سر عمر المرأة...

حيدر قاسم الحجامي

وقفتُ في واحدة من طوابير العراق الطويلة بغية الحصول على بطاقة مراجعة للطبيب في احد العيادات الطبية الحكومية، ولطول الطابور وانقسامهُ بين صفين للرجال وللنساء والموظف واحد !! وفي مثل هذا الجو الرهيب كان علينا الوقف مرغمين وسط حديث متواصل من المصطفين عن موضوعات متنوعة وفي مقدمتها الكهرباء وانقطاعها المتواصل وعن مولد المنطقة وتعنت أصحابها وعدم خضوعهم للأنظمة، عن التقاعد والرعاية والكثير من هذه الهموم الطويلة والتعليقات المتواصلة والضجر والملل من هذه الطوابير والتأفف المتواصل من البعض كل هذا يحصل في طابور الرجال.

 إما في طابور النساء فحدث ولا حرج ولكن بنبرة اقل وحدة أكثر التدافع سمة من سمات هذه الطوابير المنتشرة كانتشار المولدات الكهربائية في هذا الصيف اللاهب في الأزقة والفروع، لا بل كانتشار مواكب المسئولين الطويلة العريضة والتي تملا الشوارع، وكل لحظة حين يمر رتل كان على الحياة إن تتجمد ريثما يمر رتل هذا العضو في مجلس نواب،او عضو مجلس محافظة، او عضو المجلس البلدي، و عضو حزب س، عضو حركة ص، ضابط، قيادي، والمدير العام ووكيل الوزير والمفتش العام والقاضي ووو....الخ من المواكب التي تهدر يومياً ملايين اللترات من الوقود في حركة مكوكية متواصلة دونما حلول للمواطن المغلوب على أمره بفعل ديمقراطية الارتال !!!

نعود الى طابورنا الطويل بانتظار الـ (الباص) كما يسميه العراقيون وأخيرا بعد مشقة طويلة وصلت الى السيد الموظف الذي يجلس في (جام خانه) وبظهره(يضرب المكيف) وقبل إن أمد يدي إليه لتسلميه مبلغ الباص امتدت يد من جانبي الأخر ناعمة بيضاء وعندها سحبتُ يدي احترماً لمبدأ (السيدات أولا) بادر الموظف بسؤال السيدة التي وقفت بجانبي عن اسمها أجابت بصوت بثقة اسمي (....) ولكن المفاجأة حدث حين سألها الموظف (شكد عمرج) وهي تعني كم عمركِ التفت ألينا نحنُ الرجال بنظرة سريعة وسكتت برهة لتجيبهُ بصوت منخفض (26) سنة كتب الموظف وناولها الباص وخرجت لاحقتها بنظراتي التي اكتشفت ُ إن السيدة اكبر من ذلك رغم جمالها وبهائها وأناقتها ولكن العمر لهُ حساباته ِ وقدرتُ في تلك اللحظة إن المرأة كانت اكبر مما قالت بكثير.

ولكنني تسالتُ عن سر هذه الرغبة المحمومة لدى المرأة لجعل عمرها سراً من الإسرار الكبيرة، وعن سبب تدهور الحالة النفسية للبعض ما إن تبدأ ملامح الشباب بالزوال تدريجياً وتحولهن الى النزق الشديد والحساسية المفرطة ؟

هل يكمن السبب في رغبة المرآة للبقاء دائماً في مرحلة الجمال والرشاقة ومحط الإعجاب من الآخرين ؟ هل تشعر المرأة بأنها كلما كبرت كلما تجاوزها المجتمع ولم تعد تلك التي تحظى بالاحترام والتقدير كما في السابق، وهل تكشف رغبة المرأة في كتمان عمرها عن عقلية متخلفة لا زالت ترزح تحتها المرأة العربية التي تعتقد إن من أهم مميزات وأسباب الحصول على المكانة والتقدير هو الشباب والنظارة لا المؤهل العلمي ودرجة المعرفة والنضج والاتزان؟

نعم هي كل هذه الأسباب يضاف إليه تخلف الرجل في مجتمعنا عندما يحكم على المرأة فقط من خلال شكلها الخارجي بعيدا عن ما تختزنه هذه المرأة من جوهر وقيم، بل وتشهد هذه الأيام حملة لتغير نطاق مرحلة الشباب وحدودها فيعتبر بعضهم إن شباب المرأة ينحصر بين 12- 20 عام فقط وبخلافه ستكون المرأة كبيرة وربما تعنس دونما تجد من يتقدم لخطبتها في مجتمع تحكمه النظرة السطحية وبعض الأعراف الخاطئة التي تسللت من عصور دفينة وماضية لتظهر وترسخ في عقول البعض من الشباب.

ودعوني في نهاية مقالي أعطي الحق لجميع السيدات في إن يقمن بقسمة أعمارهن على اثنين أو أكثر بحسب الحاجة وتطبيقاً للمقولة التي تقول (تقسم المرأة عمرها على 2 وتضرب ثمن فساتينها في 3 وتضيف خمس سنوات إلى عمر أعز صديقاتها) وهي تمارس عمليات حسابية في غاية الروعة والذكاء هدفها واحد وأساليبها متعددة، وهي دعوة الى مديرية الجنسية أيضا ً بان تساهم في هذه الحملة وتختصر إجراءات تصغير عمر المرأة كواحدة من حقوقها المشروعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/حزيران/2010 - 16/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م