التعليم في العراق: مكافحة الأمية وازدهار التعليم الخاص

 

شبكة النبأ: كان التعليم في العراق موحدا والمناهج الدراسية تميل إلى الدعوة لنهج الحزب الواحد إبان حكم الدكتاتور صدام حسين. وبعد التغيير ومع تراجع العنف الآن بصفة عامة رغم استمرار بعض الهجمات يتزايد إحساس العراقيين بالاستياء بسبب بطء وتيرة مساعي البلاد للوقوف على قدميها من جديد.

فالوظائف شحيحة والتفجيرات وحوادث الاغتيال ما زالت خطرا يوميا ويعاني العراقيون من نقص الكهرباء والمياه النقية والصرف الصحي والخدمات الأساسية الأخرى.

وفي مجال التعليم تحقق بعض التقدم. ومع ذلك تفيد إحصاءات الأمم المتحدة بأن واحدا من كل خمسة عراقيين فوق سن الخامسة عشرة يعاني من الأمية، ويصل معدل الأمية إلى 28 في المئة بين النساء وهو ما يعادل مثلي النسبة بين الرجال.

وقالت الامم المتحدة ان نسبة الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام و11 عاما الملتحقين بالتعليم الابتدائي بلغت 85 في المئة في عام 2007 عندما كان العنف الطائفي في أوجه مقارنة مع 91 في المئة في عام 1990.

وزادت الحكومة الانفاق على التعليم لكن المسؤولين يقولون انهم يعانون من نقص المدارس والمدرسين الذين هرب كثير منهم إلى الخارج. ونزحت آلاف الأسر من منازلها بسبب العنف مما عطل تعليم أعداد كبيرة من الأطفال..

ازدياد التوجه للمدارس الخاصة..

وازدهرت المدارس الخاصة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 بعد ان كانت محظورة في عهد الدكتاتور صدام حسين مع تزايد شعور العراقيين بالاحباط نتيجة فشل حكومتهم في توفير الخدمات الاساسية.

ورغم المصاعب الاقتصادية بعد أعمال العنف الطائفية وهجمات المسلحين التي شهدتها البلاد على مدى سبع سنوات يتمكن الاباء العراقيون من تدبير 1500 دولار للفصل الدراسي الواحد لإرسال أبنائهم الى مدارس خاصة على أمل توفير مستقبل أفضل لهم. وتفيد بيانات وزارة التعليم بأن في العراق الان 201 مدرسة خاصة غير مدارس رياض الاطفال. بحسب رويترز.

وقالت سرى عبد الحسن "المدراس الاهلية بها اعتناء بالاضافة الى مستوى التعليم. طبعا فرق شاسع بين المدرسة الاهلية والحكومية."

وأضافت "عندما اعطي هذه المبالغ انا مطمئنة ان ابني سوف يخرج بمستوى معين بالدراسة بالاضافة الى المستوى الاجتماعي." وقالت "لذلك المال هو شيء بسيط بالنسبة للشيء الذي سوف يحصل عليه ابني."

وخلال حكم حزب البعث الذي كان يتزعمه الدكتاتور صدام كان التعليم حكرا للدولة وكان التعليم الخاص باستثناء رياض الاطفال والجامعات محظورا.

وكان التعليم موحدا والمناهج الدراسية تميل إلى الدعوة لحكم الحزب الواحد. ومع تراجع العنف الآن بصفة عامة رغم استمرار بعض هجمات المسلحين يتزايد احساس العراقيين بالاستياء بسبب بطء وتيرة مساعي البلاد للوقوف على قدميها من جديد.

وقال محسن عبد علي الفريجي مستشار وزارة التربية "نحن نحتاج الى زيادة الموازنة بالنسبة الى وزارة التربية. النقص الحاد بالمدارس لا يمكن معالجته الا من خلال زيادة نسبة التمويل او حصة ميزانية وزارة التربية من الموازنة العامة... ميزانيتنا الجارية أغلبها تكون للرواتب."

وقال الفريجي ان 35 في المئة فقط من المدرسين الحاليين في البلاد تلقوا تدريبا مناسبا. ويقرب عدد التلاميذ في الفصل الواحد من 60 تلميذا في بعض المدارس الحكومية العراقية البالغ عددها 18 الف مدرسة.

واجتذبت مدرسة ماما أيسر الخاصة التي تستقبل الاطفال من عمر أربعة أشهر الى 12 عاما اهتماما متزايدا منذ افتتاحها عام 2004 وتعمل بكامل طاقتها وتضم 500 تلميذ.

