شبكة النبأ: المسؤول الأول أو القائد
في أي مجال من مجالات الحياة لابد أن يتحلى بمواصفات معينة تقوم
بمساعدته على اداء عمله على أفضل وجه، وبخلاف ذلك أي عندما يفتقد
المسؤول الأول لهذه المواصفات فإنه لا يستطيع أن يؤدي المهام الملقاة
على عاتقه بالصورة المطلوبة ما يقوده الى الفشل في عمله بنهاية المطاف.
لذا يتطلب ممن يتصدر الناس في هذا المجال او ذاك أن يكون ملما في
مجال عمله وتفاصيله وخفاياه لكي يكون على اطلاع وتمكن من التعامل مع
المستجدات التي تحدث فيه، وحين نتحدث عن المسؤول أو القائد الاداري
فإننا نتوقع أن يكون ملما بالعمل الاداري وكيفية توجيهه وقيادته في
المسارات الصحيحة التي تنتهي الى نتائج جيدة لاسيما في مسألة الانتاج
كمّاً ونوعاً.
وهنا لابد من التأكيد على أن نجاح القائد الاداري في عمله له علاقة
مباشرة بالخبرات التي يتحصّل عليها في هذا المجال، وبغياب هذه الخبرات
سيكون من الصعب عليه أن يحقق ادارة ناجحة وجيدة للمنشأة التي يتصدر
قيادتها إداريا.
ولعل أهم وأول ما يحتاجه القائد الاداري هو المؤهل العلمي الاداري
لكي يساعده ذلك على القيادة الادارية الناجحة، إذ يقول الامام الراحل
آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) في هذا الصدد
بكتابه القيّم الموسوم بـ (الادارة ج1):
(يحتاج المدير إلى مؤهل جامعي في إحدى التخصصات المرتبطة بالإدارة
كالإدارة العامة، أو إدارة الأعمال، أو العلوم السياسية، أو العلوم
الاقتصادية، أو المحاسبة أو ما أشبه ذلك، ومن الواضح أنه كل ما كان
المدير أكبر ويدير منشئة أضخم يحتاج إلى مؤهل جامعي أرفع).
فإذا ضمن المدير الاداري تحصيلا علميا جيدا في اختصاصه العملي سوف
يصب ذلك في إدارته الناجحة للمنشأة التي يقودها.
ومن الامور الهامة المساعدة على النجاح في الجانب الاداري هي مسألة
فهم الوضع النفسي للعاملين ونهجهم وانتمائهم الديني ولكل من يرتبط
بعملية الانتاج من لدن المسؤول الأول لكي يساعده ذلك في كيفية التعامل
مع المشكلات التي تظهر أثناء العمل، حيث يقول الامام الشيرازي في كتابه
نفسه حول هذا الجانب:
(في البلاد الإسلامية حيث الصبغة العامة في البلاد هي الإسلام،
فالمدير بحاجة إلى إلمام بالعلوم الإنسانية المحتاج إليها في كيفية
الإدارة من الأخلاق الإسلامية في باب المعاشرة والمداراة، والتزاور وما
أشبه، وعلم الاجتماع العام بالسلوكيات الإسلامية وعلم الفقه في الجملة،
وعلم النفس الإسلامي بأن يعرف نفسيات المسلمين وما إلى ذلك) فلابد أن
يساعد مثل هذا الفهم مدير العمل على ادارة منشأته بالصورة الصحيحة.
وثمة عامل آخر ينبغي أن يلم به المسؤول الاداري إذ لابد أن يتوفر
على قدر كاف من الخبرة العملية في مجال عمله، وهنا يؤكد الامام
الشيرازي في كتابه نفسه على أهمية:
(توفر الخبرة العملية للمدير في مجال عمله، وذلك لا يكون إلا
بالتصاعد التدريجي في سلم تلك الإدارة، ولهذا نرى في البلاد الاستشارية
–الديمقراطية- يصعد الموظف الحكومي من مدير الناحية إلى القائم مقامية
إلى المحافظة الصغيرة ثم إلى المحافظة الكبيرة ثم إلى محافظة العاصمة،
وهكذا بالنسبة إلى سائر الشؤون). وهذا ما يؤكد أهمية التدرج الوظيفي
الذي يعمل على تراكم الخبرة لدى المدير الاداري او غيره.
أما العامل المساعد الآخر للمدير او المسؤول الاداري فهو الجانب
التدريبي الذي ينبغي أن يكون الاهتمام به عاليا، كونه يصب في تقويم
العملية الادارية نحو الأفضل، وهنا يقول الامام الشيرازي في كتابه نفسه:
إن (التدريب في مجال التنظيم والأساليب المحتاج إليها المدير شرط
أساسي بالنسبة إلى العاملين في هذه الأنشطة، فمن المستحسن بالنسبة إلى
المدير تنظيم دورات تدريبية لعدة أسابيع أو لعدة أشهر، حسب صعوبة
الإدارة أو سهولتها لاطلاع المدراء الجدد بالنسبة إلى أعمالهم الجديدة
على كافة أعمال ونشاطات التنظيم والأساليب الهيكلية، وعلى كيفية القيام
بإجراء الدراسات التنظيمية، وكيفية التعامل مع الرؤساء الإداريين، ومع
الموظفين في الإدارات والأقسام التي سيقومون بإجراء دراسات فيها، أو مع
سائر الناس إذا كانوا مرتبطين بإدارتهم).
ولابد من التنبّه الى أهمية التخصص في العمل لضمان النجاح فيه، أي
لايصحّ الخلط بين الاختصاصات ولا يجوز الدمج بين المجالات كافة، إذ
يؤكد الامام الشيرازي على أهمية (مراعاة التخصص بالنسبة إلى الإدارة
والعلوم العامة) ولا ينبغي العمل خارج التخصص لأن الفشل سيكون نصيب
المسؤول آجلا أم عاجلا، وكما يقول الامام الشيرازي (لايصح أن يوضع
السياسي مديرا لمؤسسة اقتصادية أو بالعكس). وهذا يؤكد ضرورة العمل
بالتخصص وعدم انتهاج العشوائية في العمل الاداري.
وثمة عامل آخر مهم في إنجاح العملية الادارية وضبطها وهو عامل اللغة
التي يتفاهم بها العاملون ومديرهم لادارة العملية الادارية والانتاجية،
بمعنى أن القائد الاداري لابد أن يتحدث مع العاملين بلغتهم، حيث يقول
الامام الشيرازي في هذا الصدد:
(إذا كانت المؤسسة مرتبطة بلغة أجنبية من حيث العمال أو الرؤساء أو
سائر الناس الذين هم محل معاشرة المدير، فاللازم أن يكون المدير ملما
بتلك اللغة، أما إذا كان له مترجم لا ينفعه في الإلمام بتلك الخصوصيات
اللغوية التي يحتاج إليها المدير، وقد قيل قديما: وكل لسن في الحقيقة
إنسان).
وهكذا لابد أن تجتمع هذه العوامل المذكورة أعلاه بشخصية المسؤول
الاداري لكي يتسنى له ضمان النجاح في إدارة المنشأة التي يشرف عليها أو
يقودها. |