الشيعة في مصر: محاولات وهابية لهدم جهود التقريب

شيخ الأزهر: السنة والشيعة جناحا الأمة الإسلامية ونرفضُ محاولات التفريق

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: انتقدَ رجل الدين السعودي المتشدد أحمد بن سعد الغامدي، علماء الأزهر، لاعترافهم بالمذهب الاثنا عشري الشيعي وجعله مذهباً فقهياً كبقية مذاهب الأمة..

وقال المتشدد الغامدي، في رسالة نداء إلى علماء الأزهر نشرته صحيفة «سبق» الالكترونية اعتبرَ فيه «الشيعة (الاثنا عشرية) قد استحدثوا «اثني عشر مصدراً» بجوار القرآن الكريم والسُّنة النبوية المطهرة، منها تؤخذ العقيدة، ومنها تؤخذ الشريعة.

وتساءل المتشدد الغامدي «كيف جاز لعلماء الأزهر»، الذي وصفه بأنه «حصن العقيدة وحارس الملة»، ان «يقبلوا هذه المصادر لتكون بجوار كتاب الله»، أي القرآن، «وسُنّة رسوله...أليس ذلك تنقصًا لهما وقبول ما ينازعهما؟». في حين يعرف جل المسلمين أن أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام إنما هي منهاج عمل يفسر ما استعصى على الفهم من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهي أحاديث تأتي ضمن ما نُقلَ عن صحابة رسول الله (ص) المنتجبين من أحاديث شريفة..

واعتبر الغامدي أن الدين الذي أخرجه صلاح الدين الأيوبي «من الباب رجع الى مصر من النافذة، وافتُتحت له دارٌ سُمِّيت «دار التقريب» في إشارة إلى عودة التشيع إلى مصر.

ومنذ 55 عاما تقريبا قام كل من شيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت والمرجع الشيعي تقي الدين القمي بتأسيس دار التقريب.

شيخ الأزهر يرفض دعوة الغامدي

وبالمقابل، وصفَ شيخ الأزهر د. أحمد الطيب الدعوى التي طرحها احمد بن سعد الغامدي احد الدعاة المتشددين السعوديين، بأن يسحب الازهر اعترافه بالمذهب الشيعي «الاثنا عشري» بأنها "مرفوضة" و"لا يمكن لأحد أن يقبلها"، مشيرا إلى "أن موقف الأزهر الثابت هو تحقيق الوحدة بين المسلمين".

واضاف د. أحمد الطيب في تصريحات خاصة لصحيفة الوطن الكويتية،" ان السنة والشيعة هما جناحا الامة الاسلامية، وانه عبر أربعة عشر قرنا هي عمر الاسلام لم يحدث ان اقتتل السنة والشيعة، لافتا الى ان ما يحدث بينهما الآن هو محاولة للنيل من المسلمين عبر سلاح التقاتل المذهبي.

واكد شيخ الازهر" ان التقريب بين المذاهب الاسلامية احد اهم اهتمامات الازهر الشريف خلال الفترة المقبلة. مشيرا الى" ان الاختلاف بين السنة والشيعة في الفروع فقط وليس في الاسس والثوابت التي يقوم عليها الدين.

وقال د. احمد الطيب" ان الازهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما ان الجميع يقر بالشهادتين فذلك يأتي ضمن منهج الازهر الشريف في نشر مفاهيم الاعتدال الفكري والعقائدي.

ورحب شيخ الازهر د. احمد الطيب بالطلاب الشيعة من ايران ومن انحاء العالم المختلفة للدراسة في الازهر منوها الى" وجود توافق مع عدد كبير من العلماء الشيعة داخل ايران فيما يخص مسألة عدم التبشير للمذهب الشيعي في اوساط السنة او العكس.

وأكد د. احمد الطيب" أن الأزهر يسير ويتمسك بدعوة التقريب بين السنة والشيعة التي قادها شيخ الازهر الراحل محمود شلتوت مع المرجع الشيعي تقي الدين القمي عندما أسَسا دار التقريب بين المذاهب الاسلامية.

ومن جهته قال المستشار الدمرداش العقالي أن زعم الغامدي بان الأزهر عندما أجاز فقه الإمامية قد ادخل مصدرا للتشريع غير الكتاب والسنة، اما دعوى جاهل او متجاهل لأن الائمة (الشيعة) لا يقولون من عندهم شيئا انما هم مؤتمنون على ما ترك رسول الله.

وأضاف العقالي في تصريحات هاتفية لـ«الوطن» ان الذي يعترض على التقريب بين السنة والشيعة لا يمكن الحوار معه لأنه لا يعترف بالآخر.

وأكد الدمرداش العقالي أن الشيعة لا يحتاجون الى اعتراف احد بهم، موضحا بان العقائد همزات قلوب ونفحات عقول ولا تحتاج إلى صكوك رسمية من هنا او هناك.

وأشار الدمرداش العقالي إلى أن الأزهر اعترف مذعنا بالمذهب الامامي لأنه اخذ بفتاوى شيعية حلت بعض مشاكل المصريين التي لا يمكن ان تحل في المذهب السني.

