الشاعرة فليحة حسن: أسعى للحصول على براءة اختراع في القصة الرقمية

حاورتها: انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: تلك المرأة الشفافة التي أخذت من تراب النجف سمرته ومن شرفه أخذت وقارها ومن حضارته أخذت عمقها ومن ضيافة وطيبة أهله نسجت طيبتها وحنانها وتواضعها، ومن علمه أخذت علمها المفرط وخصوصا في اللغة العربية.. فأبدعت قصصاً وشعراً وتُرجمت نتاجاتها إلى الإنكليزية والألمانية والدنمركية والبوسيفية والكردية والفارسية...

فليحة حسن من مواليد النجف الأشرف 1967ماجستير لغة عربية وهي تعد المرحلة الأخيرة من رسالة الدكتوراه. صدر لها من الشعر "لأنني فتاة، زيارة لمتحف الظل، خمسة عناوين لصديق البحر، ولو بعد حين. وقصائد أمي وكتبت أيضا للأطفال (حارس الأحلام) شعر. وصدر لها من المجموعات القصصية أيضا حزينيا أو نقص في كريات الفرح. وفي المسرح مسرحية البابور وهناك ولكن، وفي النقد صدر لها تشضيات الفاء فوق مراياهم.

وصدر لها مؤخرا رواية (نمش ماي) باللغتين العربية والانكليزية. وهي رائدة في مجال القصة الرقمية والتي نشرت لأول مرة على موقع النخلة والجيران. وترجمت قصائدها إلى الإنكليزية والألمانية والدنماركية والبوسيفية والكردية والفارسية.

وفي ضيافة (شبكة النبأ المعلوماتية) تحدثنا عن موجات قليلة من بحر نتاجاتها.

*ما هي قصتك مع الشعر؟

- أنت تقصدين قصتي مع الكتابة؟

كان والدي رجل مثقف يعمل موظف في المكتبة العامة ومنذ بدأت أتعلم القراءة صرت اقلب صفحات المجلات والكتب الخاصة بالأطفال التي كان يحملها لي والدي كل يوم وبدأت أدون شخبطاتي على الورق في بداية الثمانينيات وكنت انشغل عن عالمي الخارجي بأكمله حين انشغل بقراءة كتاب أو قصيدة أو قصة. وبهذا عشت طفولتي بكاملها مع الكتب والشعر. فبدأت بكتابة جمل وخواطر موسيقية عندما اطلع عليها الآخرون قيل لي إنها كتابات شعرية. فكانت مجموعتي الأولى (لأنني فتاة) عام 1994 وأكثر الحوادث التي جعلتني اكتب الشعر هي الحرب وأول ما كتبته تلك الأيام كان (أمنية) قلت فيها:

كان بودي أن آتيك

لكن شوارعنا حمراء

وأنا لا املك إلا ثوبي الأبيض.

ثم توالى سقوط المطر.

* حارس الأحلام تجربة متميزة في شعر الأطفال، لماذا توقفتِ عن الكتابة لهم؟

- يمكن أن نقول إن شعر الطفولة الآن يُنظر له بازدراء مع الأسف على الرغم من إن هناك أسماء عراقية مهمة في شعر الأطفال حصلت على جوائز عربية.. ربما لأنه موّجه إلى عقل الأطفال ينظر له على انه شعر ثانوي، والشاعر لكي يكون مهماً عليه أن يكتب شعرا يجعله بمصافي الشعراء. فضلا عن إن شعر الأطفال أصعب بكثير من شعر الكبار لأنك حينما تكتب لهم يجب أن تحمل روح الطفل التي بداخلك لان هناك مفردات وصور شعرية خاصة مثلما هناك عوالم خاصة بالطفل يجب ان نحاكيها, وهذا أمر لا يحسنه الشعراء لذلك اعتقد إن مهمة شاعر الطفل مهمة عسيرة جدا.

والمثير للاستغراب إن الجلسات الشعرية المخصصة للأطفال تخلو من متلقين من الأطفال ففي أمسية شعرية للأطفال في اتحاد أدباء العراق وجدت إن الحضور كلهم من الشيوخ ولم يحظر إلا طفلين هم ولدا الشاعر وقام بتحفيظهما قسم من قصائده وحوّل الطفل إلى شاعر وليس متلقي.

والطفل عندما يكتب لا يتصنع كالكبار، بل يكتب بعفوية لذلك تكون كتابته عفوية وجميلة وصادقة.