وقالت ناظرة المدرسة أيسر العزاوي "لدي قائمة انتظار." وأضافت "لا أريد ان أقبل مزيدا من الاطفال لانني اريد ان أقدم خدمة جيدة."ولا يزيد عدد الاطفال في الفصل الواحد في المدرسة عن 20 طفلا.

وقالت العزاوي ان الاباء يتجهون الى المدارس الخاصة لانهم يريدون ان يتعلم أطفالهم الانجليزية في سن مبكرة وان يتلقوا مناهج تعليمية أوسع من تلك التي تقدمها المدارس الحكومية.

وتتمتع مدرسة ماما أيسر بالمياه النقية والكهرباء وهو امر يعد من قبيل الرفاهية في العراق في كثير من الاحيان فضلا عن تمتعها بالتسهيلات الخاصة بالكمبيوتر.

وقالت العزاوي ان المدارس الخاصة تعاني من بعض المشاكل التي تعاني منها المدارس الحكومية وخصوصا نقص المدرسين والمباني المناسبة.

وما زالت السلامة أيضا مبعث قلق شديد ويشعر كثير من الاباء باطمئنان أكبر لارسال اطفالهم الى مدارس خاصة لانهم يشعرون انها تلقى حماية أفضل. وتوظف مدرسة ماما أيسر ثلاثة حراس لحراسة مجمعها.

ولا تعد المدارس الخاصة من بين خيارات الاباء الذين لا يقيمون قرب احداها حيث لا تزال الظروف في البلاد صعبة.

الأمية تعود للعراق..

ومن جانب آخر دعا مسئول عراقي كبير إلى تشريع قانون محو الأمية في العراق بسبب اتساع نسبة الأميين في المجتمع العراقي بنسبة مقلقة وصلت إلى خمسة ملايين أمي خلال العام الماضي.

وقال نهاد الجبوري وكيل وزارة التربية في تصريح لصحيفة "المدى" إن العراق الآن يعاني من ازدياد نسبة الأميين بنسبة مقلقة جدا ويجب التسريع بتشريع قانون محو الأمية الذي قدم منذ عام ونصف على طاولة مجلس النواب ولم يصادق عليه فضلا عن عدم تخصيص دولار واحد من موازنة الدولة لعام 2010 لمشاريع إقامة دورات محو الأمية وان البيئة العراقية الآن أصبحت ممتازة جدا لانتشار الأمية و لا غرابة إن قلنا أن أعداد الأميين في العراق بلغ خمسة ملايين عام 2008و2009 بينما 1991 انتهت ولم يبق أي أمي في العراق". بحسب الوكالة الالمانية.

وأضاف" الأمر الآن بحاجة إلى دراسة حقيقية ومجدية من قبل عدة وزارات منها وزارة العدل والعمل والشؤون الاجتماعية ودور وزارة العدل يكون بإمكانية إعادة الأحداث المسجونين لديها إلى الصف الدراسي بإقامة دروس محو أمية داخل السجن اضافة الى وزارة الداخلية يمكنها الاستفادة من تجربة القوات المتعددة الجنسية التي قامت بتعليم المعتقلين وتشغيلهم مقابل صرف مبلغ 10 دولارات يوميا".

وأوضح" بالنظر إلى المشكلات التعليمية الحالية والمرتبطة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي و الأمني فإن العملية العلمية الحالية تزداد تعقيداً إذا ربطنا ذلك بالمتغيرات الحاصلة في البلد بعد عام 2003 وما أفرزته من تحولات على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي التي رمت بظلالها على الواقع التعليمي العراقي".

وقال المسؤول العراقي" ان غالبية التلاميذ المتسربين من المدارس هم من المرحلة الابتدائية وتحديدا في الصف الخامس الابتدائي لصعوبة المنهج وهذه حقيقة لا تخفى عن الكوادر التعليمية ويمكن ملاحظة غالبية التلاميذ المتسربين من المدرسة هم في تلك المرحلة وهناك دراسات وإحصائيات تؤكد ذلك لذلك أصبحت هذه الظاهرة خطيرة جدا في السنتين الأخيرتين 2007 و2008و ازدادت عما كانت عليه عام 2006 و2007 وهذه السنوات كانت تعتبر من اخطر السنوات لسخونة التوترات الامنية التي اثرت بشكل كبير على كل نواحي المجتمع العراقي".

أمّيون يرغبون بالالتحاق بمراكز محو الأمية..

