجوا اول الامر الى الاشخاص الحكماء ذوو
الخبرة والمهابة والتأثير من اجل حل النزاعات والخصومات التي قد تحصل
بينهم على ملكية الاراضي ومياه السقي والحيوانات وامور الرعي والزراعة
والمسائل المشابهة.
وبتطور المجتمعات وازدياد احتياجاتها احتاج البشر الى مبادىء
قانونيه اولية لتطبيقها في حل النزاعات المتماثلة كل على حده واحتاجوا
الى من يطبقها ويعطيها قوة الالزام ومن هنا نشأت القوانين ومن هنا وجد
الحاكمون.
وتطورت المجتمعات وتطورت انظمة الحكم فمن القرية وشيخها الى المدينة
وحاكمها الى المملكة وملكها الى البلدان الكبرى وسلاطينها.
يقول نجيب محفوظ في (ثرثره فوق النيل) : ليس غريبا أن عبد المصريون
الفرعون لكن الغريب إن الفرعون امن حقا انه اله..... والحكام من فجر
التاريخ تذرعوا وتسلحوا وتمترسوا بشتى الاوصاف والصفات الخارجة عن
مفاهيم العقل ليبرروا لمحكوميهم سبب حكمهم لهم وسبب استمرار هذا الحكم
فمن مدع للالوهية ومن قائل انه نصف اله ومن زاعم ان الله فوض اليه امر
البلاد والعباد حتى وصل الامر في ايامنا هذه الى القول بان وجودهم في
هرم السلطة انما هو رحمة من العلي القدير الذي شمل شعوبهم المسكينه
بفيض عنايته فقيظ لها هؤلاء الحكام لكي يقودوها نحو الرقي والتقدم.
يمر الزمان وتتغير الناس وتتبدل الافكار وتتطور وسائل الاتصال
وتتقدم التكنولوجيا وتتوالى الاكتشافات العلمية وتفكير الحكام هو
لاتنال منه عاديات الزمن.
السلطة حلوة شهية جميلة رائعة كعروس ليلة زفافها أو كأوراد الربيع
بعد مطر نيساني.....السلطة تعني الثروه تعني النفوذ تعني الخدم والحشم
تعني المجد في الحياة وبعد الممات تعني الخلود في بطون كتب التاريخ
العربي وأي مجنون يكره ذلك؟
يقول نزار قباني في قصيدة على لسان(حاكم يعد شعبه قطيعا من الابقار)
كلما فكرت ان اترككم
فاحت دموعي كغمامة
فتوكلت على الله وقررت ان اركب الشعب من الان الى يوم القيامة
وهذه هي مأساة شعوب الشرق....الاستبداد ولا شيء سواه وهو الة الفساد
كما يقول جمال الدين الافغاني.....انظروا الى الارقام القياسية التي
يقضونها في سدة الحكم بل انظروا الى طريقة حكمهم كيف يجمعون في ايديهم
السلطات الثلاث ويصهرونها في بوتقة واحدة ممثلة في شخص الحاكم.
لا توجد برلمانات حقيقية بالمعنى المعروف ولا يوجد ممثلون للشعب في
المجالس التي تصفق وتهلل لشخص الحاكم.
احدى الدول العظمى(على الصعيد الاقليمي) وبعد انتظارطال عشر سنوات
في التهيئة والإعداد قررت تأجيل الانتخابات البلدية فيها الى موعد لم
يحدد ولا اظنه سيحدد مع ان الانتخابات هي انتخابات بلديه لاختيار اشخاص
يتولون توفير الخدمات وليس لهم في السياسة لا ناقة ولا جمل وحاكم آخر
يحل برلمان بلاده او ما يسميه هو برلمان كلما سمع بنيته استجواب مسؤول
في حكومته وقد يصادف ان يحل البرلمان ثلاث مرات في سنه واحدة.
واما التوريث فحدث ولا حرج والمضحك المبكي انه لا يقتصر على الدول
التي تنص دساتيرها على ان الحكم وراثي مع تحفظنا على تسميتها بالدساتير
وانما اصبح التوريث سمة بارزه في جمهوريات الشرق حتى بعد ان انقرض في
جمهوريات الموز.
من الطرائف التي يتداولها من شاء القدر ان يكونوا محكومين مدى
الحياة بحكام مدى الحياة ايضا ان شعبا قد سئم من حاكمه الذي لم تترك
صوره حائطا ولا عمود كهرباء الا وتعلقت به واستولت خطبه على نصف مدة
البث التلفازي واخباره على ثلثي مدة البث الراديوي وامتلأت صفحات
المطبوعات بحكايا انجازاته فطلبوا ممثلوهم مقابلته وابلغوه انهم قد
ملوا وعليه ان يترك للشعب متنفسا لانه لم يعد يحتمل.
استمع لهم الحاكم بانتباه وسألهم: ما رايكم ان نجعل التلفاز
والراديو يبثان برامج اجتماعية وترفيهية فقط؟ تهللت وجوههم فرحا وقبل
ان يلتقطوا انفاسهم اضاف: طبعا انا من سيقدم هذه البرامج!!!!!!!!!!!
اضحك عزيزي القارئ او ابك او افعل بنفسك ما تشاء لان فرعونك باق ما
بقيت...
ahleen65@yahoo.com |