أين ذهبت مخصصات وزارة الكهرباء؟

علي الأسدي

وزارة المالية العراقية تعلم أين ذهبت مخصصات وزارة الكهرباء، لكن وزيرها اختار حق الصمت...؛؛

تمسك وزارة المالية بتفاصيل المدفوعات لمجلس الوزراء وكل وزارة على حدة، ذلك لأنها معنية باعداد الميزانية السنوية للواردات والنفقات، ووفق خطتها السنوية لنفقات الدولة مطلوب منها أن تؤمن الموارد اللازمة لتلك النفقات، وهي ميكانيكية يجري العمل بها في كل دول العالم. وزارة المالية إضافة لوظيفتها هذه تقوم بالرقابة على سبل صرف الأموال وفق الأصول الموضوعة، فلها إدارة للرقابة المالية التي يفترض أن تضم عددا من اكثر الموظفين نزاهة واعتدالا وحيادية، مهمتهم زيارة الوزارات كافة وتدقيق حساباتها بدقة، والاطلاع على مدى مراعاتها لأصول الصرف الموضوعة وفق الأنظمة والقوانين العراقية.

وتكون الدوائر المعنية بكل وزارة ملزمة باتاحة كافة دفاتر حساباتها ومستندات الصرف والاستلام لموظفي الرقابة المالية، ولا تنتهي مهمة موظفي الرقابة المالية إلا بتدقيق كافة الحسابات، وفي حالة اكتشافهم أي مخالفة في الصرف تطلب الرقابة تفسيرا لذلك، ومحاسبة المسئولين عن المخالفة قانونا إن اقتضت الحالة.

وزارة المالية إذا على معرفة بمصير السبعة عشر مليار دولار وغيرها التي خصصت لوزارة الكهرباء التي أشار لها السيد عمار الحكيم زعيم حزب المجلس الاسلامي الأعلى قبل أيام. والسؤال هنا، هل استلمت وزارة الكهرباء تلك المبالغ بالفعل، وإذا كان الجواب بنعم، فلم لم تنفقها لأغراض زيادة انتاج الطاقة الكهربائية؟

 وإذا لم تذهب الأموال لبناء محطات جديدة لزيادة الطاقة الكهربائية، فلابد ذهبت لأغراض أخرى، وأن وزارة الكهرباء لذلك لم يكن لها خلال الأربع سنوات الماضية ماتنفقه لبناء محطات طاقة جديدة ؟

إن ما يدعم تساؤلاتنا، ما أدلى به لوكالة (إيبا) للأنباء السيد سامي الأتروشي النائب عن الحزب الاسلامي الكردستاني، حيث قال -

" ان الأموال التي خصصت لوزارة الكهرباء لم تذهب الى المشاريع الحقيقية لخدمة المواطن العراقي بشكل عام في تقديم مشاريع إستراتيجية، بل ذهبت الى شراء الكهرباء من دول الجوار او القيام ببعض الإصلاحات الجزئية، ولا توجد حتى الان اية مشاريع حقيقية إستراتيجية لمعالجة أزمة الكهرباء عدا المشاريع الأخيرة التي تم الاتفاق مع شركة سيمنز بخصوصها."

لقد انقضت أربع سنوات من عمر هذه الحكومة، وثلات سنوات قبلها، توزعت بين حكومات الاحتلال الثلاثة، حكومة بول بريمر، وحكومة السيد أياد علاوي، وبعده حكومة السيد ابراهيم الجعفري، وجميع هؤلاء الثلاثة قد أدعوا أنهم خصصوا أموالا لتطوير امدادات الطاقة الكهربائية، ونقول لتطوير،لأن الشبكة الكهربائية كانت موجودة وعاملة بالفعل إبان حكمهم، وكانت تفي بالجزء الأكبر من احتياجات البلاد من الطاقة. يعني هذا أن حكومات السادة المذكورين لم يبدؤوا من الصفر، بل يفترض أنهم استكملوا بناء ما كان في طريقه للانجاز، ليضيفوا طاقات جديدة. فإذا أضفنا ما أنفقه أولئك الثلاثة لتحسين خدمات الكهرباء إلى ما أنفق في الأربعة سنوات الأخيرة في عهد حكومة رئيس الوزراء الحالي، فمن المفترض أن يكون مردودها على نوعية وكمية خدمات الكهرباء في البلاد عظيما. فهل خدمات الكهرباء عظيمة فعلا ؟

أيصدق أن يكون الجواب : لا مطلقا، بل أن حالة الشبكة الكهربائية حاليا، هي أسوء بكثير مما كانت عليه قبل أن تنفق عليها تلك المليارات المقتطعة من لقمة عيش الشعب.. ؛؛

لكننا عند متابعة أقوال وزير الكهرباء وبعض مسئولي الوزارة من ذوي المناصب الرفيعة عن خطط الوزارة والعقود الموقعة مع الشركات العالمية، تتشكل لدينا قائمة طويلة بمشاريع كهرباء منجزة وأخرى في طريقها للانجاز، يحير المرء في تمييز الجاد منها عن الهزل، فلنتابع :