وأوضح أن الأزهر وافق على اعتبار الطلاق لا يقع إلا بشاهدين «وهو ضد المذاهب السنية الاربعة ولا يقول به إلا الامامية».

كما وافق الأزهر على اعتبار المفقود الذي لا يعثر على جثته ولا يعلم حاله من الممكن اعتباره ميتا ولو بعد ساعة، بعد واقعة غرق السفنية «سالم اكسبرس» وهو حكم لا يقول به إلا الشيعة الامامية، في حين تتفق المذاهب الفقهية السنية الأربعة على وجوب مرور فترات زمنية تتراوح من 15 إلى 60 سنة قبل الحكم على شخص ما بأنه مفقود.

وقال الدمرداش العقالي ان الازهر عام 1946 أخذ وقنن قانون «الوصية الواجبة» التي تتيح لابن الابن الذي توفي ابوه في حياة جده اخذ حصة من الميراث، مشيرا الى ان كل المذاهب السنية ترفض الافتاء بهذه الوصية انطلاقا من ان آيات المواريث نسخت الوصية التي كانت في البداية، في حين لا يفتي بالوصية إلا المذهب الامامي، «وهو ما يعني اعتراف الأزهر عمليا بالمذهب الامامي، واحتياجه فقهيا إلى الحلول التي يطرحها».

واقترح الدمرداش العقالي أن يتم جمع الأحاديث وأقوال الائمة عند السنة والشيعة وتعرض على القرآن الكريم، «فما وافق القرآن منها نأخذ به جميعا وما تعارض وما خالف كتاب الله نتنحى عنه ايضا».

علماء القطيف يثمنون موقف الأزهر..

وبعثَ جمع من علماء الدين في القطيف بالمملكة السعودية رسالة شكر إلى الأزهر الشريف بمصر معربين فيها عن تقديرهم للموقف الذي أبداه شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب في رفضه لدعوى المتشدد الغامدي بسحب الأزهر اعترافه بالمذهب الأثنا عشري، وجاء في الرسالة:

نتقدم بالإعزاز والشكر لإعلان علماء الأزهر الشريف -متمثلة بشيخها الأكبر الدكتور أحمد الطيب- رفضها القاطع لما ذكره الشيخ أحمد بن سعد الغامدي من عدم الاعتراف بالمذهب الشيعي.

ولا غرو فإنّ الأزهر الشريف لا تنسى مواقف علماء الشيعة وحوزاتها العلمية في الدفاع عن دار الإسلام ضد الاستعمار.

والذي تكللت بحركة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي قادها الشيخ محمد تقي القمي ، بإشراف المرجع الديني الكبير السيد حسين البروجردي ، وكذلك العلماء الأزهريّين مثل الشيخ عبد المجيد سليم ، والشيخ محمود شلتوت.

هذه الحركة التي استطاعت أن تركّز الخط الإسلامي الأصيل من الناحية الثقافية والاجتماعية والسياسية، في الاتجاه السليم.

وليس لنا أن نراهن إلا على خط الوعي العلمي والثقافي الذي لا بد من أن نركّز عليه، وأن نفتح آفاقه في الواقع الإسلامي، ليفهمَ المسلمون دينهم على أساس ما يوحِّدهم لا على أساس ما يمزّقهم ويفرّقهم، وبحيث تكون الخلافات الاجتهادية مصدر غنى لا فقر.

الشيخ حسين المصطفى      الشيخ  جعفر الربح    السيد محمد العوامي

الشيخ حسين البيات        الشيخ جعفر آل غزوي   السيد حيدر العوامي

الأزهر يدعو إلى وقف الهمز واللمز..

وأثارت التصريحات الأخيرة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حول ضرورة التقريب بين الشيعة والسُّنة موجة من ردود الأفعال، فقد رحب علماء الأزهر بهذه الدعوة باعتبارها تنهي حالة الانقسام بين المذهبين، في حين رفضت قيادات شيعية في مصر دعوة الطيب، مطالبين الأزهر باعتذار عما لحق بهم من تهم تخوين وعمالة لأطراف خارجية.

وكان شيخ الأزهر كتب في مقاله الأسبوعي في جريدة 'الأهرام' المصرية، تصوراً لسبل التقارب بين الشيعة والسُّنة، مطالباً بوقف عمليات 'الهمز واللمز' بين الطرفين التي تهدف إلى النيل من أصول المذهبين. 

وقدم الطيب في برنامجه عدة نقاط لإنقاذ عملية التقارب بين المذاهب، فقد طالب بصورة حاسمة علماء الأمة الإسلامية من جميع المذاهب بالتصدي للعابثين بتراث الأمة ومقدساتها، والتبرؤ المعلن والصريح من كل ما يعكر صفو العلاقة لحسابات سياسية حيناً وحسابات خارجية حيناً آخر.

كما شدد شيخ الأزهر على ضرورة 'العودة بالخلافات إلى أروقة الدرس ومجالس العلماء المغلقة صيانة لهذه الأفكار الدقيقة من أن تصبح في متناول من لا يملكون أدوات الفصل فيها'، مؤكداً ترفع الأزهر عن هذا الصراع، ومحذراً من أن تؤدي 'الاستفزازات المستمرة إلى أن يضطر علماء الأزهر إلى خوض حرب يفرضها عليهم إخوانهم'.

