يرنو الشارع العراقي مرة اخرى بنظرات ملؤها التفاؤل والامل
"الخياليين لكل أسف" الى نتائج اللقاء بين رئيس ائتلاف دولة القانون
السيد نوري المالكي الحاصل ائتلافه على 89 مقعداً من مقاعد البرلمان
الحالي ورئيس ائتلاف القائمة العراقية الدكتور اياد علاوي الذي حاز على
91 مقعدا في البرلمان، الذي جرى يوم الثلاثاء في مقر حركة الوفاق
الوطني التي يتزعمه أياد علاوي.
الزيارة تاتي، من وجهة نظر اولى بريئة، كجزء من تصرف للسيد المالكي
يجمع بين ثناياه الاخلاق مع البروتوكول كرد للزيارة التي قام بها علاوي
والوفد الذي ضم طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والدكتور حسن العلوي،
لكنها من وجهة نظر ثانية غير بريئة تأتي هذه الزيارة كورقة للضغط
يمارسها المالكي ضد شركائه في التحالف الوطني من اجل القبول بتسميته
كمرشح لرئاسة الوزراء من قبل هذا التحالف كما رأى ذلك قاسم الاعرجي احد
اعضاء التحالف الوطني.
وعلى الرغم من الترحيب الظاهري الائتلاف الوطني بلقاء المالكي–
علاوي او اي لقاء اخر يمكن ان يساهم في تسريع وتيرة تشكيل الحكومة، على
حد تعبير قاسم داود وهو وزير سابق في حكومة علاوي وعضو حالي في التحالف
الوطني، فان الامر ليس كذلك ولا هو على هذا النحو الذي يصوره لنا بعض
اعضاء التحالف الوطني الذين يُظهرون للاعلام عدم تخوفهم من لقاء
المالكي مع علاوي ولا من النتائج التي يمكن ان تتمخض عنه.
التخوف الذي يتعلق باللقاء ياتي من الاكراد من جهة والائتلاف الوطني
متمثلا بالتيار الصدري والمجلس الاعلى خصوصا، وهو تخوف، بعد نظرة
موضوعية ثاقبة، يعد وهمي وغير صحيح ولايبنى على اي اساس سياسي او منطقي
سليم.
فبالنسبة للاكراد، نرى ان التخوف، غير المبرر، من لقاء
المالكي-علاوي يكمن في احتمالية تقاسم السلطة فيما بينهم عبر قبول
احدهما تسلم منصب رئاسة الجمهورية فيما الاخر يأخذ منصب رئيس الوزراء
وبذلك يفقد الاكراد منصب رئاسة الجمهورية الذين يرون فيه استحقاق قومي
للكرد على حد قول القيادي في التحالف الكردستاني فرياد راوندوزي، حيث
من الممكن ان يشكل كل من دولة القانون والقائمة العراقية الحكومة خلال
48 ساعة حسب مايقول الخبير القانوني طارق حرب.
هذا الامر او التخوف او السيناريو الذي يتصوره البعض وتحيك مخيلته
اوهامه غير صحيح ولايمكن ان يتم ذلك لاسباب واقعية عديدة لاتتعلق بما
يقوله السياسيون ومايصرحون به كما جاء في تصريح عضو دولة القانون السيد
حسن السنيد الذي اوضح بان التصريحات بشان امكانية منح علاوي منصب رئاسة
الجمهورية غير مسؤولة ولاتمثل دولة القانون.
الاسباب التي تدعوني الى رفض وجود مثل هكذا فكرة تعود الى اربعة
أسباب :
الاول:
ان كل من زعيمي القائمة العراقية ودولة القانون يرغبان بمنصب رئيس
الوزراء التنفيذي ولايمكن ان يقبل احدهما بمنصب رئيس الجمهورية الذي هو
منصب تشريفي.
الثاني:
ان اتفاق علاوي والمالكي على هذا النحو سوف يعتبر خيانة للاكراد او
للرئيس جلال طالباني الذي ترى فيه كل من القائمتين خيمة وطنية جامعة
لمختلف القوى السياسية في العراق، ولا اظن ان اياد علاوي او المالكي
يقبل ان يفعلها خصوصا بعد ان اظهر الجانبان تاييدهما لترشيح طالباني
لرئاسة الجمهورية مرة ثانية.
الثالث:
اختلاف رؤى وافكار كل من القائمتين حول العديد من القضايا والطروحات
التي تتعلق معالجة مشكلات الملف العراقي و كيفية ادارة الدولة
والاساليب والمناهج التي يمكن ان تتُبع في هذا الصدد.
الرابع:
ان العملية السياسية في العراق لاتجري وفقا للاستحقاق الانتخابي فقط
بل تسير وفق مقتضيات التوافق بين كتله السياسية، واتفاق علاوي والمالكي
خروج عن التوافق السياسي المعمول به حتى الان في الديمقراطية العراقية
الذي يطلق عليها بانها توافقية.
اما بالنسبة للطرف الثاني المتخوف من نتائج اللقاء بين الاثنين فهو
الائتلاف الشيعي وعلى نحو ادق المجلس الاسلامي الاعلى والتيار الصدري
حيث يمكن ان يرى هؤلاء في اتفاق الاثنين ضياع كبير لفرصتهم في تقديم
مرشح لرئاسة الوزراء بالاضافة الى مايمكن ان يتسنموه من مناصب ووزارات
ستكون، في حالة اتفاق علاوي مع المالكي، على نحو غير مرضي ولامقبول.
هذا التخوف ايضا لا اجد له مسوغ حقيقي،على الرغم من ان ماهو متداول
في الشارع الاعلامي والسياسي يؤكد على ان المالكي " استنفد كل خياراته
مع الائتلاف الشيعي" كما قال محمد سلمان العضو في القائمة العراقية،
وانه كل من اطراف الائتلاف الوطني ممثلة بالمجلس والتيار الصدري ترفض
بصورة قاطعة عودة المالكي لتنسم منصب رئاسة الوزراء الا ان هذا الامر
سوف لن يدفع المالكي لاعطاء منصب رئاسة الوزراء لعلاوي في مقابل حصوله
على رئاسة الجمهورية او حتى العكس لرفض علاوي ذلك، ثم لكون المالكي اذا
اراد ان يمنح رئاسة الوزراء لشخص اخر فبالتاكيد هو يفضل شخص مستقل من
اعضاء دولة القانون او اخر من الائتلاف الوطني على علاوي او اي شخص اخر
من القائمة العراقية، ناهيك عن ان المالكي لن يقوم باي اتفاق لايرضى
عنه الاكراد او الرئيس جلال طالباني.
اللقاء في حد ذاته لن يؤدي الى نتيجة تُذكر على صعيد تشكيل الحكومة
العراقية وهو لايعدو ان يكون لقاءا بروتوكوليا " ضمن اللقاءات الجارية
بين الكتل السياسية لبحث تطورات العملية السياسية وتشكيل الحكومة" كما
وصفه بحق مصدر من ائتلاف دولة القانون، وان اعتقد بعض من اعضاء
الائتلاف بانه ورقة ضغط عليهم للقبول في المالكي فالسيناريو الذي
يتحدثون عنه بعيد المنال وهو اقرب لقصص الخيال وحكايات العجائز، فسيزيف
سيبقى حاضرا في لقاء علاوي والمالكي مهما قيل غير ذلك.
[email protected] |