وبالمقابل أبدى عدد من الأميين من سكنة بغداد رغبتهم بالمشاركة في مراكز محو الامية، مرحبين بقرار موافقة الحكومة على القانون، خصوصا من الذكور، الذين عدوا ذلك خطوة وفرصة لتعلم القراءة والكتابة، لكنهم في الوقت ذاته اعربوا عن خشيتهم من ان يؤثر ذلك على عملهم ككسبة او عمال .

وقال محسن شميل ( 29 ) عاما ، يسكن مدينة الصدر شرقي بغداد (امي ) يعمل حمالا في علوة جميلة إن ” خطوة الحكومة خطوة جيدة ، ومن المهم ان اتعلم القراءة والكتابة، لاني حرمت من الدراسة في طفولتي، ولكن المباشرة في مراكز محو الامية يؤثر على عملي، خصوصا عند النهار، وبعده ساكون متعبا ولا اتمكن من التواصل”.

وأضاف شميل لوكالة أصوات العراق “انا اتمنى ان اتعلم القراءة والكتابة، لاني اعاني الكثير وهذا الامر سبب لي عقدة نفسية فانا بالكاد اكتب اسمي، لكن كيف يتسنى لي التعلم وانا اعمل طيلة النهار في علوة جميلة واصل الى البيت منهكا، ولي اطفال لابد من اعالتهم “.

لكن علي فرحان ( 24 ) عاما، يسكن حي الفضيلية، ويعمل في عربة يجرها حصان يرى ان هناك ضرورة لوجود مشروع لمحو الامية، ليساهم فيها ويتعلم القراءة والكتابة التي حرم منها بسبب ظروف البلد الاقتصادية في تسعينيات القرن الماضي.

وقال فرحان لوكالة أصوات العراق “لدي رغبة كبيرة بأن اتعلم القراءة والكتابة والحساب ، ولدي طموح بان اواصل دراستي حتى اكمل الابتدائية والمتوسطة وحتى الاعدادية، وساكون اول المسجلين اذا ما نفذ المشروع.

فرحان اضاف “انا حرمت من الدراسة بسبب الحصار الاقتصادي على العراق، وابي رجل كبير في السن وقال لي لا استطيع الانفاق عليك في المدرسة وعليك ان تعمل، وعملت في ذات المهنة (العربة) منذ طفولتي حتى الآن”.

ويشاطره الرأي عبد حليحل ( 40 ) عاما، يسكن حي العبيدي شرقي بغداد، يعمل ميكانيكيا، حيث يقول “أني اتحين الفرصة للاتحاق بمراكز محو الامية لاتعلم القراءة والكتابة، حيث اننا في زمن يكون فيه الامي مثل الاعمى، وليت الحكومة تكون جادة باعادة مدارس محو الامية لاتمكن من الدراسة، رغم اني استطيع القراءة الى حد ما لكنني لا اجيد الكتابة”.

وأضاف حليحل “بامكاني ان  اوفق بين عملي ودراستي او تعلمي بمراكز محو الامية، وقد يؤثر ذلك على عملي لكنني سامنح وقتي للتعلم“.

وترى الحاجة بدرية ( 58 ) عاما ، ربة بيت (امية) تسكن بغداد الجديدة جنوب شرقي بغداد أن مايهمها من تعلم القراءة والكتابة هو قراءة القرأن.

وتقول بدرية “اتمنى اجادة قراءة القرأن والادعية، خصوصا تلك الادعية المعلقة على جدران بوابات الائمة والصالحين في المراقد المقدسة، لكن ماجدوى ذلك وقد بلغت الستين من العمر ولم يكن استيعابي كما قبل اربعين عاما”.

وكان الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ اعلن أن مجلس الوزراء قرر الموافقة على إقتراح قانون محو الأمية وأحاله إلى مجلس النواب العراقي.

ويرى محمد جواد ( 51 ) عاما ( معلم ابتدائية ) في احدى مدارس مدينة الصدر شرقي بغداد “اعتقد ان هناك ضرورة ملحة لاعادة العمل بمحو الامية، حيث حققت هذه المراكز نتائج في ثمانينيات القرن الماضي، واستفاد من هذه التجرية الكثير من الاميين ومنهم كبار السن، على الرغم من الامر كان اجباريا في حينها كالتعليم الالزامي”.

وأضاف جواد “نحن كمعلمين لدينا الرغبة بتعليم الاميين القراءة والكتابة والحساب وحتى الاسلامية والعلوم، ونأمل بأن تنفذ الحكومة هذا المشروع قريبا، وتفتح مراكز خاصة به وتهيئ كافة المستلزمات المطلوبة، لان في نسبة الامية العراق قد تكون مرتفعة قياسا لدول المنطقة بسبب الحروب والحصار الاقتصادي وما تلاه من ظروف امنية وسياسية بالبلد”.