وأشاد الطيب بروح الحوار الراقي الذي ساد فترة بين الشيعة والسنة في الماضي، وكان من نتيجته أن أعلن شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت الاعتراف بالمذهب الإمامي كمذهب خامس على قدم المساواة مع المذاهب السنية الأربعة.

وأكد الطيب أن جهود الأزهر وشيوخه في التقريب بين المذاهب لا يمكن مقارنتها بأي جهود أخرى، وكان الرد موجات من التبشير الشيعي حتى في بلد الأزهر، حتى انتشرت الكتيبات التي تدعو إلى مذهب الشيعة بأقلام مصرية وغير مصرية، مطالباً بوقف الهمز واللمز بين علماء السُّنة والشيعة، وعدم التعرض كل لمذهب الآخر ومصادره وشيوخه لوقف باب الجدل والشقاق.

وعبّر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشيخ جمال قطب عن ارتياحه لدعوة شيخ الأزهر، قائلاً: 'الحمد لله قد صدق حسناً وتتابعت أضواء الخير على يد الإمام الأكبر، فمن نظرة جيدة إلى مناهج التعليم الأزهري إلى دعوة كريمة منه لسيادة قيم الدين والعلم بطرح الخلافات في دوائر متخصصة بعيداً عن المناخ العام، فهذا شأن الدعاة الذين يرجون لله وقاراً، كما أن تأكيد فضيلته وجوب منع اللمز والهمز إنما يعبر عن المستوى الفكري الأعلى والأرقى في أخلاق المسلمين جميعاً'.

وقال أحمد راسم النفيس، أحد قيادات الشيعة في مصر: 'إن شيخ الأزهر في مقاله كان مبهماً ولم يوضح موقفه من شيعة مصر، على الرغم من حديثه الإيجابي عن دعوة التقارب في عهد الشيخ شلتوت، لكنه لم يدرك أن العصر تغير، وأن شيعة مصر تم اعتقالهم وتعذيبهم وتم تخوينهم من قبل علماء الأزهر، وهو ما يتطلب اعتذاراً من الأزهر إلى شيعة مصر قبل أي دعوة إلى التقريب، على الرغم من أن شيخ الأزهر الحالي ليس مسؤولاً عن أخطاء الماضي، لكنه أصبح مسؤولاً بحكم منصبه الحالي'.

النفيس: نطالب بمحاربة الوهابية

ووصف الدكتور أحمد راسم النفيس، أحد زعماء الشيعة، تصريحات «الطيب» بأنه رأى جانبه الصواب، وقال لـ المصري اليوم: رأي «الطيب» يعتمد على خلفيات سياسية تتعلق بالصراع الدائر بين محوري الاعتدال والتطرف، الذي حسمه لصالح «التطرف» الذي هو «الشيعة» فى لبنان، من خلال حزب الله والعراق، إضافة إلى تأثر شيخ الأزهر بتصريحات إسرائيل (بأن قادة إيران يمثلون مذهباً دينياً رهيباً)».

وأضاف النفيس: «شيخ الأزهر لم تتوافر لديه المعلومات السياسية الكاملة حول الشيعة في العالم الإسلامي»، لافتاً إلى أن هذه التصريحات جاءت بناء على توجيهات الذين يزعمون مناصرتهم للسنة، ولكنها تصب في مصلحة الوهابية وانتشارها على الفضائيات للقضاء على دور الأزهر، مؤكداً أنه رغم هذا الخلاف، فإن «الطيب» أفضل من طنطاوي الذي لم يعترف مطلقاً بأن الشيعة مذهب إسلامي. ودعا النفيس شيخ الأزهر للتفرغ لمحاربة الوهابية، الذين يسيطرون على الفكر الثقافي العربي والإسلامي، وأن يتجنب الدخول في صراعات مع «الشيعة» التي لن تفيده في عمله لتطوير الأزهر لصالح السنة والشيعة.

الدريني: لن نحتفل بمولد الإمام علي بسبب المضايقات الأمنية

من جهة اخرى نفى الدكتور محمد الدرينى رئيس المجلس الأعلى لرعاية آل البيت في مصر إقامة احتفال بمولد الإمام علي بن أبي طالب (ع) هذا العام، مشيرا إلى أن التضييق الأمني يمنع الشيعة في مصر من الاحتفال.

وقال الدرينى "لليوم السابع" لن نستطيع أن نحتفل بمولد الإمام علي بن أبى طالب (ع) وسط هذا المناخ، فيما أكد المفكر الشيعي الدكتور أحمد راسم النفيس، أن الشيعة المصريين لا يحتفلون بالمعنى المعروف للكلمة، فلا تقام الموالد ولا الاحتفالات الشعبية.

هذا وقد بدأت الاحتفالات الشيعية في العراق بمولد الإمام عليه السلام وأقامت مؤسسات دينية واجتماعية احتفالات واسعة بهذه المناسبة، وفقا لما ذكرته الصحف العراقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/حزيران/2010 - 16/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م