الشباب العراقي مشاكل وهموم

علي الزاغيني

عانى الشباب العراقي ولا يزال يعاني من مشاكل العصر وتزداد همومه يوما بعد يوم والتي ربما ترعرعت معه هذه المشاكل منذ صباه او ربما قبل ولادته حيث حملت امه المشاكل والهموم جنبا الى جنب معا في بطن واحدة لتولد معه توام يرافقه معه في حياته.

قد تكون للظروف التي عان منها البلد لعقود طويلة من الزمن لها الاثر السلبي على تكوين الشخصية لبعض الشباب , فما بين سنوات الحروب والدمار والخوف ورائحة الدماء وعويل النساء وصراخ الأطفال التي رافقت اغلب العراقيين وسنوات الحصار والجوع والهجرة لا كثر من عقد من الزمن وأخيرا سنوات ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري وما رافقها من ماسي وإحباط لدى اغلب العراقيين لفقدان الأمن والاستقرار والخوف من سطوة المسلحين في كل مكان والهجرة الجماعية داخل وخارج الوطن كان لها التأثيرات السلبية على الحالة النفسية لشبابنا ومستقبلهم.

حديثي اليوم عن شاب قد لا يتجاوز عمره العقد الثالث, شاب اسمر البشرة طوله ما يقارب 180 سم يبدو عليه ملامح الحيرة والخوف وربما لخجله او خوفه كان يخفي ملامحه ويرتدي نظارة سوداء ويغطي رأسه بقبعة , كنت ذاهبا الى داري بعد انتهاء عملي وبانتظار سيارة الاجرة اقترب مني بهدوء وسالني بعد ان القى التحية انه يريد ان يذهب الى ساحة النصر فقلت هذا امر بسيط سوف ترافقني لان طريقنا واحد فبدت علامات الارتياح , فقال من مدينة بعيدة وأود ان الذهاب الى احد الاطباء فقلت له ان الامر بسيط ولكن اي اختصاص تقصد أجاب والخجل والحيرة بادية على وجهه انا بحاجة لطبيب نفسي فأجبته لا داعي للخجل ليس من يزور الطبيب النفسي هو مجنون او به خلل في تصرفاته العقلية وعدم توازن هذه التصرفات.

مشكلته كما لخصها لي هو كثير التردد والنسيان وليس لديه رغبة في الزواج رغم كونه شاب في سن الزواج و لا ينقصه شئ.

حدثني بهدوء عن سبب حالته النفسية وما ألت اليه وغيرت حياته بهذا الشكل , في احد الايام عندما كانت العصابات المسلحة تسيطر على الشوارع كان في سيارة أجرة (كيا) أوقفتها سيطرة وهمية تبحث عن الهويات والأسماء والألقاب والمذاهب مما أدى الى اعتقاله من قبل هذه المجموعة المسلحة وتعرضه لكافة وسائل التعذيب والضرب لمدة يومين الى ثبت انه من (.........) اطلق سراحه مما ولد عنده هذه الحالة النفسية التي ترافقه منذ ثلاث سنوات.

تركته يبحث عن طبيب يعيد اليه توزانه الفكري والعقلي ومضيت وانا افكر كثيرا بهذا الشاب اذا كان قد وجد ما يبحث عنه ويعيد البسمة اليه.

فرصة التعيين

كل طموح الشاب العراقي هي ان يجد من يفتح له ذراعيه بعد إكماله سنوات الدراسة الجامعية ويحقق ذلك الحلم الذي انتظره طويلا بعد سنوات الدراسة والسهر والجهد الكبير الذي بذله من اجل الحصول الشهادة الجامعية لتكون سلاحه في الحياة.

ولكن يبدو ان حلم التعيين أصبح شئ صعب تحقيقه بعد ان تعددت الوسائل والطرق للحصول على تلك الوظيفة فما بين الرشاوى والوساطة ينتظر ألاف من شبابنا فرصة للتعيين ولكن لا جدوى من ذلك.

حديثنا اليوم عن شاب اكمل دراسته الإعدادية بتفوق ونال معدل حقق له أمنيته بدخول كلية يحلم بها غيره من اقرأنه وهي كلية العلوم السياسية جامعة بغداد.

وعلى الرغم من صعوبة الظروف الأمنية والاقتصادية حمل حقيبته وكافة احتياجاته قاصدا بغداد لاكمال دراسته الجامعية , فما بين القسم الداخلي والكلية امضى اربع سنوات دراسية دون كلل وكل طموحه تحقيق درجة تؤهله للدراسات العليا , وعلى الرغم من ظروف اهله المادية الصعبة حيث انه الابن الاكبر في عائلة مكونة من الاب والام وثمانية افراد باعمار متفاوتة مما يجعل صعوبة توفير مستلزماتهم اليومية.

فكان لا إصراره وشجاعته ان لا يخيب امال اهله وخاصة والدته التي تحملت كل شئ من اجل ان لا يحتاج ولدها اي شئ وتنفذ جميع رغباته لانه اصبح شابا وطا لبا جامعيا وله شخصيته الجديدة وعلاقاته الجامعية مع زملائه الطلبة.

اكمل دراسته الجامعية بتفوق وفرحته كبيرة جدا لانه حقق حلمه وهو ينتظر اكمال دراساته العليا مع انه قدم اوراقه لعدد من الوزارات لعله يحصل تعيين ويتحمل جزء من المسؤولية ويرفع الحمل عن كاهل ابيه.

الا ان كل محاولاته باءت بالفشل واوصدت بوجه كافة الابواب فالتعيين يشترط توفر نوع من الوساطة ا وان يدفع مبلغ من المال وربما تذهب امواله دون ان يحصل على شئ ويخسر كل شئ.

قدم للدراسات العاليا لسنتين على التوالي الا ان الحظ لم يكن بجانبه وبفارق درجة عن اقرب منافسيه في السنة الاولى والثانية لم يظهر اسمه في الدراسات رغم نجاحه واجتيازه الاختبار.

بعد ان أصبحت احلامه خيوط دخان وتلاشت مع الريح لم يجد وسيلة لكسب العيش فقرر ان يفترش الارض ويعرض بضاعته التي اشتراها من سوق الشورجة لعله يعين والديه في توفير لقمة عيش شريفة دون ان يدنسها بالحرام.

كم شبابنا اكمل دراسته وهو الا ان ينتظر فرصة عمل تنقذه من مصطبات العمالة والجري خلف اصحاب رؤوس الاموال لعله يجد لديه فرصة عمل.

علينا ان ننقذ شبابنا من سموم العصابات ومحاولة شراء ذممهم باثمان بخسة لأنهم لا يجدون من يحتضنهم ويرعاهم وإيجاد فرص عمل مناسبة وشهاداتهم الدراسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/حزيران/2010 - 10/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م