السياسة، المونديال وإرادة السماء!

خليل فائزي

التصريحات التي ادلى بها وزير خارجية ايران بشأن انتقام الله (سبحانه وتعالى) من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا وخروج منتخبات هذه الدول مبكرا من مونديال جنوب أفريقيا، بسبب عداء الغرب لايران فيما يتعلق بالملف النووي وفرض العقوبات الاقتصادية، أثارت موجات متباينة ومتناقضة بين التأييد والاستغراب في آن واحد.

والحقيقة ان مثل هذه الرؤية لا تخص منوشهر متكي او اي من المسئولين الإيرانيين الآخرين من الذين يعتقدون بانتقام إرادة السماء في مونديال كرة القدم من أمريكا وحلفائها الأوروبيين، بل ان العديد من رجال الدين في العالم العربي ايضاً اعتبروا تعادل منتخبي الجزائر وبريطانيا في المونديال بانه انتقام الهي من المستعمر العجوز سابقا وحتى ان الكثير من رجال الدين والخطباء في العالم الإسلامي دعوا أنصارهم للتضرع لله تعالى لفوز الجزائر على أمريكا في المونديال من اجل تحقيرها وإذلالها، لكن ما حدث هو العكس حيث خرجت الجزائر ممثلة العرب والمسلمين الوحيدة في المونديال خالية الوفاض من المونديال دون ان تحقق اي أهداف إعلامية ولا رياضية للداعمين لها خاصة رجال الدين والخطباء بالرغم من إطلاق الشعارات ونشر الدعوات والقيام بالصلوات لزعماء تنظيم (القاعدة) الإرهابي خلال مباراة الجزائر وأمريكا!.

وعودة لتصريحات الوزير متكي فانه يعتقد ايضاً من ان البرازيل التي وقفت الى جانب اعلان طهران وأيدت برامج إيران النووية السلمية، وفقها الله تعالى للمضي قدماً في المونديال وتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات في كرة القدم!.

وانتقاداً لمثل هذه الأفكار والمواقف ومن باب علينا ان نكون واقعيين نطرح عدة أسئلة في هذا المضمار ومنها: لقد وقفت تركيا هي الأخرى الى جانب إعلان طهران ولكنها خرجت مبكراً من التصفيات الأولى لكرة القدم. كوريا الشمالية التي وفقتها إرادة السماء للذهاب الى جنوب أفريقيا! والتي وقفت وتقف دوماً الى جانب الملف النووي الإيراني وتعادي أمريكا والغرب في كافة المجالات خرجت دون تحقيق حتى نقطة واحدة في المونديال واقتيد جميع أعضاء المنتخب الكوري الشمالي للعمل قسراً في مناجم الحديد والفحم بعد عودتهم خائبين وفاشلين من جنوب أفريقيا.

وكذلك فان منتخبات أفغانستان ولبنان والعراق وسوريا التي أيدت دولها البرامج النووي الإيراني سقطت وأزيحت جانباً في أول التصفيات الآسيوية، والأهم من هذا وذلك فان المنتخب الإيراني ذاته لم يحظ بتأييد إرادة السماء وسقط في دائرة مافيا كرة القدم الداخلية ولم يتمكن للوصول الى مرحلة متقدمة في التصفيات، فهل كان بفعل عدم جدارة مسئولي اتحاد كرة القدم الإيراني ام ان إرادة السماء شاءت لعدم مشاركته في مونديال جنوب أفريقيا؟.

الرجاء من كافة المسئولين السياسيين والخطباء وغيرهم في عالمنا العربي والإسلامي بعدم الخلط بين الرياضة والسياسة وعدم تبرير السياسات غير الصائبة أحيانا والادعاء بانها كانت "إرادة الله!" وعدم جعل المنتخبات الرياضية كبش فداء للمواقف السياسية المتخاصمة والتركيز على المساعي الحثيثة لتحقيق الانتصارات السياسية والإعلامية الواقعية على خصومنا وأعدائنا في مجالات العلم والصناعة والزراعة والإنتاج والتقدم والرقي والتحلي من جهة أخرى بروح رياضية علياء وتقبل الفوز او الخسارة برحابة صدر في مجالات كرة القدم وسائر فروع الرياضة عموماً ولنتضرع سوية لارادة الله ان ينصرنا على خصومنا وأعدائنا بعدما نزيل الحقد والنفاق والرياء من قلوبنا انطلاقا من الآية الكريمة  " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ...

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/تموز/2010 - 21/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م