1- في الجلسة 45 لمجلس الوزراء بتاريخ 22 / 12 / 2009 تمت الموافقة على إحالة مشروع محطة كهرباء كربلاء الغازية وبمبلغ مقداره (84,803,865) دولار وبمدة تنفيذ أمدها (18) شهراً ومشروع محطة كهرباء الحلة الغازية وبمبلغ مقداره (85,613,294) دولار وبمدة تنفيذ أمدها (18) شهراً بعهدة إئتلاف إحدى الشركات الكندية مع عرض مسودة العقد المزمع توقيعه من قبل وزارة الكهرباء على الأمانة العامة لمجلس الوزراء لغرض تدقيقه حسب الأصول. تمت الموافقة على هذا العقد في العام الأخير من ولاية الحكومة الحالية، وهو أول عقد يتم في هذا المجال، فلماذا لم يتم مثل هذا العقد خلال الفترة الماضية، وأزمة الكهرباء كانت حديث الناس قبل مجيئ هذه الحكومة ؟

2- في 1 / 10 / 2009 بحثت وزارة الكهرباء العراقية تفاصيل نصب وتشغيل محطات انتاج الطاقة خلال المؤتمر العالمي الذي عقدته الوزارة في بغداد،وبحضور ممثلي أكثرمن 50 شركة عالمية.وأعلنت الوزارة عن خطتها لعام 2010 لبناء سبع محطات لانتاج الطاقة الكهربائية بقدرة اجمالية مقدارها أربعة الاف ميغاواط.

3- نقلت أخبار صوت العراق في 15 / 4 / 2010 عن وزير الكهرباء قوله، من المؤمل انجاز العمل في محطة الفارابي بمدينة الصدر خلال الصيف الحالي لتضيف الى منظومة الطاقة الكهربائية 30 ميكا واط , فضلا عن وجود محطات كهربائية سريعة النصب مستوردة من شركة هيونداي الكورية , وستنجز قبل موسم الصيف الحالي لتضيف 340 ميكا واط , وقال ان محطة الصدر الكهربائية التي ستضيف الى المنظومة 320 ميكا واط التي وصل العمل فيها الى مراحله النهائية، وقد وصلت جميع معداتها ومن المؤمل البدء في تشغيلها التجريبي خلال الشهرين المقبلين، فضلاً عن وجود مشروع لتوسيع الشبكة لتصل الى 640 ميغاواط.

وليلاحظ القارئ الكريم أنه في المدة من 15 / 4 / 2005 لغاية 15 / 4 / 2010.. لم يقم الوزير فيها بأي نشاط في مجال تخفيف معاناة الشعب، وكأنه كان في اجازة خارج الحياة اليومية للشعب العراقي ؛؛

4- في 8 /5 / 2010 نقل مراسل صحيفة الصباح عن وزيرالكهرباء الدكتور كريم وحيد خلال جولة تفقدية لمشاريع الكهرباء التي يجري تنفيذها في بغداد، بان المواطنين سيلمسون خلال المدة القليلة المقبلة تحسنا كبيرا في تجهيز الطاقة في عموم البلاد. وقال:

- أن هذه المشاريع تعد صغيرة مقارنة بالمشاريع التي سيتم احالتها خلال المدة القليلة المقبلة والتي سترفد المنظومة باكثر من 6 الاف ميغاواط اخرى. ستشمل محطة الموصل بطاقة 750 ميغاواط والخيرات في مدينة كربلاء 1250 ميغاواط ومحطة القدس 500 ميغاواط الى جانب محطة بيجي والتي تعمل بطاقة تصميمية تصل الى 1200 ميغاواط، ومحطة تازة بمدينة كركوك بطاقة 260 ميغاواط مشيرا الى ان هذه المحطات تعمل بمختلف انواع الوقود. واكد الوزير ان الوزارة حددت ايضا 5 مواقع لبناء محطات بطريقة الاستثمار بمواصفات محددة، هي الرميلة بطاقة 1300 ميغاواط ومحطة شرق البصرة بطاقة 1250 ميغاواط، والناصرية منظومة ب500 ميغاواط، اضافة الى محطات الديوانية والسماوة التي سترفد المنظومة ب 500 ميغاواط لكل منها الى جانب محطتي الانبار، وصلاح الدين. منوها بان تجهيز المواطنين بالكهرباء لهذا العام سيكون افضل بكثير من العام السابق، وان الوصول بانتاج الطاقة لحد الاكتفاء في عموم البلاد سيتحقق عام 2012.

لابد لنا من التذكير هنا بأن كل نشاطات الوزير وعقوده مع الشركات العالمية، قد تمت في العام الأخير من عمر الحكومة الحالية، ولابد من سبب وراء ذلك لا نريد أن نستنتجه أو نبوح به.

إن كل الدلائل تشير إلى أن في الأمر(سر خطير) فهل يتكرم علينا السيد باقر جبر صولاغ وزير المالية فيخرج عن صمته، ويعلن الحقيقة لشعبه عن مصيرالسبعة عشر مليار دولار، والقرض الياباني البالغ 5 مليارات دولار، ومبلغ الاثنان مليارد دولار بدل قيمة السندات الحكومية التي أصدرتها وزارة المالية أخيرا للكهرباء. وما لم يكشف الوزير عن الحقيقة، فانه شخصيا سيضع علامة استفهام كبيرة حول مصداقيته تجاه شعبه، وسيترك وزير الكهرباء يبني محطاته الكهربائية في الهواء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/حزيران/2010 - 11/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م