وبالنسبة لتجربتي بكتابة شعر الأطفال كانت متنفسا لي من تجربة معاشة هي تجربة الخوف من الامتحان المدرسي. هنا كان علي أن أجد شيء أسيّر من خلاله ذلك الخوف فصار أن صنعتُ لي حارس أحلام، وبدأت أسفّر من خلاله أحلامي الطفولية فولدت حارس الأحلام. ولكن هذه تجربتي الوحيدة في شعر الأطفال وصعوبة الأمر يجعلني قدر الإمكان ابتعد عن كتابة الشعر للأطفال.

*ما الذي أضافه الفنان حسن هادي لنصوصك الشعرية عندما حولها إلى مسرحية؟

- بالنسبة للفنان حسن هادي حين تعامل مع النص الشعري لم يختلف عني تماما غير انه أضاف لي من خلال الأداء الحركي ونبرة الصوت، ومجمل القصيدة أقرب إلى المسرحية منها إلى القصيدة كنص ومن ثم تكون اقرب إلى المتلقي. ويبدو إن هذه القصائد فيها بذرة من المنودراما المسرحية وسبق أن قدم الفنان حسن هادي تجارب مماثلة لشعراء آخرين وأسماء مهمة مثل ادونيس وعدنان الصائغ وشعراء من السويد. والسيناريو في هذه المسرحيات متروك للفنان نفسه لأنه سينارست ومخرج وممثل في ذات الوقت.

* أنت تستعملين الشعرية العالية في السرد والحوار وعلى هذه الدرجة العالية من التقنية واللغة كيف تجدين المتلقي البسيط؟

- انه متلقي مثقف يستطيع أن يستعمل فكره أثناء عملية القراءة وقد حدث لي أكثر من موقف أثناء عملية القراءة والتلقي، فأغلب من يفهم قصصي يستجيب لها دمعا وهذا ما حصل مع كثير من المبدعين والمثقفين أثناء قراءتهم لنتاجاتي. وجمهوري ليس من النخب كما يعتقد البعض بل بالعكس أنا اكتب لجمهور مختلف الثقافات، اكتب عن الفلاح في المزرعة وعامل المصنع البسيط وأتمنى أن أجد مجموعة فليحة حسن في مطبخ لسيدة منزل خير من أراه مركونا على رفوف المكتبات يتثاءب كسلا لعدم قراءته .

*هل تعتقدين إن ذائقة المتلقي النجفي تختلف عن غيره في بقية المحافظات؟

- ذائقة المتلقي النجفي صعبة المراس ذلك لان اغلب النجفيون هم أما شعراء أو من بيوتات أدبية أو متلقي على الفطرة الأدبية. لذلك نلاحظ إن الشاعر عندما يأتي من بقية المحافظات إلى النجف يحسب لقراءها حسابا كبيرا، وهذا يعود إلى وجود المدارس والمرجعيات الأدبية المختلفة في النجف. ولا ننسى إن اغلب الشعراء الكبار هم من النجف الأشرف أمثال الجواهري وعلي الشرقي والحبوبي واحمد الصافي النجفي والقائمة تطول. أما بقية المحافظات أجد هناك مرونة في ذائقة المتلقي والشاعر قد لا يهيب إذا ما كانت المنصة النجفية قد تُشعر الشاعر بأهميته فعلا وبكثير من الخوف.

*أنت أول من كتب القصة الرقمية هل تصلح جميع القصص أن تكون رقمية؟

- القصة الرقمية هي إحدى إبداعات المستقبل والتطور التكنولوجي. وهدف القصة الرقمية هي إشراك جميع حواس المتلقي لفهم القصة ولا تصلح كل القصص أن تكون رقمية بل يجب أن تكون القصة بشخصية أو شخصيتين وهناك اختصار في الحوارات واتصالات في الأمكنة ويدخل فيها الصوت والصورة والحركة وتكون هذه العناصر مكملة للنص وليس عزلاء. وبما إني أول من كتبها في العالم فأنا أسعى للحصول على براءة اختراع في القصة الرقمية.

* (نمش ماي) روايتك الأخيرة ماذا تريدين القول فيها؟

- عندما أردت أن اكتب ما مررت به من تجارب قاسية معاشة خلال ذهابي وإيابي إلى بغداد ولم يسمح فضاء القصيدة لتلك التجربة فصار أن كتبتها رواية وهذه الرواية نقلت فيها مكابداتي الشخصية ومررت خلالها بمتاهات من الخوف أحسست إن المتلقي سيقف في حالة اندهاش وذهول حين قراءته لهذه الرواية التي سميتها "نمش ماي" وحتى الاسم اترك المتلقي يكتشف خفاياه ويصل إلى حقيقته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/حزيران/2010 - 16/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م