الحكومة العراقية ذكرت أن الموافقة على إقتراح قانون محو الأمية وإحالته الى مجلس النواب “تأتي لما يقوم به من فتح الآفاق أمام شريحة إجتماعية حرمت من فرص التعليم ويمهد لإمكانية معالجة الأمية الناتجة عن ظروف المرحلة وإنطلاقاً مما تضمنه الدستور من كون التعليم عاملاً أساسياً لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة للمواطنين وتنفيذاً لمهماتها في مكافحة الأمية وإيصال الأميين الى المستوى الحضاري الذي يمكنهم من تطوير حياتهم ثقافياً وإجتماعياً وإقتصادياً وتمكينهم من ممارسة حقوق المواطنة الصالحة وإلتزاماتها”.

مشاكل امتحانات السادس الإعدادي..

ومن جهة أخرى شهدت بعض القاعات الامتحانية انسحاب عشرات الطلاب في الدقائق الاولى من الامتحان الوزاري لمادة اللغة الانكليزية للسادس الاعدادي بفرعيه العلمي والادبي الذي جرى مؤخراً.

البعض من الطلاب انسحب وقرر عدم تأدية الامتحان قبل اطلاعه على الاسئلة، والبعض الاخر اكتفى بقراءة الاسئلة ليقرر الانسحاب وتاجيل الامتحان الى الدور الثاني. بحسب وكالة نينا.

الطالب كرار حميد/ السادس الادبي في المركز الامتحاني بالجامعة المستنصرية / انسحب من القاعة قبل ان يطلع على الاسئلة، وقال:" لقد قررت الانسحاب من قاعة الامتحان بسبب صدمتي بصعوبة اسئلة اللغة العربية ووجود الاخطاء فيها، واعتقادا مني بان اسئلة اللغة الانكليزية ستكون صعبة وغامضة هي الاخرى".

وقال الطالب محمد ثامر/ السادس العلمي في المركز الامتحاني بجامعة بغداد/ الذي انسحب هو الاخر قبل الاطلاع على الاسئلة:" انسحبت من امتحان اللغة الانكليزية خشية من الرسوب لتوقعي ان تكون الاسئلة معقدة وغامضة مثل اسئلة اللغة العربية، لذا قررت التاجيل والانسحاب من قاعة الامتحان".

في حين اوضح الطالبان سلام عبد الكريم وعلي قيس/السادس الادبي بالمركز الامتحاني بجامعة بغداد/ ان سبب انسحابهما وتاجيل امتحانهما هو عدم استعدادهما بنحو جيد للامتحان كونهما من طلاب التعليم المسائي .

وارجع فاضل كاظم/ السادس الادبي في المركز الامتحاني بجامعة بغداد ايضا / انسحابه وتاجيله الامتحان الى صعوبة مادة اللغة الانكليزية والظروف الصعبة التي يمر بها الطلبة و انقطاع التيار الكهربائي في البيت الى جانب التخوف من المفاجات ولاسيما ماحدث في اسئلة اللغة العربية والاسلامية.

وذكر الطالب علي محمد من السادس العلمي:" ان اسئلة اللغة الانكليزية هذا العام اكثر صعوبة من العام الماضي و غير واضحة ، الى جانب معاناتنا في عدم توفر الخدمات في القاعات الامتحانية".

في حين وجه مهيمن عماد/ السادس الادبي/ عتبه الى وزير التربية، وقال:" ان الوزير اعلن في اكثر من مؤتمر صحفي بان الاسئلة هذا العام ستكون واضحة ومتوسطة لكن الاسئلة فيها صعوبة وغموض".

الا ان بعض الطلبة الذين ادوا الامتحان وصفوا الاسئلة بانها واضحة وليست بمستوى الصعوبة الذي تحدث عنه غيرهم من الطلبة .

وقال الطالب هشام محمد/ السادس الادبي من المركز الامتحاني في المتوسطة الغربية/:" ان الاسئلة سهلة، ولكنها مطولة ولايوجد فيها اي سؤال خارجي. ومن يصفها بالصعوبة وعدم الوضوح هم الطلبة غير المستعدين للامتحان بشكل جيد".

في حين وصف الطالب عدي مهند من السادس العلمي اسئلة الامتحان بانها:" متوسطة المستوى واقل صعوبة من العام الماضي ولايوجد فيها اي غموض و هي من الكتاب المدرسي المقرر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/تموز/2010 - 22/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م